مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) – صـ 764

(79)
جلسة 9 من فبراير سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل محمد زكي فرغلي وفريد نزيه تناغو وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس المجلس.

الطعن رقم 2550 لسنة 36 القضائية

أ - جامعات - جامعة الأزهر - طلاب
مفاد نص المادتان (77) و (78) من القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن تنظيم الأزهر - يتعين لنقل الطالب من سنة إلى أخرى أن يدخل الامتحانات المقررة وينجح فيها جميعاً - نتيجة ذلك: لا يجوز نقل الطالب إلا بعد تحقق السبب المبرر قانوناً لذلك وهو نجاحه - سبب ذلك: أن النجاح هو وحده الذي يتحقق بمقتضاه سلامة تأهيل الطالب في النهاية للحصول على الشهادة التي تبرر قيامه بالمهنة أو بالعمل الذي يخدم المجتمع يستثنى من ذلك: السماح بنقل الطالب مع عدم نجاحه في مادة أو أكثر وذلك لحكمة يراها المشرع مقتضاها التيسير على الطالب من جهة وتوفير مكانه لطالب آخر من جهة أخرى - تطبيق
ب - قانون - سريان القانون من حيث الزمان (أزهر) (جامعة) (دستور) (اللائحة التنفيذية لقانون الأزهر)
سريان القاعدة القانونية من حيث الزمان له وجهان: وجه سلبي انعدام الأثر الرجعي للتشريع ووجه إيجابي هو أثره المباشر - الأصل العام أن اللوائح لا يجوز أن يكون لها أثر رجعي ما لم يكن الأثر الرجعي مقرراً صراحة في القوانين التي تصدر تنفيذاً لها وبنص صريح في القانون - القواعد اللائحية المنظمة لأداء الامتحانات والنجاح بكليات جامعة الأزهر ليس لها أثر رجعي - نتيجة ذلك: إذا كان المركز القانوني قد تكون أو انقضى في ظل القاعدة القديمة فلا تمس القاعدة الجديدة هذا التكوين أو ذلك الانقضاء - مثال: إذا كان المركز القانوني لطالب جامعة الأزهر هو الرسوب في مادة فإن القاعدة القانونية الجديدة والتي تجعل من المادة التي رسب فيها اختيارية وليست مادة رسوب لا تسري إلا بأثر مباشر على الطلاب الراسبين في تلك المادة وقت نفاذ تلك القاعدة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 12 من يونيه سنة 1990 أودع الأستاذ الدكتور عبد الفتاح بدور المحامي بصفته وكيلاً عن عبد العزيز عبد الرحيم شعراوي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 2550 لسنة 36 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 27/ 3/ 1990 في الدعوى رقم 1032 لسنة 44 ق القاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي طلب وقف التنفيذ برفض الطلبين الأصلي والاحتياطي.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم بصفة أصلية بوقف تنفيذ قرار جامعة الأزهر بالامتناع عن رفع مادة اللغة الإنجليزية التي تعتبر مادة اختيارية للتثقيف فقط واعتباره منقولاً بمادتين إلى السنة الخامسة بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، وبصفة احتياطية بوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع جامعة الأزهر عن إعطاء الطاعن فرصة أخرى للامتحان من الخارج وما يترتب على ذلك من آثار وذلك تمهيداً لإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار مع المصاريف والأتعاب عن الدرجتين.
