مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) - صـ 426

(40)
جلسة 15 من ديسمبر لسنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل محمد زكي فرغلي وأحمد إبراهيم عبد العزيز وفريد نزيه تناغو - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2242/ 3452 لسنة 29/ 31 القضائية

آثار - حمايتها - إزالة التعدي عليها بالطريق الإداري.
القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار - المنطقة الأثرية ليست محلاً للملكية الخاصة وإنما هي من الأملاك العامة للدولة والمخصصة للنفع العام سواء بطبيعتها باعتبارها تضم العديد من العمائر الأثرية الهامة التي أنتجتها الحضارة العربية العريقة أو بالقرار الصادر من السلطة المختصة عملاً بالقانون 315 لسنة 1951 أو 117 لسنة 1983- مقتضى ذلك: هيئة الآثار المصرية هي المختصة وحدها بالموافقة على أي ترخيص لإقامة منشآت أو شغل أي مكان في الموقع الأثري - نتيجة لذلك: لا يجدى الترخيص الصادر من منطقة الإسكان بالمحافظة دون موافقة من هيئة الآثار المصرية - مشروعية قرار رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية بناء على التفويض الصادر له من وزير الثقافة في مباشرة الاختصاصات المخولة للوزير بإزالة إشغال المناطق الأثرية بإقامة كشك فيها - أساس ذلك: القانون رقم 55 لسنة 1970 الذي يخول الجهة الإدارية إزالة التعديات على الأموال العامة بالطريق الإداري - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 30/ 5/ 1983 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن السادة/ وزير الثقافة ورئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية ومحافظ القاهرة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2242 لسنة 29 قضائية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 31/ 3/ 1983 في الدعوى رقم 6040 لسنة 36 قضائية والقاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات، وطلب الطاعنون في ختام تقرير الطعن للأسباب الواردة فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدها المصروفات.
وفي يوم الأربعاء الموافق 7/ 8/ 1985 أودع الأستاذ/ سعد عبد الواحد حماد المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد برقم 3452 لسنة 31 قضائية، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى سالفة الإشارة بجلسة 13/ 6/ 1985 والقاضي بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب المحامي في ختام تقرير الطعن للأسباب الواردة فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه واستمرار سريان قرار رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار بإزالة جميع الأكشاك المقامة على قلعة الجبل.
وأودع السيد الأستاذ المستشار/ يحيى نجم مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة مسبباً بالرأي القانوني في الطعن رقم 3452 لسنة 36 قضائية الذي انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعنين بجلسة 3/ 10/ 1988 والجلسات التالية لها طبقاً لما هو مبين بمحاضر جلساتها وقررت الدائرة ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد وحضر أمامها محامو الخصوم وقدم محامي هيئة الآثار المصرية ثلاث حوافظ للمستندات ومذكرة بدفاعه، وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة التي نظرت الطعنين بجلسة 1/ 10/ 1991 حيث حضر أمامها محامو الخصوم وقررت إصدار الحكم بجلسة 1/ 12/ 1991 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 15/ 12/ 1991 وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إنه عن الطعن الأول رقم 2242 لسنة 29 قضائية المقام من الجهات الإدارية المشار إليها سالفاً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 31/ 3/ 1983 في الشق المستعجل من الدعوى والقاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فإن الثابت أنه عقب صدور هذا الحكم أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في موضوع الدعوى ذاتها بجلسة 13/ 6/ 1985.
وقضت بإلغاء القرار المطعون فيه، فطعنت هيئة الآثار المصرية في الحكم الأخير بالطعن الثاني رقم 3452 لسنة 31 قضائية المنظور.
