أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثالث - السنة 40 - صـ 179

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ علي السعدني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فواد شرباش ومحمد عبد البر حسين نائبي رئيس المحكمة وخلف فتح الباب وإلهام نوار.

(348)
الطعن رقم 2117 لسنة 52 القضائية

(1، 2) نقض "الخصوم في الطعن". حكم "الطعن في الحكم" دعوى "التدخل فيها".
(1) الطعن بالنقض. جوازه لمن كان طرفاً في الخصومة حتى صدور الحكم ضده سواء كان خصماً أصلياً أو ضامناً مدخلاً فيها أو متدخلاً اختصامياً أو انضمامياً م 248 مرافعات.
(2) القضاء بعدم قبول التدخل الانضمامي - مؤداه - اعتبار طالب التدخل محكوماً عليه في طلب التدخل - حقه في الطعن في الحكم القاضي بعدم قبول تدخله.
(3، 4) حراسة "تنفيذ الحراسة"، سلطة الحارس.
(3) الحراسة إجراء تحفظي - الحكم الصادر فيها - ماهيته.
(4) الحارس القضائي يستمد سلطته من الحكم الذي يقيمه - ويثبت له صفته بمجرد صدور الحكم دون حاجة إلى أي إجراء أخر ويكون هو صاحب الصفة في الأعمال التي نيطت به وفي الدعاوى المتعلقة بها - صدور حكم بعزل الحارس - أثره.
(5) محكمة الموضوع. دعوى "الدفاع في الدعوى". حكم.
(6) محكمة الموضوع "تقدير الأدلة" حكم.
حسب محكمة الموضوع إقامة قضائها على ما يكفي لحمله - عدم التزامها بتتبع حجج الخصوم والرد عليها استقلالاً.
(7) دعوى "الطلبات فيها".
الطلب الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه - أو بيان سبب رفضها له - وجوب أن يكون صيغة صريحة وجازمة.
(8) إثبات.
طلب إلزام الخصم بتقديم محرر تحت يده. شرطة قبوله. المواد. 20 - 22 إثبات.
1 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المادة 248 من قانون المرافعات إذ نصت على أن "للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة........." فقد قصدت أنه يجوز الطعن من كل من كان طرفاً في الخصومة حتى صدور الحكم ضده سواء كان مستأنفاً أو مستأنفاً عليه خصماً أصلياً أو ضامناً لخصم أصلي أو مدخلاً في الدعوى أو متدخلاً فيها للاختصام أو الانضمام لأحد طرفي الخصومة فيها.
2 - المقرر أنه ولئن كان يترتب على عدم قبول المحكمة التدخل الانضمامي والقضاء في موضوع الدعوى - انقضاء الخصومة التي كان يهدف طالب التدخل الانضمامي إلى أحد طرفيها مع اعتباره أجنبياً عنها فلا يعتبر طرفاً في الحكم الصادر فيها ولا يقبل منه الطعن فيه، إلا أنه يعتبر محكوماً عليه في طلب التدخل ويجوز له أن يطعن في الحكم القاضي بعدم قبول تدخله.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الحراسة إجراء تحفظي والحكم الصادر فيها ليس قضاء يحتمل التنفيذ المادي في ذاته وإنما هو تقدير بتوافر صفة قانونية للحارس لأداء المهمة التي تناط به في الحد الذي نص عليه الحكم - وإبراز هذه الصفة ووضعها موضع التنفيذ بالنسبة للعقار ليس إلا عملاً حكمياً ليس له كيان مادي.
4 - الحارس القضائي يستمد سلطته من الحكم الذي يقيمه وتثبت له هذه الصفة بمجرد صدور الحكم دون حاجة إلى أي إجراء أخر كالتسليم ويكون هو صاحب الصفة في الأعمال التي نيطت به وفي الدعاوى المتعلقة بها وبمجرد صدور الحكم بعزل الحارس فإنه يفقد صفته وجميع التصرفات التي يجريها بعد عزله تعتبر صادرة خارج حدود نيابته.
5 - محكمة الموضوع غير ملزمة بالتحدث عن مستند ليس من شأنه أن يكون له تأثير في الفصل في الدعاوى.
6 - محكمة الاستئناف متى أقامت قضائها على أسباب سائغة كافيه لحمله فإنها لا تكون ملزمة بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني والمسقط لتلك الأقوال والحجج.
7 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الطلب الذي لا تلتزم المحكمة بالرد عليه أو بيان سبب رفضها له هو الطلب الذي يقدم إليها في صيغة صريحة جازمة لا لبس فيها تدل على تصميم صاحبه عليه.
8 - ما أجازته المادة 20 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1986 للخصم أن يطلب إلزام خصمه بتقديم أي محرر منتج في الدعوى يكون تحت يده في الأحوال الثلاثة الواردة في تلك المادة مشروط بما أوجبته المادة 21 من هذا القانون من بيان أوصاف المحرر الذي يعنيه وفحواه بقدر ما يمكن من التفصيل - والواقعة التي يستدل بها عليه والدلائل والظروف التي تفيد أنه تحت يد الخصم ووجه إلزامه بتقديمه - ونصت المادة 22 من ذات القانون على أنه لا يقبل الطلب إذا لم تراعى فيه أحكام المادتين السابقتين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الثاني أقام الدعوى رقم 1978 لسنة 1980 جنوب القاهرة على الشركة المطعون ضدها الأولى بصفتها حارسة قضائية بطلب الحكم بثبوت العلاقة الإيجارية بينهما عن الشقة المبينة بصحيفة الدعوى وقال بياناً لها أنه كان يستأجر هذه الشقة بموجب عقد مؤرخ 28/ 1/ 1959 ولما عينت الطاعنة حارسة قضائية على العقار الذي تقع به الشقة استصدرت الحكم رقم 3122 مدني كلي جنوب القاهرة بإنهاء عقد الإيجار وتأييد هذا الحكم في الاستئناف رقم 1542 لسنة 52 ق القاهرة غير أنه قد نشأت علاقة إيجارية جديدة بنية والمطعون ضدها الأولى التي خلفت الطاعنة في الحراسة بعد عزل الأخيرة بالحكم رقم 280 لسنة 1977 مستأنف مستعجل القاهرة إلا أنها امتنعت عن تحرير العقد فأقام الدعوى - تدخلت الطاعنة فيها منضمة للمطعون ضدها الأولى في طلب رفضها حكمت المحكمة بثبوت العلاقة الإيجارية - استأنفت المطعون ضدها الأولى الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة رقم 1962 لسنة 98 ق. وطلبت الطاعنة بصفتها الشخصية وبصفتها حارسة قضائية قبولها خصماً "منضماً" للمطعون ضدها الأولى وبتاريخ 23/ 5/ 1982 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف - طعنت الطاعنة بصفتها الشخصية وبصفتها حارسة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي أصلياً بعدم جواز الطعن واحتياطياً برفضه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم جواز الطعن المبدي من النيابة أن الطاعنة كانت خصماً منضماً للمطعون ضدها الأولى أمام محكمة الاستئناف ولم تطعن الأخيرة في الحكم فلا يحق لها أن تطعن فيه إذ ليس لها من الحقوق أكثر ما للخصم الذي انضمت إليه كما لا يجوز الطعن منها بصفتها حارسة لأنها عزلت من الحراسة.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أن من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المادة 248 من قانون المرافعات إذ نصت على أن "للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة "......." فقد قصدت أنه يجوز الطعن - من كل من كان طرفاً في الخصومة حتى صدور الحكم ضده سواء كان مستأنفاً أو مستأنفاً عليه خصماً أصلياً أو ضامناً لخصم أصلي أو مدخلاً في الدعوى أو متداخلاً فيها للاختصام أو الانضمام لأحد طرفي الخصومة فيها. وكان من المقرر أنه ولئن كان يترتب على عدم قبول المحكمة التدخل الانضمامي والقضاء في موضوع الدعوى انقضاء الخصومة التي كان يهدف طالب التدخل الانضمام إلى أحد طرفيها مع اعتباره أجنبياً عنها فلا يعتبر طرفاً في الحكم الصادر فيها ولا يقبل منه الطعن فيه، إلا أنه يعتبر محكوماً عليه في طلب التدخل ويجوز له أن يطعن في الحكم القاضي بعدم قبول تدخله لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة كانت خصماً منضماً للمطعون ضدها الأولى أمام محكمة الاستئناف ولم تتخل عن منازعتها مع خصمها المطعون ضده الثاني حتى صدر الحكم لمصلحته ضدها في هذه المنازعة، وأن محكمة الاستئناف قضت بعدم قبول تدخلها بصفتها حارسة. ومن ثم فإن الطعن في الحكم من الطاعنة وبصفتها يكون جائزاً، ويكون الدفع في غير محله.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعة الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعي الطاعنة بالأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن الحكم الصادر بعزلها من الحراسة لم ينفذ بما مفاده بقاء صفتها كحارسة كما قدمت المستندات الدالة على عدم تنفيذ الحكم وطلبت قبولها بهذه الصفة خصماً منضماً للمطعون ضدها الأولى التي قررت في دفاعها إنما لم تتسلم العقار محل الحراسة إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول تدخلها على سند من أن الحكم يعزلها من الحراسة وتعين المطعون ضدها الأولى حارسة يحدث أثره من تاريخ صدوره ودون أن يرد على المستندات المقدمة منها.