أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثالث - السنة 40 - صـ 122

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ على السعدني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فؤاد شرباش ومحمد عبد البر حسين نائبي رئيس المحكمة، خلف فتح الباب وإلهام نوار.

(337)
الطعن رقم 1967 لسنة 53 القضائية

(1) التزام "انقضاء الالتزام" "المقاصة" "دعوى "الطلبات العارضة".
طلب المقاصة القضائية وجوب أن يكون بدعوى أصلية أو بطلب عارض.
(2) التزام "حق الحبس".
حق الحبس أو أحكام المقاصة القانونية لا تملك المحكمة إعمال أحكام أيهما ما لم يطلبه صراحة صاحب الحق فيه. علة ذلك.
(3) نقض "السبب الجديد"
طلب المقاصة القضائية بين المصروفات المستحقة للطاعن والأجرة المتأخرة في الوفاء بها. دفاع يخالطه واقع. عدم جواز إبداؤه لأول مره أمام محكمة النقض.
(4) إيجار "إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء" "عدم الوفاء بالأجرة"
توقي المستأجر الحكم بإخلاء العين المؤجرة لعدم سداد الأجرة. م 31/ 1 ق 49 لسنة 1977. شرطه - سدادها وما يستجد منها والمصاريف والنفقات الفعلية حتى إقفال باب المرافعة في الدعوى.
(5) استئناف "الأثر الناقل للاستئناف".
استئناف الحكم - أثره - نقل الدعوى إلى المحكمة الاستئناف بما أبدي فيها من دفاع. وأوجه دفاع. المادتان 232، 333 مرافعات.
(6) التزام "انقضاء الالتزام"
وفاء المدين لغير الدائن أو نائبه - غير مبرئ لذمته إلا إذا أقره الدائن. م 333 مدني.
1 - يشترط لإجراء المقاصة القضائية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يطلبها صاحب الشأن بدعوى أصلية أو في صورة طلب عارض.
2 - المحكمة لا تملك من نفسها أعمال أحكام حق الحبس أو أحكام المقاصة القانونية ما لم يطلبه صراحة أحب الحق فيه اعتبار أن هذين الطلبين لا يتعلقان بالنظام العام.
3 - إذا كان الطاعن لم يطلب من محكمة الموضوع إجراء المقاصة القضائية بين المصروفات التي يرى استحقاقه لها والأجرة التي تأخر في الوفاء بها ولم يتمسك بالمقاصة القانونية أو بالحق في حبس العين المؤجرة فإن هذا الدفاع يكون سبباً جديداً لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع.
4 - النص في المادة 31/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 الذي يحكم واقعة النزاع - يدل على أن من حق المؤجر المطالبة بإخلاء المكان المؤجر إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة في ذمته أياً كان مقدارها، وقد رأى المشرع تيسيراً على المستأجر أن يكلفه المؤجر بالوفاء بالأجرة قبل استعمال حقه في المطالبة بالإخلاء مع إمهاله خمسة عشر يوماً لأدائها كما وقاه الجزاء المترتب على تخلفه عن ذلك أن هو تدارك الأمر فوفى بها وبالأجرة المستجدة والمصاريف والنفقات الفعلية حتى إقفال باب المرافعة في دعوى الإخلاء.
5 - الاستئناف وفقاً لنص المادتين 232، 233 من قانون المرافعات ينقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف، وبما سبق أن أبداه المستأنف عليه أمام محكمة الدرجة الأولى من دفوع وأوجه دفاع، وتعتبر هذه وتلك مطروحة أمام محكمة الاستئناف للفصل فيها بمجرد رفع الاستئناف.
6 - الوفاء لغير شخص الدائن أو نائبه لا يستتبع - وعلى ما نصت عليه المادة 333 من القانون المدني - براءة ذمة المدين إلا إذا أقر الدائن هذا الوفاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه، وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول أقاموا الدعوى رقم 4329 لسنة 1979 أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بفسخ عقد إيجار المنزل المبين بصحيفة الدعوى وإخلائه وطرده منه وقالوا بياناً لها، إنه بموجب عقد مؤرخ 9/ 7/ 1958 استأجر الطاعن من مورثهم هذا المنزل بأجرة مقدارها ثلاثون قرشاً شهرياً، وقد أحدث بالعين المؤجرة تعديلات جوهرية ضاره بها، كما امتنع عن سداد أجرتها اعتباراً من يناير سنة 1947 فأنذروه بالوفاء بها في 5/ 9/ 1979 ثم أقاموا الدعوى أدخل الطاعن المطعون ضده الأخير خصماً في الدعوى، ندبت المحكمة خبيراً فيها ثم حكمت برفضها. استأنف المطعون ضدهم الثلاثة الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا "مأمورية شبين الكوم" برقم 1910 لسنة 14 القضائية.
وبتاريخ 23/ 5/ 1983 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإخلاء العين محل النزاع طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة- في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظرة وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن هذا الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الثابت من تقرير الخبير وسائر أوراق الدعوى أنه أجرى بالعين المؤجرة إصلاحات جوهرية مما يلتزم به المؤجر ويحق له إجراء المقاصة بين ما أنفقه فيها ودين الأجرة المستحق وأن يحبس العين المؤجرة لحين استيفائه قيمة مصروفات الإصلاحات إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل ذلك واعتبره متأخراً في الوفاء بالأجرة وقضي بإخلائه منها.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان يشترط لإجراء المقاصة القضائية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يطلبها صاحب الشأن بدعوى أصلية أو في صورة طلب عارض
