مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) – صـ 729

(75)
جلسة 8 من فبراير سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ د. عبد المنعم عبد العظيم جيرة - (نائب رئيس مجلس الدولة)، وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ومحمد مجدي محمد خليل وجودة عبد المقصود فرحات وأحمد إبراهيم عبد العزيز - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2935 لسنة 35 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - التحقيق - شهادة الشهود (إثبات) (مجلس تأديب)
إذا كانت القاعدة العامة في مجال تحديد ضمانات المتهم في التحقيق تستوجب تحليف الشهود اليمين قبل إدلائهم بشهادتهم ليحفزهم على ذكر الحقيقة إلا إنه ليس في قانون تنظيم الجامعات ما يستوجب مطالبة الشهود في التحقيق بأداء اليمين قبل إدلائهم بأقوالهم في التحقيقات الإدارية - تخلف أداء اليمين لا يبطل التحقيق، ولا يخل بضمانات المتهم - أساس ذلك أنه في مجال تقدير قيمة ما أدلى به الشهود ممن لم يحلفوا اليمين ومدى صدق مرجعه إلى تقدير مجلس التأديب مرتبطاً بما يستخلص من وقائع التحقيق وأوراق ومستندات ملف الاتهام وغير ذلك من أدلة في هذا الشأن ومدى ما أبداه الطاعن من دفاع وما يتعلق بمدى سلامة وصحة أقوال من سئلوا في التحقيق - نتيجة ذلك: عدم تحليف الشاهد اليمين لا يبطل التحقيق - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 12/ 6/ 1989 أودع الأستاذ فتحي رجب المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن تقرير الطعن الماثل في القرار الصادر من مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين بجامعة الإسكندرية بجلسة 2/ 5/ 1989 والقاضي بمجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة.
وطلب الطاعن وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبعد إعلان الطعن على الوجه المقرر قانوناً، قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه ما يلي:
أولاً: إعادة محاكمة الطاعن فيما نسب إليه من اشتغاله بمستشفى السلام بدسوق وحصوله على مبلغ نقدي من الدكتور.......
ثانياً: براءة الطاعن مما نسب إليه من الحصول على مبلغ من شقيق الشاكي.........
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 25/ 10/ 1989 وتقرر بجلسة 15/ 7/ 1991 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة رابعة) لنظره أمامها بجلسة 29/ 10/ 1991 وجرى تداول الطعن بالجلسات، وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة.
وحيث إن القرار المطعون فيه قد صدر بجلسة 2/ 5/ 1989 وتم إيداع صحيفة الطعن فيه بتاريخ 12/ 6/ 1989 في خلال الميعاد القانوني للطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا وفقاً لحكم المادة 44 من قانون تنظيم مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 وتعديلاته كما استوفى الطعن سائر الأوضاع القانونية المقررة لقبوله شكلاً ومن ثم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً.
وحيث إنه عن الموضوع فإنه يخلص في أنه بتاريخ 1/ 12/ 1987 صدر قرار رئيس جامعة الإسكندرية بإحالة الطاعن (المعيد بقسم التكنولوجيا بمعهد البحوث الطبية) إلى مجلس التأديب لمساءلته عما هو منسوب إليه من خروج على مقتضى الواجب في أداء وظيفته بممارسة مهنة الطب بمستشفى السلام بدسوق بالمخالفة لأحكام قانون تنظيم الجامعات وقانون ممارسة مهنة الطب، وحصوله بدون وجه حق على مبلغ نقدي من المواطن/....... والأستاذ/.........
