مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) - صـ 619

(64)
جلسة 26 من يناير سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل محمد زكي فرغلي وفريد نزيه تناغو وأحمد عبد العزيز أبو العزايم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2158 لسنة 37 القضائية

( أ ) قرار إداري – رقابة مشروعيته. (جامعه) (دعوى) (طالب)
تباشر محاكم مجلس الدولة الرقابة على مشروعية قرارات وتصرفات الإدارة متمتعة بالاستقلال الكامل عن أية سلطة في الدولة في أداء رسالتها في حدود الدستور والقانون - لا تحل محاكم مجلس الدولة محل جهة الإدارة في أداء واجباتها ومباشرتها لمسئوليتها التنفيذية والتي تتحمل مسئولية إدارتها لها مدنياً وجنائياً وإدارياً وسياسياً - رقابة مشروعية القرار الإداري الذي تصدره الجامعة لا يمكن أن تمتد أبعد مدى من القضاء بوقف التنفيذ أو الإلغاء - لا تشمل هذه الرقابة إعلان وتحديد موضوع النتيجة ولا أن تمتد إلى تصحيح أوراق الامتحان وتقدير الدرجات التي يستحقها الطالب - تقف هذه الرقابة عند حدها الطبيعي وهي مراجعة قرارات الإدارة وتصرفها الإيجابي والسلبي لتعيد جهة الإدارة وفقاً لم تتضمنه الأحكام منطوقاً وأسباباً مرتبطة به تصحيح تصرفاتها وقراراتها إعلاء للمشروعية وسيادة القانون - تطبيق.
(ب) اختصاص - ما يدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.
حالات السهو والخطأ المادي في جميع الدرجات التي رصدت للإجابة في امتحانات هي من الأمور التي تستظهرها المحكمة وتملك التعقيب عليها حين تمارس رقابتها على مشروعية القرار الإداري بإعلان النتيجة - هذه السلطة تقف عند حد ما هو قائم في الأوراق ولا تمتد إلى تقدير مدى صحة الإجابة في حد ذاتها أو مقدار الدرجة المستحقة - أساس ذلك: هذا التقدير هو من صميم عمل الجهة الإدارية المختصة ومسئوليتها باعتبارها عملية فنية بحته تدخل في صميم اختصاص أساتذة الجامعة لما يتمتعون به من صلاحيات علمية تجعل تقديرهم الفني لما تستحقه أوراق الإجابة من درجات هو تقدير فني نهائي غير قابل للتعقيب عليه من القضاء الإداري ما لم يثبت أن هذه السلطة التقديرية قد شابها عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها - تطبيق.
(ج) جامعة - جامعة الأزهر - قواعد الرأفة والتعويض
قرار رئيس جامعة الأزهر رقم 51 لسنة 1989 أتى بتنظيم متكامل لقواعد الرأفة والتيسير في الامتحانات لطلبة كليات الجامعة - القواعد الجديدة التي أتى بها هذا القرار تنسخ كافة قواعد التيسير والرأفة السابقة عليها وتسرى بأثر مباشر على كافة الامتحانات التي يؤديها الطلاب بعد تاريخ العمل بها في 3/ 4/ 1989 - أساس ذلك: اللاحق ينسخ السابق ما لم ينص صراحة على غير ذلك - تطبيق.
(د) جامعة - جامعة الأزهر - طلبه الجامعة (أثر مباشر)
القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها - قرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1975 بشأن اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 – علاقة الطالب بالجامعة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح بقواعد عامة ومجردة تطبق على جميع من تسري عليهم على سبيل الإلزام والمساواة بينهم - نتيجة ذلك: مركز الطالب فيها هو مركز تنظيمي عام يجوز تعديله وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة - يسري على الطالب التنظيم الجديد الذي تضعه الجامعة دون أن يكون له الحق في أن يعامل بالتنظيم القديم طالما أن التنظيم الجديد لم ينطو على إهدار مركز قانوني ذاتي نشأ له واستقر وضعه عليه في ظل التنظيم القديم - الجامعة لها الحق في وضع القواعد التي تسري في شأن تصحيح الامتحانات وما يلحقها من رأفة وتيسير على الطلاب والحق في تعديلها طبقاً لما يقتضيه حسن سير نظم الامتحانات وما يلحقها من رأفة - تسري القواعد الجديدة بأثر مباشر من تاريخ العمل بها على الامتحانات التي يؤديها الطلاب اعتباراً من هذا التاريخ - الأثر المترتب على ذلك: لا يكون للطالب أي حق مكتسب في أن يعامل بالقواعد القديمة الملغاة على الامتحانات التي تمت بعد سريان القواعد الجديدة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 28/ 4/ 1991 أودع الأستاذ سعد حماد المحامي بصفته وكيلاً عن........ صالح قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2158 لسنة 37 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 19/ 3/ 1991 في الدعوى رقم 1381 لسنة 45 قضائية والقاضي برفض وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعية بالمصروفات.