وتم إعلان الطعن للمطعون ضدهما على الوجه المبين بالأوراق وقد أودع السيد الأستاذ المستشار مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 25 من يوليو سنة 1990 وتداولته بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر وبجلسة 18 من فبراير سنة 1991 قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) والتي نظرته بجلسة 2 من مارس سنة 1991 والجلسات التالية وفيها استمتعت لما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات على النحو المبين بالمحاضر وبجلسة 12 من يناير سنة 1992 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يتضح من الأوراق - في أن الطاعن قد أقام الدعوى رقم 1032 لسنة 44 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بتاريخ 27 من نوفمبر سنة 1989 طالباً الحكم بصفة أصلية بوقف تنفيذ قرار جامعة الأزهر بالامتناع عن رفع مادة اللغة الإنجليزية التي تعتبر مادة اختيارية للتثقيف فقط واعتباره منقولاً بمادتين إلى السنة الخامسة بكلية الشريعة والقانون بهذه الجامعة وبصفة احتياطية الحكم بوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع جامعة الأزهر عن إعطائه فرصة أخرى للامتحان من الخارج في العام الجامعي 89/ 1990 - وإبطال أي قرار فصل يكون قد صدر ضد المدعي ولم يعلم به، وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال شرحاً لدعواه أنه وصل في دراسته بكلية الشريعة والقانون نظام عام بجامعة الأزهر إلى السنة الرابعة وظهرت نتيجة العام الجامعي 88/ 1989 بأنه مقصر في ثلاث مواد هي القرآن الكريم للسنة الثانية والقرآن الكريم للسنة الثالثة ومادة اللغة الإنجليزية للسنة الرابعة أي إنه ناجح في جميع مواد السنة الرابعة فيما عدا مادة اللغة الإنجليزية وهي مادة دخيلة على طالب الأزهر واعتبرت مادة اختيارية للتثقيف فقط ولا تؤدي إلى رسوب وقد تظلم إلى كافة المسئولين بجامعة الأزهر للرأفة به ونقله للسنة الخامسة بمادتين بعد رفع مادة اللغة الإنجليزية أو إتاحة فرصة جديدة له للامتحان من الخارج ولم تستجب الجامعة لتظلمه. ولما كان الامتناع عن تطبيق قواعد الرأفة والقواعد الخاصة باعتباره منقولاً للسنة الخامسة بمادتين بكلية الشريعة والقانون وكذلك الامتناع عن إعادة قيده لفرصة امتحان جديدة من الخارج قد جاء متعسفاً من جامعة الأزهر ومخالفاً للقانون ويستند المدعي في المطالبة بتطبيق قواعد الرأفة السارية وقت التحاقه بالكلية وحتى وصوله للسنة الرابعة إلى قرار مجلس جامعة الأزهر بملفه رقم 302 بتاريخ 5/ 11/ 1989 بتطبيق القواعد السارية في الجامعات المصرية على طلاب جامعة الأزهر منها ما قررته كلية الحقوق بجامعة القاهرة باعتبار اللغة الإنجليزية مادة للتثقيف، ويستند كذلك لقرار مجلس كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بجلسته رقم 15 بتاريخ 24/ 10/ 1989 بجعل اللغة الإنجليزية مادة اختيارية وليست مادة رسوب وقياساً على ما اتبعته كليتي العلوم جامعة الأزهر (بنين وبنات) بجواز نقل الطالب بمادتين عدا اللغة الإنجليزية ويطبق القرار اعتباراً من العام الجامعي 88/ 1989 وكما قررت لجنة شئون الطلاب بالأزهر بجلستها رقم 109 بتاريخ 9/ 11/ 1988 والمعتمد من رئيس الجامعة بتاريخ 17/ 12/ 1988 ومن حق المدعي الإفادة من هذه القواعد.
كما يستند المدعي في مطالبته بفرصة أخرى للامتحان من الخارج فيما ورد بنص المادة 220 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن الأزهر الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 250 لسنة 1975 والتي تعطي لطلاب الفرقة الرابعة كحالة المدعي فرص بقاء لمدة عامين من الداخل وعامين من الخارج فإذا رسب بعد ذلك في مادة أو مادتين يستمر في أداء الامتحانات من الخارج حتى النجاح في مواد التخلف وهو المعمول به في الجامعات الأخرى تطبيقاً لنص المادة 80 من اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات رقم 49 لسنة 1972 أو إعمالاً لقرار مجلس جامعة الأزهر 302 في 5/ 11/ 1989 بأن يطبق على طلاب جامعة الأزهر القواعد المطبقة في الجامعات المصرية من حيث فرص البقاء بما في ذلك المادة 80 من اللائحة التنفيذية سالفة الإشارة وقد درجت جامعة الأزهر فيما مضى من الأعوام على منح طلاب جامعة الأزهر فرصاً أكثر للامتحان من الخارج وهو ما اضطردت أحكام القضاء الإداري في العديد من الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري، وحيث لا تتضمن اللائحة التنفيذية لقانون الأزهر نصاً صريحاً يمنع الجامعة من منح طلابها فرصاً أخرى للامتحان إذا رسبوا في بعض المواد وخاصة من هم في مثل ظروف المدعي الصحية وفي مثل سنه وما وصل إليه من مراحل الدراسة إذ لم يتبق له سوى سنة واحدة للتخرج وإذ توافرت في طلب المدعي شروط الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه يطلب الحكم بطلباته المشار إليها.
