أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثالث - السنة 40 - صـ 261

جلسة 6 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين، ريمون فهيم نائبي رئيس المحكمة، عزت عمران وعزت البنداري.

(363)
الطعن رقم 1479 لسنة 52 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "احتجاز أكثر من مسكن".
(1) حظر احتجاز الشخص أكثر من مسكن في البلد الواحد. مناطه. انفراد المستأجر بالسيطرة المادية والقانونية على المسكنين أو المساكن التي أبرم عقد إيجارها.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
استخلاص الإقامة المستقرة للمستفيد من امتداد عقد الإيجار وتحصيل فهم الواقع في الدعوى وترجيح أقوال الشهود من سلطة محكمة الموضوع. متى كان استخلاصها سائغاً. عدم التزامها بالرد استقلالاً على حجج الخصوم.
(3، 4) إيجار "إيجار الأماكن" أسباب الإخلاء "الامتداد القانوني".
(3) ورود أسباب الإخلاء الواردة في قوانين إيجار الأماكن على سبيل الحصر. مؤداه عدم جواز إقامة دعوى الإخلاء على غير هذه الأسباب.
(4) حق المستفيدين من امتداد عقد الإيجار إليهم في حالة وفاة المستأجر. مستمد من القانون مباشرة. مؤدي ذلك بطلان ما يرد بعقد الإيجار من شرط خاص بتحديدهم بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام.
1 - النص في الفقرة الأولى من المادة الثامنة من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 على أنه "لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن بغير مقتضى" يدل على أن مناط الاحتجاز - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو أن ينفرد الشخص بالسيطرة المادية والقانونية على مسكنين أو المساكن التي أبرم عقود إيجارها بحيث لا تقتصر الروابط الإيجارية الناشئة عن هذه العقود على مجرد كونه طرفاً في العقد كمستأجر فيها وإنما لابد أن يتوافر في شأنه الإنفراد المطلق والمستمر والانتفاع بسكنى كل عين، فإذا لم تكن له سيطرة مادية إلا على مسكن واحد واستقل آخرون من ذويه بالمسكن أو المساكن الأخرى استقلالاً فعلياً فإنه لا يعد محتجزاً لها بالمعنى الذي قصده القانون. لما كان ذلك وكان المسكن الذي ذهب الطاعن إلى أن المطعون ضدهما يحتجزانه هو مسكن أسرتهما الذي يقيم فيه والدهما وأخواتهما حسبما أقر به الطاعن وقد خلت الأوراق مما يفيد أن لهما السيطرة المادية والقانونية على ذلك المسكن ومن ثم فلا يتوافر في حقهما معنى الاحتجاز الذي قصده القانون ولا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ هو أغفل الرد على دفاع لم يقدم الخصم دليله.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - (2) أن استخلاص إقامة المستفيد من امتداد عقد الإيجار مع مستأجر العين إقامة مستقرة وفقاً لنص المادة 21 من قانون إيجار الأماكن رقم 52 لسنة 1969 المنطبق على واقعة النزاع، والمقابلة لنص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 هو مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة كما أن لها السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث أدلتها وموازنة بعضها بالبعض الأخر وترجيح ما تطمئن إليه من أقوال الشهود ما دام أنها لم تخرج بها عما يؤدي إليه مدلولها وحسبها أن تبين الحقيقة التي استخلصتها من الأوراق واقتنعت بها متى كان استخلاصها سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق وهي غير ملزمة من بعد بأن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وترد استقلالاً على كل قول أو حجة أثاروها ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها يتضمن الرد الضمني المسقط لتلك الحجج والأقوال.
3 - البين من استقراء المراحل التشريعية التي مرت بها قوانين تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين - منذ القانون رقم 121 لسنة 1947 وحتى القانون الحالي رقم 136 لسنة 1981 أن المشرع قيد حق المؤجر في طلب إنهاء أو فسخ العقد إلا لأحد الأسباب المبينة بهذه القوانين والتي وردت فيها على سبيل الحصر لا على سبيل البيان. وهو حصر أملته اعتبارات النظام العام الذي دعت إلى إصدار التشريع الخاص، فلا يصح إقامة دعوى الإخلاء على غير هذه الأسباب.
4 - لما كانت المادة 21 من القانون رقم 25 سنة 1969 - المنطبق على واقعة الدعوى والمقابلة لنص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - تقضي بامتداد عقد الإيجار في حالة وفاة المستأجر لصالح زوجته أو أولادة أو والده المقيمين معه حتى تاريخ الوفاة وكذلك لصالح أقاربه حتى الدرجة الثالثة الذين كانوا يقيمون معه بالسكن مدة سنة سابقة على وفاته، ويلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لهم فإن مفاد ذلك أن حق المستفيدين من امتداد العقد مستمد من القانون مباشرة، ومن ثم فإن ما يرد بعقد الإيجار من شرط خاص بتحديد المستفيدين من الإجارة يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفة نصاً آمراً متعلقاً بالنظام العام.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم من الثالث إلى الخامسة الدعوى رقم 5318 لسنة 1977 أمام محكمة طنطا الابتدائية طالباً الحكم بإخلاء الشقة محل النزاع. وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 25/ 11/ 1965 استأجر....... هذه الشقة، وبعد وفاته استمرت زوجته..... شقيقة المدعى عليهم في الانتفاع بها منفردة حتى توفيت في شهر مايو سنة 1977. وإذ استولى المطعون ضدهم المذكورين على الشقة بغير وجه حق فقد أقام الدعوى. وبجلسة 12/ 11/ 1978 طلب المطعون ضدهما الأول والثاني قبول تدخلهما في الدعوى وإلزام الطاعن بأن يحرر لهما عقد إيجار عن شقة النزاع وبتاريخ 16/ 11/ 1978 قضت المحكمة بقبول تدخلهما وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات إقامتهما مع عمتهما......... بالشقة محل النزاع مدة سنة على الأقل قبل وفاتها. وبعد أن استمعت المحكمة إلى شهود الطرفين قضت في 28/ 2/ 1980 بانتهاء عقد الإيجار وبإخلاء الشقة محل النزاع. استأنف المطعون ضدهما الأول والثاني هذا الحكم بالاستئناف رقم 86 لسنة 30 ق طنطا. وبتاريخ 17/ 2/ 1982 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بتحرير عقد إيجار لهما عن عين النزاع - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأته جديراً بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أن حق المسكن للمستأجر الأصلي في الانتفاع بميزة الامتداد القانوني لعقد إيجار العين طبقاً للمادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 مشروطاً بألا يترتب على ذلك أن يجمع بين أكثر من مسكن. وعلى محكمة الموضوع أن تتحقق من توافر هذا الشرط متى ثار النزاع في شأنه، وإذ تمسك الطاعن في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضدهما الأول والثاني مسكن أخر غير شقة النزاع بذات البلدة، وهو مسكن أسرتهما، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على هذا الدفاع فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن النص في الفقرة الأولى من المادة الثامنة من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 على أنه "لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتض" يدل على أن مناط الاحتجاز - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو أن ينفرد الشخص بالسيطرة المادية والقانونية على مسكنين أو المساكن التي أبرم عقود إيجارها بحيث لا تقتصر الروابط الإيجارية الناشئة عن هذه العقود على مجرد كونه طرفاً في العقد كمستأجر فيها وإنما لابد أن يتوافر في شأنه الإنفراد المطلق والمستمر والانتفاع بسكنى كل عين، فإذا لم تكن له سيطرة مادية إلا على مسكن واحد واستقل آخرون من ذويه بالمسكن أو المساكن الأخرى استقلالاً فعلياً فإنه لا يعد محتجزاً لها بالمعنى الذي قصده القانون - لما كان ذلك وكان المسكن الذي ذهب الطاعن إلى أن المطعون ضدهما يحتجزانه هو مسكن أسرتهما الذي يقيم فيه والدهما وأخواتهما حسبما أقر به الطاعن وقد خلت الأوراق مما يفيد أن لهما السيطرة المادية والقانونية على ذلك المسكن ومن ثم فلا يتوافر في حقهما معنى الاحتجاز الذي قصده القانون ولا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ هو أغفل الرد على دفاع لم يقدم الخصم دليله ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن إقامة المطعون ضدهما الأول والثاني بعين النزاع حال حياة عمتهما - بفرض حصولها - ليست إقامة دائمة ومستقرة ويقيمان أصلاً بمسكن والديهما وأخواتهما لصغر سنهما وهو المسكن الواقع على مقربة من شقة النزاع. وقدم من القرائن والمستندات على ما يدل على صحة دفاعه وأن إقامتهما بعين النزاع هي إقامة عارضة إذ ما زال اسمها مدرجاً في بطاقة تموين أسرتهما واشتراك مرفق المياه باسم المطعون ضده الثاني بمسكن أسرته، وقد ثبت بأقوال