وطلبت الطاعنة في ختام تقرير الطعن الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من اعتبار الطاعنة راسبة في مادة الباثولوجي في دور سبتمبر 1990 وبأحقيتها في النقل إلى الفرقة الرابعة بكلية طب البنات جامعة الأزهر مع الأمر بتنفيذ الحكم بمسودته ودون إعلان وإلزام الجامعة المطعون ضدها بالمصروفات.
وأودع مفوض الدولة الأستاذ المستشار علي رضا تقريراً مسبباً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعنة المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعن بجلسة 2/ 5/ 1991 والجلسات التالية على النحو المبين محاضر جلساتها وقررت إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا التي نظرت الطعن بجلسة 12/ 10/ 1991 والجلسات التالية لها على النحو المبين بمحاضر جلساتها وقدم كل من محامي الطاعنة ومحامي الجامعة مذكرة بدفاعه وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تتلخص في أن المدعية أقامت هذه الدعوى بالصحيفة المودعة بقلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 4/ 12/ 1990 والتي طلبت في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار إعلان نتيجة امتحان السنة الثالثة بكلية الطب جامعة الأزهر دور سبتمبر 1990 فيما تضمنه من اعتبارها راسبة في مادة الباثولوجي وباعتبارها ناجحة فيها مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جامعة الأزهر بالمصروفات وأسست المدعية دعواها على أنها طالبة بكلية الطب جامعة الأزهر وقيدت لأول مرة بالسنة الثالثة عام 87/ 1988 ولم تنجح في ذلك العام ثم أدت الامتحان في العام الجامعي التالي 88/ 1989 ولم تنجح أيضاً ثم رسبت أيضاً في العام الجامعي التالي 89/ 1990 ونمى إلى علمها أن رسوبها في مادة الباثولوجي في دور سبتمبر 1990 وأضافت أنها تنعى على القرار باعتبارها راسبة في هذا الامتحان ما شابه من خطأ في الواقع والقانون لأن كلية الطب لم تطبق عليها القاعدة التنظيمية القديمة المتعلقة بقواعد الرأفة والتي كانت تقضي بمنح 5% من المجموع الكلي للمواد بالإضافة إلى 10% من مجموع كل مادة لتحسين النتيجة وتيسيراً للنجاح، كما أن إجابتها في المادة المذكورة تفضي إلى نجاحها مما يدل على أن ثمة أخطاء مادية وقعت في تصحيحها وجمع درجاتها، ومن ثم انتهت المدعية إلى طلب الحكم بطلباتها السالفة.
وبجلسة 19/ 3/ 1991 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعية مصروفاته وأمرت بإحالة طلب الإلغاء إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيره وإيداع تقرير بالرأي القانوني فيه وأسست المحكمة حكمها على أن البادي من ظاهر الأوراق أن المدعية رسبت في امتحان الفرقة الثالثة بكلية الطب جامعة الأزهر في مادة الباثولوجي بتقدير ضعيف والواضح من مطالعة أوراق إجابتها المودعة ملف الدعوى أنها خاصة بها وتم تصحيح جميع إجاباتها ومنحت الدرجة التي تم تقديرها لها وذلك دون خطأ في الجمع أو النقل أو الرصد ولم يترك أي جزء من الإجابة دون تصحيح وكان البادي من الأوراق أن عدم تطبيق الجامعة لقواعد التيسير الواردة بقرار رئيس الجامعة رقم 51 لسنة 1989 على حالة المدعية مرجعه إلى احتياجها إلى درجات تزيد على 2/ 1 1% من المجموع الكلي للمواد للنجاح في مادة الباثولوجيا وهو غاية ما يتاح لها من درجات وفقاً لقواعد التيسير أياً كان وجه الاستفادة منها في الأعوام السابقة ومن ثم فإن قرار الجامعة في هذا الشأن يكون بحسب الظاهر من الأوراق قائماً على حكم الصحة مستنداً إلى سبب صحيح يبرره قانوناً ولا وجه لما تطالب به المدعية في شأن الإفادة من قواعد التيسير التي كانت مطبقة في السنوات الماضية ذلك أنه من المسلم به أن مركز الطالب