وبجلسة 27 من مارس سنة 1990 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه بقبول الدعوى شكلاً وفي طلب وقف التنفيذ برفض الطلبين الأصلي والاحتياطي وأقامت المحكمة قضاؤها على أنه بالنسبة لطلب المدعي الأصلي رفع اللغة الإنجليزية من المواد المقررة عليه بالسنة التي رسب فيها فهو لا سند له من القانون متى كان الثابت أنه دخل امتحان هذه المادة في وقت كانت فيد أحد المقررات العلمية التي يلتزم الطالب بأدائها واجتياز امتحانها بنجاح ومن ثم يكون طلب وقف التنفيذ في هذه الخصوصية على غير سند صحيح من القانون خليقاً بالرفض، ولا يغير من ذلك ما أشار به المدعي من أن بعض الكليات تأخذ بهذا النهج أو أن تلك المادة دخيلة وأصبحت الآن مادة اختيارية إذ إن ذلك كله لا يغير من الحقيقة الثابتة من أنها كانت إحدى المواد المقررة على المدعي ورسب فيها وأن رسوبه فيها يرتب كافة الآثار القانونية المترتبة على رسوبه في إحدى المواد الدراسية وعن طلبه الاحتياطي بوقف القرار السلبي بالامتناع عن منحه فرصة استثنائية رابعة أسوة بما كان يجرى عليه العمل في سنوات سابقة وعملاً بالعديد من الأحكام التي أشار إليها بصحيفة الدعوى فبالرجوع إلى الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا وخاصة في الطعنين رقمي 2467 لسنة 35 ق، 3470 لسنة 35 ق حيث حددت المحكمة من له حق الإفادة من المرحلة الانتقالية المستخلصة من مذكرة رئيس جامعة الأزهر والتي صدر بناء عليها قرار مجلس الوزراء الصادر في يناير سنة 1988 وحصرتهم في فئتين الأولى وتشمل من كان العام 87/ 1988 بالنسبة لهم العام الذي يؤدون فيه امتحان الفرصة الاستثنائية والفئة الثانية هي فئة من قيدوا بالعام 87/ 1988 لأداء امتحان الفرقة الأولى من الخارج، وهذه الفئة هي المعنية بمرحلة الانتقال فيتاح لطلابها فيما لو رسبوا فرصة أخرى من الخارج في السنة الثالثة وهي سنة 88/ 1989. لما كان المدعي قد منح فرصة الامتحان من الخارج في العام الدراسي 88/ 1989 ومن ثم تكون هي الفرصة الأخيرة له ويخرج بالتالي من نطاق الإفادة من حكم المرحلة الانتقالية بالتحديد الذي أخذت به المحكمة الإدارية العليا في الطعنين المشار إليهما ويصبح امتناع الجهة الإدارية عن منح المدعي فرصة استثنائية لسنة ثانية متفقاً وصحيح حكم القانون. ويكون طلبي المدعي وقف تنفيذ قراري الجهة الإدارية على غير سند صحيح من القانون جديرين بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله واعتمد على أسباب غير صحيحة لا تحمله فبالنسبة للطلب الأصلي فإن اعتبار اللغة الإنجليزية مادة للتثقيف فقط وليست مادة رسوب يعتبر من النظام العام وهي قاعدة آمره على الحالات القائمة والمعلقة جميعها وهو ما اتبعته جامعة القاهرة وحتى ولو كانت مادة مقررة وقت أداء الطاعن الامتحان فيها في نهاية العام الدراسي 88/ 1989 إلا أن قرار مجلس كلية الشريعة والقانون بتاريخ 24/ 10/ 1989 بجعلها مادة اختيارية وليست مادة رسوب يجعل من مطالبة الجامعة الطاعن بالنجاح فيها غير ذي قيمة وبسبب غير قائم وهذا الطلب ينأى عن فكرة الأثر الرجعي فما يطلبه الطاعن اتبعته كليتي علوم الأزهر بنين وبنات اعتباراً من العام الجامعي 88/ 1989 كذلك فإن لائحة جامعة الأزهر التي التحق في ظل سريانها تقضي بنقل الطالب إلى الفرقة الأعلى إذا رسب فيما لا يزيد على أربعة مقررات منها مقررين أساسين على الأكثر وهو ما يصدق على الطاعن، وبالنسبة لطلب الطاعن الاحتياطي بوقف قرار امتناع