مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) - صـ 377

(34)
جلسة 14 من ديسمبر سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدي عبد الله مليحي - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حنا ناشد مينا ومحمد معروف محمد وعبد اللطيف محمد الخطيب وعلي رضا عبد الرحمن - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1514 لسنة 32 القضائية

مجلس الدولة - أعضاؤه - تأديب - (دستور)
المادتان 91، 119 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
أسند المشرع إلى مجلس التأديب المنصوص عليه في النصين سالفي الذكر اختصاصين أولهما: الفصل فيما يعرض عليه من الدعاوى التأديبية بالإجراءات والأوضاع التي نظمتها المواد من 112 إلى 121 من قانون مجلس الدولة - الثاني: إبداء الرأي في أمر صلاحية أعضاء مجلس الدولة الذين يطلب رئيس مجلس الدولة منه النظر في أمر صلاحيتهم للبقاء في وظيفة من وظائف مجلس الدولة القضائية - ما يصدر من مجلس التأديب في الحالة الثانية لا يعدو أن يكون رأياً فهو ليس بحكم ولا بقرار وإنما هو عمل تمهيدي غير قابل بذاته للتنفيذ ولا هو جائز الطعن فيه وحده - الذي يكون محلاً للطعن في هذه الحالة هو القرار الصادر من رئيس الجمهورية طبقاً للمادة 91/ 2 من قانون مجلس الدولة - لم يرد نص في القانون يمنع الطعن في ذلك القرار فضلاً عن عدم جواز النص لما ينطوي عليه ذلك من مصادرة لحق التقاضي طبقاً للدستور. تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 30/ 3/ 1986 أودع الأستاذ محمود الطوخي المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل الذي قيد بالرقم عاليه في القرار الصادر من رئيس الجمهورية برقم 28 بتاريخ 11/ 1/ 1986 فيما تضمنه من نقل الطاعن إلى وظيفة غير قضائية بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق تعادل درجة وظيفته القضائية، وقد انتهى الطاعن إلى طلب الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه - للأسباب الواردة به - الحكم بعدم جواز نظر الطعن.
وقد تدوول الطعن أمام هذه المحكمة إلى أن تقرر بجلسة 24/ 12/ 1989 حجزه للحكم بجلسة 11/ 2/ 1990 مع التصريح بالاطلاع وتقديم مذكرات، وبتلك الجلسة تقرر إعادة الطعن للمرافعة بجلسة 11/ 3/ 1990 بناء على طلب وكيل الطاعن.
وبتلك الجلسة قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة 29/ 4/ 1990 مع التصريح بالاطلاع وتقديم مذكرات خلال أسبوعين وفيها قررت إعادة الطعن للمرافعة بجلسة 10/ 6/ 1990 لتقدم هيئة مفوضي الدولة تقريراً في موضوع الطعن وتنفيذاً لقرار المحكمة آنف الذكر أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الموضوع ارتأت فيه الحكم بإلغاء القرار الجمهوري رقم 28/ 1986 فيما تضمنه من نقل الطاعن إلى وظيفة غير قضائية بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق وما يترتب على ذلك من آثار.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين بدفاع المطعون ضدهما دفعت في كل منهما بعدم جواز نظر الطعن للأسباب الموضحة بالمذكرتين.
