مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) - صـ 412

(38)
جلسة 14 من ديسمبر لسنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدي مليحي - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حنا ناشد مينا ومحمد معروف محمد وعبد اللطيف محمد الخطيب وعلي رضا عبد الرحمن رضا - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 470 لسنة 37 القضائية

نيابة إدارية - أعضاؤها - انتهاء الخدمة - الإحالة للمعاش لأسباب صحية. (مجلس الدولة) (هيئات قضائية).
المادة 38 مكرراً من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989.
يكون شأن أعضاء النيابة الإدارية فيما يتعلق بشروط التعيين والمرتبات والبدلات وقواعد الترقية والندب والإعارة والأجازات والاستقالة والمعاشات شأن أعضاء النيابة العامة - المادة 130 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية - يسري على أعضاء النيابة العامة ما يسري على القضاة في شأن الأجازات المرضية - نتيجة ذلك: سريان أحكام المادتين 90، 91 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 على أعضاء النيابة الإدارية - المشرع في القانون رقم 46 لسنة 1972 أورد تنظيماً عاماً شاملاً متكاملاً للأجازات المرضية التي يحصل عليها القاضي وعضو النيابة العامة وعضو النيابة الإدارية - نتيجة ذلك: لا يجوز في مجال أجازاتهم اللجوء إلى أحكام قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 باعتباره تضمن الأحكام العامة التي تنظم شئون التوظف - أساس ذلك: المادة الأولى من القانون رقم 47 لسنة 1978 فيما تضمنته من عدم سريانه على العاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين أو قرارات خاصة فيما تضمنته هذه القوانين والقرارات - المادة 91 من قانون السلطة القضائية ترتب على عدم استطاعة القاضي بسبب مرضه مباشرة عمله بعد انقضاء الأجازات المقررة في المادة (90) أو ظهر في أي وقت أنه لا يستطيع بسبب حالته الصحية القيام بأعباء وظيفته على الوجه اللائق إحالته إلى المعاش بقرار رئيس الجمهورية بناء على طلب وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى - الأجازات المرضية أو الأسباب الصحية في المادة المذكورة وردت من العموم والشمول بحيث تنصرف إلى كافة الأمراض عادية كانت أم مزمنة متى بلغت حد عدم القدرة على مباشرة العمل على الوجه اللائق - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 10/ 1/ 1991 أودع الأستاذ محمد نمر المحامي نائباً عن الأستاذ محمد أبو الفضل الجيزاوي المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/....... قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن طالباً الحكم: -
أولاً: - بقبول الطعن شكلاً.
ثانياً: - وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 117/ 1990 الصادر من السيد رئيس الجمهورية بصفته بإحالة الطاعن إلى المعاش قبل بلوغ سن الستين مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ثالثاً: - وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
رابعاً: - الحكم للطاعن بالتعويض المادي حال وجود مقتضى لذلك.
وقد تم إعلان الطعن إلى المطعون ضدهم طبقاً لما هو مقرر قانوناً.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم - للأسباب الواردة به - بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 117/ 1990 المطعون فيه بإحالة الطاعن إلى المعاش قبل بلوغ سن الستين مع ما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من الطلبات.
وقد تدوول نظر الطعن على النحو الموضح بمحضر الجلسة إلى أن تقرر بجلسة 20/ 10/ 1991 النطق بالحكم بجلسة 23/ 11/ 1991 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء خلال أسبوع وفيها تقرر مد أجل الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر الموضوع تتحصل حسبما جاء بعريضة الطعن وما تنطق به باقي أوراق الدعوى في أن الطاعن عين بهيئة النيابة الإدارية منذ عام 1964 وظل يرقى في وظائفها إلى أن وصل إلى وظيفة رئيس نيابة (ب) ونتيجة للإرهاق الذهني شعر الطاعن بالمرض الذي على أثره أدخل مستشفى دار الاستشفاء للصحة النفسية بالعباسية، وبتاريخ 23/ 8/ 1990 أرسلت الدار المذكورة إلى شقيقه بخطاب يفيد أن الطاعن أصبح بحالة جيدة وصحة ومن ثم تم إخراجه، وبعد تحسن حالته الصحية توجه إلى مقر عمله إلا أنه فوجئ بصدور القرار المطعون فيه بإحالته إلى المعاش لعدم استطاعته القيام بأعباء وظيفته لأسباب صحية فتظلم من هذا القرار بتاريخ 3/ 11/ 1990 إلا أن الجهة الإدارية لم تحرك ساكناً مما اضطر معه إلى رفع هذا الطعن.
