مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) - صـ 541

(55)
جلسة 4 من يناير سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدي عبد الله مليحي - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حنا ناشد مينا ومحمد معروف محمد وعبد اللطيف محمد الخطيب والطنطاوي محمد الطنطاوي - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3089 لسنة 35 القضائية [(1)]

( أ ) نقابة المحامين - الترشيح لعضوية مجلس النقابة - الاختصاص بنظر طعونها - (قرار إداري).
المادة 134 من قانون المحاماة.
مجلس النقابة في ممارسته لاختصاصه بإعداد قوائم المرشحين بإدراج أسماء المتقدمين للترشيح بهذه القوائم بما يتطلبه هذا الاختصاص من أعمال أحكام قانون المحاماة بشأن التحقق من مدى توافر الشروط المتطلبة في المرشحين - إنما يمارس سلطة عامة - القرار الذي يصدره مجلس النقابة في هذا الشأن قرار إدارياً - يعتبر القرار الذي يتخذه مجلس النقابة بإدراج اسم مرشح بقائمة المرشحين قراراً إيجابياً - يكون القرار بإغفال إدراج اسم مرشح بتلك القائمة في حكم القرارات الإدارية السلبية ويخضع لرقابة المشروعية شأنه شأن القرار الإيجابي - مفاد نص المادة 134 من قانون المحاماة أن المشرع قد نظم لاعتبارات قدرها ارتأى أنها تحقق الصالح العام طريق الطعن في القرارات السلبية التي ينسب صدورها لمجلس النقابة وهو بصدد إعداد قوائم المرشحين والتي تعتبر في حكم القرار الإداري - أناط المشرع مباشرة هذه الرقابة القضائية لمحكمة استئناف القاهرة - نتيجة ذلك: أقام المشرع طريق طعن خاص بشأن منازعة معينة هي في حقيقة تكييفها القانوني منازعة متعلقة بقرار إداري - نظم المشرع هذا الطريق بأن حدد المحكمة المختصة بنظره وهي محكمة استئناف القاهرة كما حدد مواعيد الطعن بعشرة أيام من تاريخ نشر كشوف المرشحين وحرص على التوجيه بأن يتم الفصل في الطعن على وجه الاستعجال - يتأبى على منطق التفسير السوي أن يكون المشرع قد ذهب عمداً أو سهواً إلى المغايرة في شأن تنظيمه لجهة القضاء المختصة بنظر القرارات الصادرة من مجلس النقابة وهو بصدد اختصاصه بإعداد قوائم المرشحين بين قرار إيجابي يكون النعي عليه أمام محاكم مجلس الدولة وبين قرار سلبي بالامتناع عن إدراج اسم طالب الترشيح ويكون الاختصاص بنظره لمحكمة استئناف القاهرة - أساس ذلك: الاختصاص الذي يمارسه مجلس النقابة في كلتا الحالتين هو اختصاص واحد أساسه ما أسبغ عليه من سلطة عامة بإعداد قوائم المرشحين - حرص المشرع على إيراد تنظيم لحالة الطعن على القرار السلبي بالامتناع مرده إلى أن هذه الخصوصية قد تكون محل خلاف في التفسير في حالة السكوت عليها - القرار الذي يصدر من مجلس النقابة في هذا الشأن سواء كان بالإدراج أو بعدم الإدراج أي سواء كان إيجابياً أو سلبياً بشأن الإدراج لاسم طالب الترشيح في الكشف هو من طبيعة قانونية واحدة بحسبانه في كلتا الحالتين إفصاحاً عن إرادة مجلس النقابة في صلاحية المتقدم للترشيح بعد فحص مدى استيفاء طالب الترشيح لشروط الترشيح على النحو المقرر بقانون المحاماة - الطعن بعدم شرعية إدراج اسم أحد المرشحين بمجلس النقابة إنما هو طعن في الأساس الذي يتحد بمقتضاه إطار المنافسة الانتخابية لمنصب عضوية هذا المجلس - قصر قانون المحاماة الاختصاص بنظر الطعون في نتيجة الانتخاب لمجلس النقابة والنقيب على محكمة النقض طبقاً لأحكام المادة (137) مكرراً من هذا القانون - نتيجة ذلك: الطعن في إدراج أو عدم إدراج اسم مرشح أعلن فوزه في مجلس النقابة يتضمن بالحتم والضرورة الطعن في ذات الوقت في صحة العضوية بهذا المجلس - أساس ذلك: يترتب على صحة أو بطلان الإدراج في كشف المرشحين انهيار أو تثبيت صحة العملية الانتخابية بأسرها وانهيار أو ثبوت الأساس الذي أعلنت بناء عليه نتيجة هذه الانتخابات لا يوجد سند من القانون يقضي بأن يوزع أمر الفصل فيه وحسمه بين جهتي القضاء الإداري والقضاء العادي - تطبيق.
