أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثالث - السنة 40 - صـ 307

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين، ريمون فهيم نائبي رئيس المحكمة، عزت عمران وعزت البنداري.

(370)
الطعن رقم 1391 لسنة 53 القضائية

(1) دعوى "دعوى منع التعرض" حيازة "محكمة الموضوع"
التعرض الذي يجيز لحائز العقار رفع دفع منع التعرض. ماهيته.
استخلاص حصول التعرض أو نفيه. من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها متى كان استخلاصها سائغاً.
(2) دعوى "الدفاع في الدعوى". حكم "ما يعد قصوراً".
الدفاع الجوهري. ماهيته. التزام المحكمة بالرد عليه.
(3) حكم "حجية الحكم".
حجية الحكم. عدم امتدادها إلى الخلف الخاص إلا إذا كان الحكم سابقاً على اكتساب الخلف حقه.
(4) تنفيذ "منازعات التنفيذ".
المنازعة الموضوعية والوقتية في التنفيذ. ماهية كل منهما.
(5) دعوى "تكييف الدعوى". محكمة الموضوع.
محكمة الموضوع. عدم تقيدها في تكييف الطلبات بوصف الخصوم لها. التزامها بإنزال التكييف الصحيح عليها حسبما تتبينه من وقائع الدعوى.
(6) إيجار "احتجاز أكثر من مسكن". حيازة.
دعوى الحيازة. لا تتسع لبحث واقعة احتجاز الخصم لأكثر من مسكن.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التعرض الذي يجيز لحائز العقار حيازة قانونية رفع دعوى بمنع التعرض هو كل عمل مادي أو تصرف قانوني يتضمن بطريق مباشر أو غير مباشر إدعاء حق يتعارض مع حق واضع اليد وأن استخلاص حصول التعرض في وضع اليد أو نفيه هو من أمور الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها، متى كان استخلاصها سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهت إليها.
2 - الدفاع الذي تلتزم - المحكمة - بالرد عليه هو الدفاع الجوهري الذي من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى.
3 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن حجية الحكم لا تمتد إلى الخلف الخاص إلا إذا كان الحكم سابقاً على اكتساب الخلف حقه.
4 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المقصود بالمنازعة الموضوعية في التنفيذ هي تلك التي يطلب فيها الخصم الحكم بما يحسم النزاع في أصل الحق، في حين أن المنازعة الوقتية هي التي يطلب فيها اتخاذ إجراء وقتي بوقف التنفيذ بما لا يمس أصل الحق الذي يتناضل الخصوم بشأنه.
5 - لئن كانت محكمة الموضوع لا تتقيد في تكييف الطلبات بوصف الخصوم لها وعليها أن تنزل التكييف الصحيح عليها الذي تتبينه من وقائع الدعوى، إلا أن العبرة في ذلك هو بما يطلب الخصم الحكم له به.
6 - دعوى الحيازة لا تتسع لبحث واقعة الاحتجاز المدعى بها (احتجاز أكثر من مسكن) بعد أن خلص الحكم صحيحاً إلى نفي واقعة التعرض ولا على الحكم المطعون فيه إذ هو أغفل الرد على دفاع الطاعنات في الخصوص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنات أقمن على المطعون ضدهما الدعوى رقم 1255 سنة 1982 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 1067 سنة 1981 مستأنف مستعجل القاهرة فيما قضي به من تمكين المطعون ضده الثاني من الفيلا موضوع النزاع وفي الموضوع بمنع تعرضه لهن في حيازتها وقلن بياناً لدعواهن أنهن اشترين العقار القائم عليه هذه الفيلا من المطعون ضدها الأولى بالعقد المسجل في سنة 1977 حيث قمن بهدم المبنى القائم به وإعادة تشيده وتأجيره إلى سفارة الولايات المتحدة الأمريكية، ولما كان المطعون ضده الثاني الذي كان يستأجر هذا العقار قبل هدمه وصدور حكم بإخلائه منه قد استصدر حكماً في الدعوى رقم 1067 سنة 1981 قبل المطعون ضدها الأولى بتمكينه من "الفيلا" محل النزاع، وهو ما يعد تعرضاً قانونياً لهن في حيازتها، فقد أقمن الدعوى وبتاريخ 10/ 6/ 1982 قضت المحكمة بعدم قبول الطلب الوقتي بوقف تنفيذ الحكم رقم 1067 سنة 1981 مستأنف مستعجل القاهرة وبرفض الدعوى، استأنف الطاعنات هذا الحكم بالاستئناف رقم 5084 سنة 99 ق القاهرة، وبتاريخ 6/ 4/ 1983 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعي الطاعنات بالأول والثالث والخامس منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك أنهن تمسكن أمام محكمة الموضوع بأن الفيلا محل النزاع قد شيدت محل العقار الذي كان يستأجره المطعون ضده الثاني من المطعون ضدها الأولى قبل هدمه، ومن ثم فقد أنفسخ عقد استئجاره بهلاك العين المؤجرة، وقد قمن بتأجيرها إلى سفارة الولايات المتحدة الأمريكية وأن من شأن تنفيذ الحكم رقم 1067 سنة 1981 طرد السفارة المستأجرة لها وهو أمر غير جائز قانوناً لتمتعها بالحصانة الدبلوماسية هذا إلى أن تنفيذ الحكم المشار إليه وهو ليس حجة عليهن لعدم اختصامهن في الدعوى يعد من قبل التعرض القانوني، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي برفض دعوى الطاعنات استناداً إلى أن المطعون ضده الثاني لم يدع أي حق يتعارض مع حقهن في حيازتهن الفيلا محل النزاع دون أن يعرض بالرد على ما تمسكن به من دفاع فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التعرض الذي يجير لحائز العقار حيازة قانونية رفع دعوى بمنع التعرض هو كل عمل مادي أو تصرف قانوني يتعين بطريق مباشر أو غير مباشر إدعاء حق يتعارض مع حق واضع اليد، وأن استخلاص حصول التعرض في وضع اليد أو نفيه من أمور الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها، متى كان استخلاصها سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهت إليها، وإن الدفاع الذي تلتزم بالرد عليه هو الدفاع الجوهري الذي من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده الثاني لم يصدر منه أي عمل مادي أو تصرف قانوني بما يعد تعرضاً لحيازة الطاعنات للفيلا محل النزاع، كما لم يدع قبلهن بطريق مباشر أو غير مباشر بحق يتعارض مع حقهن كملاك في حيازة هذه الفيلا وكان مجرد حصوله على حكم في الدعوى رقم 1067 سنة 1981 مستأنف مستعجل القاهرة في 3/ 1/ 1982 بتمكينه من العقار استئجاره من المطعون ضدها الأولى المالكة السابقة في تاريخ لاحق على تصرفها بالبيع في هذا العقار إلى الطاعنات بالعقد المسجل في 28/ 9/ 1977 برقم 8438 شهر عقاري القاهرة لا يعد تعرضاً لهن في حيازتهن إذ من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حجية الحكم لا تمتد إلى الخلف الخاص إلا إذا كان الحكم سابقاً على اكتساب الخلف حقه، ومن ثم فإن إدعاء الطاعنات بحصول تعرض مادي أو قانوني لهن بمقتضى هذا الحكم يكون ولا سند له طالما لم يثبت شروع المحكوم له في تنفيذه قبلهن، إذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وخلص إلى رفض الطاعنات على سند من عدم إدعاء المطعون ضده الثاني أي حق يتعارض مع حقهن في حيازة العقار محل النزاع، وكان ما استخلصه الحكم في هذا الشأن سائغاً له أصل ثابت بالأوراق ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ولا على الحكم إن هو أغفل الرد بعد ذلك على دفاع الطاعنات بشأن ما تتمتع به السفارة الأمريكية المستأجرة لعين النزاع من حصانة، ذلك أنه - وأياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج في النزاع لانتفاء واقعة التعرض المدعى بها أصلاً.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنات بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقلن أن طلبهن وقف تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 1067 سنة 1981 مستأنف مستعجل القاهرة هو في حقيقته إشكال موضوعي في التنفيذ يراد به حسم الأمر بصدد تنفيذ الحكم المذكور في مواجهتهن بتمكين المطعون ضده الثاني من الفيلا موضوع النزاع ولا يغير من ذلك أن يكون الطلب بصفة مستعجلة، لأن العبرة بحقيقة مرماه وليس بوصف الخصوم له، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول هذا الطلب لسبق صدور قرار بوقف تنفيذ الحكم من قاضي التنفيذ ومن محكمة النقض، في حين أن كل من هذين الأمرين موقوف، ولا حجية له أمام القضاء الموضوعي، كما ذهب الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إلى انتفاء مصلحة الطاعنات لأن المحكوم لصالحه لم يشرع في تنفيذ الحكم، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، بأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المقصود بالمنازعة الموضوعية في التنفيذ هي تلك التي يطلب فيها الخصم الحكم بما يحسم النزاع في أصل الحق، في حين أن المنازعة الوقتية هي التي يطلب فيها اتخاذ إجراء وقتي بوقف التنفيذ بما لا يمس أصل الحق الذي يتناضل الخصوم بشأنه، وأنه ولئن كانت محكمة الموضوع لا تتقيد في تكييف الطلبات بوصف الخصوم لها وعليها أن تنزل التكييف الصحيح عليها الذي تتبينه من وقائع الدعوى، إلا أن العبرة في ذلك هو بما يطلب الخصم الحكم له به، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعنات قد طلبن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 1067 سنة 1981 مستأنف مستعجل القاهرة لحين الفصل في موضوع الدعوى بمنع التعرض، فإن هذا الطلب هو بحسب صريح لفظه ومرماه يعد طلباً باتخاذ إجراء وقتي يوقف تنفيذ الحكم المذكور وليس منازعة موضوعية في التنفيذ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضي بتأييد الحكم الابتدائي بعدم قبول هذا الطلب الوقتي لسبق صدور قرار من قاضي التنفيذ وقرار أخر من محكمة النقض في الطعن رقم 573 سنة 52 ق بوقف تنفيذ الحكم المذكور كإجراء وقتي، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ويكون النعي على ما أورده الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بشأن انتفاء مصلحة الطاعنات غير منتج، إذ أن ما استطرد إليه الحكم في هذا الصدد يعد أسباباً زائدة لا حاجة بالحكم إليها بعد أن استقام قضاءه على ما استظهره صحيحاً من سبق القضاء بوقف تنفيذ الحكم من ثم فإن النعي برمته يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنات بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقلن، أنه كان يتعين على الحكم وقد ذهب إلى عدم توافر دعوى الحيازة أن يعرض لما أثارته الطاعنات من دفاع بشأن احتجاز المطعون ضده الثاني لأكثر من مسكن في مدينة القاهرة بالمخالفة لنص المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 - بشأن إيجار الأماكن - الأمر الذي يترتب عليه عدم أحقيته في تمكينه من الفيلا محل النزاع وإذ أغفل الحكم الرد على هذا الدفاع، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بشأن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنات بمنع التعرض لحيازتهن للفيلا على انتفاء حصول التعرض لهن من جانب المطعون ضده الثاني، وإذ كانت دعوى الحيازة لا تتسع لبحث واقعة الاحتجاز المدعى بها بعد أن خلص الحكم صحيحاً إلى نفي واقعة التعرض، فإنه لا على الحكم المطعون فيه إذ هو أغفل الرد على دفاع الطاعنات هذا الخصوص، ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.