وتدوول الطعن على النحو الموضح بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر بجلسة 20/ 10/ 1991 النطق بالحكم بجلسة 23/ 11/ 1991 وفيها تقرر مد أجله لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطاعن أقام هذا الطعن بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 30/ 3/ 1986 طالباً فيها إلغاء القرار الصادر من رئيس الجمهورية رقم 28 لسنة 1986 فيما تضمنه من نقله إلى وظيفة غير قضائية بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق وما يترتب على ذلك من آثار، وقال شرحاً لذلك: إن السيد المستشار نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس إدارة التفتيش الفني أصدر في 28/ 1/ 1985 عريضة دعوى تأديبية ضده بإحالته إلى مجلس تأديب أعضاء مجلس الدولة للنظر في مساءلته على مقتضى المادة 120 من قانون مجلس الدولة لما نسب إليه في هذه العريضة وعقد مجلس التأديب أولى جلساته لنظر هذه القضية في 28/ 4/ 1985 برئاسة السيد المستشار محمد هلال قاسم رئيس مجلس الدولة حيث تأجلت إدارياً وأعقبتها جلسة 19/ 5/ 1985 حيث قرر المجلس السير في إجراءات نظر هذه الدعوى وحدد لذلك جلسة تالية أعقبتها في 7/ 6/ 1985 وكان من المفروض أن يسير مجلس التأديب بإجراءات المحاكمة إلى غايتها، إلا أن السيد المستشار محمد هلال قاسم أصدر قراراً في 10/ 6/ 1985 بإحالة المدعي إلى لجنة الصلاحية للنظر في أمره طبقاً للمادة 92 من قانون مجلس الدولة على أساس أنه فقد الثقة والاعتبار اللذين تتطلبهما الوظيفة وتنحى السيد المستشار محمد هلال قاسم عن رئاسة هذه اللجنة بعد أن أقام نفسه شاهداً أساسياً على الواقعة التي رأى أنها تفقد المدعي الثقة والاعتبار وانتهى الأمر بصدور قرار رئيس الجمهورية المطعون فيه، وتظلم المدعي من هذا القرار لقيامه على سبب غير صحيح من الواقع والقانون إلا أنه لم يتلق رداً، وشرح المدعي في صحيفة دعواه الواقعة التي صدر بناء عليها القرار الجمهوري سالف الذكر وانتهى بناء على عرضه هذه الواقعة إلى عدم صحتها وبالتالي إلى عدم صحة هذا القرار على أساس أنه:
1 - أعلنت محافظة البحر الأحمر عن مناقصة عالمية لإنشاء قرية سياحية تم فتح مظاريفها يوم 15/ 11/ 1983 وتقدم فيها المهندس إبراهيم مكاوي بعرض باليد بعد أن شرعت لجنة البت في فتح المظاريف بحوالي عشر دقائق وبعد أن كانت قد فتحت مظروفه وقد ثار حديث حول مدى جواز قبول هذا العطاء المتأخر إلا أن اللجنة قبلته على أساس أن السرية ما زالت كاملة، فأثار أحد مقدمي العطاءات أمر قبول هذا العطاء المتأخر وطلب استبعاده وبالاستفسار من المدعي عن صحة ذلك الرأي بالقبول رجح سلامته لظهور صحته وبتاريخ 7/ 12/ 1983 تقدم المهندس إبراهيم مكاوي بشكوى إلى رئيس مجلس الدولة ضمنها أن المهندس إبراهيم كريم اتصل به هاتفياً في 30/ 11/ 1983 وأبلغه أنه كان عائداً من الغردقة مع المدعي حيث طلب الأخير منه رقم تليفون الشاكي لأخذ صورة عطاء آخر شروط مالية فأعطاها له وقرر الشاكي أن المهندس إبراهيم كريم ألمح إلى أن الطاعن سيطلب منه مبلغاً من المال لتجاوز عقبة الرأي برفض عطائه وزعم الشاكي أن الطاعن ذهب إليه في منزله في 1/ 12/ 1983 وصرح له بطلب خمسين ألف جنيه وأنه طلب مهلة للتفكير وأعاد الطاعن الاتصال به من مسكنه في 5/ 12/ 1983 حيث لم يجده وفي 8/ 12/ 1983 اجتمعت اللجنة المشكل منها مجلس التأديب بمجلس الدولة وقررت الموافقة على التحقيق مع الطاعن جنائياً وأحيل الأمر إلى النيابة العامة، وفي 11/ 12/ 1983 اجتمعت لجنة البت حيث أبدى الطاعن كعضو فيها رأيه بعدم جواز قبول العطاء المقدم من المهندس إبراهيم مكاوي لوروده متأخراً وأعدت اللجنة تقريراً بذلك قدم إلى المحافظ طلبت فيه عرض الموضوع على إدارة الفتوى المختصة إلا أن المحافظ أعاد الموضوع مؤشراً عليه بضرورة إنهاء اللجنة من عملها وإصدار توجيه في الموضوع ثم اجتمع المحافظ بأعضاء اللجنة وناقش الطاعن في رأيه مؤكداً الرأي الذي يؤيد قبول العطاء باعتباره محققاً للمصلحة العامة وتحقيق السرية وعدم انكشافها، واجتمعت اللجنة مرة أخرى وأعادت مناقشة الموضوع وانتهى رأيها إلى قبول عطاء المهندس إبراهيم مكاوي واعتمد المحافظ رأي لجنة البت بإرساء العملية على المهندس إبراهيم مكاوي وشركاه، وبالنسبة للتحقيق الثابت فقد قامت النيابة العامة باستكمال تحقيق الموضوع وسؤال جميع من لهم صلة به بما في ذلك المدعي الذي نفى حصول الواقعة وأكد بأن رأيه بعدم قبول العطاء كان بعد دراسة قانونية وانتهت النيابة العامة إلى استبعاد شبهة الجناية وتقيد الأوراق بدفتر الشكاوى وحفظها إدارياً وإرسال الأوراق للعرض على رئيس مجلس الدولة للنظر حيث أحيل الموضوع إلى التحقيق الذي أسفر عن إحالة الطاعن إلى مجلس التأديب لمساءلته عن عدوله عن رأيه بعدم قبول عطاء إبراهيم مكاوي إلى قبوله دون أسباب قانونية تبرر ذلك.....
وناقش المدعي الأقوال التي أبديت في الموضوع وانتهى إلى عدم صحة ما نسب إليه وأضاف أن اعتماد لجنة الصلاحية على أقوال السيد المستشار محمد هلال قاسم لا يسوغ الصدق على ادعاء الشاكي المبطل في شكواه ولا يقيم جنحة على الطاعن كما أن شهادة السيد المستشار عبد المنعم جيره قائمة على الاختيار من السيد المستشار محمد هلال قاسم عقب انصراف المدعي من مقابلة رئيس المجلس ولم يكن سيادته حاضراً الجزء الجوهري من الحديث.
وقدم المدعي حافظتي مستندات تأييداً لدعواه وقدم عدة قرارات انتهت جميعها إلى طلب الحكم له بطلباته.
كما قدمت هيئة قضايا الدولة عدة مذكرات طلبت فيها الحكم بعدم جواز نظر الطعن للأسباب المبينة بها وقدمت حافظة مستندات طويت على صورة القرار الجمهوري المطعون فيه وقرار مجلس تأديب أعضاء مجلس الدولة وقرار مجلس الدولة رقم 62 لسنة 1986 برفع اسم المدعي من سجلات الأعضاء بمجلس الدولة.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم جواز نظر الطعن فإنه يقوم طبقاً لما ورد بدفاع هيئة قضايا الدولة وتقرير مفوضي الدولة على أن المادة 119 من القانون رقم 47/ 1972 بشأن مجلس الدولة تقضي بأنه يجب أن يكون الحكم الصادر في الدعوى التأديبية مشتملاً على الأسباب التي بني عليها وأن تتلى عند النطق به في جلسة سرية.
ويكون الحكم الصادر في الدعوى التأديبية نهائياً غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن والقرار الصادر من مجلس التأديب في خصوص نقل الطاعن إلى وظيفة معادلة غير قضائية قرار غير قابل للطعن فيه إلا إذا قام بأحد الأعضاء الذين أصدروا الحكم التأديبي سبب من أسباب عدم الصلاحية فيجوز استثناء طلب إلغائه بطلب يقدم إلى ذات المجلس الذي أصدره.