وقد نعى الطاعن على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه ذلك أنه وفقاً لحكم المادة 66 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 والفقرة الثالثة من المادة 78 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 وتعديلاته وقرار وزير الصحة رقم 695 لسنة 1984 في شأن تحديد الأمراض المزمنة التي يمنح عنها المريض أجازة استثنائية بأجر كامل أو يمنح عنها تعويضاً يعادل أجره كاملاً طوال مدة مرضه إلى أن يشفى أو تستقر حالته ومن ثم فما كان يجوز إنهاء خدمته باعتبار أن مرضه العقلي من ضمن الأمراض التي عناها المشرع بالرعاية ونظراً لأنه يترتب على هذا القرار نتائج يتعذر تداركها ومن ثم فإن الطاعن يطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذه وانتهى الطاعن إلى طلب الحكم بطلباته الموضحة بصدر هذا الحكم.
وأودع الطاعن رفق صحيفة طعنه حافظة مستندات احتوت على صورة ضوئية لقرار رئيس الجمهورية المطعون فيه رقم 117 لسنة 1990 والخطاب المرسل من دار الاستشفاء للصحة النفسية بالعباسية الموجه إلى شقيق الطاعن.
وردا على الطعن تقدمت كل من هيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة بمذكرة طلبت فيها الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة تأسيساً على أن الإجراءات التي اتخذت نحو إحالة الطاعن إلى المعاش قد جاءت وفق صحيح حكم القانون إذ عرضت حالته على المجلس الأعلى للنيابة الإدارية حيث وافق على إحالته إلى المعاش على أن يمنح أربعة أخماس المرتب وفقاً لما تقضي به المادة 91 من قانون السلطة القضائية وأودعت صورة رسمية طبق الأصل من القرار المشار إليه وصورتين رسميتين طبق الأصل لإخطار اللجنة الطبية العامة بالهيئة العامة للتأمين الصحي.
ومن حيث إن المادة 38 مكرراً من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989 تنص على أن يكون شأن أعضاء النيابة الإدارية فيما يتعلق بشروط التعيين والمرتبات والبدلات وقواعد الترقية والندب والإعارة والأجازات والاستقالة والمعاشات شأن أعضاء النيابة العامة.
وطبقاً للمادة 130 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية فإنه يسري على أعضاء النيابة العامة ما يسري على القضاة في شأن الأجازات المرضية إذ قضت بأن تسري أحكام المواد 49، ....، 90، 91 على أعضاء النيابة العامة ومن ثم فإنه يسري أيضاً على أعضاء النيابة الإدارية حكم المادتين المشار إليهما.
وتقضي المادة 90 من القانون رقم 46 لسنة 1972 سالف الذكر بأن تكون الأجازات المرضية التي يحصل عليها القضاة لمدة مجموعها سنة باعتبار كل ثلاث سنوات بمرتب كامل وإذا لم يستطع القاضي العودة إلى عمله بعد انقضاء السنة جاز لمجلس القضاء الأعلى أن يرخص له في امتداد الأجازة لمدة سنة أخرى بثلاثة أرباع المرتب.
وللقاضي في حالة المرض أن يستنفد متجمد أجازاته العادية بجانب ما يستحقه من أجازاته المرضية.
وذلك كله مع عدم الإخلال بأحكام أي قانون أصلح.
وتنص المادة 91 من ذات القانون على أنه إذا لم يستطع القاضي بسبب مرضه مباشرة عمله بعد انقضاء الأجازات المقررة في المادة السابقة أو ظهر في أي وقت أنه لا يستطيع لأسباب صحية القيام بوظيفته على الوجه اللائق فإنه يحال إلى المعاش بقرار جمهوري يصدر بناء على طلب وزير العدل وبعد موافقة مجلس القضاء الأعلى.
ويجوز للمجلس المذكور في هذه الحالة أن يزيد على خدمة القاضي المحسوبة في المعاش أو المكافأة مدة إضافية بصفة استثنائية على ألا تجاوز هذه المدة الإضافية مدة الخدمة ولا المدة الباقية لبلوغ السن المقرر للإحالة للمعاش بمقتضى هذا القانون.
