مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) – صـ 709

(73)
جلسة 8 من فبراير سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدي عبد الله مليحي - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حنا ناشد مينا ومحمد معروف محمد وعبد اللطيف محمد الخطيب وعلي رضا عبد الرحمن رضا - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2803 لسنة 33 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة - طوائف خاصة من العاملين - العاملون بالهيئة العامة لمرفق مياه الإسكندرية - ترقية - ترقية بالاختيار - ضوابط الترقية.
المادة 36 من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 والمادة 37 من ذات القانون قبل تعديلها بالقانون رقم 115 لسنة 1983. يتعين أن يتوافر فيمن يرقى من الدرجة السابقة اشتراطات شغل الوظيفة المرقى إليها والتي تشمل المؤهل المطلوب والمدد البينية التي قضاها المرشح للترقية في الدرجة المرقى منها وكل ما هو مقرر من اشتراطات لشغل الوظيفة المطلوب الترقية إليها فضلاً عن توافر الكفاية متى كانت الترقية بالاختيار في حدود النسب المقررة قانوناً - لا يجوز تخطي الأقدم إلى الأحدث إلا إذا كان الأخير ظاهر الامتياز وعند التساوي في درجة الكفاية يتعين ترقية الأقدم - لجهة الإدارة أن تضع من الضوابط في حدود سلطتها التقديرية ما تراه كفيلاً بحق الاختيار - هذه السلطة تجد حدها الطبيعي في أن تكون مطابقة للقانون والقواعد العامة وأن تحسن استعمالها إذا أجرت الاختيار - مناط ترخص جهة الإدارة في الترقية بالاختيار أن يكون الاختيار قد استمد من عناصر صحيحة وأن تجرى مفاضلة حقيقية وجادة بين الموظفين - لا رقابة للقضاء على تقدير جهة الإدارة طالما خلا ذلك من الانحراف بالسلطة - قاعدة عدم جواز تخطي الأقدم إلى الأحدث في الترقية إلا إذا كان الأخير ظاهر الامتياز وعند التساوي في الكفاية يجب ترقية الأقدم تسري عند الترقية بالاختيار سواء بالنسبة للموظفين الذين يخضعون لنظام التقارير السنوية أو الذين لا يخضعون لهذا النظام - نتيجة ذلك: يجب إعمال هذه القاعدة عند الترقية إلى الوظائف العليا - الاختيار حقاً لجهة الإدارة تترخص فيه في حدود سلطتها ما دام سلوكها غير مشوب بإساءة استعمال السلطة وذلك بأن تكون قد استمدت اختيارها من عناصر صحيحة مؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها وإلا فسد الاختيار - الندب لا يكسب العامل حقاً في الوظيفة المنتدب إليها ولا يجوز اعتباره ضابطاً للترقية - أساس ذلك: مخالفة ذلك لأحكام القانون - تاريخ الحصول على المؤهل لا يصلح سبباً للتفضيل إذ الأولوية أو العبرة بالأقدمية في الدرجة المرقى منها - لا يجوز للجهة الإدارية أن تخلق سبباً ومبرراً لتخطي العامل في الترقية عن طريق الندب - تطبيق.
(ب) مسئولية - عناصر المسئولية.
مناط مسئولية جهة الإدارة عن قراراتها الإدارية أن تتوافر ثلاث عناصر هي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما - يتحقق الخطأ في جانب جهة الإدارة بأن يكون القرار غير المشروع مشوباً بعيب من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة بأن يكون قد صدر مخالفاً للقانون أو تأويله أو تفسيره أو من غير مختص أو مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها وأن يترتب على هذا القرار أضرار مادية أو أدبية أصابت المضرور من جرائه وأن تقوم علاقة السببية بينهما - تطبيق.