هو مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت بتنظيم جديد يسري عليه دون أن يكون له الحق في أن يعامل بالتنظيم القديم طالما أن التنظيم الجديد لا ينطوي على إهدار مركز قانوني ذاتي نشأ له واستقر وضعه به في إطار التنظيم الملغي فلا تثريب على الجامعة في امتناعها عن تطبيق القواعد التي تم العدول عنها وأصبحت غير قائمة ومن ثم انتهت محكمة القضاء الإداري إلى إصدار حكمها المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن الحكم المطعون فيه اعتد فقط بدرجة الامتحان التحريري ولم يعتد بالدرجة التي حصلت عليها الطاعنة في الامتحان الشفوي والعملي، ولما كان إدخال الدرجة المشار إليها في الاعتبار مع تطبيق قواعد التيسير يؤدي إلى نجاح الطاعنة في مادة الباثولوجيا فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ومن ثم انتهت الطاعنة إلى طلب الحكم بطلباتها السالفة. كما استندت الطاعنة في دفاعها أمام المحكمة الإدارية العليا أن الكلية أغفلت تصحيح إجابة الفقرة (ب) من السؤال الخامس في كراسة الإجابة الثانية للمادة المذكورة الأمر الذي أدى إلى إغفال احتساب الدرجة المقررة للإجابة المذكورة هذا فضلاً عن استحقاق الطاعنة الرأفة بواقع 10% من مجموع المادة المذكورة طبقاً لقرار مجلس كلية الطب رقم 314 بتاريخ 10/ 11/ 1987 بتعويض الطلاب الراسبين في مادة واحدة بعشرة في المائة من مجموع المادة للنجاح فيها، ومن ثم انتهت الطاعنة إلى التصميم على طلباتها السالفة.
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة منذ إنشائها أنه طبقاً لأحكام الدستور والقانون فإن رقابة القضاء الإداري ومحاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية هي رقابة مشروعية تسلطها على القرارات المطعون فيها لتزنها بميزان القانون والشرعية والمصلحة العامة فتعملها أو توقف تنفيذها لو تبين صدورها مخالفة لأحكام القانون بصفة عامة أو انحرافها عن الغاية الوحيدة التي حددها الدستور والقانون لسلامة تصرفات الإدارة وهي تحقيق الصالح العام إلى تحقيق غير ذلك من الأغراض غير المشروعة لجهة الإدارة أو لأي من العاملين عليها وأن رقابة الإلغاء يتفرع عليها رقابة وقف تنفيذ القرار الإداري ويجب أن يستند القاضي الإداري فيما يقضي بوقف تنفيذه، من قرارات إدارية بحسب الظاهر من الأوراق وفي الحدود التي يقتضيها القضاء بوقف التنفيذ على ما يبدو ومن عدم مشروعية القرار فضلاً عن توافر نتائج يتعذر تداركها على استمرار التنفيذ ما لم يوقف أثر القرار غير المشروع على سبيل الاستعجال وهذه الرقابة التي تقوم عليها ولاية محاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية وتتولى المحكمة الإدارية العليا نظر الطعون في أحكام محاكم مجلس الدولة الجائز الطعن فيها أمامها – ووزن هذه الأحكام بميزان القانون سواء من حيث الشكل أو الإجراءات أو سلامة مباشرتها لولاية رقابة الإلغاء أو وقف التنفيذ على القرارات الإدارية على النحو السالف البيان طبقاً وفي حدود الأحكام والدستور والقانون، ولا يحل القضاء الإداري على أي نحو في مباشرته لرقابة الإلغاء ووقف التنفيذ محل الجهة الإدارية في أداء واجباتها ومباشرة نشاطها في تسيير المرافق العامة وإدارتها ومباشرة السلطات الإدارية والتنفيذية المخولة لها طبقاً للدستور والقانون على مسئولية الإدارة السياسية والمدنية والجنائية والتأديبية - كما أن مجلس الدولة لا تلتزم محاكمه في مباشرة رقابتها للمشروعية على قرارات وتصرفات الجهة التنفيذية والإدارية العامة في سبيل أدائها لواجباتها بغير أحكام الدستور والقانون ولسيادة القانون وعلو المصلحة العامة الغاية الوحيدة لكل ممارسة للسلطة العامة وسند مشروعية