ومن حيث إن الحكم في الشق المستعجل قد قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأنه ولئن كان لهذا الحكم مقومات الأحكام وخصائصها بالنسبة لوجوب تنفيذه وجواز الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا إلا أنه مع ذلك حكم وقتي بطبيعته وينقضي أثره من تاريخ صدور الحكم في موضوع الدعوى، إذ من هذا التاريخ تترتب آثار الحكم الأخير باعتباره حكماً فاصلاً في موضوع المنازعة واجب النفاذ من تاريخ صدوره حتى مع الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذه، طبقاً للمادة 50 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47/ 1972 والتي تنص على أن "لا يترتب على الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بغير ذلك" ومن ثم فإن الحكم في الشق المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه يسقط بصدور الحكم في موضوع الدعوى وقد صدر الحكم في موضوعها كما أن الاستمرار في نظر الطعن في الحكم الوقتي الصادر في الشق المستعجل يعد غير ذي موضوع الأمر الذي يتعين معه القضاء بانتهاء الخصومة في شأنه، خاصة وأن ما قضى به هذا الحكم بالنسبة لشكل الدعوى بقبولها شكلاً - وهو قضاء نهائي قطعي - ليس محل طعن من الجهات الإداري في طعنها الذي أقامته في الحكم الصادر في الشق المستعجل والرقيم (2242) لسنة 29 قضائية المشار إليه، الأمر الذي يكون معه نظر هذا الطعن برمته غير ذي موضوع.
ومن حيث إن الطعن الثاني رقم (3452) لسنة 31 قضائية قد استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتلخص في أن المدعية قد أقامت هذه الدعوى بالصحيفة المودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 25/ 9/ 1982 والتي طلبت في ختامها الحكم:
- أولاً - بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مؤقتاً لحين الفصل في الموضوع.
ثانياً - بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء القرار الصادر من وزير الثقافة ورئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية بإزالة الكشك المملوك لها الكائن بالحديقة المجاورة لمسجد محمد علي بالقلعة بالقاهرة مع إلزامهما المصروفات. وقالت المدعية شرحاً لدعواها أنها حصلت منذ مدة طويلة على ترخيص من منطقة الإسكان والمرافق لحي جنوب القاهرة بمحافظة القاهرة لإقامة كشك لبيع السلع السياحية والكتب الدينية، ورتبت حياتها من عام (1970) على ما يدره الكشك من مورد رزق، ثم حدث خلاف بين محافظة القاهرة ووزارة الأوقاف بشأن ملكية الأرض المقام عليها الكشك فقامت المحافظة بإخطار أوقاف القاهرة بأن الأرض هي أرض للمنفعة العامة ضمن إدارة الحدائق والتشجير بمحافظة القاهرة إلا أن المدعية فوجئت باستدعائها عن طريق مدير عام شرطة السياحة والآثار وإخطارها بأنه بناء على توجيهات وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية تقرر إزالة الكشك المشار إليه مع الأكشاك الأخرى الكائنة بجوار مسجد محمد علي بالقلعة.، وأضافت المدعية أنها تطعن في هذا القرار لأنه لم يصدر في الشكل القانوني المعمول به بل صدر في شكل توجيهات وغير مسببة مما يعد معيباً بعيب الشكل الذي يبطله، كما أن الأرض المقام عليها الكشك تقع ضمن أملاك محافظة القاهرة فلا يختص وزير الثقافة أو رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار بإصدار قرارات بشأنها. ومن ثم انتهت المدعية إلى طلب الحكم بطلباتها السالفة، وقدمت حافظتي مستندات.
وقدمت هيئة الآثار المصرية مذكرة بدفاعها أشارت فيها إلى أنه طبقاً لقانون حماية الآثار فإنه تعتبر أرضاً أثرية الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات صادرة بذلك قبل العمل بالقانون رقم 117/ 83 أو بمقتضى قرار رئيس مجلس الوزراء بعد العمل بهذا القانون، وتخضع هذه الأراضي لإشراف هيئة الآثار المصرية، ولما كانت أرض منطقة القلعة مسجلة كأثر بالقرار رقم 10357 الصادر من وزير المعارف العمومية بتاريخ 21/ 10/ 1951 فإنهاء تخضع لهيئة الآثار المصرية ولا يجوز لمحافظة القاهرة منح أي ترخيص بإقامة منشآت عليها، ويكون القرار الصادر من رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية بإزالة التعدي الواقع من المدعية عليها وهو مفوض في إزالة التعديات من وزير الثقافة بالقرار رقم 349 لسنة 1972، قراراً مشروعاً مما يتعين معه رفض الدعوى وإلزام المدعية بالمصروفات، كما قدمت هيئة الآثار حافظة بمستنداتها.
