مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) - صـ 448

(42)
جلسة 15 من ديسمبر سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل محمود زكي فرغلي وأحمد إبراهيم عبد العزيز وفريد نزيه تناغو - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 628 لسنة 35 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة - مساكن حكومية (ترخيص) (إدارة محلية)
قرارات محافظ البحر الأحمر الرقيمة 63 لسنة 1984 و57 لسنة 1987 و119 لسنة 1981 بشأن قواعد توزيع الوحدات السكنية الإدارية - القواعد التنظيمية العامة التي تحكم توزيع وإشغال الوحدات السكنية المملوكة لمحافظة البحر الأحمر - ينعقد الاختصاص بتوزيع الوحدات السكنية المملوكة للمحافظة للوحدات المحلية كل في دائرة اختصاصها – نصوص القرارين رقمي 57 لسنة 1987 و63 لسنة 1984 لا تنقل الاختصاص في توزيع الوحدات السكنية إلى المصالح الإدارية المختلفة في المحافظة وإنما تجعل لها دور تمهيدياً ومساعداً للوحدة المحلية في ترتيب أولويات الحصول على هذه المساكن - نتيجة ذلك: الوحدة المحلية هي صاحبة الاختصاص الأصيل في توزيع هذه المساكن وهي التي تصدر قراراً تنفيذياً بموافقتها على هذا التوزيع - تطبيق
(ب) ترخيص - الترخيص بإشغال المساكن الحكومية - (إدارة محلية) (مساكن حكومية) الترخيص بشغل الوحدات السكنية بمحافظة البحر الأحمر هو ترخيص شخصي للعامل المخصصة له الوحدة لشغلها بشخصه وعائلته - ولا يجوز التنازل عن هذه المساكن بعد توزيعها للغير أو تأجيرها من الباطن - مخالفة هذا الحظر - يحق للوحدة المحلية إخلاء المسكن إدارياً - يجوز لمحافظة البحر الأحمر وفقاً للقواعد المنظمة لهذه التراخيص في حالة مخالفتها رفع دعوى قضائية بإخلائها أو إزالة التعدي بالطريق الإداري - مشروعية قرار الجهة الإدارية بإخلاء المسكن إدارياً في حالة مخالفة الترخيص - تطبيق


إجراءات الطعن

في يوم الخميس 2/ 2/ 1989 أودع الأستاذ/ محمد علي أبو دوح المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/....... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 628 لسنة 35 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 8/ 12/ 1988 في الدعوى رقم 5800 لسنة 41 قضائية المقامة من الطاعن ضد محافظ البحر الأحمر ورئيس مجلس مدينة سفاجة. والقاضي برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المدعي المصروفات. وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقد أودع السيد الأستاذ المستشار/ عادل الشربيني تقرير هيئة مفوضي الدولة بالرأي القانوني مسبباً في الطعن والذي انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه مع إلزام الطاعن المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعن بجلسة 22/ 9/ 1990 والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر جلساتها وقررت إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 27/ 7/ 1991 و26/ 10/ 1991 واستمعت إلى مرافعة الطرفين وقدم محامي الطاعن حافظتي مستندات ومذكرة بدفاعه وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 15/ 12/ 1991 وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن المدعي أقام هذه الدعوى بالصحيفة المودعة قلم كتاب محكمة القضاء بتاريخ 16/ 8/ 1987 والمقيدة برقم 5800 لسنة 41 والتي طلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه رقم 5 