مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) – صـ 689

(71)
جلسة 2 من فبراير سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل محمد زكي فرغلي وفريد نزيه تناغو وأحمد عبد العزيز أبو العزايم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1447 لسنة 37 القضائية

قرار إداري - قرار إعلان نتيجة الامتحان - (جامعة) (طالب) (سلطة تقديرية)
قرار إعلان نتيجة الامتحان في شتى صوره لا يعدو أن يكون قراراً إدارياً نهائياً - يصدر هذا القرار تتويجاً لمجموعة من القرارات والإجراءات المركبة التي تمارس فيها الجهة الإدارية سلطتها التقديرية في الحدود المقررة قانوناً - تحديد المركز القانوني للطالب بتطبيق قواعد الرأفة والتيسير والتعويض التي تلتزم السلطة المختصة بتطبيقها تنفيذاً لحكم القانون لا تعدو أن تكون إجراءات تحضيرية تشارك في صنع القرار الإداري النهائي وهو قرار إعلان النتيجة - قرار إعلان النتيجة هو قرار إيجابي ينشئ مركزاً قانونياً جديداً هو اعتبار الطالب ناجحاً أو راسباً - لا يؤثر في طبيعة هذا القرار أو نهائيته على الوجه المتقدم كونه كاشفاً عن حقيقة إجابة الطالب - أساس ذلك: الأثر الكاشف لإجابة الطالب يخضع في النهاية لتقدير المصحح الذي يزن هذه الإجابة بميزانه العلمي والفني بغير معقب من القضاء - القول بأن قرار إعلان النتيجة يتضمن قراراً سلبياً بالامتناع عن تطبيق قواعد الرأفة والتيسير هو في عين الحق زعم لا سند له في القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 19/ 1/ 1991 أودعت الأستاذة/ زينب الشال المحامية المكلفة بإقامة الطعن نيابة عن الطاعن بموجب قرار لجنة المساعدة القضائية في طلب الإعفاء رقم 44/ 37 قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1447 لسنة 37 ق.ع، وذلك في الحكم الصادر في الدعوى رقم 3648 لسنة 40 ق بجلسة 8/ 1/ 1991 والقاضي بعدم قبول الدعوى شكلاً، وإلزام المدعيين المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم.
أولاً: بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه، فيما تضمنه من الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها.
ثانياً: بوقف تنفيذ، وإلغاء قرار الجامعة بحرمانه من تطبيق قواعد الرأفة المقررة وتصحيح الأخطاء المادية التي شابت عملية تصحيح الدرجات ورصدها في مادتي الباتولوجي والفاجا كولجي دور سبتمبر سنة 1988 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهم - المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وقدم الأستاذ المستشار علي رضا مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وإلغاء الحكم المطعون فيه والتصدي للدعوى والحكم بطلبات الطاعن وإلزام الجامعة المصروفات عن الدرجتين.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 20/ 5/ 1991 حيث نظر بالجلسات المذكورة والجلسات التالية حتى قررت الدائرة بجلسة 29 يوليو سنة 1991 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة، وقد تم تداول الطعن ومناقشة أسبابه التفصيلية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى تقرر حجزه للنطق بالحكم بجلسة 26/ 1/ 1992 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم 2/ 2/ 1992 وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه قبل النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يتضح من الأوراق في أنه - بتاريخ 22/ 3/ 1990 أقام الطاعن وآخرون الدعوى رقم 3648 لسنة 44 ق أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات طالبين في ختامها الحكم بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ القرار الصادر بإعلان نتيجة السنة الثالثة بكلية الطب دور سبتمبر سنة 1988 فيما تضمنه من اعتبار كل منهما راسباً الأول في مادة الباتولوجي والثاني "الطاعن في مادتي الباتولوجي والفاجا كولجي، والثالث في مادة الفارما كولجي، واعتبارهم ناجحين جميعاً في هذه المواد، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب عليه من آثار مع إلزام جامعة الأزهر المصروفات.