هذه الممارسة ومبررها وقد تضمنت أحكام الدستور والقانون هذه المبادئ والأصول العامة الحاكمة لحدود رقابة المشروعية للقضاء الإداري على القرارات الإدارية وولاية المحكمة الإدارية العليا في رقابة أحكام محاكم مجلس الدولة الأدنى منها في مباشرتها لاختصاصها على النحو السالف البيان فقد نصت المادة (64) من الدستور على أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة كما نصت المادة (65) على أن تخضع الدولة للقانون واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات وحظرت المادة (68) النص في القوانين على تخصيص أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء وجعلت المادة (72) امتناع الموظفين العموميين عن تنفيذ الأحكام القضائية أو تعطيل تنفيذها من جانبهم جريمة يعاقب عليها القانون وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة وكما أناط الدستور برئيس الجمهورية في المادة (130) رئاسة السلطة التنفيذية وممارستها على الوجه المبين في الدستور والقانون ونظم في المواد (138 - 152) وفي المواد (153 - 160) مباشرة الحكومة والوزراء وأعضاء السلطة التنفيذية لواجباتهم في خدمة المصالح العامة للشعب، نصت المادة (115) على أن السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ونصت المادة (166) على استقلال القضاة، ونصت المادة (172) على أن مجلس الدولة هيئة مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية.
ومن حيث إنه بناء على ما سبق جميعه فإن محاكم مجلس الدولة تباشر الرقابة على مشروعية قرارات وتصرفات الإدارة متمتعة بالاستقلال الكامل عن أية سلطة في الدولة في أداء رسالتها في حدود الدستور والقانون ولكنها لا تحل محل جهة الإدارة في أداء واجباتها ومباشرتها لمسئوليتها التنفيذية والتي أناطها بها كذلك الدستور والقانون واللوائح التنظيمية والتي تتحمل الإدارة مسئولية إدارتها لها مدنياً وجنائياً وإدارياً وسياسياً ومن ثم فإن ولاية رقابة مشروعية القرار محل هذه المنازعة التي تباشرها محكمة القضاء الإداري لا يمكن بحسب أحكام الدستور أو القانون أن تمتد أبعد مدى من القضاء بوقف التنفيذ أو الإلغاء ولا تشمل إعلان وتحديد موضوع النتيجة ولا أن تمتد إلى تصحيح أوراق الامتحان وتقدير الدرجات التي يستحقها الطالب عن الأسئلة أو كل جزء منها وإنما تقف هذه الرقابة للمشروعية عند حدها الطبيعي وهي مراجعة قرارات الإدارة وتصرفها الإيجابي والسلبي ووزنها بميزان المشروعية وسيادة القانون ووقف تنفيذ أو إلغاء ما تبين خروجه من قرارات الإدارة وتصرفاتها عن ذلك لتعيد الإدارة وفقاً لما تتضمنه الأحكام منطوقاً وأسباباً مرتبطة به تصحيح تصرفاتها وقراراتها إعلاء للمشروعية وسيادة القانون.
ومن حيث إنه بناء على المبادئ الأساسية السابقة الحاكمة لرقابة المشروعية وسيادة القانون وحيث إن البادي من ظاهر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في الشق المستعجل من المنازعة الماثلة أن الطاعنة اعتبرت راسبة في مادة الباثولوجيا في دور سبتمبر 1990 وحصلت على 145 درجة من 300 درجة النهاية العظمى لهذه المادة باعتبار أن الحد الأدنى للنجاح 180 درجة، وقد حصلت في الامتحان التحريري على 48 درجة والامتحانين الشفوي والعملي على 97 درجة ومجموع الدرجات في الامتحانات الثلاثة 145 درجة 300 درجة، ولما كان الحد الأدنى للنجاح 180 درجة فإن الطاعنة تقصر درجاتها في الامتحانات الثلاثة عن حد الكفاية للنجاح ما مقداره 35 درجة وذلك مع الاعتداد بالدرجات الحاصلة عليها في الامتحانين الشفوي والعملي طبقاً لما سلف ومن ثم فإنه يتعين رفض ما أثارته الطاعنة من خطأ القرار المطعون فيه ومن بعده الحكم المطعون فيه في عدم احتساب الدرجات التي حصلت عليها في الامتحانين المشار إليهما.