- كما أن المحكمة لا تملك من نفسها أعمال أحكام حق الحبس أو أحكام المقاصة القانونية ما لم يطلبه صراحة صاحب الحق فيه باعتبار أن هذين الطلبين لا يتعلقان بالنظام العام، لما كان ذلك وكان الطاعن لم يطلب من محكمة الموضوع إجراء المقاصة القضائية بين المصروفات التي يرى استحقاقه لها والأجرة التي تأخر في الوفاء بها ولم يتمسك أمامها بالمقاصة القانونية أو بالحق في حبس العين المؤجرة فإن هذا الدفاع يكون سبباً جديداً لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع ويكون النعي به على الحكم المطعون فيه غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقول أنه قدم إيصالات تفيد سداده أجرة العين محل النزاع للمطعون ضده الرابع بصفته وكيلاً عن المطعون ضدهم الثلاثة الأول "المؤجرون" وأقر المطعون ضده الثاني بذلك في المحضر رقم 2272 لسنة 79 إداري الباجور، إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع بأسباب غير سائغة، كما ذهب على خلاف القانون إلى وجوب الوفاء بالأجرة التي استحقت بعد رفع الدعوى وحتى إقفال باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان النص في المادة 31/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 الذي يحكم واقعة النزاع على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية....... إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك....... ولا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى بأداء الأجرة وكافة ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية". يدل على أن من حق المؤجر المطالبة بإخلاء المكان المؤجر إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة من ذمته أياً كان مقدارها، وقد رأى المشرع تيسيراً على المستأجر أن يكلفه المؤجر بالوفاء بالأجرة قبل استعمال حقه في المطالبة بالإخلاء مع إمهاله خمسة عشر يوماً لأدائها كما وقاه الجزاء المترتب على تخلفه عن ذلك أن هو تدارك الأمر فوفى بها وبالأجرة المستجدة والمصاريف والنفقات الفعلية حتى قبل إقفال باب المرافعة في دعوى الإخلاء. وكان الاستئناف وفقاً لنص المادتين 232، 233 من قانون المرافعات ينقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف، وبما سبق أن إبداء المستأنف عليه أمام محكمة الدرجة الأولى من دفوع وأوجه دفاع، وتعتبر هذه وتلك مطروحة أمام محكمة الاستئناف للفصل فيها بمجرد رفع الاستئناف، لما كان مما تقدم وكان الوفاء لغير شخص الدائن أو نائبه لا يستتبع - وعلى ما نصت على المادة 233 من القانون المدني - براءة ذمة المدين إلا إذا أقر الدائن هذا الوفاء، وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على" أن الأوراق جاءت خلواً من وجود نيابة تخول للمستأنف عليه الثاني "المطعون ضده الرابع" اقتضاء الحق نيابة عن أصحابه أو تحول للمدين الوفاء بالالتزام لغير الدائن ومن ثم فإقرار استيفاء الدين أنما يقتصر أثره على نفسه دون أن ينتج آثار ما بالنسبة للغير ومنهم المستأنفين "المطعون ضدهم الثلاثة الأول" ولقد كان خليقاً بهذا المستأجر "الطاعن" أن يوفي بالأجرة إلى المؤجرين أنفسهم سيما ومنذ إنذاره على يد محضر في 5/ 9/ 1979 ومع ذلك فإنه ومنذ إنذاره لم يدفع إلا مبلغ 600 و3 جنيه ثلاثة جنيهات وستمائة مليم بطريق العرض في 27/ 1/ 1981 والإيداع في 28/ 1/ 1981 كإيجار للمنزل موضوع النزاع بواقع ثلاثمائة شهرياً وعن المدة من أول يناير حتى أخر ديسمبر سنة 1981، دون المدة اللاحقة وحتى قفل باب المرافعة في فبراير سنة 1983 والمصاريف التي تكبدها المؤجرين، لما كان ذلك كله وكانت الأوراق خلو من دليل على الوفاء بالأجرة في المدة من 1/ 1/ 1974 حتى 31/ 12/ 1980 ومن 1/ 1/ 1982 حتى أخر فبراير سنة 1983........" مما مفاده أن الحكم فحص دفاع الطاعن القائم على أنه سدد الأجرة للمطعون ضده الرابع باعتباره وكيلاً عن المطعون ضدهم الثلاثة الأول وانتهى في أسباب سائغة وفي حدود ما لمحكمة الموضوع من سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير ما يقدم إليها من مستندات إلى إطراح هذا الدفاع بعد نفي أن توافر صفة المطعون ضده الرابع في استيفاء الأجرة مما لا يكون الوفاء له مبرئاً لذمة الطاعن منهما، لما كان ذلك وكانت الأوراق خلواً مما يدل على أن المطعون ضده الثاني أقر الوفاء الحاصل للمطعون ضده الرابع. كما خلت أيضاً مما يفيه تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بدلالة هذا الإقرار فإن هذا الدفاع يعتبر سبباً جديداً، ومن ثم غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.