(ب) نقابة المحامين - الترشيح لمنصب النقيب - الاختصاص بنظر الطعون في القرارات الصادرة من مجلس النقابة بإعداد الكشوف الخاصة بالمرشحين لمنصب النقيب.
لم يقرر القانون تنظيماً خاصاً يختص به النقيب سواء من حيث الشروط التي يجب توافرها في المرشح لهذا المنصب أو الحقوق المخولة له - نتيجة ذلك: يخضع للأحكام العامة الواردة في القانون والتي تنظم شئون أعضاء مجلس النقابة - أساس ذلك: البداهة القانونية التي تقضي بأن رئيس أي مجلس أو لجنة هو في الأصل عضو فيها فضلاً عن صفته كرئيس لها - إذا كان ذلك، وكان القانون قد جاء خلواً من تنظيم خاص لعملية الترشيح لمنصب النقيب وإعداد القائمة الخاصة بالمرشحين لهذا المنصب فإنه يسري على ذلك جميعه حكم المادة (134) من قانون المحاماة بحسبانها تتضمن التنظيم الإجرائي ومن بعده طريق الطعن القضائي لعملية الترشيح وإعداد قوائم المرشحين لعضوية مجلس النقابة - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 17 من يونيه سنة 1989 أودع الأستاذ الدكتور/عبد الله رشوان المحامي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجداولها برقم 3089 لسنة 35 قضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 23 من مايو سنة 1989 في الدعوى رقم 3545 لسنة 43 القضائية والقاضي بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة استئناف القاهرة وطلب الطاعن للأسباب المبينة تفصيلاً بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه مع الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهما بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقرير بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه - للأسباب القائم عليها الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
ونظر الطعن أمام الدائرة الأولى ثم هذه الدائرة بالمحكمة الإدارية العليا على الوجه المبين تفصيلاً بالمحاضر، وبجلسة 24 من يونيه سنة 1990 قررت الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة المشكلة بالهيئة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة، حيث تدوول الطعن أمامها على النحو الثابت بالمحاضر وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً تكميلياً ارتأت فيه الحكم باختصاص القضاء الإداري بنظر الطعن في القرار الصادر بإدراج اسم المرشح لمجلس نقابة المحامين في قائمة المرشحين وبإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيه في ضوء ذلك.
وبجلسة 16/ 12/ 1990 قضت المحكمة الإدارية العليا بالهيئة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الطعون في القرارات الصادرة من مجلس نقابة المحامين بإعداد قوائم المرشحين لمنصب نقيب المحامين أو لعضوية مجلس النقابة سواء أكان وجه الطعن على تلك القرارات أنها تضمنت إدراج اسم أو أسماء مرشحين ما كان يجوز قانوناً إدراج أسمائهم أو لأنها أغفلت إدراج اسم مرشح أو أكثر كان يتعين إدراج أسمائهم قانوناً.
وقررت إعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه وأبقت الفصل في المصروفات.