لسنة 1987 الصادر في 1/ 7/ 1987 من مجلس مدينة سفاجا بطرده من الوحدة السكنية المخصصة للتسكين الإداري، وقال شرحاً لدعواه أن مجلس مدينة سفاجا يمتلك وحدات سكنية مخصصة للتسكين الإداري تقوم به المصالح الحكومية لموظفيها، وتقدم المدعي بطلب لشغل إحدى الوحدات السكنية المخصصة لمديرية التربية والتعليم باعتباره مدرساً بسفاجا إلا أن الحظ لم يحالفه وتم تخصيص إحدى هذه الوحدات وهي الشقة محل النزاع رقم 302 كيلو واحد سفاجا إلى زميله المدرس........ الذي تنازل له عنها وقام المدعي بإخطار جميع الجهات الإدارية بهذا التنازل في 1/ 4/ 1983 فوافق كل من رئيس القطاع التعليمي بسفاجا ومدير الإدارية التعليمية بسفاجا ورئيس لجنة توزيع الوحدات السكنية بسفاجا على هذا التنازل واستقر المدعي بمنقولاته في هذه الوحدة السكنية، وبمطالبة رئيس مجلس مدينة سفاجا بتحرير عقد إيجار رفض ذلك وأصدر القرار رقم 5 لسنة 1987 بطرده من الشقة، وأضاف المدعي أن هذا القرار مخالف للقانون باعتبار أن مديرية التربية والتعليم هي المختصة بتوزيع هذه المساكن طبقاً للقرار رقم 63 لسنة 1984كما أنه كان الأولى بالشقة في حالة خلوها طبقاً لترتيب المستحقين ومن ثم انتهى المدعي إلى طلب الحكم بطلباته السالفة وقدم المدعي ثلاث حوافظ بمستنداته.
وقدمت الجهة الإدارية مذكرة بدفاعها أشارت فيها إلى أن الوحدة المحلية لمدينة سفاجا هي المالكة لهذه الوحدات وهي المختصة بتوزيعها وخصصت الشقة رقم 302 للسيد/........ المدرس بمدرسة سفاجا الثانوية بناء على الأولويات المحددة بقرار المحافظ رقم 119/ 1980 بضوابط توزيع المساكن الإدارية وبتاريخ 4/ 5/ 1987 تقدم السيد/......... المدرس بسفاجا بشكوى أشار فيها إلى أن المدعي يقيم في هذه الشقة دون علم الوحدة المحلية وتم التحقيق في الشكوى وتبين صحتها وأخطر بإخلاء الشقة ثم صدر قرار الوحدة المحلية بعد موافقة المحافظ على إخلائه منها بالطريق الإداري، ومن ثم انتهت الجهة الإدارية إلى طلب رفض الدعوى وقدمت حافظة بمستنداتها.
وبجلسة 8/ 12/ 1988 قضت محكمة القضاء الإداري برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي بالمصروفات وأسست حكمها على أنه يتضح من وقائع المنازعة مما لا خلاف عليه بين الطرفين أن الوحدة السكنية المتنازع عليها من المساكن الإدارية الملحقة بمرفق عام ومن ثم فهي لا تخضع لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن طبقاً لحكم المادة الثانية منه والتي نصت على عدم سريان أحكام هذا القانون على المساكن الملحقة بالمرافق العامة والمنشآت وغيرها من المساكن التي تشغل بسبب العمل، ويتضح من الأوراق أن الوحدة المحلية لمدينة سفاجا قامت بتاريخ 1/ 4/ 1987 بتسليم الوحدة السكنية رقم 302 إلى مديرية التربية والتعليم بسفاجا باعتبارها تمثل حصة المصلحة أي مديرية التربية والتعليم بسفاجا ونص محضر التعليم على أن الهدف من منح الحصة هو إشغالها بالمستحقين من العاملين بالمصلحة وبتاريخ 5/ 4/ 1987 قرر مدير التربية والتعليم بسفاجا تسليم الوحدة السكنية إلى السيد/....... المدرس بمدرسة سفاجا الثانوية وتعهد المذكور بشغل هذه الوحدة بشخصه من تاريخ استلامها في 5/ 4/ 1987 وفي حالة مخالفته لذلك يحق للوحدة المحلية إخلاءه بالطريق الإداري إلا أنه قام بالتنازل عن الشقة إلى المدعي الذي شغلها فعلاً دون موافقة من الوحدة المحلية على هذا التنازل وهو ما يشكل مخالفة لقواعد وشروط الترخيص بشغل هذه المساكن.