وأعلن المحال بموعد المحاكمة لجلسة 4/ 6/ 1988 وفيها نفى ما هو منسوب إليه كما استمع المجلس إلى شهادة الدكتور/...... على النحو الوارد بمحضر جلسة 5/ 7/ 1988 والتي أيد فيها الوقائع المنسوبة إلى المحال، وبعد تغيير تشكيل المجلس أعيد استدعاء المحال وتم سماع أقواله فيما هو منسوب إليه ولكنه تمسك بأقواله السابقة، كما حضر للشهادة الدكتور/...... وقرر أنه سبق له أن اتفق مع المحال على إجراء عمليات لبعض المرضى بمستشفى السلام بدسوق وأن المحال كان يرسل المرضى على عيادة الدكتور/....... للكشف عليهم وتحديد موعد الجراحة بالمستشفى التي كان يعمل بها المحال وأنه عندما علم أن المحال حصل من أحد المرضى على مبالغ تزيد عما اتفقا عليه ولم يسدد له باقي أتعاب الجراحة وكان يستغل أسماء بعض الأساتذة المتخصصين لإجراء عمليات جراحية قطع صلته بالمحال وأضاف بأنه ليس بينهما خصومة شخصية.
وقد أثبت مجلس التأدب أنه تم تكليف المحال للحضور لمواجهة الدكتور/...... إلا أنه اعتذر عن الحضور دون مقتضى.
وقرر المجلس بجلسة 2/ 5/ 1989 مجازاة المحال بالفصل من الخدمة واستند في قراره إلى أن المخالفة الأولى المنسوبة للمتهم وهي اشتغاله بمستشفى السلام بدسوق بالمخالفة لحكم المادة (104) من قانون تنظيم الجامعات التي أحالت إليها المادة (153) والتي لا تجيز للمعيد أو عضو هيئة التدريس الاشتغال بالتجارة أو أن يشارك في إدارة عمل تجاري أو مالي أو صناعي أو أن يجمع بين وظيفته وأي عمل لا يتفق وكرامة الوظيفة - هذه المخالفة ثابتة في حق الطاعن على نحو ما ارتآه مجلس التأديب من الشكوى المقدمة من المواطن/...... الذي يعمل مديراً لقصر الثقافة بدسوق والتي ضمنها أن المحال قد اتفق معه داخل مستشفى السلام بدسوق على إجراء جراحة لشقيقه على أن يقوم بها الدكتور/........ مقابل 400 جنيه ومبلغ 300 جنيه للمستشفى بالإضافة إلى أجر العلاج والتحاليل وأنه قام بسداد المبالغ المطلوبة وبعد فترة اضطر للذهاب لعيادة الدكتور/........ لاستكمال العلاج في عيادته في الإسكندرية وفوجئ بأنه يطالب بمبلغ (140) جنيهاً باقي المستحق على المريض نظراً لأن المحال سلمه مبلغ 160 جنيهاً وطلب إمهال المريض لظروفه الاجتماعية، كما علم الشاكي من الدكتور....... أنه تنازل عن مبلغ 100 جنيه من أجره لظروف المريض إلا أن المحال لم يخصمها وحصلها لنفسه.
وقد شهد الدكتور/...... في التحقيقات التي أجراها المجلس بصحة هذه الواقعة وأنه طلب من المحال أكثر من مرة رد المبلغ دون جدوى.
كما أفاد السيد/ عميد البحوث الطبية في شهادته المكتوبة بتاريخ 25/ 3/ 1987 والمودعة ملف الموضوع أن المحال أقر أمامه أنه يعمل فعلاً بالمستشفى المذكورة بعد مواعيد العمل الرسمية.
كما ورد للأستاذ الدكتور رئيس الجامعة كتاب السيد مدير قسم العلاج الحر بمديرية الشئون الصحية بكفر الشيخ المؤرخ 14/ 3/ 1987 المتضمن الاستفسار عما إذا كان المحال مصرحاً له بفتح مستشفى السلام بدسوق الأمر الذي وقع في يقين المجلس ثبوت هذه المخالفة في شأنه.