وبجلسة 13/ 6/ 1985 قضت محكمة القضاء الإداري بإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات وأسست حكمها على أن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر استناداً إلى أن الأرض المقام عليها الكشك محل النزاع أرض أثرية مملوكة لهيئة الآثار المصرية وأن المدعية أقامت الكشك المذكور دون ترخيص من الهيئة ومن ثم تكون معتدية على أرض الآثار ويكون للهيئة طبقاً لقانون حماية الآثار إزالة هذا التعدي بالطريق الإداري إلا أن الثابت أن المدعية تحوز هذه الأرض المقام عليها الكشك بترخيص من حي جنوب القاهرة بإقامة كشك لبيع السلع السياحية والكتب الدينية عام 1970 وظل الترخيص يتجدد بعد ذلك وقدمت سنداً لذلك صورة القرار الصادر بالترخيص عام 1982 وعلى ذلك فإنها تشغل عين النزاع بسند قانوني فتنحسر عن الهيئة سلطتها الاستثنائية في إزالة التعدي بالتنفيذ المباشر ويكون عليها الالتجاء إلى القضاء لحسم النزاع القانوني بينها وبين المدعية، وفضلاً عن ذلك فإن الثابت من الاطلاع على صورة الحكم الصادر من محكمة جنح الخليفة في القضية رقم 3463 لسنة 1972 بجلسة 25/ 2/ 1973 أن النيابة العامة اتهمت المدعية بالاعتداء على أرض أثرية بأن أقامت فوقها كشكاً إلا أن المحكمة قضت ببراءتها، وأضافت محكمة القضاء الإداري أنه يبين من ذلك أن المدعية تحوز أرض النزاع بسند قانوني ولا تعتبر حيازتها لقطعة الأرض المقام عليها الكشك من قبيل التعدي الذي يجيز لهيئة الآثار إزالته بالطريق الإداري مما يكون معه القرار المطعون فيه مخالفاً للقانون متعين الإلغاء ومن ثم انتهت المحكمة إلى إصدار حكمها بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل المقام من هيئة الآثار المصرية أن الحكم المطعون فيه مخالف للقانون ذلك أن القانون رقم 117/ 1983 بشأن حماية الآثار يقضي بأن تعتبر أرضاً أثرية الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات وأوامر سابقة على العمل بهذا القانون أو التي يصدر باعتبارها كذلك قرار رئيس مجلس الوزراء، ولا يجوز الاعتداء عليها بأية صورة وقد صدر قرار وزير المعارف العمومية رقم 10357 بتاريخ 21/ 11/ 1956 ببيان الآثار المسجلة وضمنها في البند (556) القلعة (قلعة الجبل) بما تضمه من آثار وعلى ذلك لا يجوز إقامة أية منشآت عليها إلا بترخيص من هيئة الآثار، ويكون للهيئة في حالة التعدي على الأرض الأثرية إزالة هذا التعدي بالطريق الإداري، ومن ثم انتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وباستمرار سريان قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة بإزالة جميع الأكشاك من على القلعة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق وبلا منازعة من طرفي الخصومة أن السيد رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية أصدر القرار المطعون فيه بإزالة التعدي الواقع من المدعية على الأرض محل النزاع في تاريخ سابق على إقامة المدعية دعواها أمام محكمة القضاء الإداري المقامة في 25/ 9/ 1982، فإن هذا القرار يكون قد صدر في ظل العمل بالقانون رقم 215 لسنة 1951 بشأن حماية الآثار، وقبل العمل بالقانون الجديد لحماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 والذي يعمل به في اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية طبقاً للمادة الخامسة من مواد إصداره، وقد نشر بالجريدة الرسمية في 11/ 8/ 1983.