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بما أثارته الطاعنة من أن الكلية أغفلت تصحيح إجابة الفقرة (ب) من السؤال الخامس في كراسة إجابتها الثانية فإن البادي من الأوراق وخاصة من التقرير الذي قدمته أستاذة هذه المادة التي قامت بالتصحيح أن إجابة الطاعنة في شق السؤال المذكورة لم تمنح عنها أي درجة "لأنها كانت خارج الموضوع وإنه تمت مراجعة إجابة الطالبة في هذه الورقة وهي في مجموعها ليست على المستوى المطلوب للنجاح" ومن حيث إن المستخلص من ذلك أن إجابة الطاعنة عن هذا الشق من السؤال لم تمنح عنها أي درجة لما ارتأته أستاذة المادة التي قامت بالتصحيح إن هذه الإجابة لا تستحق أي درجة، ولما كان قضاء هذه المحكمة تطبيقاً للمبادئ الأساسية لرقابة المشروعية التي تتولاها محاكم مجلس الدولة والتي سلف بيانها قد جرى على أن حالات السهو والخطأ المادي في جمع الدرجات التي رصدت للإجابة في الامتحان هي من الأمور التي تستظهرها المحكمة وتملك التعقيب عليها حين تمارس رقابتها القضائية على مشروعية القرار الإداري بإعلان النتيجة وذلك في ضوء ما هو ظاهر وثابت في الأوراق من وقائع مادية منتجة في بحث مدى مشروعية هذا القرار إلا أن تلك السلطة تقف عند حد ما هو قائم في الأوراق ولا تمتد إلى تقدير مدى صحة الإجابة في حد ذاتها أو مقدار الدرجة المستحقة عن تلك الإجابة باعتبار أن هذا التقدير هو من صميم عمل الجهة الإدارية المختصة ومسئوليتها التي تباشرها مستقلة بها تحت الرقابة الداخلية المنظمة فيها ولا تحل محلها في أدائها لمحاكم مجلس الدولة باعتبارها عملية فنية بحته تدخل في صميم اختصاص أساتذة المادة القائمين بتدريسها وتصحيح امتحاناتها في الجامعات وترجع إلى ما يتمتعون به من صلاحيات علمية رفيعة المستوى تجعل تقديرهم الفني لما تستحقه الإجابة من درجات هو تقدير فني ونهائي غير قابل للتعقيب من القضاء الإداري ما لم يثبت أن هذه السلطة التقديرية الواسعة المخولة لأساتذة المادة قد شابها عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها.
ومن حيث إنه في خصوصية الواقعة المعروضة وقد اتضح للمحكمة أن عدم منح الطاعنة أي درجة عن إجابة الفقرة (ب) من السؤال الخامس يرجع إلى ما وقر في تقدير أستاذة المادة التي قامت بتصحيحها من أن هذه الإجابة تخرج عن الموضوع المطروح فيه السؤال، ولا تستحق أية درجة عنها وقد خلت الأوراق مما يدل على توافر عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها في هذا الشأن ومن ثم فإنه لا محل للتعقيب على التقدير الفني الذي قامت به أستاذة المادة، ويتعين عدم الاعتداد بما أثارته الطاعنة في هذا الشأن.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بما تثيره الطاعنة من أنه يتعين أن تطبق على حالتها قواعد الرأفة والتعويض القديمة الصادرة بقرار مجلس كلية الطب - لجنة شئون الطلاب بجلسة رقم 314 بتاريخ 10 من نوفمبر سنة 1987 والتي أشار فيها مجلس الكلية أنه بعد النظر في الشكاوى المقدمة من الطلاب الراسبين تقرر أن تطبق على الطلاب الراسبين في مادة واحدة قواعد التعويض المقررة سابقاً من مجلس الكلية وهي تعويضه 10% في مادة واحدة لينقلوا. فإن الظاهر من الأوراق أنه بتاريخ 3/ 4/ 1989 إصدار رئيس جامعة الأزهر القرار رقم 51/ 1989 الذي أتى بتنظيم متكامل لقواعد الرأفة والتيسير في الامتحانات وما يمكن أن يمنح من درجات إضافية للدرجة الحاصل عليها الطالب في الامتحان وذلك عند رسوبه في مادة واحدة أو أكثر ونص هذا القرار على سريانه على كافة كليات الجامعة (بنين - بنات) بمراحله العالية، كما نص على إلغاء كل حكم يخالف أحكامه.