وأضافت محكمة القضاء الإداري أن القرار المطعون فيه صدر بحسب الظاهر من الأوراق سليماً ومطابقاً للقرارات الصادرة بشأن ضوابط توزيع المساكن الإدارية المشار إليها بعد أن خالف المدعي الشروط المتطلبة قانوناً لشغل هذه المساكن، الأمر الذي يكون معه طلب وقف تنفيذ هذا القرار مفتقراً لركن الجدية، ومن ثم انتهت المحكمة إلى إصدار حكمها السالف.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك أن الاختصاص بتوزيع الوحدات السكنية الإدارية السالفة يرجع إلى الإدارة أو المصلحة التابع لها الموظف المستفيد دون اختصاص للوحدة المحلية لمدينة سفاجا في هذا الشأن ويؤكد ذلك قرار المحافظ رقم 63/ 1984 وقرار المحافظ رقم 57/ 1987 بشأن هذه الوحدات وقد تنازل السيد/....... عن الوحدة السكنية المشار إليها إلى الطاعن ووافقت الإدارة التعليمية بسفاجا على هذا التنازل كما وافق عليه رئيس مجلس المدينة ورئيس لجنة التوزيع ورئيس المجلس الشعبي المحلي، وقامت الوحدة المحلية بإخطار إدارة الكهرباء بسفاجا لتوصيل التيار الكهربائي له بالمسكن المذكور، وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ وخالف الثابت بالأوراق مما يتعين معه القضاء بإلغائه ومن ثم انتهى الطاعن إلى طلب الحكم بطلباته السالفة.
ومن حيث إن البادي من ظاهر الأوراق والمستندات وبالقدر اللازم للفصل في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وهو الشق العاجل من المنازعة، أن القواعد التنظيمية العامة التي تحكم توزيع وإشغال الوحدات السكنية المشار إليها المملوكة لمحافظة البحر الأحمر والمخصصة لسكني العاملين بالجهات الإدارية بمحافظة البحر الأحمر طوال عملهم فيها تقضي بأن الترخيص بشغل هذه الوحدات هو ترخيص شخصي للعامل المخصصة له الوحدة يتيح له شغلها بشخصه وعائلته وتحظر عليه التنازل عنها للغير أو تأجيرها من الباطن، وأنه في حالة مخالفة ذلك يحق للوحدة المحلية إخلاء المسكن إدارياً وقد سطرت هذه القاعدة التنظيمية بالإقرارات التي يتعين توقيعها من العاملين المصرح لهم بشغل هذه الوحدات مع النص فيها على أن هذا الحكم يعد جزءاً من القرار الصادر بالترخيص بشغلها (حافظة مستندات الجهة الإدارية) كما نص القرار رقم 63 لسنة 1984 الصادر من محافظ البحر الأحمر تأكيداً لذلك في البند الثالث منه على أن تتخذ الإجراءات القانونية ضد المصرح له بشغل الوحدة السكنية في حالة مخالفته لتصريح الإشغال المؤقت للوحدة بقيامه بتأجيرها مفروشة أو غير ذلك من حالات مخالفة التصريح وذلك برفع دعوى قضائية ضده أو إزالة التعدي بقرار إداري (حافظة مستندات الطاعن رقم 3 دوسيه).
ومن حيث إن البادي من ظاهر الأوراق أن المرخص له بشغل المسكن محل النزاع وهو السيد/........ المدرس بمدرسة سفاجا الثانوية قد تنازل عن الوحدة المخصصة له لزميله الطاعن الذي قام بشغلها دون المرخص له، وهو الأمر الذي يشكل مخالفة للقواعد التنظيمية العامة التي تحكم توزيع وشغل هذه المساكن بمحافظة البحر الأحمر والتي تقطع بأن الترخيص شخصي ولا تبيح للمرخص له أن يتعامل أو يؤجر أو يتنازل عن الوحدة السكنية للغير، مما يكون معه القرار الإداري المطعون فيه والذي صدر من رئيس الوحدة المحلية لمدينة سفاجا بموافقة محافظ البحر الأحمر بإخلاء المسكن المشار إليه إدارياً قراراً مشروعاً وغير مخالف للقانون.