إجراءات الطعن

إنه في يوم الأربعاء الموافق 24 يونيو 1987 أودع السيد/ أميل بشاي المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن بموجب التوكيل العام رقم 2910 لسنة 1987 توثيق الإسكندرية - سكرتارية المحكمة الإدارية العليا - تقرير طعن ضد المطعون ضدهم في حكم محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الصادر في الدعوى رقم 4 لسنة 37 قضائية بجلسة 21/ 5/ 1987 والقاضي "برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات وقد طلب الطاعن للأسباب المبينة بعريضة الطعن في الحكم" بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضدهم بأن يؤدوا إلى الطاعن تعويضاً قدره خمسة عشر ألف جنيه والمصروفات.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه - لما بني عليه من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بأحقية الطاعن في التعويض الذي تقدره المحكمة عن الأضرار التي ألمت به من جراء صدور القرار رقم 781 لسنة 1979 المتضمن تخطيه في الترقية إلى وظيفة نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة للشئون المالية والإدارية بدرجة وكيل وزارة وإلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وقد عينت جلسة 12/ 2/ 1990 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون - وتم إعلان الطعن إلى المطعون ضدهم إعلاناً قانونياً. وبجلسة 25/ 3/ 1991 تقرر إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية التي نظرته على النحو المبين بالجلسات وقد أودعت الهيئة العامة لمرفق مياه الإسكندرية بجلسة 11/ 6/ 1990 مذكرة بدفاعها خلصت فيه إلى طلب رفض الطعن مبررة تخطي الطاعن لما أوضحته تقارير الرئاسات عن كل من السيدين/......، ....... فيما توافر لهما من خبرة أكثر منه في النواحي الإدارية والمالية وأنه كان على الطاعن أن يطعن على القرار بترقية المرقين بالإلغاء وإذ أنه لم يسلك هذا السبيل فإنه لا يجوز له والأمر كذلك المطالبة بالتعويض. هذا كما أودعت هيئة قضايا الدولة بجلسة 13/ 10/ 1991 مذكرة بالدفاع عن محافظ الإسكندرية ووزير الدولة للتعمير والمجتمعات العمرانية بصفتهما طلبت في ختامها الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لهما وطلبت إخراجهما من الدعوى بلا مصاريف وقد حجز الطعن للحكم بجلسة 16/ 11/ 1991 ثم مد أجله لجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن كل من القرارين المطعون عليهما غير صادرين من أي من محافظ الإسكندرية ووزير الدولة للتعمير والمجتمعات العمرانية فمن ثم يكون اختصامهما موجهاً لمن لا صفة له وتكون الدعوى ضدهما غير مقبولة شكلاً لرفعها على غير ذي صفة.
ومن حيث إن الطعن بالنسبة للهيئة العامة لمرفق مياه الإسكندرية قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 2/ 10/ 1982 بموجب عريضة مودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية - أقام الطاعن الدعوى رقم 4 لسنة 37 قضائية ضد المطعون ضدهم بصفاتهم - طلب في ختامها الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا إليه تعويضاً قدره خمسة عشر ألف جنيه والمصروفات وأتعاب المحاماة - تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي حاقت به من تخطيه في الترقية إلى وظيفة نائب رئيس مجلس الإدارة للشئون المالية والإدارية بدرجة وكيل وزارة بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 781 لسنة 1979 بترقية زميله/....... الذي ندب إليها بعد أن خلت بإحالة شاغلها إلى المعاش السيد/ إلياس بشارة - بتاريخ 25/ 5/ 1978 ثم رقته إليها اعتبار من 30/ 8/ 1979 وكذلك من القرار رقم 436 لسنة 1982 الصادر من الهيئة بندب السيد/....... إلى وظيفة