مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) - صـ 565

(58)
جلسة 11 من يناير سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدي عبد الله مليحي - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حنا ناشد مينا ومحمد معروف محمد وعبد اللطيف محمد الخطيب والطنطاوي محمد الطنطاوي - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 91 لسنة 37 القضائية

نيابة إدارية - أعضاؤها - ترقية - التعريف بعضو الهيئة القضائية. (مجلس الدولة) (هيئات قضائية) المادتان (2) مكرراً 38 مكرراً من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989 والمادة (49) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972.
الترقية إلى وظيفة نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية لا تتم تلقائياً بحسب الأقدمية في وظيفة وكيل عام أول وإنما تتم على أساس درجة الأهلية - مراعاة الأقدمية عند التساوي في درجة الأهلية - عناصر الأهلية التي جعلها المشرع أساساً للترقية إلى المناصب القضائية تتضمن إلى جانب الكفاءة الفنية حسن السمعة والاستقامة والنزاهة والأخلاقيات التي ينبغي أن تنأى بصاحبها عن الشبهات والريب.. من مجموع هذه العناصر وما يتصل بها تتكون الأهلية - عند التساوي في جميع هذه الصفات يراعى تحقيقاً للعدالة تقديم الأسبق في الأقدمية بين المتساويين في الأهلية - جرى العرف في الهيئات القضائية المختلفة (ومن بينها هيئة النيابة الإدارية) على إعداد ما يسمى بالتعريف بعضو الهيئة القضائية التي لا تخضع أعماله للتفتيش عند النظر في ترقيته إلى وظيفة أعلى - هذا التعريف ليس تقريراً بالتفتيش على أعماله وإنما هو تقرير وتلخيص لما هو وارد في ملف خدمته والملف السري من عناصر يتعين طرحها أمام المجلس الأعلى قبل النظر في ترقيته لتحديد مدى أهلية العضو وصلاحيته لمباشرة أعمال الوظيفة المرشح للترقية إليها - توافر الأهلية لا يقتصر على كفاءته الفنية بل يتضمن العناصر الأخرى الواجب توافرها في سلوكه ووجهات نظره ومهاراته وإلمامه بالعناصر الهامة في إنجاز العمل - للسلطة المختصة في الهيئة القضائية وهي بسبيل إجراء الترقية أن تعمل الموازنة بين جميع هذه العناصر لتقدير الأهلية اللازمة - لا تثريب عليها في تقديرها طالما كان ذلك مستمداً من أصول تنتجه ومستنداً إلى وقائع ثابتة - نتيجة ذلك: إذا قام لديها من الأسباب ما يدل على الانتقاص من أهلية المرشح للترقية فإن لها أن تتخطاه إلى من يليه ولا تكون بذلك قد خالفت القانون أو أساءت استعمال السلطة. (تطبيق).


إجراءات الطعن

بتاريخ 25/ 10/ 1990 أودع الأستاذ إبراهيم متولي رضوان المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن الأستاذ حسن فهمي أحمد محمد فهمي الوكيل العام الأول بهيئة النيابة الإدارية تقرير الطعن على قرار رئيس الجمهورية رقم (411) لسنة 1990 الصادر بتاريخ 1/ 1/ 1990 وفيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية لدرجة نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية اعتباراً من تاريخ موافقة المجلس الأعلى لهيئة النيابة الإدارية بجلسة 5/ 9/ 1990 وترقية الدكتور محمد محمود ندا الذي يليه في الترتيب بدلاً منه وترقية الأستاذة تيسير موسى بدلاً منه أيضاً.