جامعة الأزهر عن منح الطالب فرصة أخرى للامتحان من الخارج فإن المحكمة الإدارية العليا قد استقرت في العديد من أحكامها على أن جامعة الأزهر وضعت قواعد لبقاء الذين استنفذوا مرات الرسوب في الامتحان من داخل الكلية تضمنت فرصتين أخرتين للتقدم للامتحان من الخارج وهو ما قرره مجلس جامعة الأزهر في 31/ 12/ 1975 وفي 5/ 5/ 1976 ورئيس جامعة الأزهر في 12/ 8/ 1984 وطبقت هذه القاعدة فعلاً ومن ثم يفيد من التحق أو تواجد من الطلاب بالجامعة المذكورة في ظل سريانها، وما أقرته المحكمة الإدارية العليا بشأن المرحلة الانتقالية السالف بيانها لا تمنع تطبيق القواعد التي درجت عليها جامعة الأزهر لأعوام تزيد على الخمسة عشر عاماً، كما أن تلك المرحلة الانتقالية يلزم لتطبيقها شرطان أولهما أن تعد الجامعة مقترحاتها بما يساير المعمول به في الجامعات الأخرى وثانيهما أن تعلن للطلاب قبل بداية العام الدراسي بوقت كاف وإذ لم يتحقق الشرطان ومن ثم يظل العمل بالمرحلة الانتقالية ممتداً ليفيد منه الطلاب وحتى بعد إعداد القواعد الجديدة حتى يتحقق في الأخيرة ركن الشكل كما تطلق فرص الرسوب بغير حد، هو ما أكدته مكاتبات جامعة الأزهر لرئيس الوزراء، وأشار الطاعن في ختام طعنه إلى أن السنة الرابعة بكلية الشريعة والقانون مكملة للسنة الخامسة بها فهي على الأقل فرقة قبل نهائية ويعامل طلبتها معاملة الفرقة النهائية ومن ثم يطبق عليها القاعدة الواردة في المادة 220 من اللائحة التنفيذية لقانون الأزهر والتي ترخص بفرصة رابعة من الخارج، وأنه وفقاً لما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يغدوا مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن الطاعن في مذكرته المقدمة بجلسة 18 من مايو سنة 1991 أمام هذه المحكمة طلب تصحيح اللفظ في طعنه وفي طلباته الذي ورد بلفظ (اللغة الإنجليزية) على سبيل الخطأ وصحته (مادة المصطلحات الأجنبية).
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه طبقاً للمادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 يتعين للحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري توافر ركنين الأول هو ركن الجدية بأن يكون القرار معيباً حسب الظاهر من الأوراق مما يحمل على ترجيح إلغائه عند الفصل في الموضوع والثاني هو ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن مدى توافر ركن الجدية في طلب المدعي الأصلي الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه بوقف تنفيذ القرار جامعة الأزهر بالامتناع عن رفع مادة المصطلحات القانونية باعتبارها مادة اختيارية للتثقيف فقط واعتباره منقولاً بمادتين إلى السنة الخامسة بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر وإذ تنص المادة (77) من القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها على أن: تبين اللائحة التنفيذية منهج الدراسة والمقررات التي تدرس لنيل الدرجات العلمية والأجازات والشهادات التي تمنحها جامعة الأزهر كما تبين توزيعها على سنين الدراسة وفصولها الدراسية. ولمجلس الجامعة بناء على طلب الكلية أو المعهد وموافقة المجلس الأعلى للأزهر كل فيما يخصه أن يعدل هذه المناهج والمقررات بالإضافة أو بالحذف إذا اقتضت مصلحة التعليم ذلك... وتنص المادة (78) من ذات القانون على أن تنظيم اللائحة التنفيذية الامتحان ولا تمنح الدرجات العلمية أو الأجازات العالية أو الشهادات إلا لمن نجح في جميع الامتحانات المقررة لكل منها.
