أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثالث - السنة 40 - صـ 276

جلسة 6 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ وليم رزق بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طه الشريف نائب رئيس المحكمة أحمد أبو الحجاج، شكري العميري وعبد الرحمن فكري.

(365)
الطعن رقم 2758 لسنة 57 القضائية

1 - اختصاص "الاختصاص الولائي". قرار إداري. دعوى.
اختصاص المحاكم بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر عن السلطات ومدى تعلقه بأعمال السيادة. مؤداه. الإجراء الذي لا يستند إلى قانون أو قرار إداري يخول السلطة العامة القيام به. عمل مادي. اختصاص القضاء العادي بنظر دعوى منع التعرض على أساسه.
(2) نقض "السبب الجديد".
دفاع جديد لم يثبت إبداؤه أمام محكمة الموضوع.
(3) خبره. محكمة الموضوع.
تقرير الخبير من عناصر الإثبات في الدعوى خضوعه لتقدير قاضي الموضوع.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر عن السلطات العامة فإن اعتبرته من أعمال السيادة فلا يكون لها ثمة اختصاص بالنظر فيه وأن الإجراء الذي لا يستند إلى قانون أو قرار إداري يخول السلطة القيام به عمل مادي يختص القضاء العادي بنظر دعوى منع التعرض على أساسه.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان وجه النعي قد يضمن دفاعاً جديداً لم يثبت إبداؤه أمام محكمة الموضوع فإنه لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقرير الخبير هو من عناصر الإثبات في الدعوى التي تخضع لتقدير قاضي الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 938 لسنة 1983 مدني كلي الإسماعيلية ضد الطاعن بصفته بطلب الحكم بمنع تعرضه له في الأرض موضوع النزاع المبينة بصحيفة الدعوى وقال بياناً لذلك أنه منذ سنة 1963 يضع اليد على أرض زراعية مساحتها 23 س 11 ط 20 ف وذلك بالشراء من آخرين وقام بزراعتها والبناء عليها. وبتاريخ 17/ 11 سنة 1983 فوجئ بالجيش الثاني يستولى على ثمانية أفدنه منها وتحرر عن ذلك المحضر 3 سنة 1983 عسكرية أبو خليفة فأقام دعواه بطلباته سالفة البيان. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بمنع تعرض الطاعن له في حيازته للعين موضوع النزاع، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 319 لسنة 11 ق الإسماعيلية، وبتاريخ 8/ 6/ 1987 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون. وفي بيان ذلك يقول أن أرض النزاع في حيازة القوات المسلحة منذ سنة 1972 وشغلتها وحدة دفاع جوي وأن السيد نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع أصدر القرار رقم 188 لسنة 1981 بتحديد المناطق الإستراتيجية ذات الأهمية العسكرية من الأراضي الصحراوية التي لا يجوز تملكها وأن الاستيلاء عليها يُعد عملاً من أعمال السيادة وأن النزاع في هذا الصدد يخرج عن ولاية القضاء ولا يصلح أن يكون أساساً لرفع دعوى منع التعرض لما يترتب على الحكم فيها تعطيل للقرار الوزاري سالف الذكر وتأويله وهو مما يخرج عن الاختصاص الولائي للقضاء العادي وإذ أيد الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي في قضائه بمنع تعرض الطاعن للمطعون ضده في حيازته لأرض النزاع فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر عن السلطات العامة فإن اعتبرته من أعمال السيادة فلا يكون لها ثمة اختصاص بالنظر فيه وأن الإجراء الذي لا يستند إلى قانون أو قرار إداري يخول السلطة القيام به هو عمل مادي يختص القضاء العادي بنظر دعوى منع التعرض على أساسه. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه وتقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن أرض النزاع كانت قبل التعرض مزروعة محاصيل زراعية وتبعد عن - الدشمة العسكرية - بمسافة 365 متراً ولا تدخل ضمن مساحات الأمن للوحدة العسكرية وأن التعرض لها لا يعد من أعمال السيادة أو تعرضاً مسموحاً به ولا يستند إلى قانون أو قرار إداري وإنما هو عمل مادي يختص القضاء العادي بالفصل في المنازعة التي تثور بصدده وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحي النعي عليه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول في الوجه الأول منه أن المطعون ضده أورد في صحيفة الدعوى أنه يضع يده على أرض النزاع مساحتها 23 س 11 ط 20 ف بينما جاء بتقرير الخبير أن المساحة المحصورة باسمه هي 17 س 2 ط 10 ف ولم يوضح الخبير ما إذا كانت أرض النزاع تقع في المساحة المحصورة باسمه أم لا وإذ استند الحكم المطعون فيه إلى هذا في قضائه فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان وجه النعي قد تضمن دفاعاً جديداً لم يثبت إبداؤه أمام محكمة الموضوع فإنه لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعن لم يسبق له التمسك بهذا الدفاع فإنه لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ويضحي النعي بهذا الوجه غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أن الخبير المنتدب وقد انتهى إلى أن أرض النزاع صحراوية وكان يتعين تطبيق القرار الوزاري رقم 188 لسنة 1982 واعتبار المطعون ضده متعدياً على أمن الوحدة العسكرية باقترابه من حدودها لمسافة تقل عن 500 متراً ولا يُعد ما أقتطع منها بمثابة تعرض مادي لحيازة المطعون ضده وإذ استند الحكم المطعون فيه إلى هذا التعدي وأقام قضائه على ما انتهى إليه فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقرير الخبير هو من عناصر الإثبات في الدعوى التي تخضع لتقدير قاضي الموضوع لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أخذ بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير من أن أرض النزاع كانت مزروعة وتخرج عن نطاق أمن الوحدة العسكرية طبقاً للقرار الوزاري رقم 188 لسنة 1982 وكان ذلك بأسباب سائغة تكفي لحمل الحكم ومن ثم فإن مجادلة الطاعن في هذا الشأن ومن قبيل الجدل الموضوعي مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحي النعي بهذا الوجه غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.