وتدوول الطعن أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بالمحاضر، حيث قررت إصدار الحكم بجلسة 26/ 5/ 1991 ومذكرات خلال أسبوعين، وبهذه الجلسة أعيد الطعن للمرافعة لجلسة 7/ 7/ 1991 لتغيير تشكيل الهيئة، وبجلسة 20/ 10/ 1991 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ومرافعات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة 30/ 11/ 1991 ومذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين، ومد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 4/ 1/ 1992 لإتمام المداولة وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 3545 لسنة 43 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بإيداع عريضتها في 12/ 3/ 1989 ضد الأستاذين نقيب المحامين وأحمد الخواجة طالبا الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من مجلس نقابة المحامين بجلسته المنعقدة من 25/ 2/ 1989 إلى 1/ 3 سنة 1989 بقبول ترشيح الأستاذ أحمد الخواجة لمنصب نقيب المحامين وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهما بالمصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أن القرار المطعون فيه بقبول ترشيح الأستاذ أحمد الخواجة لمنصب نقيب المحامين مخالف للدستور والقانون لأسباب حددها فيما يلي:
أولاً: مخالفة حكم الفقرة الثانية من المادة (136) من قانون المحاماة المعدلة بالقانون رقم 227 لسنة 1984 التي تنص على عدم جواز تجديد انتخاب النقيب لأكثر من دورتين متصلتين في ظل هذا القانون إذ كان الأستاذ أحمد الخواجة يشغل منصب النقيب عند صدور قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 ثم أعيد انتخابه نقيباً لدورة ثانية متصلة في 3/ 5/ 1985. ثانياً: أن إضافة عبارة في ظل هذا القانون إلى نص المادة 136 من قانون المحاماة بالقانون رقم 227 لسنة 1984 تكشف عن عبث تشريعي إذا أضيفت العبارة المشار إليها خدمة لشخص الأستاذ أحمد الخواجة مما يشكل مخالفة لأصول النظام الديمقراطي المنصوص عليها بالمادة الأولى من الدستور ولحقوق ومبادئ أساسية نص عليها تتحصل في وجوب التزام المساواة واحترام تكافؤ الفرص. ثالثاً: أن الجمعية العمومية غير العادية للمحامين التي انعقدت بمقر النقابة بتاريخ 19/ 1/ 1989 قررت سحب الثقة من نقيب المحامين ومن أعضاء مجلس النقابة مما يترتب عليه زوال صفة النقيب ومجلس النقابة في إدارة شئون النقابة وأصبح ذلك من سلطة من اختارتهم تلك الجمعية العمومية حتى إجراء الانتخابات واجتماع مجلس النقابة الذي تسفر عنه. رابعاً: إخلال الأستاذ أحمد الخواجة بالواجبات المفروضة عليه كنقيب للمحامين. ودفع المدعي بعدم دستورية التعديل الوارد بالقانون رقم 227 لسنة 1984 على نص المادة 136 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983.
وبجلسة 23/ 5/ 1989 حكمت محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة استئناف القاهرة. وشيدت قضاءها على أنه على ضوء عبارة المادة 134 من قانون المحاماة فإن القرارات التي تصدر عن مجلس النقابة وهو يمارس اختصاصه بإعداد قائمة المرشحين لانتخابات المجلس، سواء برفض إدراج اسم طالب الترشيح بالقائمة أو بإدراج اسمه بها، تختص بنظر الطعون فيها سواء صدرت برفض الإدراج أو بالإدراج لاسم أحد المرشحين محكمة استئناف القاهرة على الوجه المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة (134) من قانون المحاماة. باعتبار أن هذه القرارات تتعلق بمرحلة الترشيح وهي منفصلة عن مراحل العملية الانتخابية وقد أجاز المشرع الطعن في القرارات المتعلقة بها على استقلال قبل تمام الانتخاب، وأنه لا يسوغ في هذا المقام التفرقة بين القرار السلبي الذي يصدر باستبعاد إدراج اسم طالب الترشيح من قائمة المرشحين أو القرار الإيجابي بقيد اسمه وقصر الاختصاص المعقود لمحكمة استئناف القاهرة على نظر الطعن في القرار الأول دون الثاني تذرعاً بنص المادة (172) من الدستور التي تقرر لمجلس الدولة الولاية العامة بنظر المنازعات الإدارية، ذلك أن القرار الصادر من مجلس النقابة في الحالتين لا تتغير طبيعته وإن اختلف أثره، ويكون إدراج اسم المرشح بقائمة المرشحين أو رفض إدراجه وجهين للقرار الذي يصدر من مجلس النقابة بوصفه إفصاحاً عن إرادته في شأن مدى توافر استيفاء طالب الترشيح للشروط اللازمة للترشيح، ومن ثم يكون من الطبيعي أن ينعقد الاختصاص بنظر الطعن في القرار عن أي من الوجهين لجهة قضائية واحدة، وأن قضاء المحكمة الدستورية العليا جرى بأن حكم المادة 172 من الدستور لا يغل يد المشرع عن إسناد الفصل في بعض المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية إلى جهة قضائية أخرى على سبيل الاستثناء وعن الدفع بعدم دستورية العبارة المضافة إلى نص المادة (136) بالقانون رقم 227 لسنة 1984 فقد أورد الحكم بأن هذا الدفع ينبثق عن الدعوى الأصلية بما لا يجوز معه إبداؤه إلا أمام المحكمة المختصة بالنزاع موضوعاً.
ويقوم الطعن على الحكم على أساس مخالفة القانون لأسباب تتحصل فيما يلي:
أولاً: استناد الحكم المطعون فيه في قضائه إلى حكم المادة (134) من قانون المحاماة هو استناد غير صحيح ذلك أن المشرع قد اقتصر في بيان اختصاص محكمة استئناف القاهرة على حالة واحدة هي حالة "من أغفل إدراج اسمه" في قائمة المرشحين استثناء من الاختصاص العام المقرر لمحاكم مجلس الدولة.
ثانياً: لا يقبل القول بأن إغفال إدراج الاسم وإدراج الاسم بقائمة المرشحين وجهان لعملة واحدة باعتبار أن القول بذلك ينطوي على عنت في التفسير وإرهاق للمنطق نظراً لأن المشرع لم يتناول إلا حالة واحدة بذاتها دون غيرها وهي حالة إغفال إدراج الاسم.
ثالثاً: أن المشرع لو كان قد قصد شمول اختصاص محكمة استئناف القاهرة لما أعوزه النص على ذلك فإذا لم يفعل فلا يمكن نسبة هذا القصد إليه.
رابعاً: الاعتبارات التي يصدر عنها حكم المادة (134) لا تقوم في حالة طعن الغير على إدراج اسم بقائمة المرشحين.
خامساً: نص المادة (134) يفتح أمام من أغفل إدراج اسمه طريقين: التظلم إلى مجلس النقابة أو الالتجاء إلى محكمة الاستئناف، ولا يقبل أن يتظلم الغير إلى مجلس النقابة عند إدراج اسم مرشح.
سادساً: قضاء المحكمة الإدارية العليا لم يتواتر على اختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر الطعن في القرار الصادر بإدراج اسم بقائمة المرشحين سوى حكم واحد.
سابعاً: أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضائه مفترضاً أن مجلس نقابة المحامين قائم ويباشر اختصاصاته ومنها إعداد قائمة المرشحين، في حين أن ذات المحكمة قد سبق لها أن أصدرت بجلسة 29/ 4/ 1989 الحكم في الدعوى رقم 2924 لسنة 43 قضائية بإيقاف قرار فتح باب الترشيح الصادر من ذات مجلس النقابة تأسيساً على زوال ولايته وبالتالي صفته في إصدار القرار بعد أن سحبت منه الثقة بقرار من الجمعية العمومية للمحامين بتاريخ 29/ 1/ 1989.
ويخلص دفاع المطعون ضدهما في إن إتباع النهج الصحيح في تفسير عبارة المادة (134) من قانون المحاماة يؤدي إلى المساواة في الاختصاص بين من تضمن إدراج اسمه من المرشحين ومن لم يدرج اسمه وهي محكمة استئناف القاهرة، ذلك أن القول بغير ذلك يؤدي إلى وجود مفارقات يتنزه عنها المشرع منها استغلاق الطعن أمام من أغفل إدراج اسمه لفوات عشرة أيام في حين يظل ميعاد الطعن على الأسماء التي أدرجت بقوائم المرشحين قائماً لمدة ستين يوماً إلى ما بعد انقضاء الموعد المقرر لإجراء الانتخابات وهو أربعون يوماً بعد فتح باب الترشيح ولو كان المشرع أراد تجزئة الاختصاص بين محكمتي الاستئناف والقضاء الإداري لما أعوزه النص على سريان مواعيد وإجراءات الطعن المقررة بالمادة (134) من قانون المحاماة على الطعون التي تقام أمام محكمة القضاء الإداري وطلب المطعون ضدهما أصلياً بتأييد المبدأ الذي قضت به المحكمة الإدارية العليا في الطعن 1863 لسنة 31 قضائية، ورفض الطعن. واحتياطياً بتأييد الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة ولائياً ومن باب الاحتياط الكلي بعدم الاختصاص بالطلب الماثل باعتباره في تكييف الطاعن طلباً بوقف تنفيذ قرار تم تنفيذه فعلاً، ولأن تكييف الطلب في مثل هذه الحال يكون بإلغاء لما تم تنفيذه فعلاً أي إلغاء القرار ذاته ولا يكون ذلك إلا بحكم قطعي في موضوع النزاع يتعين أن يتم تحضيره بمعرفة هيئة مفوضي الدولة.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية العليا بالهيئة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة بعد أن اطلعت على الحكم المطعون فيه الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 23/ 5/ 1989 وسائر الأوراق المقدمة في الدعوى التي تفصل فيها وعلى تقرير الطعن ودفاع المطعون ضدهما كما هو ثابت بالأوراق وسائر المذكرات المقدمة والإيضاحات المبداه أمام الدائرتين الأولى والثانية بالمحكمة الإدارية العليا حددت الغاية من قرار الدائرة الثانية بالإحالة في تحديد جهة الاختصاص بنظر الطعن في إدراج اسم بقائمة المرشحين لمنصب نقيب المحامين أو لعضوية مجلس النقابة أو إغفال إدراج اسم مرشح أو أكثر كان يتعين إدراج أسمائهم قانوناً وعما إذا كان ينعقد هذا الاختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري أم تنعقد لمحكمة استئناف القاهرة.
وقد قضت المحكمة بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الطعون في القرارات الصادرة من مجلس نقابة المحامين بإعداد قوائم المرشحين لمنصب نقيب المحامين أو لعضوية مجلس النقابة سواء أكان وجه الطعن على تلك القرارات أنها تضمنت إدراج اسم أو أسماء مرشحين ما كان يجوز قانوناً إدراج أسمائهم أم لأنها أغفلت إدراج اسم مرشح أو أكثر كان يتعين إدراج أسمائهم قانوناً.
ومن حيث إن المستقر عليه في قضاء مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري أنه لكي يعتبر التصرف قراراً إدارياً فإنه يجب أن يصدر عن سلطة عامة أو جهة تمارس هذه السلطة بمقتضى حكم القانون بحسبان أن القرار الإداري إنما هو من وسائل السلطة العامة ومجلس النقابة في ممارسته لاختصاصه بإعداد قوائم المرشحين بإدراج أسماء المتقدمين للترشيح بهذه القوائم بما يتطلبه هذا الاختصاص من أعمال أحكام قانون المحاماة بشأن التحقيق من مدى توافر الشروط المتطلبة في المرشحين إنما يمارس سلطة عامة ويكون القرار الذي يصدره في هذا الشأن قراراً إدارياً باعتباره إفصاحاً عن إرادة مجلس النقابة الملزمة بما له من سلطة بمقتضى القانون وذلك بقصد أحداث مركز قانوني معين هو مركز المرشح ويكون القرار الذي يتخذه مجلس النقابة بإدراج اسم مرشح بقائمة المرشحين يعتبر قراراً إيجابياً كما يكون القرار بإغفال إدراج اسم مرشح بتلك القائمة في حكم القرارات الإدارية السلبية على نحو ما جرى به تعبير المشرع في عجز المادة (10) من قانون مجلس الدولة، ويجب ألا ينأى باعتباره كذلك عن رقابة المشروعية شأنه شأن القرار الإيجابي.