ومن حيث إنه يبين من هذه النصوص ومن استعراض باقي النصوص والقانون واللائحة أن ثمة قاعدة عامة يقوم عليها التعليم الجامعي في الجامعة الأزهرية مقتضاها أن يتعين لنقل الطالب من سنة إلى أخرى أن يدخل الامتحانات المقررة وينجح فيها جميعاً بالحصول على الحد الأدنى للدرجات المقررة لائحياً وتنظيمياً للنجاح في الامتحان على الأقل ولا يجوز نقل الطالب إلا بعد تحقق السبب المبرر قانوناً لذلك وهو نجاحه في الامتحان إذ أن هذا النجاح هو وحده الذي يتحقق بمقتضاه سلامة تأهيل الطالب في النهاية للحصول على الشهادة التي تبرر قيامه بالمهنة أو العمل الذي يخدم به المجتمع ولذا وجد النص الصريح الذي يسمح بنقل الطالب مع عدم نجاحه في مادة أو أكثر فإن ذلك يعد استثناء من هذا الأصل العام لحكمة يراها المشرع وتبرر هذا النص الاستثنائي الحكمي مقتضاها التيسير على الطالب من جهة وتوفير مكانه لطالب آخر من جهة أخرى مع رعاية استكمال التأهيل والنجاح في المواد المنقول بها في فترة أخرى في غالب الأحيان ما لم يتقرر عدم جدواها صراحة والنصوص الاستثنائية التي تسمح بالنقل إلى السنة التالية دون النجاح في بعض المواد لا تفترض وإنما يجب أن تتقرر صراحة بالأداة التشريعية اللازمة وهي أيضاً لا يجوز التوسع في تفسيرها أو القياس عليها وإنما يتعين أن تفسر في حدود الغاية المقصودة منها وفي نطاق صريح عبارتها ومناط حكمها باعتباره استثناء على الأصل العام سالف البيان.
ومن حيث إنه يبين من ظاهر الأوراق أن جامعة الأزهر قد جعلت من مادة المصطلحات القانونية باللغة الأجنبية إحدى المواد المقررة على طلاب الفرقة الرابعة بكلية الشريعة والقانون ومقرراً لدراستها ساعتان وأنها مادة أساسية بالنسبة لطلاب هذه الفرقة حسب المدرج بالخطة الدراسية وأن الطاعن كان مقيداً بالفرقة الرابعة بكلية الشريعة والقانون في العام الجامعي 86/ 1987 ورسب فيها وفي عام 87/ 1988 رسب كذلك وفي العام الجامعي 88/ 1989 منح سنة استثنائية ورسب في ثلاث مواد هي مادة المصطلحات القانونية باللغة الأجنبية للسنة الرابعة للسنة الثانية والقرآن الكريم للسنة الثانية والقرآن الكريم للسنة الثالثة ودخل امتحان القرآن الكريم للسنتين الثانية والثالثة دور سبتمبر 88/ 1989 ورسب فيهما فشطبته الكلية في نهاية العام الجامعي 88/ 1989 لاستنفاده مرات الرسوب بالكلية وتم تحويل ملفه إلى كلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة بتاريخ 29/ 11/ 1989 وعلى ما تقدم ولما كانت مادة المصطلحات القانونية باللغة الأجنبية من المواد الأساسية المقررة على طلاب الفرقة الرابعة بكلية الشريعة والقانون في العام الجامعي 88/ 89 ولم تعدل الخطة الدراسية لطلاب هذه الفرقة بإلغاء هذه المادة أو جعلها مادة اختيارية ودخل الطاعن الامتحان المحدد لها ورسب فإنه يعد راسباً في مادة المصطلحات القانونية باللغة الأجنبية إضافة إلى رسوبه في مادتي القرآن الكريم للسنة الثانية والقرآن الكريم للسنة الثالثة في الدورين المحددين للامتحان في العام الجامعي 88/ 1989 ومن ثم يعد راسباً في ثلاث مواد ويكون طلب الطاعن وقف تنفيذ قرار جامعة الأزهر بالامتناع عن رفع مادة المصطلحات القانونية من مقررات الفرقة الرابعة بكلية الشريعة والقانون باعتبارها مادة اختيارية ونقله بالتالي للفرقة الخامسة بمادتين على غير أساس من القانون.