وذلك استناداً إلى أن كلية الطب جامعة الأزهر قد امتنعت عن تطبيق، القاعدة التنظيمية القديمة المتعلقة بقواعد الرأفة وذلك بمنح من سيرسب أو يفصل من الكلية 5% من المجموع الكلي للنهايات العظمى لكل مادة أو 1/ 2 1% من المجموع الكلي لنهايات مجموع مواد الفرقة، وأنه لو طبقت هذه القواعد تطبيقاً سليماً لأدت إلى نجاح الطالب، لاسيما وأنه يبين من كراسات إجابته أن هناك أخطاء مادية قد وقعت في جمع ورصد الدرجات لهاتين المادتين، وأثناء حجز الدعوى للحكم أودعت الجامعة مذكرة بالرد على الدعوى طلبت في ختامها الحكم أصلياً: بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً: برفض الدعوى بشقيها وإلزام المدعيين المصروفات.
وبجلسة 8/ 1/ 1991 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها الطعين الذي انتهت فيه إلى الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً وإلزام المدعيين المصروفات، وشيدت قضاءها على أن المشرع قد جعل مناط سريان ميعاد رفع الدعوى بالنسبة إلى طلبات الإلغاء وما تفرع عنها من طلبات هو ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو النشرات المصلحية أو إعلان صاحب الشأن، وجرى قضاء المحكمة على أنه يقوم مقام إعلان صاحب الشأن علمه علماً يقيناً بالقرار المطعون فيه ومحتوياته، وأن قرار إعلان نتيجة امتحان الفرقة الثالثة بكلية الطب الدور الثاني "المطعون فيه" قد صدر في عام 1988 وعلم به المدعون علماً يقينياً في تاريخ سابق على إقامتهم الدعوى التي أودعت عريضتها بتاريخ 22/ 3/ 1990 حيث تقرر فصلهم في العام المذكور من الكلية لاستنفاذهم مرات الرسوب ثم منحوا سنة رابعة في العام الجامعي 9/ 8/ 1990 بناء على حكم صادر من محكمة القضاء الإداري في هذا الشأن، ولم يجحد أي منهم ذلك، وإذ أقاموا الدعوى الماثلة بعد مضي أكثر من عامين طعنا على قرار الجامعة بإعلان نتيجتهم استناداً إلى أن هناك أخطاء مادية شابت عملية تصحيح أوراق إجابتهم في المواد التي رسبوا فيها، وأنه لم تعمل في شأنهم قواعد التيسير على وجه أسفر عن رسوبهم بعد الميعاد القانوني ويتعين الحكم بعدم قبولها.
ومن حيث "إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم الطعين قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، إذ أغفل التكييف الصحيح لطلبات المدعيين، وأن النتيجة التي انتهى إليها قد استخلصت استخلاصاً غير سائغ من حقيقة طلبات المدعيين المتضمنة امتناع الجامعة عن تطبيق قواعد التيسير لائحياً وتغاضت عن الأخطاء المادية الموجودة في رصد وجمع الدرجات التي شابت عملية تصحيح أوراق إجابتهم بالنسبة للمدعي الثاني "الطاعن" في مادتي الباتولوجي والفارما كولجي مما أسفر عن ظهور النتيجة التي تحمل في طياتها الأخطاء المادية التي تقع تحت رقابة القضاء الإداري، وأن الطعن على إعلان النتيجة لا يعدو أن يكون طعناً في قرار سلبي بالامتناع عن قواعد الرأفة المقررة وتلاشي الأخطاء المادية الموجودة في المادتين الراسب فيهما بحيث لو طبقت تلك القواعد لأدى ذلك إلى نجاح الطالب "الطاعن" ومن ثم فإن هذا الامتناع يعد قراراً سلبياً يحق للطاعن الطعن فيه بوقف التنفيذ والإلغاء.