ومن حيث إن المادة 91 من قانون مجلس الدولة سالف الذكر تقضي بأن أعضاء مجلس الدولة من درجة مندوب فما فوق غير قابلين للعزل ويسري على هؤلاء جميع الضمانات التي يتمتع بها رجال القضاء وتكون الهيئة المشكلة من مجلس التأديب هي الجهة المختصة في كل ما يتصل بهذا الشأن، ومع ذلك إذا اتضح أن أحدهم فقد الثقة والاعتبار اللذين تتطلبهما الوظيفة إذ فقد أسباب الصلاحية لأدائها بغير الأسباب الصحية أحيل إلى المعاش أو نقل إلى وظيفة معادلة غير قضائية بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس التأديب.
ومن حيث إن المادة 112 من قانون مجلس الدولة المشار إليه تقضي بأن يجب أن يكون الحكم الصادر في الدعوى التأديبية مشتملاً على الأسباب التي بني عليها وأن تتلى عند النطق به في جلسة سرية.
ويكون الحكم الصادر في الدعوى التأديبية نهائياً غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن. واضح من النصين المتقدمين أن المشرع أسند إلى مجلس التأديب المنصوص عليه فيهما اختصاصين أولهما الفصل فيما يعرض عليه من الدعاوى التأديبية بالإجراءات والأوضاع التي نظمتها المواد من 112 إلى 121 من قانون مجلس الدولة والثاني إبداء الرأي في أمر صلاحية أعضاء مجلس الدولة الذين يطلب رئيس مجلس الدولة منه النظر في أمر صلاحيتهم للبقاء في وظيفة من وظائف مجلس الدولة القضائية وما يصدر من مجلس التأديب في الحالة الأخيرة لا يعدو أن يكون رأياً فهو ليس بحكم ولا بقرار وإنما هو عمل تمهيدي غير قابل بذاته للتنفيذ ولا هو جائز الطعن فيه وحده وإنما الذي يكون محلاً للطعن هو القرار الصادر من رئيس الجمهورية طبقاً للمادة 91/ 3 من قانون مجلس الدولة ولم يرد نص في القانون بمنع الطعن في ذلك القرار فضلاً عن عدم جواز النص لما ينطوي عليه من مصادرة لحق التقاضي طبقاً للدستور.
ومفاد ما تقدم أن ما يصدر من مجلس تأديب أعضاء مجلس الدولة إما أن يكون حكماً في دعوى تأديبية لا يجوز الطعن فيه وفقاً للمادة 119/ 2 أو رأياً في صلاحية العضو كإجراء تمهيدي لإحالة من تثبت عدم صلاحيته للمعاش أو نقله إلى وظيفة إدارية خارج مجلس الدولة وهذا الرأي لا يمتنع النعي عليه ومناقشته في إطار الطعن في القرار الإداري الذي استند إليه كما هو الحال في الطعن الماثل.
وبناء على ما تقدم يكون الدفع بعدم جواز نظر الطعن الماثل غير قائم على أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة لمدى قبول الطعن شكلاً من عدمه فإن الثابت من الأوراق أن قرار رئيس الجمهورية المطعون فيه صدر بتاريخ 11/ 1/ 1986 وأن الطاعن تقدم بتظلم منه بتاريخ 5/ 2/ 1986 وأقام الطعن بتاريخ 30/ 3/ 1986 ومن ثم يكون الطاعن قد راعى المواعيد المقررة في هذا الشأن وإذ الثابت أن الطعن قد استوفى سائر القواعد المقررة لقبوله شكلاً ومن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن عناصره تلخص في أن محافظة البحر الأحمر أعلنت عن مناقصة عالمية لإنشاء قرية سياحية كان آخر موعد لتقديم العطاءات وفتح مظاريفها هو يوم 15/ 11/ 83 وحدث