وحيث إنه عن المخالفة الثابتة وهي حصوله على مبلغ من شقيق الشاكي...... بدون وجه حق بعد أن تنازل الدكتور/....... عن جزء من أتعابه تقديراً لظروف المريض الاجتماعية وعدم تسليم الدكتور/....... باقي أتعابه عن العملية فإن هذه الواقعة ثابتة على نحو ما قرره مجلس التأديب من أقوال الشاكي التي تأيدت بشهادة الدكتور/....... وأنه لا يوهن في ثبوتها ما يدعيه المحال من عدم معرفته بالشاكي أو الاتفاق مع الدكتور/....... لإجراء جراحة لشقيق الشاكي أو ممارسته مهنة الطب بمستشفى السلام بدسوق إذ أن الشاكي نفسه قد تنصل من مواجهة الدكتور...... برغم تكليفه، بالحضور واستعداده للمواجهة وقدم اعتذار عن الحضور رغم ثبوت عدم انشغاله بأداء الامتحانات في الميعاد الذي حدده له المجلس فضلاً عن ثبوت اشتغاله بالمستشفى المذكور على النحو السابق توضيحه في الواقعة الأولى.
وخلص المجلس مما تقدم إلى أن الأفعال التي ارتكبها المحال تنطوي على إخلال بواجبات الوظيفة وخروج سافر على مقتضياتها مما يفقده الثقة الواجب توافرها في الطبيب بصفة عامة ومن يشغل وظيفة تؤهله ليصبح عضواً بهيئة التدريس بالجامعة بصفة خاصة إذ يجب على من يشغل هذه الوظيفة أن يتحلى بالقيم الرفيعة وينأى بنفسه عن السلوك المعوج الذي يمس خلقه ويخدش سمعته وسيرته مما ينعكس أثره على كرامة الوظيفة ومس اعتبار شاغلها وأنه بذلك يكون قد فقد شرط حسن السمعة المنصوص عليه في المادة 135 من قانون تنظيم الجامعات وهو شرط بقاء واستمرار في الوظيفة وانتهى مجلس التأديب إلى مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة.
ومن حيث إن الطعن على قرار مجلس التأديب يقوم على أسباب محصلها:
بطلان التحقيق الذي أجرته الجامعة وبطلان جميع الإجراءات المبنية عليه فقد استند التحقيق بالنسبة للطاعن من مخالفات إلى شهادة الدكتور........ وإلى شكوى المواطن........ والأول لم يحلف اليمين اللازمة لصحة الشهادة والثاني له مصلحة خاصة فيما أدلى به من أقوال وهو ما يجرح أقواله ويبطلها بالإضافة إلى أنه لم يتم تحقيق الوقائع الواردة بأقوال الشاكي ولم يواجه بالطاعن.
ومن ذلك كله يتضح أن التحقيق قد فقد المقومات الأساسية للتحقيق السليم وإذ بنى قرار الإحالة على شهادة الدكتور....... الباطلة وشكوى المواطن........ التي لم يتم تحقيق ما جاء بها فإن قرار الإحالة يكون باطلاً.
كما استند الطاعن إلى بطلان التحقيق الذي أجراه مجلس التأديب لإخلاله بحق الدفاع: فهذا التحقيق قد افتقر إلى مقومات التحقيق بالمعنى السليم فقد كان المجلس يدرك تماماً أن أهمية الاستماع إلى شهادة الدكتور....... والسيد/....... مقدم الشكوى واتخذ المجلس بالفعل قرار بذلك إلا أنه لم يستمع لشهادتهما، كما أن المجلس لم يجر المواجهة اللازمة والضرورية بين الطاعن والدكتور....... ليتبين وجه الحق فيما نسبه الدكتور...... للطاعن إلا أن المجلس لم يجر هذه المواجهة - كما أنه حينما طلب المجلس ترخيص المستشفى واتضح له أن الترخيص ليس باسم الطاعن أهدر دلالة ذلك.
ومن ذلك كله يتضح مدى إخلال المجلس بحق الدفاع المقرر ما يبطل إجراءات المجلس وما بنى عليها من قرارات.
وبالإضافة إلى ذلك فإن مجلس التأديب خرج على ما جاء بقرار إحالة الطاعن إليه وحاكمه عن تهمة أخرى فالتهمة الواردة بقرار الإحالة هي خروج الطاعن على مقتضى الواجب الوظيفي بممارسته لمهنة الطب بمستشفى السلام بدسوق بالمخالفة لأحكام قانون الجامعات وقانون ممارسة مهنة الطب وقد قام المجلس بمحاكمة الطاعن عن تهمة أخرى بعيدة كل البعد عن ذلك هي قيامه بعمل لا يتفق وكرامة الوظيفة وهو اشتغاله بمستشفى السلام بدسوق.