شاهدي المطعون ضدهما الأولين أنه لا يوجد أثاث خاص بهما بشقة النزاع وأن إقامتهما فيها كان بغرض إيناس وحدة عمتهما بعد وفاة زوجها ويقوم والدهما بالإنفاق عليهم جميعاً وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يتحقق من استقرار إقامتهما بالعين وأغفل بحث دلالة القرائن والمستندات التي تقوم بها فإنه معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص إقامة المستفيد من امتداد عقد الإيجار مع مستأجر العين إقامة مستقرة وفقاً لنص المادة 21 من قانون إيجار الأماكن رقم 52 لسنة 1969 - المنطبق على واقعة النزاع، والمقابلة لنص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - هو ما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة كما أن لها السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث أدلتها وموازنة بعضها بالبعض الأخر وترجح ما تطمئن إليه من أقوال الشهود ما دام أنها لم تخرج بها عما يؤدي إليه مدلولها وحسبها أن تبين الحقيقة التي استخلصها سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق، وهي غير ملزمة من بعد بأن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وترد استقلالاً على كل قول أو حجة أثارها ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها يتضمن الرد الضمني المسقط لتلك الحجج والأقوال. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض إخلاء العين المؤجرة وبإلزام الطاعن بتحرير عقد إيجار عنها للمطعون ضدهما الأول والثاني على سند مما شهد به شاهداً المطعون ضدهما الأولين الذين اطمأنت المحكمة إلى أقولهما بأنهما كان يقيمان مع عمتهما بالعين المؤجرة منذ عام 1967 حتى وفاتها في عام 1977 - وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً له أصل ثابت بالأوراق ولا خروج فيه عما يؤدي إليه مدلول أقوال الشاهدين المذكورين، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ أغفل الرد على ما أبداه الطاعن من قرائن غير مؤثره في الدعوى، ذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بمناقشة كل قرينة من القرائن غير القانونية التي يدلي بها الخصوم لإثبات عدم كفايتها في ذاتها، طالما أنها أقامت قضائها على ما يكفي لحمله وعلى ذلك فإن ما يثيره الطاعن بسببي النعي لا يعدو وأن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول أن البند الرابع عشر من عقد الإيجار سند الدعوى حدد المستفيدين من الإجارة وأن الإخلال به حدث إبان سريان القانون رقم 49 لسنة 1977 الذي كان يجيز ذلك حسبما ذهب إليه الحكم ومع ذلك فقد أعمل حكم القانون رقم 136 لسنة 1981 بمقولة أنه ألغى حق المؤجر في إخلاء العين المؤجرة بسبب مخالفة شروط العقد المقولة ومن ثم فإنه يكون قد طبق أحكام هذا القانون على واقعة سابقة على العمل بأحكامه الأمر يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن البين من استقراء المراحل التشريعية التي مرت بها قوانين تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين - منذ القانون رقم 121 لسنة 1947 وحتى القانون الحالي رقم 136 لسنة 1981 - أن المشرع قيد حق المؤجر في طلب إنهاء أو فسخ العقد إلا لأحد الأسباب المبينة بهذه القوانين والتي وردت فيها على سبيل الحصر لا على سبيل البيان. وهو حصر أملته اعتبارات النظام العام التي دعت إلى إصدار التشريع الخاص، فلا يصح إقامة دعوى الإخلاء على غير هذه الأسباب. لما كان ذلك وكانت المادة 21 من القانون رقم 25 لسنة 1969 - المنطبق على واقعة الدعوى والمقابلة لنص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 تقضي بامتداد عقد الإيجار في حالة وفاة المستأجر لصالح زوجته أو أولاده أو والده المقيمين معه حتى تاريخ الوفاة وكذلك لصالح أقاربه حتى الدرجة الثالثة الذين كانوا يقيمون معه بالسكن مدة سنة سابقة على وفاته، ويلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لهم فإن مفاد ذلك أن حق المستفيدين من امتداد العقد مستمد من القانون مباشرة، ومن ثم فإن ما يرد بعقد الإيجار من شرط خاص بتحديد المستفيدين من الإجارة يكون باطلاً مطلقاً لمخالفته نصاً آمراً متعلقاً بالنظام العام. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى هذه النتيجة الصحيحة وأطرح ما ورد بعقد الإيجار سند الدعوى بشأن تحديد المستفيدين من الإجارة فإن النعي عليه فيما أورده بأسبابه من تقريرات قانونية خاطئة يكون غير منتج، إذ حسب محكمة النقض أن تصحيح هذا الخطأ وأن ترده إلى الأساس القانوني السليم دون أن تنقضه.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.