أن تقدم المهندس إبراهيم مكاوي بعرض باليد في هذا اليوم بعد أن بدأت اللجنة في فتح مظاريف العطاءات بحوالي عشر دقائق وبعد أن كانت قد فتحت مظروفين فثار جدل حول مدى جواز قبول هذا العطاء إلا أن اللجنة قبلته استناداً إلى أن السرية ما زالت كاملة الأمر الذي حدا بأحد مقدمي العطاءات إلى إثارة أمر هذا العطاء وطلب استبعاده وبالاستفسار من الطاعن عما إذا كان يجوز قبول هذا العطاء رجح سلامته لظهور صحته، وبتاريخ 7/ 12/ 1983 تقدم مقدم العطاء المتأخر بشكوى للسيد المستشار رئيس مجلس الدولة ضمنها أن المهندس إبراهيم كريم اتصل به تليفونياً في 30/ 11/ 1983 وأبلغه أنه كان عائداً من الغردقة مع الطاعن الذي طلب منه رقم تليفون الشاكي لأخذ صورة عطاء أو شروط مالية منه فأعطاه له وأضاف الشاكي أن المهندس إبراهيم كريم ألمح إليه أن الطاعن سيطلب منه مبلغاً من المال لتجاوزه عقبة الرأي برفض عطائه وزعم صاحب العطاء أن الطاعن ذهب إليه في منزله في 1/ 12/ 1983 وصرح له بطلب خمسين ألف جنيه وأنه طلب مهلة للتفكير فأعاد الطاعن الاتصال به تليفونياً في مكتبه بتاريخ 5/ 12/ 1983 حيث لم يجده وفي 8/ 12/ 1983 اجتمعت اللجنة المشكل منها مجلس التأديب بمجلس الدولة وقررت إحالته الواقعة إلى التحقيق مع الطاعن جنائياً حيث أحيل الأمر إلى النيابة العامة التي انتهت إلى حفظ الموضوع وقيده شكوى.
وبتاريخ 11/ 12/ 1983 اجتمعت لجنة البت في العطاءات حيث أبدى الطاعن رأيه بعدم جواز قبول العطاء المتأخر لأن في قبوله مخالفة لنص المادتين 21، 61 من قانون المناقصات وأعدت تقريراً قدم إلى المحافظ منهياً إلى طلب استطلاع رأي إدارة الفتوى المختصة فأعاد المحافظ التقرير مؤشراً عليه بضرورة انتهاء اللجنة من أعمالها وإصدار توجيه في الموضوع والثابت أن المحافظ كان يميل إلى قبول هذا العطاء لمزاياه المالية وبعد مناقشة المحافظ للجنة انتهت إلى قبول العطاء المشار إليه وبذلك يكون الطاعن قد عدل عن رأيه مرة أخرى.
وبتاريخ 28/ 1/ 1985 أعد السيد المستشار نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس إدارة التفتيش الفني عريضة دعوى تأديبية ضده طالباً إحالته إلى مجلس تأديب أعضاء مجلس الدولة للنظر في مساءلته علي مقتضى المادة 120 من القانون رقم 47/ 1972 وقد تحدد لنظر الدعوى أمام مجلس التأديب جلسة 28/ 4/ 1985 حيث جرى نظرها على النحو الموضح بمحاضرها إلى أن قرر السيد المستشار رئيس المجلس بتاريخ 10/ 6/ 1985 إحالة الطاعن إلى لجنة الصلاحية على أساس أنه سبق أن اعترف أمامه بأنه سعى إلى المقاول في منزله وأن المقاول عرض عليه مبلغاً من المال الأمر الذي حدا برئيس المجلس إلى تنبيهه بخطأ مسلكه في دخول منزل المقاول بعد أن تبين ذلك. وعدم تبليغ رئاسته عن واقعة عرض المقاول الرشوة عليه وأضاف رئيس المجلس أنه فوجئ بعد أن طالع أقوال الطاعن بتحقيقات النيابة أنه أنكر تلك الواقعة مما يناقض ما اعترف له به ويفقده الثقة والاعتبار اللازمين للوظيفة وأن السيد المستشار عبد المنعم جيره قد حضر طرفاً من الحديث.