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه - المحكمة منذ إنشائها أنه طبقاً لأحكام الدستور والقانون في أن رقابة القضاء الإداري ومحاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية هي رقابة مشروعية تسلطها على القرارات المطعون فيها لتزنها بميزان القانون والشرعية والمصلحة العامة فتلغيها أو نوقف تنفيذها لو تبين صدورها مخالفة لأحكام القانون بصفة عامة أو انحرافها عن الغاية الوحيدة التي حددها الدستور والقانون لسلامة تصرفات الإدارة وهي تحقيق الصالح العام إلى تحقيق غير ذلك من الأغراض غير المشروعة لجهة الإدارة أو لأي من العاملين عليها وأن رقابة الإلغاء يتفرع عليها رقابة وقف تنفيذ القرار الإداري ويجب أن يستند القاضي الإداري فيما يقضي بوقف تنفيذه من قرارات إدارية بحسب الظاهر من الأوراق وفي الحدود التي يقتضيها القضاء بوقف التنفيذ على ما يبدو من عدم مشروعية القرار فضلاً عن توفر نتائج يتعذر تداركها على استمرار التنفيذ. ما لم يوقف أثر القرار غير المشروع على سبيل الاستعجال وهذه الرقابة التي تقوم عليها ولاية محاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية وتتولى المحكمة الإدارية العليا نظر الطعون في أحكام محاكم مجلس الدولة الجائز الطعن فيها أمامها - ووزن هذه الأحكام بميزان القانون سواء من حيث الشكل أو الإجراءات أو سلامة مباشرتها لولاية رقابة الإلغاء أو وقف التنفيذ على القرارات الإدارية على النحو السالف البيان طبقاً وفي حدود أحكام الدستور والقانون، ولا يحل القضاء الإداري على أي نحو في مباشرته لرقابة الإلغاء ووقف التنفيذ محل الجهة الإدارية في أداء واجباتها ومباشرة نشاطها في تسيير المرافق العامة وإدارتها ومباشرة السلطات الإدارية والتنفيذية المخولة لها طبقاً للدستور والقانون على مسئولية الإدارة السياسية والمدنية والجنائية والتأديبية - كما أن مجلس الدولة لا تلتزم محاكمه في مباشرة رقابتها للمشروعية على قرارات وتصرفات الجهات التنفيذية بالإدارة العامة لواجباتها بغير أحكام الدستور والقانون ولسيادة القانون، وعلى المصلحة العامة الغاية الوحيدة لكل ممارسة للسلطة العامة وسند مشروعية هذه الممارسة ومبررها وقد تضمنت أحكام الدستور والقانون هذه المبادئ والأصول العامة الحاكمة لحدود رقابة المشروعية للقضاء الإداري على القرارات الإدارية وولاية المحكمة الإدارية العليا في رقابة أحكام محاكم مجلس الدولة الأدنى منها في مباشرتها لاختصاصها على النحو سالف البيان، فقد نصت المادة "64" من الدستور على أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة كما نصت المادة "65" على أن تخضع الدولة للقانون واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات وحظرت المادة "68" النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء وجعلت المادة "72" امتناع الموظفين العموميين عن تنفيذ الأحكام القضائية أو تعطيل تنفيذها من جانبهم جريمة يعاقب عليها القانون وللمحكوم له في هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة وكما أناط الدستور برئيس الجمهورية في المادة "130" رئاسة السلطة التنفيذية وممارستها على الوجه المبين في الدستور والقانون ونظم في المواد (138 - 152) وفي المواد (153 - 160) مباشرة الحقوق والوزراء وأعضاء السلطة التنفيذية لواجباتهم في خدمة المصالح العامة للشعب، نصت المادة (165) على أن السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ونصت المادة "166" على استقلال القضاء، ونصت لمادة "172" على أن مجلس الدولة هيئة مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية.
ومن حيث إنه بناء على ما سبق جميعه فإن محاكم مجلس الدولة تباشر الرقابة على مشروعية قرارات وتصرفات الإدارة متمتعة بالاستقلال الكامل عن أية سلطة في الدولة في أداء رسالتها في حدود الدستور والقانون ولكنها لا تحل محل جهة الإدارة في أداء واجباتها ومباشرتها لمسئوليتها التنفيذية التي أناطها بها كذلك الدستور والقانون واللوائح التنظيمية والتي تتحمل الإدارة مسئولية إدارتها لها مدنياً وجنائياً وإدارياً وسياسياً ومن ثم فإن ولاية رقابة مشروعية القرار محل هذه المنازعة التي تباشرها محكمة القضاء الإداري لا يمكن بحسب أحكام الدستور أو القانون أن تمتد أبعد مدى من القضاء بوقف التنفيذ أو الإلغاء ولا تشمل إعلان وتحديد موضوع النتيجة ولا تمتد إلى تصحيح أوراق الامتحان وتقدير الدرجات التي يستحقها الطالب عن الأسئلة أو كل جزء منها وإنما تقف هذه الرقابة للمشروعية عند حدها الطبيعي وهي مراجعة قرارات الإدارة وتصرفها الإيجابي والسلبي ووزنه بميزان المشروعية وسيادة القانون ووقف تنفيذ أو إلغاء ما يتبين خروجه من قرارات الإدارة وتصرفاتها عن ذلك لتقيد الإدارة وفقاً لما تتضمنه الأحكام منطوقاً لأسباب مرتبطة به تصحيح تصرفاتها وقراراتها إعلاء للمشروعية وسيادة القانون.