ومن حيث إنه لا يغير من ذلك ما ساقه الطاعن من صدور قرارات من مجلس كلية الشريعة والقانون ومن جامعة الأزهر يجعل هذه المادة (المصطلحات القانونية باللغة الأجنبية) مادة اختيارية وليست مادة رسوب فالبادي من ظاهر الأوراق أن رئيس قسم القانون العام بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر اقترح في مذكرته المؤرخة 21/ 10/ 1989 أن تكون دراسة المصطلحات في كلية الشريعة إجبارية في السنة الأولى فقط واختيارية في السنوات الأربع الباقية وبتاريخ 24/ 10/ 1989 وافق مجلس الكلية على هذا الاقتراح وتتخذ الإجراءات القانونية لتعديل اللائحة الداخلية وقد أفادت مذكرة مدير عام شئون التعليم بجامعة الأزهر المؤرخة 10/ 1/ 1990 أن المواد التي طلب رئيس قسم القانون العام بالكلية تعديلها بالائحة الداخلية أسوة بالتعديلات التي أدخلت على اللائحة الداخلية لكلية الحقوق جامعة القاهرة واردة بالخطة الدراسية لكليات الشريعة والقانون بالجامعة وتم تطبيقها حتى العام القاهرة واردة بالخطة الدراسية لكليات الشريعة والقانون بالجامعة وتم تطبيقها حتى العام الجامعي 1989/ 1990 وقد أحالها نائب رئيس الجامعة إلى رئيس الجامعة وعرضت على لجنة الخطط والمناهج بتاريخ 13/ 2/ 1990 ولم يتم تعديل اللائحة الداخلية بكلية الشريعة والقانون بقرار من مجلس الجامعة وبعد موافقة المجلس الأعلى للأزهر حسبما يتطلب قانون الأزهر ولائحته التنفيذية بل ظل الأمر مجرد اقتراح لم يكتسب صفة القاعدة القانونية الواجبة التطبيق، وكان الطاعن وقبل عرض هذا الاقتراح قد دخل الامتحان في العام الجامعي 88/ 1989 وحتى إذا ما عدلت اللائحة الداخلية بكلية الشريعة والقانون على نحو يجعل من مادة المصطلحات مادة اختيارية فإن هذا التعديل يسري بأثره المباشر ابتداء من تاريخ نفاذه وليس له أثر رجعي، فسريان القاعدة القانونية في الزمان لها وجهان، وجه سلبي هو انعدام الأثر الرجعي للتشريع ووجه إيجابي هو أثره المباشر، وقد نص المشرع الدستوري صراحة في المادة (187) من الدستور على أنه لا تسري أحكام القوانين الأعلى ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها ومع ذلك يجوز في غير المواد الجنائية النص في القانون على خلاف ذلك بموافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب فالأصل العام أن اللوائح لا يجوز أن يكون لها أثر رجعي - وذلك ما لم يكن الأثر الرجعي مقرراً صراحة في القوانين التي تصدر تنفيذاً لها وبنص صريح في القانون ومن حيث إن مقتضى ذلك أن القواعد اللائحية المنظمة لأداء الامتحانات والنجاح فيها بكليات جامعة الأزهر ليس لها أثر رجعي بمعنى أنه لا يرجع فيما تم في ظل الماضي فهي لا تملك إعادة النظر فيما تم في ظل القاعدة القديمة من تكوين أو انقضاء وضع قانوني أو من ترتيب آثار على وضع قانوني فالعبرة إذن هي بمعرفة تاريخ تكوين أو انقضاء المركز القانوني أو تاريخ ترتيب الآثار عليه فإن كان المركز القانوني قد تكون أو انقضى في ظل القاعدة القديمة فلا تمس القاعدة الجديدة هذا التكوين أو ذلك الانقضاء وإلا كان