ومن حيث إنه من المسلمات أن اللاحق بنسخ السابق ما لم ينص صراحة على غير ذلك ومن ثم فإن القواعد الجديدة التي أتى بها هذا القرار تنسخ كافة قواعد التيسير والرأفة السابقة وتسرى بأثر مباشر على كافة الامتحانات التي يؤديها الطلاب بعد تاريخ العمل بها في 3 من إبريل عام 1989 بحيث لا يجوز بعد هذا التاريخ تطبيق قواعد الرأفة والتيسير القديمة بالإضافة إلى القواعد الجديدة من تاريخ نفاذ وسريان هذه القواعد الجديدة.
ومن حيث إنه على هذا المقتضى فإنه لا محل لتطبيق قواعد الرأفة القديمة على حالة الطاعنة وهي التي كانت تتيح منح 10% من مجموع المادة الراسب فيها الطالب بعد أن نسخت هذه القاعدة بصدور القواعد الجديدة التي تضمنها قرار رئيس الجامعة رقم 51/ 1989 والذي أتاح منح 2% من المجموع كل مادة رسوب للنجاح فيها مهما تعددت مواد الرسوب كما أتاح منح 1% من مجموع الكلي للمواد الأصلية وإضافته لمواد الرسوب لتغيير حالة الطالب إلى النجاح فيها ومنح 2/ 1 1% من المجموع الكلي للمواد المقررة للطلاب المعرضين للفصل في حالة عدم إفادتهم من قواعد التيسير في السنوات السابقة مع اشتراط ألا يقل تقدير الطالب في المادة التي يجيز فيها عن تقدير ضعيف"
ومن حيث إنه طبقاً للأحكام المنظمة للدراسة والامتحانات في القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن جامعة الأزهر واللوائح التنفيذية له فإنه من المقرر أن علاقة الطالب بالجامعة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح بقواعد عامة ومجردة تطبق على من تسري عليهم على سبيل الإلزام وبالمساواة بينهم ومن ثم فإن مركز الطالب فيها هو مركز تنظيمي عام يجوز تعديله وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة فيسري عليه التنظيم الجديد دون أن يكون له الحق أن يعامل بالتنظيم القديم طالما أن التنظيم الجديد لا ينطوي على إهدار مركز قانوني ذاتي نشأ له واستقر وضعه عليه في ظل التنظيم القديم وعلى ذلك فإن للجامعة الحق في وضع القواعد التي تسري في شأن تصحيح الامتحانات وما يلحقها من رأفة أو تيسير على الطلاب ولها الحق في تعديلها طبقاً لما يقتضيه حسن سير نظم الامتحانات تحقيقاً للصالح العام فتسري القواعد الجديدة في هذا الشأن بأثر مباشر من تاريخ العمل بها على الامتحانات التي يؤديها الطلاب اعتباراً من هذا التاريخ دون أن يكون للطالب أي حق مكتسب في أن يعامل بالقواعد القديمة الملغاة على الامتحانات التي تمت بعد سريان القواعد الجديدة.
ومن حيث إنه بإعمال قواعد الرأفة والتيسير الجديدة الصادرة بقرار رئيس الجامعة رقم 51/ 1989 في خصوصية الحالة المعروضة التي تم فيها الامتحان في سبتمبر دور 1990 بعد العمل بهذه القواعد في 3/ 4/ 1989 فإن أقصى ما تتيحه هذه القواعد عند تطبيقها على الوجه القانوني السليم حسبما سلف البيان إضافة 2/ 1 1% من المجموع الكلي للمواد المقررة باعتبار أن الطالبة معرضة للفصل وهذه النسبة تعادل 20 درجة فضلاً عن نسبة 2% من مجموع مادة الرسوب وهي 6 درجات وحاصل ذلك 26 درجة وهو لا يكفي لنجاح الطاعنة في المادة التي رسبت فيها لحصولها على 145 درجة من 300 درجة والحد الأدنى للنجاح 180 درجة أي أنها تحتاج للوصول إلى الحد الأدنى ما مقداره 35 درجة ولا تكفي قواعد الرأفة والتيسير السارية في التطبيق لرفع درجاتها إلى الحد الأدنى المشار إليه، ومن ثم يكون قرار الجامعة باعتبارها راسبة في هذه المادة مشروعاً بحسب الظاهر من الأوراق وبالتالي يعد الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى رفض طلب وقف تنفيذ هذا القرار قد صادف صحيح القانون مما يتعين معه رفض الطعن الماثل موضوعاً لعدم استناده على أساس صحيح من القانون والواقع مع إلزام الطاعنة بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة بالمصروفات.