ومن حيث إن القانون رقم 215 لسنة 1951 المشار إليه ينص في المادة الثانية منه على أن "يعتبر في حكم الآثار الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى أوامر أو قرارات أو بمقتضى قرار يصدره وزير المعارف العمومية بعد الاتفاق مع وزير الاقتصاد الوطني...".
وتنص المادة 4 من هذا القانون على أن "تعتبر من أملاك الدولة العامة جميع الآثار العقارية والمنقولة والأراضي الأثرية عدا ما كان وقفاً أو ملكاً خاصاً طبقاً لأحكام القانون." وتنص المادة 13 من هذا القانون على أن تعتبر مسجلة الآثار المعتمدة الآن بالسجلات المعدة لهذا الغرض بإدارة حفظ الآثار العربية والمبينة في الجدول الذي يصدر به قرار من وزير المعارف العمومية.
وقد جاء القانون الجديد بشأن حماية الآثار رقم 117/ 1983 بأحكام مماثلة لذلك فنص في المادة الثالثة منه على أن تعتبر أرضاً أثرية الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات وأوامر سابقة على العمل بهذا القانون أو التي يصدر باعتبارها كذلك قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص بشئون الثقافة... كما نص في المادة السادسة منه على أن تعتبر جميع الآثار من الأموال العامة عدا ما كان وقفاً ولا يجوز تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها إلا في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها في هذا القانون والقرارات المنفذة له.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق والمستندات أنه بتاريخ 17 من نوفمبر 1951 أصدر السيد وزير المعارف العمومية القرار رقم 10357 ونشر بالوقائع المصرية في العدد 115 في 17 من ديسمبر سنة 1951 ونص هذا القرار على أن تعتبر مسجلة الآثار المقيدة الآن بالسجلات المعدة لهذا الغرض بإدارة حفظ الآثار العربية والمبينة في الجدول المرافق، وقد ورد في هذا الجدول تحت البند 503 مسجد محمد علي وتحت البند 556 القلعة (قلعة الجبل)، والثابت من الأوراق بلا منازعة بين الخصوم أن الموقع محل النزاع يقع داخل القلعة في مواجهة مسجد محمد علي.
ومن حيث إن هذه المنطقة الأثرية ليست محلاً للملكية الخاصة إنما هي من الأملاك العامة للدولة والمخصصة للنفع العام سواء بطبيعتها باعتبارها تضم العديد من العمائر الأثرية الهامة التي أنتجتها الحضارة العربية العريقة بأرض مصر كمسجد محمد علي وقصر الجوهرة وسرايا العدل ومسجد الناصر محمد والقلعة أو سواء بالقرار الصادر من وزير المعارف العمومية إعمالاً للمادة 13 من القانون رقم 315 لسنة 1951 والتي تقضي بأن تعتبر مسجلة الآثار المقيدة الآن بالسجلات المعدة لهذا الغرض بإدارة حفظ الآثار العربية والمبينة في الجدول الذي يصدر به قرار من وزير المعارف العمومية، وقد اشتمل القرار المشار إليه على الآثار السالفة جميعها، وبهذه المثابة فإن هيئة الآثار المصرية وحدها تعد هي المختصة بالموافقة على أي ترخيص لإقامة منشآت أو شغل أي مكان في هذا الموقع الأثري، فلا يجدي المدعية التمسك بصدور ترخيص لها بالكشك المشار إليه من منطقة الإسكان بحي جنوب القاهرة بمحافظة القاهرة، إذ لا يعتد بصدور هذا الترخيص بدون موافقة هيئة الآثار المصرية.