ومن حيث إنه لا يقدح في ذلك ما أثاره الطاعن في طعنه من أن الإدارة التعليمية بسفاجا وافقت على هذا التنازل وأنها هي المختصة بتوزيع الوحدات السكنية المشار إليها دون الوحدة المحلية لمدينة سفاجا ومن أنه قد حصل على الموافقات الإدارية اللازمة لاعتماد هذا التنازل لأن كل ذلك مردود عليه بأن البادي من قرار محافظ البحر الأحمر رقم 119/ 1981 بشأن قواعد توزيع الوحدات السكنية للمحافظة أن الاختصاص بتوزيع هذه الوحدات ينعقد للوحدات المحلية كل في دائرة اختصاصها التي تشكل لجاناً لفحص الطلبات وتحديد الأولويات، ويستبقي نسبة 20% من الوحدات السكنية لتوزع بواسطة المحافظة نصفها لوظائف التدريس والنصف الآخر منها للحالات الخاصة وعلى ذلك فإن الجهة الإدارية المختصة أصلاً بتوزيع هذه المساكن هي الوحدات المحلية المشار إليها كل في دائرة اختصاصها. كما أن قرار المحافظة رقم 57 لسنة 1987 ينص على أنه لا يخلى طرف العامل المخصص له وحدة سكنية عند النقل أو انتهاء الخدمة إلا بعد تسليم الوحدة السكنية إلى الإدارة التابع لها، وكذلك نص قرار المحافظ رقم 63/ 1984 على أن يستعان برؤساء المصالح المختلفة بدائرة المحافظة في ترتيب الأحقية في الحصول على المساكن على أن تراجع كشوف الأولوية بمعرفة رئيس الوحدة المحلية المختص على ضوء التعليمات المعمول بها، وعلى ذلك فإن نصوص القرارين رقمي 57/ 87 و63/ 1984 المشار إليهما لا تنقل الاختصاص في توزيع الوحدات السكنية المشار إليها إلى المصالح الإدارية المختلفة في المحافظة وإنما تجعل لها دوراً تمهيدياً ومساعداً للوحدة المحلية في ترتيب أولويات الحصول على هذه المساكن بحيث تكون الوحدة المحلية هي صاحبة الاختصاص الأصيل في توزيع هذه المساكن وهي التي يتعين أن تصدر قراراً بموافقتها على هذا التوزيع.
ومن حيث إن المستندات المقدمة من الطاعن وإن كانت تشير إلى موافقة الإدارة التعليمية بسفاجا ورئيس المجلس الشعبي بسفاجا على التنازل المشار إليه، إلا أنها تقصر عن إثبات موافقة الوحدة المحلية لمدينة سفاجا على هذا التنازل المشار إليه أو اعتماده ولما كانت الوحدة المحلية هي الجهة الإدارية صاحبة الاختصاص الأصيل في هذا الشأن، فإن التنازل المذكور والذي جاء أصلاً بالمخالفة للقواعد التنظيمية العامة التي تحكم توزيع وشغل الوحدات السكنية المشار إليها سالفة الذكر، يظل خارج إطار قواعد المشروعية ولا يخول صاحبه أي سند مشروع في شغل الوحدة السكنية، الأمر الذي يجعل القرار المطعون فيه بإخلاء هذا الإشغال بالطريق الإداري قراراً صحيحاً ومبرءاً من عيب مخالفة القانون.
ومن حيث إن البادي ما سلف أن الطعن غير مستند على أساس صحيح من القانون أو الواقع فإنه يكون خليقاً بالرفض موضوعاً، مع إلزام الطاعن بمصروفاته.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.