كما لا يجوز أن تزيد تلك المدة على ثماني سنوات ولا أن يكون من شأنها أن تعطيه حقاً في المعاش يزيد على أربعة أخماس مرتبه.
ومع ذلك لا يجوز أن يقل المعاش عن أربعة أخماس آخر مرتب كان يتقاضاه إذا كانت...... إلخ.
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن المشرع في القانون رقم 46 لسنة 1972 المشار إليه قد أورد تنظيماً عاماً شاملاً متكاملاً للأجازات المرضية التي يحصل عليها القاضي وعضو النيابة العامة وبالتالي عضو النيابة الإدارية وفقاً للإحالة التي سبق إيرادها كما أوضح الإجراءات التي تتخذ إذا ما انقضت الأجازات المرضية المقررة ولم يستطع القاضي بسبب مرضه مباشرة عمله أو ظهر في أي وقت أنه لا يستطيع لأسباب صحية القيام بأعباء وظيفته على الوجه اللائق والتي تتمثل في إحالته إلى المعاش بقرار من رئيس الجمهورية بناء على طلب وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى مع جواز أن تضم إلى مدة خدمته المحسوبة في المعاش مدد خدمة إضافية على التفصيل السابق إيراده كما أنه لا يجوز أن يقل ما يتقاضاه من المعاش عن أربعة أخماس آخر مرتب كان يتقاضاه إذا كانت مدة الخدمة المحسوبة في المعاش لا تقل عن عشرين سنة.
ولا يجوز في هذا المجال اللجوء إلى أحكام القانون 47 لسنة 1978 باعتباره تضمن الأحكام العامة التي تنظم شئون التوظف ذلك أن أحكام القانون المذكور وطبقاً لنص المادة (1) منه لا تسري على العاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين أو قرارات خاصة فيما تضمنته هذه القوانين والقرارات.
ومن حيث إنه متى ثبت ما تقدم من أن المشرع في القانون رقم 46 لسنة 1972 في شأن السلطة القضائية قد نظم الأجازات المرضية بطريقة شاملة والإجراءات التي يجوز اتخاذها وهو قانون خاص فإنه لا يجوز في هذه الحالة الرجوع إلى القانون العام وهو ما يجرى عليه قضاء هذه المحكمة فالواضح من هذا النص أنه يمنع صراحة سريان أحكام هذا القانون على العاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين وقرارات خاصة فيما تنص عليه هذه القوانين أو تلك القرارات وإذ كانت المادة 91 من قانون السلطة القضائية ترتب على عدم استطاعة القاضي بسبب مرضه مباشرة عمله بعد انقضاء الأجازات المقررة في المادة (90) أو ظهر في أي وقت أنه لا يستطيع بسبب حالته الصحية القيام بأعباء وظيفته على الوجه اللائق إحالته إلى المعاش بقرار رئيس الجمهورية بناء على طلب وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى وعبارة المرض أو الأسباب الصحية في المادة المذكورة وردت من العموم والشمول بحيث تسري على كافة الأمراض عادية كانت أم مزمنة متى بلغت حد عدم القدرة على مباشرة العمل على الوجه اللائق، ومتى كان ذلك وكان الثابت أن تقرير اللجنة الطبية العامة بالهيئة العامة للتأمين الصحي قد انتهت إلى أن الطاعن مصاب باضطراب عقلي نفسي كما قررت فيما يتعلق بنسبة العجز أنه عجز كامل مرضي مستديم ومن ثم فإنه لا يستطيع أداء عمله على الوجه أو بالصورة اللائقة وبالتالي فإن إحالته إلى المعاش بقرار من رئيس الجمهورية بناء على موافقة المجلس الأعلى لأعضاء النيابة الإدارية وعرض وزير العدل مع إضافة مدة خدمة إضافية مقدارها سنتان وخمسة وعشرون يوماً إلى مدة خدمته يكون قد صادف أحكام القانون.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يكون القرار الصادر بإنهاء خدمة الطالب مطابقاً وما قضت به المادة 91 من قانون السلطة القضائية ويكون الطعن عليه والحال كذلك غير قائم على أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.