وطلب أيضاً عن الأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه لحين الفصل في موضوع النزاع بإلغاء القرار المطعون عليه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية لدرجة نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية اعتباراً من 5/ 9/ 1990 (تاريخ موافقة المجلس الأعلى للنيابة الإدارية) على القرار المطعون عليه وإلزام المطعون ضدهم الثاني والثالث والرابع متضامنون بأن يؤدوا له مبلغ ثلاثمائة ألف جنيه على سبيل التعويض ويكون إلزام المطعون ضدهما الثالث والرابع بذلك في ماليهما الخاص وبالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وحدد بجلسة 23/ 12/ 1990 لنظر الطعن وتداولت المحكمة نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وجلسة 17/ 3/ 1991 حضر المدعي وقدم صورة قرار ترقيته إلى درجة نائب رئيس الهيئة وطلب تعديل طلباته إلى رد أقدميته إلى تاريخ صدور قرار تخطيه في الترقية وصرف الفروق المالية المترتبة على ذلك والتعويض وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع الطعن الماثل تتحصل في أن الطاعن قرر أنه أخطر بتاريخ 3/ 9/ 1990 - بكتاب إدارة التفتيش الفني بهيئة النيابة الإدارية رقم 1799 الذي طوى على مذكرة إدارة التفتيش الفني بالنيابة الإدارية المؤرخة 20/ 8/ 1990 بشأن مشروع الطعن الذي أعده الطاعن على الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 9/ 6/ 1990 في الطعن رقم 989 لسنة 34 ق الذي قضى برفض الدفع المبدي من جانب النيابة الإدارية بطلان تشكيل تلك المحكمة كذلك طوى الكتاب على شكوى الأستاذ جميل طاهر نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية (حالياً بالمعاش) ضد الطاعن والمقدمة بتاريخ 6/ 11/ 1989 للسيد رئيس الهيئة والتي يطلب فيها نقل الطاعن من المكتب الفني القسم الأول بدون بدل لما يصدر عنه من أصوات عالية وإساءة للعاملين بذلك القسم بما يتنافى ومظهر رجال القضاء وأخيراً صورة من التقرير المعد من السيد/ سمير غالب نائب رئيس الهيئة عن الطاعن بمناسبة ترشيحه - الترقية لدرجة نائب رئيس الهيئة وأشار الطاعن إلى أنه سبق أن أعد عنه تعريفاً في 6/ 11/ 1989 بمناسبة ترشيحه لدرجة نائب رئيس هيئة إلا أنه لم يرق لهذه الدرجة وأعدت عنه الهيئة تعريفاً جديداً رغم عدم سقوط التعريف السابق بدعوى أنه جدت أمور في حياة الطاعن الوظيفية بيانها كالآتي:
1 - أن الفحص رقم 20 لسنة 1989 تفتيش أسفر عن عدم مراعاة الطاعن القواعد والإجراءات والتعليمات المنظمة للعمل الفني بالنيابة الإدارية عند فحصه القضية رقم 637 لسنة 1988 شبين الكوم.
2 - أن الأستاذ جميل طاهر نائب رئيس الهيئة ومدير المكتب الفني القسم الأول تقدم بمذكرة لرئاسة الهيئة طلب فيها نقله إلى إدارة أخرى لارتفاع صوته وتحدثه بطريقه غير لائقة مع العاملين ولأن عرضه القضايا المحالة إليه لفحصها يعتريه الخلط والافتقاد إلى الترابط.
3 - أن الطاعن أعد مشروع طعن في حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 989 لسنة 34 ق تبين من فحصه بمعرفة إدارة التفتيش أن الطاعن أخطأ في بديهيات القانون وغابت عنه المبادئ القانونية الأولية التي لا تغيب عمن هم في مثل درجة وظيفته وأنه أخطر بإيداع المستندات الثلاثة ملفه السري فاعترض على ذلك بتاريخ 4/ 9/ 1990 ومع ذلك اجتمع المجلس الأعلى للنيابة الإدارية بتاريخ 5/ 9/ 1990 وقرر تخطي الطاعن في الترقية لدرجة نائب رئيس هيئة وصدر بذلك قرار رئيس الجمهورية رقم 411 لسنة 1990 المطعون عليه.
ويستند الطاعن في طعنه ببطلان القرار المطعون عليه إلى أسباب شكلية وأسباب موضوعية.
(أولاً) أسباب بطلان القرار المطعون عليه من الناحية الشكلية.