رئيس قطاع الإيرادات وشئون المشتركين بدرجة وكيل وزارة اعتباراً من 1/ 7/ 1982 وقد شرح المدعي دعواه بأنه أحق منهما بالترقية لأي من هاتين الوظيفتين - إذ التحق - بموجب مؤهل متوسط بالعمل بشركة مياه الإسكندرية "الهيئة فيما بعد" بقسم العدادات وظل يعمل بها وقد حصل على بكالوريوس التجارة شعبة المحاسبة عام 1956 ثم سكن اعتبار من 1/ 7/ 1965 في وظيفة رئيس تفتيش بالدرجة الرابعة ثم في 1/ 7/ 1967 شغل وظيفة رئيس حسابات التكاليف - ثم رقى للدرجة الثالثة في 17/ 11/ 1968 بوظيفة وكيل الحسابات العامة، ثم رقى اعتباراً من 31/ 12/ 1975 للفئة الثانية بوظيفة مراقب عام الحسابات ثم مديراً عاماً للشئون المالية بالدرجة الأولى اعتباراً من 1/ 2/ 1978 وإذ كان المدعي - الطاعن - تتوافر فيه شروط الترقية وأقدم من المرقيين في الدرجة الثانية والأولى - إذ رقى المدعي (الطاعن) إلى الدرجة الثانية - الفئة الثانية عملاً بالمادة 17 من قانون تصحيح أوضاع - العاملين رقم 11 لسنة 1975 اعتباراً من 31/ 12/ 1975 بينما زميله...... رقى إليه طبقاً لقواعد الترقيات العادية اعتباراً من 28/ 2/ 1977 - هذا كما أن زميله السيد/....... التحق بالخدمة في تاريخ لاحق على المدعي - الطاعن إذ التحق بها بتاريخ 26/ 9/ 49 وإذ كان المدعي أحق منهما بالترقية لتقدم أقدميته عنهما سواء أكان ذلك في تاريخ التعيين بالخدمة العامة أو تاريخ الحصول على الدرجتين الثانية والأولى وأنه لا يجوز تخطي الأقدم إلا إذا كان الأحدث أكثر كفاءة، ويتعين التقيد بالأقدمية عن التساوي في الكفاءة لذا يقيم دعواه الماثلة بالطلبات آنفة الذكر بعد أن أهملت الهيئة المدعى عليها تظلمه من القرار الأول والثاني - حيث تتمثل الأضرار المادية في حرمانه من بدل التمثيل المقرر لوظيفة وكيل وزارة وكذلك العلاوات الدورية والحوافز الشهرية والمنح السنوية طوال الفترة من تاريخ 30/ 8/ 1979 تاريخ تخطيه حتى تاريخ إحالته للمعاش ببلوغه السن القانونية في 2/ 11/ 1985.
وبجلسة 21/ 5/ 1987 أصدرت المحكمة حكمها محل الطعن الماثل وذلك تأسيساً على أن الهيئة عند ترقية السيد/........ إلى وظيفة نائب رئيس مجلس الإدارة للشئون المالية والإدارية بدرجة وكيل وزارة أجرت مفاضلة بين الطاعن والمرقي خلصت إلى أفضلية المرقي لما تتوافر له من خبرة في المجالين الإداري والمالي بينما اقتصرت خبرة الطاعن على المجال المالي. وذلك إذ سبق للمرقي أن ندب في الفترة من 31/ 5/ 1977 حتى 24/ 4/ 1978 للعمل بوظيفة مدير عام الشئون الإدارية أظهر خلالها مقدرة فائقة في تسيير أمور الهيئة بالأسلوب العلمي في الإدارة كما وأنه يتميز بقدرة كبيرة على تحمل العمل وإدارته بكفاءة وله قدرة قيادية ممتازة ويتميز بالخلق القويم والإخلاص في العمل. كما أن المرقي حصل على المؤهل العالي عام 1954 بينما حصل عليه المدعي الطاعن عام 1956 فمن ثم يكون هذا القرار قد صدر مستنداً إلى أسباب صحيحة ومستخلصاً من الأوراق ويكون النعي عليه بالانحراف بالسلطة ومخالفة للقانون على غير سند سليم من الواقع أو القانون أما عن قرار الهيئة رقم 436 لسنة 1982 ندب السيد/...... إلى وظيفة رئيس قطاع الإيرادات وشئون المشتركين بدرجة وكيل وزارة اعتباراً من 1/ 7/ 1982 - فمردود عليه بأن الندب من إطلاقات جهة الإدارة وهو يتسم بالتأقيت ولا يخول المنتدب حقاً في شغل الوظيفة المنتدب إليها مهما استطال هذا الندب. وإذ صدر القرار المذكور وفقاً لأحكام المادة 56 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة 47 لسنة 1978 وأن المنتدب يتميز بالكفاءة فمن ثم يكون قرارها سليماً.. وبالتالي ينتفي ركن الخطأ المستوجب للتعويض ولا وجه بالتالي للتصدي لباقي أركان مسئولية الإدارة عن قراريها آنفى الذكر.