ومن حيث إنه بناء على المبادئ الحاكمة لرقابة المشروعية على القرارات الإدارية وما هو مسلم من أن قرار إعلان نتيجة الامتحان في شتى صوره لا يعدو أن يكون قراراً إدارياً نهائياً بالمعنى الفني الدقيق، ويصدر تتويجاً لمجموعة من القرارات والإجراءات المركبة التي تمارس فيها الجهة الإدارية سلطتها التقديرية في الحدود المقررة قانوناً التي تضيق وتتسع طبقاً للقاعدة القانونية التي تصدر تطبيقاً لها، ابتداء من تصحيح الإجابة وتقدير الدرجة المناسبة لها - وهو تقدير علمي وفني يدخل في نطاقه السلطة التقديرية للسلطة المختصة تمارسه في إطار الأسس والأصول العلمية والفنية بغير معقب عليها من القضاء، فيما عدا السهو والأخطاء المادية إلى تطبيق الضوابط والضمانات التي تفرضها اللوائح والتعليمات تحديد المركز القانوني للطالب بتطبيق قواعد الرأفة، والتيسير والتعويض التي تلتزم السلطة المختصة بتطبيقها تنفيذاً لحكم القانون ولا تعدو هذه الممارسات أن تكون إجراءات تحضيرية تشارك في صنع القرار الإداري النهائي، هو قرار إعلان النتيجة، وهو قرار إيجابي ينشئ مركزاً قانونياً جديداً هو اعتبار الطالب ناجحاً أو راسباً بما يترتب على ذلك من آثار ولا يؤثر في طبيعة هذا القرار أو نهائيته على الوجه المتقدم كونه كاشفاً عن حقيقة إجابة الطالب التي اكتملت في الساعة الأخيرة لأخر يوم من أيام الامتحان، ذلك أن الأثر الكاشف لإجابة الطالب يخضع في النهاية لتقدير المصحح الذي يزن هذه الإجابة بميزانه العلمي والفني بغير معقب من القضاء الإداري ومن ثم فإن الأثر الكاشف لا يمنع السلطة التقديرية التي يباشرها من يقوم بالتصحيح لأوراق الإجابة وتقدر درجات النجاح والرسوب، فكل قرار إداري مهما كانت مرتبته في مدارج التصرفات القانونية هو تطبيق لقاعدة أعلى وإنشاء لمركز قانوني جديد تلتزم به القرارات الأدنى، ومن ثم فإن الإهدار من قيمة الإدارة في إعلان النتيجة واعتباره قراراً سلبياً بالامتناع عن تطبيق قواعد الرأفة والتيسير وتلاشي الأخطاء المادية - هو في عين الحق زعم لا سند له في القانون فما كان قرار إعلان النتيجة مجرد تطبيق مادي لقواعد الرأفة أو التيسير التي تفقد فيه الجهة الإدارية إرادتها في تقدير إجابة الطالب وتكييف مركزه القانوني، ولا تعد قواعد الرأفة أو التيسير أو التعويض أن تكون عنصراً من العناصر الذي تعتمد عليه الجهة الإدارية المختصة في توجيه إرادتها تجاه إحداث أثر قانوني معين بإنشاء مركز قانوني جديد أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني سابق.
