أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثالث - السنة 40 - صـ 142

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين، ريمون فهيم نائبي رئيس المحكمة، عزت عمران وعزت البنداري.

(341)
الطعن رقم 1165 لسنة 53 القضائية

(1) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الأدلة".
بحث الدلائل والمستندات وتقدير أقوال الشهود. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغاً وإلا تخرج بأقوال الشهود عما يؤدي إليه مدلولها. عدم التزامها بالرد استقلالاً على حجج الخصوم.
(2، 3) إثبات "الإدعاء بالتزوير". تزوير. حكم.
(2) عدم جواز الحكم بصحة الورقة أو بتزويرها وفي موضوع الدعوى معاً. م 44 إثبات. قاعدة واجبة التطبيق في حالة الدفع بالإنكار أو الدفع بالجهالة.
(3) الحكم بصحة الورقة أو بتزويرها. وجوب أن يكون ذلك سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى ولو لم يكن الخصم قد ادعى بالتزوير بالإجراءات التي نص عليها قانون الإثبات.
1 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة في الدعوى دون رقابه عليها في ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغاً مستمداً من الأوراق وهي لا تلزم من بعد بأن تورد كل الحجج التي يدلي بها الخصوم وترد عليها استقلالاً، لأن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها التعليل الضمني المسقط لكل حجة تخالفها وأن تقدير أقوال الشهود مرهوناً بما يطمئن إليه وجدان قاضي الموضوع، ولا سلطان عليه في ذلك إلا أن يخرج بها عما يؤدى إليه مدلولها.
2 - نص المادة 44 من قانون الإثبات يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه لا يجوز الحكم بصحة الورقة أو بتزويرها، وفي الموضوع معاً، بل يجب أن يكون القضاء بذلك سابقاً على الحكم في الموضوع، حتى لا يحرم الخصم من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة أخرى تؤيد دفاعه في موضوع الدعوى لا فرق في ذلك بين حالة الدفع بالإنكار أو الدفع بالجهالة، أو الإدعاء بتزوير المحرر، أن يكون ذلك حاصلاً أمام محكمة أول درجة، أو محكمة ثاني درجة، ولا أن يكون القضاء بصحته أو برد، وبطلانه، وسواء أكان الحكم من محكمة ثاني درجة بالتأييد أو الإلغاء لإتحاد المحكمة التشريعية في جميع الأحوال السابقة وهي عدم حرمان الخصم بتقديم ما قد يكون لديه من أدلة قانونية أخرى لإثبات ما أراد إثباته بالمحرر الذي ثبت تزويره، أو التخلص من الالتزام الذي يثبته وفشل في الطعن عليه ذلك أن المحرر المحكوم بصحته أو بطلانه لا يعدو أن يكون دليلاً في الدعوى، وقد تتعد الأدلة على إثبات الالتزام أو نفيه.
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بصحة توقيع مورثة الطاعنة على عقد الإيجار المؤرخ 1/ 6/ 1970 وإيصال سداد الأجرة المؤرخين 31/ 12/ 1974، 1/ 2/ 1976 ورفض ما ادعته الطاعنة من أن التوقيع ببصمة خاتم المورثة على هذه الأوراق قد تم بطريق اختلاس خاتمها، وفي موضوع الدعوى معاًَ بمقولة أن إدعاء الطاعنة ليس إدعاء بالتزوير لعد التقرير به في قلم كتاب المحكمة، وفي حين أنه وقد تشككت المحكمة في صحة الأوراق المتمسك بها، وأحالت الدعوى إلى التحقيق كي يتسنى لها الحكم على بينة، وحسمت الأمر بقضائها بصحة تلك الأوراق، فإنها تلتزم بإتباع ما تقضي به المادة 44 المشار إليها أنفاً ولو لم يدع أمامها بالتزوير بالإجراءات التي نص عليها قانون الإثبات لورود النص عاماً دون تخصيص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضده الدعوى رقم 160 سنة 1976 أمام محكمة بور سعيد الابتدائية طالبة الحكم بطرده من الشقة محل النزاع، وتسليمها إليها وقالت بياناً لدعواها أنها تمتلك حصة شائعة في العقار المبين بالصحيفة ثم أشترت حصة أخرى من والدتها المرحومة....... التي كانت تقيم بمفرها بشقة النزاع وبعد وفاتها فوجئت بغصب المطعون ضده - وهو ابن شقيقتها - للشقة المذكورة دون سند، ومن ثم فقد أقامت الدعوى، وإذ قدم المطعون ضده عقد إيجار مؤرخ 1/ 6/ 1970 وإيصالين بسداد أجرة الشقة محل النزاع منسوبين لوالدة الطاعنة فقد دفعت بالجهالة على توقيع مورثتها عليها، وحلفت يمين عدم العلم وبتاريخ 18/ 12/ 1977 ندبت المحكمة خبيراً لتحقيق مدى صحة الختم الموقع به على تلك الأوراق، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 22/ 2/ 1981 بصحة الأوراق المشار إليها ثم قضت في 26/ 4/ 1981 برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 186 سنة 22 ق الإسماعيلية "مأمورية بور سعيد" وبتاريخ 21/ 3/ 1982 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الطاعنة أن التوقيع ببصمة خاتم مورثتها على الأوراق قد تم بطريق اختلاس خاتمها ولم يتم بذات يدها وبعد أن استمعت المحكمة إلى شهود الطرفين، حكمت