مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) - صـ 485

(47)
جلسة 28 من ديسمبر سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ د عبد المنعم عبد العظيم جيره - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ومحمد مجدي محمد خليل وأحمد إبراهيم عبد العزيز ومحمد عزت السيد - نواب رئيس المجلس.

الطعن رقم 953 لسنة 32 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تكليف - ما يحسب ضمن مدة التكليف. (أطباء)
المادة الأولى من القانون رقم 29 لسنة 1974 بشأن تكليف الأطباء والصيادلة..... يتعين على المكلف القيام بالعمل المكلف به طوال مدة التكليف ما لم يتم إلغاء التكليف أو الإعفاء منه - عدم تنفيذ قرار التكليف والانقطاع عن العمل المكلف به يشكل جريمة جنائية فضلاً عن المساءلة التأديبية - الانقطاع عن العمل يؤدي إلى عدم حساب مدة الانقطاع ضمن مدة التكليف - الأجازات المصرح بها قانوناً تحسب ضمن مدة التكليف - سريان قرار التكليف وعدم انفصام عرى الرابطة الوظيفية تستوجب القضاء بإحدى العقوبات المقررة للعاملين الموجودين بالخدمة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 18/ 2/ 1986 أودعت إدارة قضايا الحكومة (هيئة قضايا الدولة) نيابة عن السيد الأستاذ مدير النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 953 لسنة 32 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصحة والإسكان بجلسة 22/ 12/ 1985 في الدعوى رقم 191 لسنة 26 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد....... والقاضي بمجازاتها بغرامة تعادل الأجر الأساسي الذي كانت تتقاضاه في الشهر عند انتهاء خدمتها.
وطلبت الجهة الطاعنة للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بتوقيع الجزاء المناسب طبقاً للمواد الموضحة بتقرير الاتهام وبعد إعلان تقرير الطعن قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الصحة للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 24/ 2/ 1988 وبجلسة 8/ 2/ 1989 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة" حيث حدد لنظره أمامها جلسة 18/ 3/ 1989 وبعد تداوله بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر قررت المحكمة بجلسة 16/ 11/ 1991 إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق - أنه في 4/ 8/ 1984 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الصحة تقرير اتهام ضد....... الممرضة بمستشفى الإصلاح التابعة للمؤسسة العلاجية بالقاهرة، لأنها في المدة من 16/ 11/ 1983 حتى 14/ 6/ 1984 بالمستشفى المذكورة وبوصفها السابق خرجت على مقتضى الواجب الوظيفي وخالفت القانون وقواعد الأجازات المقررة بأن انقطعت عن العمل بدون مسوغ قانوني المدة من 16/ 11/ 1983 وحتى 14/ 6/ 1984 بالمخالفة لأحكام قانون تكليف الأطباء والصيادلة وهيئات التمريض، ورأت النيابة الإدارية أن المذكورة بذلك تكون قد ارتكبت المخالفة الإدارية المنصوص عليها في المواد 62، 76، 78/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة والمادتين 4، 6 من القانون رقم 29 لسنة 1974 بشأن تكليف الأطباء والصيادلة وهيئات التمريض، وطلبت محاكمتها طبقاً للمواد السابقة، والمادتين 80، 82 من القانون رقم 47 لسنة 78 المشار إليه وبالمادتين 14، 29 من القانون رقم 117 لسنة 1958 وبإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والمادتين 15، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 22/ 12/ 1985 حكمت المحكمة التأديبية بمجازاة/..... بغرامة تعادل الأجر الأساسي الذي كانت تتقاضاه في الشهر عند انتهاء خدمتها، وشيدت المحكمة قضاؤها على أن الثابت من الأوراق أن المتهمة كلفت للعمل بمستشفى الإصلاح الإسلامي بالقرار رقم 271 لسنة 1982 واستلمت عملها فيه اعتباراً من 1/ 1/ 1982 وليس في الأوراق ما يفيد تجديد هذا التكليف، وبالتالي فإن مدة خدمتها تنتهي اعتباراً من 31/ 10/ 1984، وإذا انقطعت عن عملها قبل هذا التاريخ واعتباراً من 16/ 11/ 1983 ومن ثم يتعين مساءلتها تأديبياً ومجازاتها بإحدى العقوبات المقررة لمن ترك الخدمة لأنه بانتهاء مدة التكاليف تعتبر خدمتها منتهية.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أساس أن المطعون ضدها انقطعت عن العمل المكلفة به اعتباراً من 16/ 11/ 1983 قبل انتهاء مدة تكليفها في 31/ 10/ 1984 ولم يصدر قرار من الجهة الإدارية بإلغاء تكليفها حسبما تقضي بذلك أحكام القانون رقم 29 لسنة 1974 الخاص بتكليف الأطباء والصيادلة وهيئات التمريض، وعلى ذلك فإن انقطاع المطعون ضدها بدون إذن في غير الحالات المصرح بها قانوناً عن العمل المكلفة به تعتبر مخالفة للحظر الوارد في قانون تكليفها لا يمنحها ميزة بإنهاء تكليفها حال كون الهدف من التكليف تحقيق الصالح العام لسد حاجة مرافق الدولة وأجهزتها المختلفة إلى هؤلاء المكلفين للعمل بها، وقد ألزم قانون التكليف قضاء مدة التكليف في خدمة الوظيفة، الأمر الذي يتعين معه حمل الحظر الوارد بالنص على أنه سنوات عمل فعلية يتعين على المكلف طوالها خدمة الجهة المكلف عليها، وبالتالي يكون مدة التكليف لازالت قائمة ولم تنته بعد وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن مدة التكليف قد انتهت خلال فترة الانقطاع ووقع عليها أحد الجزاءات المقررة لمن ترك الخدمة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين القضاء بإلغائه، ومجازاة المطعون ضدها بأحد الجزاءات التي توقع على من هم بالخدمة.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1974 بشأن تكليف الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان وهيئات التمريض الفنيين الصحيين والفئات الطبية المساعدة قد نصت على أنه لوزير الصحة تكليف خريجي الكليات والمعاهد والمدارس المشار إليها في هذه المادة للعمل في الحكومة أو في وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات العامة أو الوحدات التابعة لها لمدة سنتين، ويجوز تجديد التكليف لمدة أخرى مماثلة، وألزمت المادة الرابعة المكلف باستلام العمل المكلف به خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره وقضت المادة السادسة من ذات القانون بإلزام المكلف بأن يقوم بأعمال وظيفته ما بقى التكليف وفي جميع الأحوال يصدر قرار إلغاء التكليف أو إنهاء الخدمة من وزير الصحة.
ومقتضى هذه الأحكام، أن لوزير الصحة أن يكلف خريجي الكليات والمعاهد والمدارس المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 29 لسنة 1974 بالعمل بإحدى الجهات المنصوص عليها في تلك المادة لمدة سنتين قابلة للتجديد مماثلة تبدأ من تاريخ استلام العمل، ويتعين على المكلف قيامه بالعمل المكلف به طوال مدة التكليف، ما لم يتم إلغاء تكليفه أو إعفاؤه منه بقرار من وزير الصحة، ولا يجوز له الامتناع عن تنفيذ قرار التكليف أو الانقطاع عن العمل المكلف به طوال مدة التكليف، وإلا شكل ذلك في حقه جريمة جنائية، فضلاً عن المساءلة التأديبية طبقاً لنص المادة الثانية من القانون المشار إليه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها من خريجات مدارس التمريض، وأنه صدر القرار رقم 271 لسنة 1982 بتكليفها بالعمل ممرضة بمستشفى الإصلاح التابعة للمؤسسة العلاجية بالقاهرة، وتسلمت العمل المكلفة به اعتباراً من 1/ 11/ 1982 وبتاريخ 16/ 11/ 1983 انقطعت عن العمل قبل انتهاء مدة تكليفها وعزفت عن تنفيذ باقي مدة قرار التكليف الصادر بشأنها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مدة الانقطاع عن العمل لا تدخل ضمن مدة التكليف، ولا يعتد في حساب تلك المدة إلا بالمدة التي يؤدى فيها العمل فعلاً أو قانوناً ومثال مدد الخدمة القانونية مدد الأجازات التي يصرح بها المكلف.
ومن حيث إنه تأسيساً على ذلك، فلا صحة لما ذهب إليه الحكم الطعون فيه من حساب مدة انقطاع المطعون ضدها عن العمل ضمن مدة التكليف الملزمة بها، والاستناد إلى ذلك للقول بانتهاء مدة تكليفها ومن ثم توقيع أحد الجزاءات المقررة لمن ترك الخدمة عن المخالفة المنسوبة للمطعون ضدها، فهذا التفسير يفتح الباب على مصراعيه لشل أثر قرارات التكاليف، إذ يكفي أن يمتنع الكلف عن تسلم عمله لفترة زمنية تعادل فترة التكليف أو ينقطع عن عمله قبل انتهاء مدة التكليف حتى يصل إلى إنهاء الرابطة التي أنشأها قرار التكليف بينه وبين الإدارة والإفلات بذلك من الالتزام بالعمل في الجهة التي كلف بها طوال مدة التكليف.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم، يكون الحكم المطعون فيه قد صدر مخالفاً لأحكام القانون خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن المخالفة المنسوبة للمطعون ضدها - وهي الانقطاع عن العمل بدون إذن وفي غير الأحوال المصرح بها اعتباراً من 16/ 11/ 1983 حال كونها مكلفة - هذه المخالفة ثابتة في حقها من واقع تحقيقات النيابة الإدارية، ومن ثم تكون الدعوى مهيأة للفصل فيها من قبل المحكمة.
ومن حيث إنه بالنظر إلى سريان أثر قرار التكليف وعدم انفصام عرى الرابطة الوظيفية بين المطعون ضدها والإدارة، ومن ثم يتعين القضاء بمجازاتها بإحدى العقوبات المقررة للعاملين الموجودين بالخدمة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ومجازاة المطعون ضدها بخصم عشرة أيام من راتبها، ومع ما يترتب على ذلك من آثار.