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن الحراسة إجراء تحفظي والحكم الصادر فيها ليس قضاء يحتمل التنفيذ المادي في ذاته وإنما هو تقرير بتوافر صفة قانونية للحارس لأداء المهمة التي تناط به في الحد الذي نص عليه الحكم - وإبراز هذه الصفة ووضعها موضع التنفيذ بالنسبة للعقار ليس إلا عملاً حكمياً ليس له كيان مادي فيستمد الحارس سلطته من الحكم الذي يقيمه وثبتت له هذه الصفة بمجرد صدور الحكم دون حاجة إلى أي إجراء أخر كالتسليم ويكون هو صاحب الصفة في الأعمال التي نظمت به وفي الدعاوى المتعلقة بها وبمجرد صدور الحكم بعزل الحارس فإنه يفقد صفته وجميع التصرفات التي يجريها بعد عزله تعتبر صادرة خارج حدود نيابته - وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم قبول تدخل الطاعنة بصفتها حارسة قضائية على العقار على ما جاء بمدوناته من أن الحكم رقم 280 لسنة 1977 مستأنف مستعجل القاهرة الصادر بتاريخ 14/ 2/ 1978 قد قضى بعزلها من الحراسة وتعيين المطعون ضدها الأولى حارسة على العقار وأن هذا الحكم يحدث أثره من تاريخ صدوره - فإنه يكون قد التزم صحيح القانون - ولا عليه إن لم يرد على المستندات المقدمة من الطاعنة للتدليل على أن هذا الحكم قد أوقف تنفيذه إذ أن محكمة الموضوع غير ملزمة بالتحدث عن مستند ليس من شأنه أن يكون له تأثير في الفصل في الدعوى ومتى كانت محكمة الاستئناف وعلى ما سلف قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله فإنها لا تكون ملزمة بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني والمسقط لتلك الأقوال والحجج ويكون النعي بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال وفي بيان تقول أن الحكم أقام قضاءه بثبوت العلاقة الإيجارية على ما أورده بمدوناته من أن المطعون ضده الثاني سدد أجرة الشقة بناء على إنذار وجهته إليه المطعون ضدها الأولى، وأن الطاعنة رغم سبق الحكم بفسخ عقده - طالبته مع باقي المستأجرين بسداد تكاليف صيانة المصعد في الدعوى رقم 6244/ 1979 مستعجل القاهرة وأعلنته بالحكم الصادر فيها بما يدل على تنازلها عن حكم الفسخ واعتبار المطعون ضده الثاني مستأجراً، وأن علم المطعون ضدها الأولى بأن المطعون ضده الثاني يشغل الشقة بصفته مستأجراً مستفاد من اختصامها في الدعوى سالفة الذكر، في حين أن الإنذار المشار إليه تضمن تحفظات تنفي الإقرار بالعلاقة الإيجارية وأن الدعوى أقيمت على جميع الشاغلين وتضمن إعلان الحكم الصادر فيها عدم التسليم بأية علاقة سبق فسخها أو إنشاء علاقة جديدة مما ينفي تنازلها عن حكم الطرد هذا إلى المطعون ضدها الأولى لم تكن خصماً في تلك الدعوى، على خلاف ما ذهب إليه الحكم، ما لا محل معه لما رتبه الحكم على هذا الاختصام.
وحيث إن هذا النعي في غير محله - ذلك أنه لما كان الثابت من مدونات الحكم الأخير أي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بثبوت العلاقة الإيجارية بين المطعون ضدهما على ما أورده من أن صدور الحكم بعزل الحارس القضائي وتعيين أخر محله يحدث أثره من تاريخ صدوره وأن المطعون ضده الثاني دفع الأجرة للمطعون ضدها الأولى بإيصالات مثبت بها قيمتها بناء على تكليفها له بدفعها وهي أسباب سائغة تكفي لحمل قضائه ولم تكن محل طعن من جانب المطعون ضدها الأولى - وكان النعي بهذا السبب قد ورد على ما أستطرد إليه الحكم تزيد لتدعيم قضائه مما لا حاجة للدعوى إليه ويستقيم الحكم بدونه - فإنه وأياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج ومن ثم فهو غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك تقول أنها طلبت من المحكمة إلزام المطعون ضدها الأولى بتقديم الطلب المقدم إليها من المطعون ضده الأول لقبول أجرة العين إلا أن الحكم الطعون فيه لم يرد على طلبها فحجب نفسه عن بحث مستند مؤثر في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه أو بيان سبب رفضها له هذا الطلب الذي يقدم إليها في صيغة صريحة جازمة لا لبس فيها تدل على تصميم صاحبه عليه وأن ما أجازته المادة 20 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 للخصم أن يطلب إلزام خصمه بتقديم أي محرر ينتج في الدعوى يكون تحت يده في الأحوال الثلاثة الواردة في تلك المادة مشروطاً بما أوجبته المادة 21 من هذا القانون من بيان أوصاف المحرر الذي يعنيه وفحواه بقدر ما يمكن من التفصيل والواقعة التي يستدل بها عليه والدلائل والظروف التي تؤيد أنه تحت يد الخصم ووجه إلزامه بتقديمه - ونصت المادة 22 من ذات القانون على أنه لا يقبل الطلب إذا لم تراع فيه أحكام المادتين السابقتين.
ولما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعنة لم تطلب صراحة من محكمة الاستئناف في مذكرتها المقدمة بجلسة 22/ 4/ 1982 وعلى وجه جازم إلزام المطعون ضدها الأولى بتقديم الطلب المقدم إليها من المطعون ضده الثاني ولم تضمن المذكرة سالفة البيان أوصاف الورقة التي تعنيها وفحواها وسائر البيانات التي أوجبت المادة 21 من قانون الإثبات بيانها، فأن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد على أمر لم يطلب إليها صراحة وعلى الوجه المبين في القانون ويكون النص على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.