1 - طبقاً لأحكام المادة 38 مكرر 3، 9 من القانون رقم 12 لسنة 1989 بتعديل بعض أحكام النيابة الإدارية كان يتعين إخطار الطاعن قبل عرض مشروع حركة الترقيات بثلاثين يوماً على الأقل وكل ما أخطر به هو أن أوراق ستوضع ملفه السري وكان ذلك بالكتاب رقم 1799 في 3/ 9/ 1990 ولا يغني ذلك الإخطار عن الإخطار بالتخطي في الترقية الذي أوجبه القانون.
2 - إنه سبق التعريف بالطاعن يوم 6/ 11/ 1989 وما كان يتعين وضع تعريف جديد عنه في 25/ 8/ 1990 لأن المادة الثانية من القانون رقم 17 لسنة 1989 المعدلة للمادة 38 مكرر 3 من القانون رقم 117 لسنة 1958 نصت على خضوع أعضاء النيابة الإدارية التفتيش مرة كل سنتين على الأقل ومعنى ذلك أن تعريف 6/ 11/ 1989 لا يسقط إلا في 5/ 11/ 1991 ويتمسك به الطاعن الذي يرى أنه يتعين إهدار التعريف المعد عنه بتاريخ 25/ 8/ 1990 لأنه قام على الغش والفساد والأسباب غير الصحيحة.
(ثانياً) أسباب بطلان القرار المطعون عليه من الناحية الموضوعية:
إن القرار الطعين صدر مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة ذلك أن المطعون ضدهما الثالث والرابع كانا قد احتفظا بالشكوى التي قيل أن السيد جميل طاهر قدمها بتاريخ 6/ 11/ 1989 ولم يطلع الطاعن عليها وقررا نقله لإدارة الدعوى التأديبية يوم 3/ 12/ 1989 وهو ما يعني سبق التعرف في الشكوى بما يمنع النظر فيها مرة ثانية.
وبالإضافة إلى ذلك فإن الطاعن لم يعط فرصة الدفاع عن نفسه بشأن الشكوى المقدمة ضده وإنه يبين من الاطلاع على الأوراق المسلمة له رفق الإخطار رقم 1799 بتاريخ 3/ 9/ 1990 قد وقع تلاعب وتزوير واضح فيها إذ حررت الشكوى المقدمة ضده بتاريخ 6/ 11/ 1989 وتأشر عليها من مدير التفتيش الفني يوم 8/ 11/ 1989 كما أشر عليها رئيس الهيئة يوم 15/ 8/ 1990 بالموافقة على نقل الطاعن مع إخطاره بها - بعد تسعة أشهر كاملة ولم تعط الشكوى أية أرقام صادر أو وارد كذلك فإن الملاحظ على تاريخ التعريف المقدم عن الطاعن للمرة الثانية أنه تم تعديل تاريخ تحريره بما يكشف عن أن السلطة المختصة بيتت النية على تخطيه في الترقية بدون وجه حق وبطريق الغش والتدليس في الأوراق أما المذكرة المعدة بمعرفة المطعون ضده الرابع والمؤشر عليها بمعرفة رئيس الهيئة (المطعون ضده الثالث) يوم 30/ 8/ 1990 بشأن الملاحظات على مشروع الطعن الذي كان قد أعده الطاعن فإنه لم يخطر بها إلا يوم 3/ 9/ 1990 حتى لا يتمكن من الرد على ما جاء بها من أسباب غير صحيحة والهدف من ذلك تخطيه في الترقية.
ويشير الطاعن إلى أن تقارير كفايته السابقة كانت جميعها مشرفة وبين كفء وفوق المتوسط وإنه قد عرف ورقى إلى درجة وكيل عام أول سنة 1987 كما أشار إلى أنه لا تقل كفايته عن الأستاذ محمد محمود ندا الذي يليه في الترتيب والذي تمت ترقيته بالقرار الطعين وقد أخذت على المذكور أكثر من أثنى عشر ملحوظة ومع ذلك تمت ترقيته كما رقيت أيضاً السيدة/ تيسير موسى وهي مريضة ولا تقدر على القيام بأعباء الوظيفة أما ما نسب إلى الطاعن بشكوى الأستاذ جميل طاهر فظاهره الكذب إذ لا توجد أية ضغائن بينه وبين العاملين بالمكتب الفني القسم الأول وقد حصل الطاعن على إقرار منهم بذلك كما أنه قام بعمله خلال العام القضائي 1989/ 1990 خير قيام وعن ارتفاع صوته فيرجع ذلك إلى مرضه بالأحبال الصوتية وعن عمله الفني فإن اختلاف وجهات النظر القانونية لا ينبغي أن يكون محلاً للمخالفة أو المؤاخذة.
وعن طلب التعويض فقد قرر الطاعن أن مسلك المطعون ضدهم الثاني والثالث والرابع ألحق به ضرراً مادياً وأدبياً يتمثل في أن الأول لم يعبأ بما قدمه الطاعن من الشكاوى والبرقيات المؤرخة 4/ 9/ 1990 لدفع الغبن الواقع عليه من المطعون ضدها الأخيرين بتخطيه في الترقية لدرجة نائب رئيس هيئة وهو موقف سلبي من جانبه يسأل عنه بالتعويض وبالنسبة للمطعون ضدهما الثالث والرابع فقد تعمدا الافتئات على حقه في الترقية باختلاق وقائع مزورة غير صحيحة ونسبتها إليه زوراً فضلاً عن إساءة استعمال سلطتها وعدم احترامهما لمواعيد الإخطار بالتخطي في الترقية لذلك يستحق الطاعن التعويض عن الأضرار الصحية التي حاقت به فضلاً عن الأضرار الأدبية الناتجة عن نظرة الزملاء إليه وعن طلب وقف التنفيذ فقد أشار الطاعن إلى أن تخطيه في الترقية يشكل خطراً كبيراً على مصلحته فضلاً عن ثبوت أحقيته في الترقية وهو ما يعني توافر ركني الجدية والاستعجال اللازمين لوقف تنفيذ القرار المطعون عليه.
وبتاريخ 27/ 1/ 1991 أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاع المطعون ضدهم دفعت فيها بعدم جواز نظر الطلب المستعجل بوقف التنفيذ لأن القرار الطعين من القرارات الواجب التظلم منها ومن ثم لا يقبل طلب وقف تنفيذها واحتياطياً دفعت الهيئة بعدم توافر ركني الجدية والاستعجال بما لا يعطيه حق طلب وقف التنفيذ.
وبتاريخ 16/ 6/ 1991 أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة ثانية بدفاع المطعون ضدهم طلبت فيها الحكم برفض الدعوى استناداً إلى أن القرار المطعون فيه صدر متفقاً وأحكام القانون مستنداً إلى أسبابه الصحيحة ومن ثم يكون طلب التعويض لا أساس له.
ومن حيث إن المادة (2) مكرراً من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية المضافة بالقانون رقم 12 لسنة 1989 تنص على أن (يشكل مجلس أعلى للنيابة الإدارية برئاسة رئيس الهيئة وعضوية أقدم ستة من نواب الرئيس وعند غياب أحدهم أو وجود مانع لديه يحل محله الأقدم فالأقدم من نواب الرئيس ثم الوكلاء العاملين الأولين.
ويختص هذا المجلس بنظر كل ما يتعلق بتعيين أعضاء النيابة الإدارية وترقيتهم ونقلهم وإعارتهم وندبهم وكذلك سائر شئونهم على الوجه المبين في هذا القانون على أن يكون نظر ما يتعلق منها بالتعيين والترقية بطلب من وزير العدل بناء على اقتراح رئيس الهيئة.
وتنص المادة 38 مكرراً من القانون رقم 117 لسنة 1958 المشار إليه المعدلة بالقانون رقم 12 لسنة 1989 على أن يكون شأن أعضاء النيابة الإدارية فيما يتعلق بشروط التعيين والمرتبات والبدلات وقواعد الترقية والندب والإعارة والأجازات والاستقالة والمعاشات شأن أعضاء النيابة العامة.