بتاريخ 10/ 3/ 1983 - بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظرة، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعي الطاعنة بالسببين الأولين على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بعدة قرائن تؤيد دفاعها بتزوير المطعون ضده لعقد الإيجار، وإيصالي سداد الأجرة، وهي الأوراق المنسوب صدورها إلى مورثتها، إذ كان يعلم ببيعها لحصتها في العقار إلى الطاعنة ويقيم مع أسرته في مدينة المنزلة، كما قدمت صورة رسمية من محضر الشكوى رقم 560 لسنة 1976، إداري المناخ يفيد أن مورثتها كانت في حالة غيبوبة تامة لمدة يومين قبل وفاتها في 24/ 2/ 1976، ويقيم معها المطعون ضده بمفرده، وأن شقيقتي الطاعنة كانتا على خلاف معها عندما وقعتا على عقد الإيجار كشاهدتين، وإذ أغفل الحكم مناقشة مضمون هذا المحضر وما استمدت إليه قرائن، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة في الدعوى دون رقابه عليها في ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغاً مستمداً من الأوراق وهي لا تلتزم من بعد بأن تورد كل الحجج التي يدلي بها الخصوم وترد عليها استقلالاً، لأن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها التعليل الضمني المسقط لكل حجة تخالفها وأن تقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدان قاضي الموضوع، ولا سلطان عليه في ذلك إلا أن يخرج بها عما يؤدي إليه مدلولها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بصحة عقد الإيجار وإيصالي سداد الأجرة المقدمين من المطعون ضده استناداً إلى ما شهد به شاهد المطعون ضده بجلسة التحقيق من أن المورثة هي التي وقعت على عقد الإيجار في حضوره، وما شهد به شاهد الطاعنة من أنه علم بأن المطعون ضده قد أستأجر شقة النزاع من المورثة المذكورة - وإلي أن أحداً من شاهديها لم يشهد بأن التوقيع على الأوراق قد تم بطريق اختلاس خاتم المورثة، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً له أصل ثابت بالأوراق، ولا مخالفة فيه لمدلول ما شهد به شهود الدعوى، وكافياً لحمل قضائه على هذا الخصوص، فأن النعي باطراح الحكم لدفاع الطاعنة بصدد نفي دلالة أقوال هؤلاء الشهود، لا يعدو أن يكون موضوعاً في شأن تقدير الأدلة مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم إذ قضى بصحة عقد الإيجار، وإيصالي الأجرة المقدمة من المطعون ضده، وفي موضوع الدعوى معاً بحكم واحد، على خلاف ما تقضي به المادة 44 من قانون الإثبات مستنداً في ذلك إلى عدم التزام المحكمة بالقاعدة الواردة بالنص المذكور فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في المادة 44 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أنه "إذا قضت المحكمة بصحة المحرر أو برده أو قضت بسقوط الحق في إثبات صحته أخذت في نظر موضوع الدعوى في الحال أو حددت لنظره أقرب جلسة يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه لا يجوز الحكم بصحة الورقة أو بتزويرها، وفي موضوع الدعوى معاً، بل يجب أن يكون القضاء بذلك سابقاً على الحكم في الموضوع، حتى لا يحرم الخصم من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة أخرى تؤيد دفاعه في موضوع الدعوى لا فرق في ذلك بين حالة الدفع بالإنكار أو الدفع بالجهالة، أو الإدعاء بتزوير المحرر، أو يكون ذلك حاصلاً أمام محكمة أول درجة، أو محكمة ثاني درجة، ولا أن يكون القضاء بصحته أو برده وبطلانه، وسواء أكان الحكم من محكمة ثاني درجة بالتأييد أو الإلغاء لإتحاد المحكمة التشريعية في جميع الأحوال السابقة وهي عدم حرمان الخصم من تقديم ما قد يكون لديه من أدلة قانونية أخرى لإثبات ما أراد إثباته بالمحرر الذي ثبت تزويره، أو التخلص من الالتزام الذي يثبته وفشل في الطعن عليه ذلك أن المحرر المحكوم بصحته أو بطلانه لا يعدو أن يكون دليلاً في الدعوى، وقد تتعدد الأدلة على إثبات الالتزام أو نفيه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بصحة توقيع مورثة الطاعنة على عقد الإيجار المؤرخ 1/ 6/ 1970 وإيصال سداد الأجرة المؤرخين 31/ 12/ 1974، 1/ 2/ 1976 ورفض ما ادعته الطاعنة من أن التوقيع ببصمة خاتم المورثة على هذه الأوراق قد تم بطريق اختلاس خاتمها، وفي موضوع الدعوى معاًَ بمقولة أن إدعاء الطاعنة ليس إدعاء بالتزوير لعد التقرير به في قلم كتاب المحكمة، وفي حين أنه وقد تشككت المحكمة في صحة الأوراق المتمسك بها، وأحالت الدعوى إلى التحقيق كي يتسنى لها الحكم على بينة، وحسمت الأمر بقضائها بصحة تلك الأوراق، فإنها تلتزم بإتباع ما تقضي به المادة 44 المشار إليها أنفاً، ولو لم يدع أمامها بالتزوير بالإجراءات التي نص عليها قانون الإثبات لورود النص عاماً دون تخصيص، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب.