أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثالث - السنة 40 - صـ 222

جلسة 30 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الحميد سليمان نائب رئيس المحكمة، محمد وليد الجارحي، محمد بدر الدين توفيق وشكري جمعة حسين.

(357)
الطعن رقم 1749 لسنة 53 القضائية

(1 - 4) دعوى "الطلبات في الدعوى" "سبب الدعوى" "بعض أنواع الدعاوى". "دعوى منع التعرض".
(1) الطلب. ماهيته. القرار الذي يطلبه المدعي حماية للحق أو المركز القانوني الذي يشهد به بدعواه.
(2) سبب الدعوى. هو الواقع التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب. عدم تقيده بتغير الأدلة الواقعة أو الحجج القانونية.
(3) الطلب العارض. أحوال قبوله. للمدعي بغير إذن المحكمة تقديم طلبات عارضة تتضمن تغييراً في سبب الدعوى مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله أو تغيير السبب على بقاء الموضوع كما هو عدم جواز إبدائه طلب يختلف عن الطلب الأصلي في موضوعه وسببه معاً الاستثناء. ما تأذن به المحكمة من طلبات تكون مرتبطة بالطلب الأصلي.
(4) دعوى منع التعرض اتساعها للحكم بكل ما يعيد الحال إلى ما كانت عليه قبل حصول التعرض.
(5 - 7) حكم "تسبب الحكم" إيجار "إيجار الأماكن، إدارة المال الشائع" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
(5) قصور الحكم في أسبابه القانونية وإيراده تقريرات خاطئة لا يعيبه لمحكمة النقض تصحيحه واستكمال أسبابه القانونية.
(6) قيام أحد الشركاء على الشيوع برفع دعوى طرد للغضب. اعتباره وكيلاً عن الباقين في إقامتها طالما يعترض أحد منهم المادتان 287، 828 مدني.
(7) تقدير القرائن وأقوال الشهود والأدلة المطروحة في الدعوى والموازنة بينها من سلطة قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سليماً ومستمداً من الأوراق.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الطلب في الدعوى هو القرار الذي يطلبه المدعي من القاضي حماية للحق أو المركز القانوني الذي يستهدفه بدعواه.
2 - سبب الدعوى هو الواقعة أو الوقائع التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية أو الحجج القانونية.
3 - الطلب العارض الذي يقبل من المدعي بغير إذن من المحكمة هو الطلب الذي يتناول بالتغيير أو الزيادة أو الإضافة ذات النزاع من جهة موضوعية مع بقاء السبب على حاله أو تغيير السبب مع بقاء الموضوع كما هو، أما إذا اختلف الطلب عن الطلب الأصلي في موضوعه وسببه معاً فإنه لا يقبل إبداؤه من المدعي في صورة طلب عارض، ولا يستثنى من ذلك إلا ما تأذن المحكمة بتقديمه من الطلبات مما يكون مرتبطاً بالطلب الأصلي.
6 - مؤدى المادتين 827، 828 من القانون المدني أن إدارة المال الشائع يكون من حق الشركاء مجتمعين ما لم يتفقوا على خلاف ذلك وإذا تولى أحد الشركاء الإدارة دون اعتراض من الباقين عد وكيلاً عنهم لما كان ذلك وكانت إقامة الدعوى الماثلة بطلب الطرد للغصب تندرج ضمن إدارة المال الشائع وكان أي من باقي ورثة المالكة الأصلية لم يعترض على إنفراد المطعون ضده الأول برفعها، فإن ذلك يحمل على اعتباره وكيلاً عنهم في إقامتها وهو ما يكفي بذاته لاكتمال صفته، وإذ تأكد هذا بالتوكيل اللاحق عن باقي الورثة المقدم لمحكمة الاستئناف - كما أنه ليس هناك ما يمنع أن يكتسب المدعي صفته أثناء نظر الدعوى ومن ثم فإن الخصومة تكون منتجة لأثارها منذ بدايتها.