وقد انتهت لجنة الصلاحية إلى نقل الطاعن إلى وظيفة معادلة غير قضائية مشيدة ما انتهت إليه على أنه ثبت لها أنه (الطاعن) توجه إلى المقاول مقدم العطاء في منزله بدعوى الاطلاع على مستندات العطاء رغم ما يشوب قبول العطاء من شبهات مما مكن المقاول من أن ينسب إليه طلب حصوله على رشوة وأنه أقر أمام رئيس المجلس بأن المقاول عرض عليه مبلغاً لتسوية الموضوع وأبدت اللجنة اطمئنانها إلى ما أبداه رئيس مجلس الدولة في هذا الصدد كما استبعدت ما ذهب إليه الطاعن من أنه ربما يكون الأمر قد التبس على رئيس المجلس لعدم اقتناعها أن يقع ذلك منه وهو رئيس للمجلس ولخبرته الطويلة مما يمكنه من فهم الأمور على وجهها الصحيح الذي يتفق مع الواقع الذي حدث فعلاً، وأضافت اللجنة أنه (ليس ثمة شك في أن سلوك العضو المحال في مقدر الظروف والملابسات المحيطة بتقديم العطاء سالف الذكر تؤدي إلى فقدان الثقة والاعتبار اللذين تتطلبهما الوظيفة وذلك أياً كان وجه التبريرات التي تقدم بها العضو المحال في دفاعه والتي لا تقوم على أساس مكين وتأيد بشهادة المستشار عبد المنعم جيرة وكيل مجلس الدولة.
وانتهت في 15/ 12/ 1985 إلى قرارها المتقدم وصدر قرار رئيس الجمهورية المطعون فيه بتاريخ 11/ 6/ 1986 مرتكناً على قرار لجنة الصلاحية.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن القرار المطعون فيه قام على ما ثبت في حق الطاعن من واقع ما قرره الشاكي صاحب العطاء المتأخر وكذلك ما قرره السيد رئيس المجلس على التفصيل السابق إيراده كذلك فإنه بإمعان النظر في شهادة المستشار عبد المنعم جيره الواردة بمذكرته المقدمة بتاريخ 10/ 9/ 1985 الموجهة إلى مجلس التأديب يبين أنها تساند بصدق وجلاء ما قرره رئيس مجلس الدولة وتفصيل ذلك ما تضمنه الكتاب آنف الذكر من أنه في يوم لا يذكره "أي المستشار عبد المنعم جيره" دخل إلى مكتب رئيس المجلس فوجد عنده العضو المحال الطاعن وأن الجو كان مكفهراً وأن العضو قال للرئيس "ده كل اللي حصل يا ريس والأمر متروك لسيادتك وهنا رد الرئيس خلاص خلاص سبني أتصرف، ولما انصرف الزائر أخبره الرئيس أنه مستشار مساعد اتصل بواحد من المقاولين ومر عليه في الزمالك وأنه ظن أن عنوان الزمالك مكتب المقاول وليس منزله فرد عليه رئيس المجلس سواء كان مكتب المقاول أو منزله فما الذي يجعله يمر عليه وهنا سأله رئيس المجلس في غضب هل يصح أن يصدر هذا التصرف من ممثل لمجلس الدولة، أليس في هذا التصرف ما يفقده الصلاحية؟
والواضح من هذه الشهادة أن رئيس المجلس كان مستاء من تصرفات الطاعن مما يدل على أن ما شهده المستشار عبد المنعم جيره حديث فيه تأنيب من رئيس مجلس الدولة ولو لم يكن قد حدث من الطاعن ما يعتبره رئيس المجلس إساءة للمجلس من ممثل له لما كان رئيس المجلس قد عامل الطاعن بالصورة التي شهدها المستشار عبد المنعم جيره.
وعلاوة على ما تقدم فإنه لا يبين من الأوراق أن ثمة ما يدعو رئيس المجلس إلى أن يقرر ما سبق.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن القرار المطعون فيه قد قام على سبب يبرره ومستمد من أصول تنتجه قانوناً وواقعاً من ثم يكون الطعن عليه غير قائم على أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم جواز نظر الطعن وبنظره، وفي الموضوع برفضه.