ومن حيث إن شغل المدعية لهذا المكان بالكشك المشار إليه جاء بغير ترخيص من السلطة المختصة وهي هيئة الآثار المصرية، فإن لهذه الهيئة باعتبارها الجهة الإدارية المختصة المنوط بها حماية الآثار وفقاً للقانون أن تستصدر القرار اللازم لإزالة التعدي الواقع على هذا الموقع الأثري، ولما كان القرار المطعون فيه بإزالة أشغال المدعية لهذا المكان قد صدر بقرار من رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية بناء على التفويض الصادر له من وزير الثقافة في مباشرة الاختصاصات المخولة للوزير بموجب القانون رقم 55/ 1970 في إزالة التعديات على الأموال العامة بالطريق الإداري فإنه يكون مشروعاً وتوافرت له الأسباب المبررة له قانوناً، فلا يجدي المدعية التمسك بأن هذا القرار صدر في صورة توجيهات عامة من رئيس الهيئة أو كونه صدر دون أن ترفق به أسبابه في وثيقة إصداره.
ذلك أنه كما استقر عليه قضاء هذه المحكمة فإن القرار الإداري ليست له صيغة معينة لابد من انصبابه فيها وإنما يكون بكل ما يحمل معنى اتجاه إرادة جهة الإدارة في نطاق سلطتها الملزمة إلى إحداث أثر قانوني متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً، وطالما كان المشرع لم يحدد شكلاً معيناً يتحتم أن ينصب فيه القرار محل النزاع كما لم يشترط أن يكون مسبباً فإن نعي المدعية عليه في هذا الخصوص للتوصل إلى بطلانه من الناحية الشكلية يعد غير مستند لأساس صحيح قانوناً في هذا الشأن وقد ثبت أن القرار المطعون فيه قائم على أسبابه المبررة له قانوناً حماية للموقع الأثري سالف الذكر.
ومن حيث إنه لا يجدي المدعية أيضاً التمسك بالحكم الصادر من محكمة جنح الخليفة عام 1972 ببراءتها من تهمة التعدي على الأرض الأثرية، ذلك أن هذا الحكم قد قام أساساً على أن المدعية حصلت على ترخيص بإقامة الكشك المشار إليه من منطقة الإسكان بمحافظة القاهرة وهي جهة مختصة، ولو كنت المدعية تعلم أن هذا المكان من أرض الآثار لتقدمت إلى تفتيش الآثار لاستصدار الترخيص بدلاً من تقدمها لمحافظة القاهرة. ومن ثم فإن هذا الحكم قد أنبنى أساساً على نفي القصد الجنائي لدى المدعية وهو ما يؤدي إلى براءتها من الجريمة المنسوبة إليها، إلا أن ذلك لا ينال من شرعية القرار المطعون فيه الذي أنبنى على شغل المدعية لهذا المكان وإقامة منشآت فيه وهو من الأماكن الأثرية التي لا يجوز شغلها إلا بتصريح من هيئة الآثار الجهة الإدارية المختصة في هذا الشأن فلا يغير من مشروعيته مدى علم المدعية أو جهلها بذلك إذ العبرة هي بحقيقة كون هذا الموقع موقعاً أثرياً حائز لهذا الوصف قانوناً لكي ما تسبغ عليه الحماية التي قررها المشرع لهذا النوع من الأملاك العامة المخصصة للمنفعة العامة والتي تخول للجهة الإدارية المختصة إزالة التعديات الواقعة عليه بالطريق الإداري.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه خالف هذا الوجه من النظر فيكون قد جانب الصواب مما يتعين معه الحكم بإلغائه ورفض الدعوى موضوعاً مع إلزام المدعية المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة أولاً: بانتهاء الخصومة في الطعن رقم 2242 لسنة 29 قضائية.
ثانياً: بقبول الطعن رقم 3452 لسنة 31 قضائية شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى مع إلزام المدعية المصروفات.