ومن حيث إن عبارة المادة (134) من قانون المحاماة ورد نصها على أن "يكون الترشيح لعضوية المجلس..... ويعد مجلس النقابة قائمة المرشحين خلال عشرة أيام على الأكثر من قفل باب الترشيح وتعلن على المحامين في النقابات الفرعية، ولمن أغفل إدراج اسمه بها أن يتظلم إلى مجلس النقابة أو أن يطعن في قراره أمام محكمة استئناف القاهرة خلال عشرة أيام من تاريخ نشر كشوف المرشحين، ويفصل في الطعن على وجه الاستعجال" وأنه يبين من ذلك أن المشرع قد نظم لاعتبارات قدرها وارتأى أنها تحقق الصالح العام طريق الطعن في القرارات السلبية التي ينسب صدورها إلى مجلس النقابة وهو بصدد إعداد قوائم المرشحين والتي تعتبر في حكم القرار الإداري حسب مفاد حكم الفقرة الأخيرة من المادة (10) من قانون مجلس الدولة بأن أناط مباشرة هذه الرقابة القضائية لمحكمة استئناف القاهرة، ومن ثم يكون المشرع بذلك قد أقام طريق طعن خاص بشأن منازعة معينة - هي في حقيقة تكييفها القانوني منازعة متعلقة بقرار إداري - ونظم هذا الطريق بأن حدد المحكمة المختصة بنظره - وهي محكمة استئناف القاهرة - ومواعيد الطعن بأنها عشرة أيام من تاريخ نشر كشوف المرشحين، وحرص على التوجيه بأن يتم الفصل في الطعن على وجه الاستعجال ويتأبى على منطق التفسير السوي أن يكون المشرع قد ذهب عمداً أو سهواً إلى المغايرة في شأن تنظيمه لجهة القضاء المختصة بنظر القرارات الصادرة من مجلس النقابة وهو بصدد ممارسة اختصاصه بإعداد قوائم المرشحين بين قرار إيجابي يكون النعي عليه أمام محاكم مجلس الدولة وبين قرار سلبي بالامتناع عن إدراج اسم طالب الترشيح ويكون الاختصاص بنظره لمحكمة استئناف القاهرة فالاختصاص الذي يمارسه مجلس النقابة في كلتا الحالتين هو اختصاص واحد أساسه ما أسبغ عليه من سلطة عامة بإعداد قوائم المرشحين، ويكون حرص المشرع على إيراد تنظيم لحالة الطعن على القرار السلبي بالامتناع مرده إلى أن هذه الخصوصية قد تكون محل خلاف في التفسير في حالة السكوت عنها، فالقرار الذي يصدر من مجلس النقابة في هذا الشأن سواء كان بالإدراج أو بعدم الإدراج أي سواء كان إيجابياً أو سلبياً بشأن الإدراج لاسم طالب الترشيح في الكشف هو من طبيعة قانونية واحدة بحسبانه في كلتا الحالتين إفصاحاً عن إرادته في صلاحية المتقدم للترشيح بعد فحص مدى استيفاء طالب الترشيح لشروط الترشيح على النحو المقرر بقانون المحاماة، ومما لا شك فيه أن الطعن بعدم شرعية إدراج اسم أحد المرشحين بمجلس النقابة إنما هو طعن في الأساس الذي يتحدد بمقتضاه إطار المنافسة الانتخابية لمنصب عضوية هذا المجلس، وإذا ما تم الانتخاب سواء كان مطابقاً للقانون أو ينطوي على مخالفة لأحكامه. وحيث إنه قد قصر قانون المحاماة الاختصاص بنظر الطعون في نتيجة الانتخاب لمجلس النقابة والنقيب على محكمة النقض طبقاً لأحكام المادة (137) مكرراً من هذا القانون، فإن الطعن في إدراج أو عدم إدراج اسم مرشح أعلن فوزه في مجلس النقابة يتضمن بالحتم والضرورة الطعن في ذات الوقت في صحة العضوية بهذا المجلس حيث يترتب على صحة أو بطلان الإدراج في كشف المرشحين انهيار تثبت صحة العملية الانتخابية بأسرها وانهيار أو ثبوت الأساس الذي أعلنت بناء عليه نتيجة هذه الانتخابات، وهو ما لا يوجد سند من القانون يقضي بأن يوزع أمر الفصل فيه وحسمه بين جهتي القضاء الإداري والقضاء العادي على النحو الذي ذهب إليه الطاعن.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بمدى سريان حكم المادة (134) من قانون المحاماة بشأن تنظيم اختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر الطعون في القرارات الصادرة من مجلس النقابة بإعداد قائمة المرشحين، على القرارات الصادرة من مجلس النقابة بإعداد قائمة المرشحين على القرارات الصادرة منه بإعداد الكشوف الخاصة بالمرشحين لمنصب النقيب، فإنه باستعراض نصوص قانون المحاماة فإنه قد أورد حكماً بأن يكون تشكيل مجلس النقابة من النقيب وأربعة وعشرين عضواً (المادة 131 المعدلة) وبهذه المثابة تتقرر له صفة العضوية بالمجلس، حيث لم يقرر القانون تنظيماً خاصاً يختص به النقيب سواء من حيث الشروط التي يجب توافرها في المرشح لهذا المنصب أو الحقوق المخولة له، ومن ثم فإنه يخضع للأحكام العامة الواردة في القانون والتي تنظم شئون أعضاء مجلس النقابة وذلك تأسيساً على البداهة القانونية التي تقضي بأن رئيس أي مجلس أو لجنة هو في الأصل عضو فيها فضلاً عن صفته كرئيس لها فإذا كان ذلك وكان القانون قد جاء خلواً من تنظيم خاص لعملية الترشيح لمنصب النقيب وإعداد القائمة الخاصة بالمرشحين لهذا المنصب فإنه يسري على ذلك حجية حكم المادة (134) من قانون المحاماة بحسبانها تتضمن التنظيم الإجرائي ومن بعده طريق الطعن القضائي لعملية الترشيح وإعداد قوائم المرشحين لعضوية مجلس النقابة.
ومن حيث إنه متى كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر وانتهى إلى عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها إلى محكمة استئناف القاهرة وهو ما يتفق مع المبدأ الذي أقرته الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة، فإن الطعن عليه لا يكون قائماً على أساس من القانون خليق بالرفض، ولا يغير من ذلك ما آثاره الطاعن من عدم شرعية مجلس النقابة الذي قام بإعداد قائمة المرشحين فأياً ما كان الرأي في مدى صحة ذلك من عدمه، فإن ذلك مجاله الدعوى الأصلية بما لا يجوز معه إبداؤه إلا أمام المحكمة المختصة بالنزاع موضوعاً باعتبار أن ذلك يدخل في الموضوع، وهو أمر لا يتم التعرض له إلا بعد الفصل في الاختصاص فضلاً عن أن رقابة هذه المحكمة تتحدد بنطاق الحكم المطعون عليه والذي قضى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، ومن ثم تتحدد الرقابة على الحكم المطعون عليه في هذا النطاق دون التعرض لمسائل تخرج عنه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات.


[(1)] يراجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا - دائرة توحيد المبادئ - الطعن رقم 3089 لسنة 35 القضائية الصادر بجلسة 16/ 12/ 1990.