وفضلاً عن ذلك فإن الأدلة التي استند إليها مجلس التأديب في إدانة الطاعن أدلة منعدمة فبالنسبة لشكوى المواطن...... فلم تؤخذ أقوال الشاكي ولم يواجه بالطاعن وهناك احتمال أن يكون الشاكي شخصية وهمية مما لا يجوز معه اعتبار الشكوى دليلاً على صحة الواقعة.
وبالنسبة لشهادة الدكتور/....... فهذا الشاهد تتعارض صفته كخصم للطاعن يطالبه بمبلغ يدعيه مع صفته كشاهد مما ينفي عنه الحيدة اللازمة في الشاهد ليصح الأخذ بشهادته فضلاً عن أن شهادته جاءت متناقضة وبالنسبة لإفادة عميد معهد البحوث الطبية فلم تؤخذ أقواله ولم يواجه بالطاعن ولا قيمة لإفادة مكتوبة ذلك أن الشهادة يجب أن تكون تلقائية ولا يستعين الشاهد بمذكرة مكتوبة.
وبالنسبة لكتاب مدير قسم العلاج الحر بشأن استفساره عما إذا كان المحال مصرح له بفتح مستشفى السلام بدسوق - هذا الاستفسار لا قيمة له لأن رخصة تشغيل المستشفى صادرة باسم الدكتور..... وأخيراً يقرر الطاعن أنه بفرض استيفاء العقوبة لشروطها فإنها لا تتناسب مع الذنب المنسوب إليه بعقوبة الفصل من الخدمة وهي أخطر العقوبات يمتد أثرها إلى من يعولهم من توقع عليه والذنب المدعي به هو أول ذنب ينسب للطاعن مما يجعل العقوبة غير مشروعة لعدم ملاءمتها الظاهرة.
وبجلسة 19/ 10/ 1991 أودعت جامعة الإسكندرية مذكرة ضمنتها تعقيباً على ما جاء بتقرير هيئة مفوضي الدولة من أن مجلس التأديب أدان الطاعن عن تهمة لم ترد بقرار الإحالة غير صحيح ذلك أن ما قام به مجلس التأديب كما أوضحت مذكرة الجامعة لا يخرج عن كونه وصفاً للمخالفات الثابتة في حق الطاعن من التحقيقات التي أجريت معه وأشارت مذكرة الجامعة إلى أن الطاعن قد تقدم باعتذار مكتوب لمجلس التأديب كما بدر منه ما يتضمن اعترافاً بصحة ما نسب إليه.
وحيث إنه قد استبان للمحكمة من الاطلاع على ملف التحقيق رقم 65 لسنة 1987 جامعة الإسكندرية أن الأستاذ الدكتور عميد معهد البحوث الطبية قد أرسل إلى رئيس الجامعة مذكرة مؤرخة 25/ 3/ 1987 مرفقاً بها كتاب مديرية الشئون الصحية بكفر الشيخ تتضمن قيام الطبيب....... المعيد بقسم البكتربولجي بالمعهد بمزاولة مهنة الطب بمستشفى السلام بدسوق دون الحصول على تصريح.