ومن حيث إن قانون مجلس الدولة قد حدد موعداً للطعن في القرارات الإدارية النهائية سواء بطلب إلغائها أو وقف تنفيذها وهي ستون يوماً من تاريخ علم صاحب الشأن بأية وسيلة من الوسائل القانونية أو اليقينية، تتحصن بفواتها القرارات الإدارية ولو كانت باطلة، ولا يسوغ بعدها إقامة الدعوى بطلب إلغائها أو وقف تنفيذها ولا يحد من هذه القاعدة إلا حالة انعدام القرارات الإدارية، بأن تكون العيوب التي شابت القرار الإداري من الجسامة إلى الحد الذي تنحدر به إلى مرتبة الأعمال المادية التي لا ترقى إلى مرتبة القرار الإداري لانعدم أي سند لها في أحكام الدستور أو القانون لما تنطوي عليه من خروج على الأحكام الأساسية التي تمثل النظام العام الدستوري أو القانوني لا تحكمه أية جهة من جهات الإدارة العاملة مما تجعل من وجود هذه الأعمال والتصرفات المعدومة السند قانوناً مجرد عقبة مادية يجوز إزالتها في أي وقت مهما طال عليها الزمن دون أن يعصمه فوات المدة من طلب إلغائه في أي وقت إعلاء للشرعية وسيادة الدستور والقانون، فإذا كان البادي من مطالعة أوراق إجابة الطاعن في مادتي الباتولوجي والفارما كولوجي، أن جميع الإجابات التي سجلها الطالب قد تم تصحيحها جزءاً وسجلت عليها الدرجة التي يستحقها أو أن الدرجات المبينة على (المرآة) في واجهة الورقة هي ذاتها الدرجات المسجلة بداخل الكراسة، وأن الدرجة الكلية التي حصل عليها في كل مادة هي المجموع الصحيح للدرجات المقررة للإجابات الواردة بالكراسة، وقد حصل الطالب على 166 درجة في مادة الباتولوجي، 144 درجة في مادة الفارما كولوجي، فإذا كان الحد الأدنى للنجاح في كل من المادتين على حدة هو 180 درجة، فإن مجموع ما ينقصه للوصول إلى هذا الحد الأدنى هو 14+36=50 درجة وهو ما لا تسمح قواعد التيسير الصادرة في هذا الشأن بمنحها للطالب، ذلك أن الثابت من الاطلاع على القواعد الخاصة بتيسير الدرجات للطلاب والطالبات الصادرة من رئيس جامعة الأزهر اعتباراً من العام الجامعي 87/ 1988 بمرحلة الأجازة العالية أن أقصى ما يمكن أن تسمح به هذه القواعد هو حالة الطالب الذي استنفد مرات الرسوب وأضحى معرضاً للفصل وفي هذه الحالة يمنح 1.5% من المجموع الكلي للدرجات وهي بالنسبة لكلية الطب "بنين" عشرين درجة "باعتبار أن المجموع الكلي للدرجات هو 1300 درجة، ومن ثم فإن العشرون درجة بفرض استحقاقه لها لا تتيح له الوصول إلى الحد الأدنى الذي يمكن أن يغير من موقفه، ويغنيه عن الفصل من الكلية حيث تقل درجاته عن الحد الأدنى للنجاح بخمسين درجة ومن ثم فإن القرار الصادر بإعلان نتيجة الطاعن - بغض النظر عن مدى سلامته من الناحية القانونية، فإنه لم يظهر من الأوراق أن عيوباً قد شابته تنحدر به إلى مرتبة الانعدام ومن ثم فإن الطعن فيه بطلب إلغائه أو وقف تنفيذه يتقيد بالمواعيد التي قررتها المادة 24 من قانون مجلس الدولة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن بعد أن علم علماً يقينياً برسوبه في الفرقة الثالثة في الدور الثاني في العام الدراسي 87/ 1988 بكلية طب جامعة الأزهر وذلك بإعلانه بقرار فصله لاستنفاده مرات الرسوب، وبعد أن استطاع بمقتضى حكم من محكمة القضاء الإداري الحصول على فرصة ثالثة لدخول امتحان السنة الثالثة في العام الدراسي 88/ 1989 ولما رسب في الامتحان في الفرصة الرابعة والأخيرة وتقرر فصله نهائياً عاد إلى الطعن في القرار الصادر باعتباره راسباً في العام الدراسي 87/ 1988 وذلك بمقتضى الدعوى التي أودع عريضتها قلم كتاب المحكمة في 22/ 3/ 1990 فإنها تكون قد أقيمت بعد فوات المواعيد المقررة قانوناً، الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد، وإذ انتهى الحكم الطعين إلى هذه النتيجة، وقضى بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد فإنه يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه، ويكون الطعن عليه قد قام على غير أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن الطاعن قد خسر الطعن فيلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وألزمت الطاعن بالمصروفات.