وإذ لم يرتض الطاعن بما قضت به المحكمة لذا أقام الطعن الماثل ناعياً على الحكم مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وكذلك القصور في التسبيب وفساد الاستدلال. فمن ناحية مخالفته لحكم القانون والخطأ في تطبيقه - فإن الطاعن يذهب إلى أن المحكمة لم تلتفت إلى أقدمية الطاعن وما يتمتع به من مواطن الكفاءة التي يتساوى فيها مع زميليه المرقيين ولم تجر مفاضلة حقيقية بينهما للتعرف على مدى كفاءة المدعي والتي لم تمار الهيئة المدعى عليها فيها على أي نحو كما أن المحكمة أخطأت عند استنادها إلى تاريخ حصول المدعي والمرقى على المؤهل العالي ولم تلتفت إلى أقدمية المدعي الطاعنة في الخدمة العامة التي ترجع إلى تاريخ 4/ 8/ 1943 - وكذلك أقدميته في الدرجة المرقى منها وقد استندت إلى تميز غيره المرقى في المجال الإداري - وذلك من شأنه تخصيص لشروط شغل الوظيفة محل التداعي وهي وظيفة ليست من الوظائف التخصصية بغير مخصص كما وإن المحكمة لم تعمل القاعدة المطبقة في الترقيات بالاختيار وهي التقيد بالأقدمية عند التساوي في الكفاية ويضيف الطاعن أن الخبرة الإدارية متوافرة لديه والتي ترتبت على اضطلاعه بوظائف قيادية وشغل أعلى الوظائف المالية بالهيئة وذلك قد أكسبه الخبرة والكفاية فضلاً عن توافر شروط شغل الوظيفة المطلوب الترقية إليها فيه والتي لم تحدد مؤهل عال معين أو خبرة في مجال معين أما عن ندب زميله...... إلى وظيفة رئيس قطاع الإيرادات وشئون المشتركين بدرجة وكيل وزارة فهذه أيضاً ليست من الوظائف التخصصية وأن المنتدب إليها تأتي ترقيته في درجة مدير عام في الترتيب الثالث بعد الطاعن ويتوافر للطاعن شروط شغل هذه الوظيفة كما هو الشأن بالنسبة للوظيفة المرقي إليها السيد/........
ومن حيث إن المادة 36 من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 تنعى على أنه "مع مراعاة استيفاء العامل لاشتراطات شغل الوظيفة المرقى إليها تكون الترقية من الوظيفة التي تسبقها مباشرة في الدرجة والمجموعة النوعية التي تنتمي إليها.... "كما تنص المادة 37 من ذات القانون قبل تعديلها بالقانون رقم 115 لسنة 1983 على أنه "مع مراعاة حكم المادة 16 من هذا القانون تكون الترقية إلى الوظائف العليا بالاختيار ويستهدى في ذلك بما يبديه الرؤساء بشأن المرشحين لشغل هذه الوظائف وبما ورد في ملفات خدمتهم من عناصر الامتياز وتكون الترقية إلى الوظائف الأخرى بالاختيار في حدود النسب الواردة في الجدول رقم (1) المرفق وذلك بالنسبة لكل سنة مالية على حدة على أن يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية..... ومع ذلك يجوز للسلطة المختصة بناء على اقتراح لجنة شئون العاملين إضافة ضوابط للترقية بالاختيار بحسب ظروف وطبيعة نشاط كل وحدة....".