كما نسب إليه أيضاً بناء على شكوى المواطن/....... مدير قصر الثقافة بدسوق أنه تسلم من الشاكي مبلغ 400 جنيه لتوصيلها للدكتور...... مقابل العملية الجراحية التي أجراها لشقيق المواطن المذكور ويقرر الأخير أنه علم بعد ذلك أن الدكتور...... قد تنازل عن مبلغ مائه جنيه من أجر العملية وأنه - الطاعن - لم يسلم الدكتور...... سوى مبلغ 160 جنيه فقط من أجر العملية وبذلك يبقى في ذمته مبلغ 140 جنيه للدكتور...... وقد تم إرسال هذه الشكوى بكتاب عميد معهد البحوث الطبية إلى رئيس الجامعة وتأشر عليها بالتحقيق وتقديم رأي نهائي في الشكوتين وقد تم إجراء التحقيق بمعرفة الجامعة "الإدارة العامة للشئون القانونية" وخلص التحقيق إلى قيد الواقعة مخالفة تأديبية بالمادتين 148، 153 من قانون تنظيم الجامعات والمادة 77/ 11 من قانون العاملين المدنيين بالدولة والمادة 2/ 14، 25 و32 من قرار رئيس الجامعة رقم 833 بتاريخ 13/ 12/ 1986 بلائحة المخالفات والجزاءات لخروج الطاعن على مقتضى الواجب الوظيفي بممارسته لمهنة الطب بمستشفى السلام بدسوق بالمخالفة لأحكام القانون ولحصوله بدون وجه حق على مبلغ نقدي من المواطن/......... والأستاذ الدكتور/......... وأوصت مذكرة التحقيق بإحالة الطاعن إلى مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين لمحاكمته عما هو منسوب إليه.
واستند التحقيق في ثبوت الاتهامات إلى كتاب الدكتور/ عبد العزيز شريف مدير العلاج الحر بمديرية الشئون الصحية بكفر الشيخ الذي قرر أن الطاعن يزاول العمل بالمستشفى وكتاب عميد معهد البحوث الطبية الذي يعمل معه الطاعن من أن المعيد المذكور (الطاعن) قرر أمامه أنه يمارس العمل بالمستشفى بعد مواعيد العمل الرسمية ومن شهادة الدكتور....... الأستاذ بقسم جراحة المخ الأعصاب بكلية الطب من أن المعيد المذكور اتفق معه على إجراء أربع عمليات جراحية بالمستشفى مقابل 300 جنيه لكل عملية وأن الاتفاق كان يتم معه وليس مع المرضى ومن الشكوى المقدمة من المواطن/......... ولم يأخذ التحقيق بإنكار الطاعن ونفيه ارتكاب هذه المخالفات وقد صدر قرار مدير الجامعة بتاريخ 1/ 12/ 1987 بإحالة الطاعن لمجلس التأديب الذي انتهى إلى ثبوت صحة الاتهامات المنسوبة للطاعن بعد مواجهته بما هو منسوب إليه وبعد إعادة سماع شهادة الدكتور...... وإثبات اعتذار الطاعن عن الحضور ومواجهة الدكتور المذكور على النحو الذي سبق إيضاحه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على شهادة الدكتور........ بمجلس التأديب قرر أن الطاعن كان يتفق معه على إجراء بعض العمليات بالمستشفى المذكور وأن الطاعن كان يقوم بالتحضير والتجهيز لإجراء العمليات كما شهد بأن مقدم الشكوى/......... قد حضر إليه في عيادته وأفضى إليه بمضمون شكواه وقرر أنه لم يتقاضى من الطاعن سوى مبلغ 160 جنيهاً فقط عن هذه العملية.
وحيث إنه بالاطلاع أيضاً على كتاب الدكتور/ عبد العزيز شريف مدير العلاج الحر بمديرية الشئون الصحية بكفر الشيخ وبكتاب عميد المعهد الذي يعمل فيه الطاعن بين أنهما يؤيدان ما نسب للطاعن من اشتغاله بالمستشفى المذكورة.
وحيث إنه لا حجة لما ينعاه الطاعن من بطلان القرار المطعون فيه لابتنائه على تحقيق إداري باطل لم يكن مسبوقاً بحلف اليمين من الشهود قبل الإدلاء بشهادتهم ذلك أن قضاء هذه الحكمة قد جرى علي ولئن كانت القاعدة العامة في مجال تحديد ضمانات المتهم في التحقيق تستوجب تحليف الشهود اليمين قبل إدلائهم بشهادتهم يحفزهم على ذكر الحقيقة، إلا أنه ليس في قانون تنظيم الجامعات ما يستوجب مطالبة الشهود في التحقيق بأداء اليمين قبل إدلائهم بأقوالهم في التحقيقات الإدارية وليس هناك إخلال في هذا الخصوص بحق الطاعن حيث إن مجال تقدير قيمة ما أدعى به الشهود ممن لم يحلفوا اليمين ومدى صدقه مرجعه إلى تقدير مجلس التأديب مرتبطاً بما يستخلص من وقائع التحقيق وأوراق ومستندات ملف الاتهام وغير هذا من أدلة في هذا الشأن وكذلك بناء على ما أبداه الطاعن من دفاع وبصفة خاصة فيما يتعلق بمدى سلامة وصحة أقوال من سئلوا في التحقيق ومن ثم فإن عدم تحليف الشاهد اليمين لا يشوب وحده التحقيق بالبطلان وطالما لم يثبت أن ذلك قد أخل بحق الطاعن في الدفاع.