7 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لقاضي الموضوع سلطة تقدير القرائن وأقوال الشهود والأدلة الأخرى المطروحة عليه والموازنة بينها وترجيح ما يطمئن إليه، واستخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى منها، ولا رقابة عليه في ذلك متى كان استخلاصه سليماً، مستمداً من الأوراق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن والمطعون ضدها الثانية و....... الدعوى رقم 139 لسنة أمام محكمة بندر الزقازيق بطلب الحكم بمنع تعرض الأولين له في حيازة الشقة المبينة بالصحيفة المؤجرة منه للثالث ثم عدل طلباته إلى طلب الحكم بطردهما والتسليم - وقال بياناً لها أن....... استأجر من مورثته شقة النزاع بموجب عقد مؤرخ 1/ 12/ 1957 وإذ علم أنه - تركها وشغلها الطاعن والمطعون ضدها الثانية دون سند فقد أقام الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى لمحكمة الزقازيق الابتدائية المختصة فقيدت أمامها برقم 5723 لسنة 1979 وبعد أن أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق وسمعت الشهود حكمت بطرد الطاعن والمطعون ضدها الثانية من عين النزاع وتسليمها للمطعون ضده الأول استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 377 لسنة 35 ق المنصورة "مأمورية الزقازيق" وبتاريخ 28/ 5/ 1983 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة، في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه بطلان الإجراءات وفي بيان ذلك يقول أن المطعون ضده الأول غير أمام محكمة أول درجة سبب الدعوى وموضوعها وأشخاصها، فقد رفعها أولاً ضده والمطعون ضدها الثانية وأقر طالباً منع تعرضهم في حيازته لعين النزاع وعدل عن ذلك كله بطلب عارض قصره عليه وعلى المطعون ضدها الثانية للقضاء بطردهما بسبب الغصب، ورغم أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه لا يصح أن يخرج تعديل الطلبات بالدعوى عن نطاقها المرسوم قانوناً وبأن الطلب العارض يختلف سبباً وموضوعاً مع الطلب الأصلي ومن ثم فهو غير مقبول إلا أن الحكم المطعون فيه رد هذا الدفاع بإيراد قاعدة عدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الحق وقضي في الطلب العارض وهو دعوى مستقلة لا يجوز تقديمها في صورة طلب عارض ومن ثم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الطلب في الدعوى هو القرار الذي يطلبه المدعي من القاضي حماية للحق أو المركز القانوني الذي يستهدفه بدعواه وأن سبب الدعوى هو الواقعة أو الوقائع التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب وهو لا يتغير بتغير الأدلة الواقعية أو الحجج القانونية، كما أن الطلب العارض الذي يطلب من المدعي بغير إذن من المحكمة هو الطلب الذي يتناول بالتغيير أو الزيادة أو الإضافة ذات النزاع من جهة موضوعية مع بقاء السبب على حاله أو تغيير السبب مع بقاء الموضوع كما هو، أما إذا اختلف الطلب عن الطلب الأصلي في موضوعه وسببه معاً فإنه لا يقبل إبداؤه من المدعي في صورة طلب عارض، ولا يستثني من ذلك إلا ما تأذن المحكمة بتقديمه من الطلبات مما يكون مرتبطاً بالطلب الأصلي. لما كان ذلك وكانت العبرة في تحديد طلبات الخصم هو ما يطلب الحكم به فعلاً وكانت ولاية قاضي الحيازة في دعوى منع التعرض تتسع للحكم بكل ما يعيد الحال إلى ما كانت عليه قبل حصول التعرض كطرد المعتدي والتسليم إذ يعتبر ذلك من مستلزمات التعرض وإعادة يد الحائز إليه، وكان البين من الأوراق أن الطلب الأصلي في هذه الدعوى هو منع التعرض وأن الطلب العارض هو الطرد والتسليم فإن الطلبين في حقيقتهما طلب واحد لم يتغير وأن صيغ كل منهما بعبارات مختلفة عن الأخر. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم صحيح القانون فيما انتهى إليه من قبول الطلب العارض الذي لم يتغير موضوعه عن الطلب الأصلي ومن ثم فإن النعي عليه بالبطلان يكون على غير أساس، ولا يعيب الحكم قصوره في أسبابه القانونية وما أورده من تقريرات خاطئة في هذا الشأن إذ لهذه المحكمة تصحيح تلك التقريرات واستكمال أسبابه القانونية ومن ثم يكون النعي عليه في هذا الشق غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن العبرة في قبول الدعوى يكون يوم رفعها، وإذ رفع المطعون ضده الأول الدعوى وحده دون باقي ورثة زوجته المالكة للعقار فإن الدعوى تكون مرفوعة من غير ذي كامل صفة، ورغم تمسكه بهذا أمام المحكمة الاستئناف، وبأن التوكيلات التي قدمها المطعون ضده الأول عن باقي الورثة لاحقه لرفع الدعوى فإن الحكم المطعون فيه ذهب إلى وجود وكالة شفوية منذ بدء التقاضي مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن مؤدى المادتين 827، 828 من القانون المدني أن إدارة المال الشائع تكون من حق الشركاء مجتمعين ما لم يتفقوا على خلاف ذلك وكانت إقامة الدعوى المائلة بطلب الطرد للغصب تندرج ضمن إدارة المال الشائع وكان أي من باقي ورثة المالكة الأصلية لم يعترض على إنفراد المطعون ضده الأول برفعها، فإن ذلك يحمل على اعتباره وكيلاً عنهم في إقامتها وهو ما يكفي بذاته لاكتمال صفته، وإذ تأكد هذا بالتوكيل اللاحق عن باقي الورثة المقدم لمحكمة الاستئناف - كما أنه ليس هناك ما يمنع أن يكتسب المدعي صفته أثناء نظر الدعوى ومن ثم فإن الخصومة تكون منتجه لأثارها منذ بدايتها. ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن المطعون ضده الأول قدم ضده الشكوى رقم 244 لسنة 1979 إداري بندر الزقازيق لمنع تعرضه له في تعلية البناء ولم يذكر فيها أنه غاصب، ثم عاد وقدم شكوى أخرى ضده قيدت برقم 247 لسنة 1979 نسب إليه فيها الغصب وإذ خلت الشكوى الأولى مما نسب إليه في الشكوى الثانية فإنه يفهم من ذلك أن حيازته للعين لها سندها من عقد الإيجار الشفوي مع مورثة المطعون ضده الأول، وقد تأيد هذا بما قدمه من مستندات تثبت توصيله عداد الإنارة لعين النزاع قبل رفع الدعوى بعامين. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من كل ما سبق أنه غاصب وكان استخلاصه غير سائغ وليس له مأخذ من الأوراق فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لقاضي الموضوع سلطة تقدير القرائن وأقوال الشهود والأدلة الأخرى المطروحة عليه والموازنة بينها وترجيح ما يطمئن إليه، واستخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى منها، ولا رقابة عليه في ذلك متى كان استخلاصه سليماً ومستمداً من الأوراق، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شاهدي المطعون ضده من أن الطاعن لم يستأجر شقة النزاع من المالكة قبل وفاتها وأنه شغلها بعد سفر مستأجرها الذي ترك مفتاحها وديعة لدى والدته المطعون ضدها الثانية لتسليمه للمالكة، وتأكد ذلك من الأقوال الواردة بالمحضر الإداري رقم 247 لسنة 1979، ومن إقرار زوجة المستأجر بذلك "ومن عدم تقديم ما يدل على وجود ثمة علاقة إيجارية تربط الطاعن بملاك العقار وكان هذا الذي حصله الحكم وأقام عليه قضاءه سائغاً ومستمداً من أوراق الدعوى وكاف لحمل قضائه فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع سلطة استخلاصه وتقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون النعي برمته غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.