ومن حيث إن مؤدى تلك الأحكام وما تنعى عليه المادة 85 من ذات القانون أنه عند انتفاء المانع من نظر الترقية يتعين أن يتوافر فيمن يرقى من الدرجة السابقة اشتراطات شغل الوظيفة المرقى إليها والتي تشمل المؤهل المطلوب والمدد البينية التي قضاها المرشح للترقية في الدرجة المرقى منها وكل ما هو مقرر من اشتراطات لشغل الوظيفة المطلوب الترقية إليها - فضلاً عن توافر الكفاية على النحو المبين متى كانت الترقية بالاختيار في حدود النسب المقررة قانوناً غير أن القاعدة - حسبما جرى عليه قضاء المحكمة في إجراء الترقية بالاختيار أنه لا يجوز تخطي الأقدم إلى الأحدث إلا إذا كان الأخير ظاهر الامتياز وعند التساوي في درجة الكفاية يتعين ترقية الأقدم وإذا كان لجهة الإدارة أن تضع من الضوابط في حدود سلطتها التقديرية ما تراه كفيلاً بحق الاختيار فإن هذه السلطة تجد حدها الطبيعي في أن تكون مطابقة للقانون وللقواعد العامة وأن تحسن استعمالها إذا أجرت الاختيار فمناط ترخص جهة الإدارة في الترقية بالاختيار أن يكون الاختيار قد استمد من عناصر صحيحة وأن تجرى مفاضلة حقيقية وجادة بين الموظفين ولا رقابة للقضاء على تقدير جهة الإدارة طالما خلا ذلك من الانحراف بالسلطة.
ومن حيث إن قاعدة عدم جواز تخطي الأقدم إلى الأحدث في الترقية إلا إذا كان الأخير ظاهر الامتياز وعند التساوي في الكفاية يجب ترقية الأقدم تسري عند الترقية بالاختيار سواء بالنسبة للموظفين الذين يخضعون لنظام التقارير السنوية أو الذين لا يخضعون لهذا النظام - فيجب إعمالها عند الترقية إلى الوظائف العليا فإذا كان الاختيار حقاً لجهة الإدارة تترخص فيه في حدود سلطتها ما دام سلوكها غير مشوب بإساءة استعمال السلطة وذلك بأن تكون قد استمدت اختيارها من عناصر صحيحة مؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها وإلا فسد الاختيار.
ومن حيث إن الندب لا يكسب العامل حقاً في الوظيفة المنتدب إليها ولا يجوز اعتباره ضابطاً للترقية وذلك لمخالفة ذلك لأحكام القانون.
ومن حيث إنه يبين من استظهار حالة الطاعن الوظيفية حسبما يبين من ملف خدمته أنه رقى إلى الفئة الثالثة اعتباراً من 31/ 12/ 69، والفئة الثانية اعتباراً من 31/ 12/ 1975 - عملاً بأحكام المادة 17 من القانون رقم 11 لسنة 1975، ثم رقى لوظيفة مدير عام الشئون المالية بالقرار رقم 119 لسنة 1978 من الفئة الأولى وذلك اعتباراً من 1/ 2/ 1978 هذا وأنه حاصل على تقارير بمرتبة ممتاز في السنوات 69، 70، 71، 72، 73، 74، 75 بينما رقى السيد/...... إلى الفئة الثالثة اعتباراً من 2/ 6/ 69 والفئة الثانية اعتباراً من 28/ 2/ 1977 بالقرار رقم 112 لسنة 1977 ثم رقى إلى الفئة الأولى اعتباراً من 25/ 4/ 1978 طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 385 لسنة 1978 - وهو أيضاً حاصل على ذات المرتبة الحاصل عليها الطاعن عن ذات السنوات وقد ندب في 31/ 5/ 1977 للقيام بأعمال مدير عام الشئون الإدارية بالفئة الأولى كما ندب في 25/ 5/ 1978 للقيام بأعمال نائب رئيس مجلس الإدارة للشئون المالية والإدارية - ثم رقى إليها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وإن أصاب فيما انتهى إليه بصدد قرار ندب السيد/....... إلى وظيفة نائب رئيس مجلس الإدارة للإيرادات وشئون المشتركين إلا أنه قد سكت عن إجراء المفاضلة بين الطاعن والسيد/........ المستمدة من وقاع ملفي كل منهما والتي من شأنها إظهار أقدمية الطاعن عن المرقى في الدرجة المرقي منها وتساويه والمرقى في الكفاية الأمر الذي يصم القرار رقم 781 لسنة 1979 المتضمن تخطي الطاعن في الترقية لوظيفة نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة للشئون المالية والإدارية بدرجة وكيل وزارة بعدم المشروعية ومخالفة القانون وإذ لم يعمل الحكم المطعون فيه مؤدى القاعدة القانونية آنفة الذكر حسبما يكشف عنه واقع ملفي الطاعن والمطعون في ترقيته فإنه يكون جديراً بالإلغاء فيما انتهى إليه من مشروعية القرار المشار إليه ولا ينال من ذلك ما ذهبت إليه الإدارة من أن المرقى أقدم في التخرج عن الطاعن ولديه خبرة في الأعمال الإدارية غير متوفرة في الطاعن فضلاً عما أظهره من خبرة أثناء شغله للوظيفة بالندب وكل ذلك غير صحيح إذ أن تاريخ الحصول على المؤهل لا يصلح سبباً للتفضيل إذ الأولوية أو العبرة بالأقدمية في الدرجة المرقى فيها والطاعن أقدم، أما عن الخبرة فالطاعن والمطعون ضده حصلا على مؤهل واحد (بكالوريوس تجارة) وخبراتهما السابقة الكبيرة تتفق مع مجال تخصصهما ومن ثم فلا تميز لأحدهما على الآخر، أما الخبرة الإدارية التي اكتسبها المطعون ضده فإنها - بفرض توفرها - اكتسبت عن طريق ندبه بقرار الجهة الإدارية ومن القواعد المقررة قانوناً أنه لا يجوز لجهة الإدارية أن تخلق سبباً ومبرراً للتخطي عن طريق الندب بالإضافة إلى أن مدة الندب مدة بسيطة لا تعطي بذاتها تميزاً.
ومن حيث إن مناط مسئولية جهة الإدارة عن قراراتها الإدارية أن تتوافر ثلاث عناصر تتمثل في ركن الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما، ويتحقق الخطأ في جانب جهة الإدارة بأن يكون القرار غير مشروع مشوباً بعيب من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة بأن يكون قد صدر مخالفاً للقانون أو تأويله أو تفسيره أو من غير مختص أو مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها وأن يترتب على هذا القرار أضرار مادية أو أدبية أصابت المضرور من جرائه وأن تقوم علاقة السببية بينهما.
ومن حيث إن ركن الخطأ تحقق على النحو آنف الذكر، وقد أصاب الطاعن من جراء القرار المشار إليه أضراراً مادية وأدبية تتمثل فيما فاته من فروق وزيادات في بدل التمثيل والعلاوات المقررة لوظيفة وكيل وزارة هذا فضلاً عما أصابه من الآم نفسية ألمت بوجدانه من جراء تخطيه في الترقية إلى وظيفة نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة للشئون المالية والإدارية بدرجة وكيل وزارة.
ومن حيث إن التعويض يدور وجوداً وعدماً مع الضرر ويقدر بمقداره - لذا فإن المحكمة تقدر تعويضاً مناسباً لجبر الضرر الذي أصاب الطاعن في الفترة من 30/ 8/ 79 تاريخ تخطيه حتى تاريخ إحالته للمعاش لبلوغه السن القانونية في 12/ 11/ 1985 - مبلغ ستة الآف جنيه مصري.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بأحكام المادة 184 من قانون المرافعات المدنية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام الهيئة العامة لمرفق مياه الإسكندرية (المطعون ضده الأول) بأن تؤدي للطاعن تعويضاً مقداره 6000 جنيه (ستة الآف جنيه) والمصروفات عن الدرجتين.