ومن حيث إنه لا صحة لما ذهب إليه الطاعن من بطلان القرار لمطعون فيه لمخالفته القانون والخطأ في تأويله واستناداً إلى انعدام المخالفات وانعدام الأدلة عليها وعدم المواجهة بين الطاعن وبين الدكتور/ محمد رمضان عميد المعهد الذي يعمل فيه وأن المجلس أسند إلى الطاعن ارتكابه مخالفة لم تذكر بقرار الإحالة إلى المحاكمة. فالمحكمة تقنع أولاً بصحة الوقائع المنسوبة إلى الطاعن من خلال الأدلة والقرائن وشهادة الشهود بالتحقيق الإداري وما حداه من مكاتبات وأوراق ومنها المستند رقم 11 الذي يقر فيه الطاعن بخطئه في حق الجامعة التي يعمل بها ويطلب تقدير ظروفه والعفو عنه، وما ورد في محاضر مجلس التأديب واعتذاره عن حضور الجلسة التي كان مقرراً فيها إجراء المواجهة بينه وبين الدكتور....... أستاذ الجراحة بكلية الطب بجامعة الإسكندرية كما أنه لم يطلب في التحقيق الإداري أو أمام مجلس التأديب إجراء المواجهة بينه وبين الدكتور محمد رمضان عميد المعهد والذي ذكر في كتابه إلى رئيس الجامعة أن الطاعن أقر أمامه باشتغاله بمستشفى السلام بدسوق في غير أوقات العمل الرسمية أما عن إسناد المجلس مخالفة للطاعن لم ترد بقرار الإحالة فإن ذلك القول ليس له أساس لأن ما ورد بقرار المجلس لا يخرج عن أن يكون وصفاً للمخالفة الثابتة في حق الطاعن من واقع الأوراق والتحقيقات لا يختلف عن الوصف الذي ورد بقرار الإحالة للتحقيق وهو الاشتغال بمهنة الطب بدون تصريح وأياً ما كانت العبارات التي صيغ بها الاتهام فإن ذلك لا يمس جوهر الاتهام وهو ممارسة الطاعن لمهنة الطب دون تصريح وهو اتهام واحد لم يتغير سواء في مرحلة التحقيق أو المحاكمة وتوقيع الجزاء، أما فيما يختص بمدى ملائمة الجزاء للذنب الإداري الذي ثبت في حق الطاعن فإنه ولئن كانت لسلطة التأديب تقدير خطورة الذنب الإداري وما يناسبه من جزاء بغير معقب عليها في ذلك إلا أن مناط مشروعية هذه السلطة شأنها شأن أي سلطة تقديرية أخرى ألا يشوب استعمالها غلو ومن صور هذا الغلو عدم الملائمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الإداري وبين نوع الجزاء ومقداره ففي هذه الحالة يخرج التقدير عن نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية ومن ثم يخضع لرقابة هذه المحكمة.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم وبمراعاة أن الطاعن في بداية عهده بالوظيفة العامة ولم يثبت من الأوراق أنه سبق له ارتكاب مخالفات أو توقيع جزاءات عليه تنم عن عدم صلاحيته في الوظيفة والاستمرار فيها، فإن قرار مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة يكون قد شابه غلو في تقدير الجزاء مما يتعين معه الحكم بإلغائه، وتوقيع العقوبة المناسبة والتي تقدرها المحكمة بعقوبة الخصم من المرتب لمدة شهر.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وبمجازاة الطاعن بعقوبة الخصم من الراتب لمدة شهر.