وتنص المادة (49) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 على أن (يكون اختيار قضاة المحاكم الابتدائية من الفئة (ب) بطريق الترقية من بين أعضاء النيابة على أساس الأقدمية من واقع أعمالهم وتقارير التفتيش عنهم.....).
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن الترقية إلى وظيفة نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية لا تتم تلقائياً بحسب الأقدمية في وظيفة وكيل عام أول وإنما تتم على أساس درجة الأهلية ولا تراعى الأقدمية إلا عند التساوي في درجة الأهلية.
ومن حيث إن عناصر الأهلية التي جعلها المشرع أساساً للترقية إلى المناصب القضائية وتتضمن إلى جانب الكفاءة الفنية حسن السمعة والاستقامة والنزاهة والأخلاقيات التي ينبغي أن تنأى بصاحبها عن الشبهات والريب ومن مجموع هذه العناصر وما يتصل بها تتكون الأهلية وعند التساوي في جميع هذه الصفات يراعى تحقيقاً للعدالة تقديم الأسبق في الأقدمية بين المتساويين في الأهلية.
ومن حيث إنه قد جرى العرف في الهيئات القضائية المختلفة (ومن بينها هيئة النيابة الإدارية) على إعداد ما يسمى بالتعريف بعضو الهيئة القضائية الذي لا تخضع أعماله للتفتيش عند النظر في ترقيته إلى وظيفة أعلى وهذا التعريف ليس تقريراً بالتفتيش على أعماله وثانياً هو تقرير وتلخيص لما هو وارد في ملف خدمته والملف السري من عناصر يتعين طرحها أمام المجلس الأعلى قبل النظر في ترقيته لتحديد مدى أهلية العضو وصلاحيته لمباشرة أعمال الوظيفة المرشح الترقية إليها وتوافر الأهلية لا يقتصر على كفاءته الفنية بل يتضمن العناصر الأخرى الواجب توافرها في سلوكه ووجهات نظره ومهاراته وإلمامه العامة بالعناصر الهامة في إنجاز العمل والسلطة المختصة في الهيئة القضائية وهي بسبيل إجراء الترقية أن تعمل الموازنة بين جميع هذه العناصر لتقدير الأهلية اللازمة ولا تثريب عليها في تقديرها طالما كان ذلك مستمداً من أصول تنتجه ومستنداً إلى وقائع ثابتة من ثم فإنه إذا أقام لديها من الأسباب ما يدل على الانتقاص من أهلية المرشح للترقية فإن لها أن تتخطاه إلى من يليه ولا تكون بذلك قد خالفت القانون أو أساءت استعمال السلطة.
ومن حيث إنه باستقراء ما تضمنه التعريف الذي وضع عن الطاعن في 25/ 8/ 1990 بمناسبة النظر في ترقيته إلى وظيفة نائب مدير نيابة إدارية والذي كان تحت نظر المجلس الأعلى للنيابة الإدارية واستند إليه في تخطيه في الترقية، يبين أنه تضمن عديداً من الوقائع كان أبرزها ما هو ثابت في مذكرة التفتيش الفني بالنيابة الإدارية من أنه بتاريخ 9/ 6/ 1990 أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمها في الطعن رقم 989 لسنة 34 ق برفض الدفع المبدي من ممثل النيابة الإدارية ببطلان تشكيل المحكمة لعدم إدراج اسم ممثل النيابة الإدارية ضمن تشكيل المحكمة وأن الأستاذ حسن فهمي أحمد الوكيل العام الأول بإدارة الدعوى التأديبية (الطاعن) تقدم بمذكرة يقترح فيها الطعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا على سند من القول أنه صدر معيباً ومخالفاً لصحيح القانون للأسباب التي أوردها في المذكرة ومن بينها أنه قد جاء بالحكم عبارة ماسة بكرامة هيئة النيابة الإدارية واجبة المحو من الحكم المطعون فيه عملاً بنص المادة 105 من قانون المرافعات واقترح الطاعن في مذكرة طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اعتبار عضو النيابة الإدارية عضواً بتشكيل المحكمة الإدارية العليا وأن السيد المستشار رئيس الهيئة أشر على مذكرة الطاعن بإحالتها إلى التفتيش الفني بتاريخ 19/ 6/ 1990 وأن السيد المستشار نائب رئيس الهيئة ومدير التفتيش الفني أعد بتاريخ 5/ 8/ 1990 مذكرة بشأن نتيجة فحص مذكرة العريضة المشار إليها التي أعدها الطاعن انتهى فيها مدير التفتيش الفني إلى أن السيد العضو أخطأ في بديهيات القانون وغابت عنه المبادئ القانونية التي لا تغيب عمن هم في مثل درجته الوظيفية خاصة وأنه يعمل في إدارة الدعوى التأديبية ذلك أنه وفقاً لقاعدة حجية الأمر المقض فإن حكم المحكمة الإدارية العليا وهو حكم نهائي يعتبر عنواناً للحقيقة ولا يجوز الطعن عليه وأن الأسباب التي استند إليها في اقتراح الطعن متهاترة ومتناقضة ولا معنى لها وقد أشر السيد المستشار رئيس الهيئة على مذكرة التفتيش الفني بتاريخ 20/ 8/ 1990 بعبارة (ترفق عريضة الطعن المشار إليه بالملف السري للعضو ويخطر بذلك).
ومن حيث إنه طبقاً لقانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 فإن أحكام المحكمة الإدارية العليا نهائية ولا يجوز الطعن عليها إلا بدعوى البطلان الأصلية ومن ثم فإن المجلس الأعلى إذ استخلص من الواقعة سالفة الذكر أن الطاعن لا تتوافر فيه الأهلية اللازمة للترقية إلى وظيفة نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية وأصدر على هذا الأساس القرار المطعون عليه بتخطي الطاعن في الترقية مما يكون قد استخلص النتيجة التي انتهى إليها استخلاصاً سائغاً ومقبولاً من أصول تنتجه مادياً وقانونياً ويكون الطعن عليه في هذا القرار على غير أساس سليم من القانون ويتعين رفضه.
وغني عن البيان أنه لا وجه لما يستند إليه الطاعن من التمسك بالتعريف الذي سبق أن وضع عنه بتاريخ 6/ 8/ 1989 إذ ليس ثمة ما يمنع الجهة القضائية من أن ترفق بالملف السري للعضو جميع الوقائع التي تستمد ذات التأثير بأهليته للترقية وأن تأخذها في الحسبان إذ أن من المنطقي أن يتم إعداد تقرير تعريف عن العضو يسبق مباشرة إعداد حركة الترقيات ليكون ذلك التعريف أكثر دقة وواقعية.
كما أنه لا وجه لما يستند إليه الطاعن من انه لم يتم إخطاره بتخطيه في الترقية قبل إعداد حركة الترقيات إذ أن إدارة التفتيش الفني التي أعدت مشروع حركة الترقيات أدرجت اسم الطاعن ضمن المقترح ترقيتهم وبالتالي فإن الإخطار لم يكن لازماً وأنه وفقاً لنص المادة 38 مكرراً (2) من القانون رقم 117 لسنة 1958 فإن الإخطار مرتبط بالتفتيش على أعضاء النيابة الإدارية الخاضعين له وإذ كان الطاعن غير خاضع للتفتيش الفني فإنه لا يسري في شأنه هذا الإخطار.
ومن حيث إنه وقد استبان أن القرار المطعون عليه قد صدر صحيحاً متفقاً وأحكام القانون فإنه يتعين رفض الطعن عليه ومن ثم عدم جواز تعديل أقدمية الطاعن في وظيفة نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية التي رقى إليها بتاريخ 19/ 2/ 1991 في حركة ترقيات أخرى لاحقة.
ومن حيث إنه وقد استبان عدم ثبوت خطأ يمكن نسبته إلى الجهة الإدارية فإنه طلب التعويض يكون على غير سند من القانون ويتعين رفضه.
ومن حيث إن الفصل في موضوع الدعوى يغني عن بحث طلب وقف التنفيذ.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.