رجعياً وإن كانت الآثار المتولدة من مركز قانوني قد ترتبت قبل نفاذ القاعدة الجديدة فلا تأثير لهذه القاعدة عليها إذ ليس لها من أثر رجعي فالمركز القانوني للطاعن هو الرسوب في المادة المشار إليها ومن ثم فإن القاعدة الجديدة - بفرض صدورها بالأداة القانونية السليمة على ما توضع آنفاً - والتي تجعل منها مادة اختيارية وليست مادة رسوب لا يجوز أن تسري إلا بأثر مباشر على الطلاب الراسبين في تلك المادة وقت نفاذ تلك القاعدة ومن ثم يكون قرار امتناع الجامعة عن اعتبار مادة المصطلحات القانونية باللغة الأجنبية مادة اختيارية وعدم اعتبار الطاعن منقولاً للسنة الخامسة بكلية الشريعة والقانون قد صدر بحسب الظاهر من الأوراق متفقاً وصحيح حكم القانون وغير مرجح الإلغاء عند الفصل في الموضوع.
ومن حيث إنه عن مدى توافر ركن الجدية في الطلب الاحتياطي للطاعن بوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع جامعة الأزهر عن إعطائه فرصة أخرى من الخارج في العام الجامعي 89/ 1990 فإنه حيث تنص المادة 220 من القرار الجمهوري رقم 250 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية لقانون الأزهر رقم 103 لسنة 1961 والمعدلة بالقرار الجمهوري رقم 22 لسنة 1984 على أن: لا يجوز أن يبقى الطالب بالفرقة أكثر من سنتين ويجوز لمجلس الكلية الترخيص للطلاب الذين قضوا بفرقتهم سنتين في التقدم إلى الامتحان من الخارج في السنة الثالثة في المقررات التي رسبوا فيها وذلك عدا طلاب السنة الإعدادية والسنة الأولى في الكليات التي ليس بها سنة إعدادية والتيقن من ذلك من استنفذ مرات الرسوب من الطلاب الوافدين غير العرب حيث يبقون في السنة الإعدادية أو الأولى بكلياتهم لسنة ثالثة.
ومن حيث إن المادة (220) سواء في نصها الأصلي بالقرار الجمهوري رقم 250 لسنة 1975 أو في نصها المعدل بالقرار الجمهوري رقم 22 لسنة 1984 صريحة في أنه بالنسبة للسنوات الجامعية الوسيطة فوق الافتتاحية إعدادية أو أولى ودون السنة النهائية تكون القاعدة هي حظر بقاء الطلاب أكثر من سنتين في الفرقة الواحدة ويكون الاستثناء من هذه القاعدة هو جواز الترخيص لهم من مجلس الكلية في البقاء سنة ثالثة إلا أن جامعة الأزهر سنت قاعدة لبقاء الطلاب الراسبين تضمنت أن طلاب الفقرة الثانية والثالثة بالكليات التي مدة الدراسة بها خمس سنوات أو أكثر يمنحون فرصتين للتقدم إلى الامتحان من الخارج بموافقة مجلس الكلية واستقر العمل بهذه القواعد بما ترتب عليها من مراكز قانونية ثم رؤى العدول عنها والعودة إلى أحكام المادة 220 من اللائحة التنفيذية مع جعل مرحلة انتقالية عام 87/ 1988 تطبق بعدها اللائحة التنفيذية عام 88/ 1989 على النحو الواضح من مذكرة السيد رئيس جامعة الأزهر المؤرخة 17 من يناير سنة 1988 والمشفوعة بترقية الإمام الأكبر شيخ الأزهر بالكتاب رقم 77 المؤرخ 28 من يناير سنة 1988 والمتوجه حسب كتاب السيد أمين عام مجلس الوزراء رقم 725 المؤرخ 31 من يناير سنة 1988 بموافقة السيد رئيس مجلس الوزراء باعتباره الوزير المختص بشئون الأزهر - وأياً كان الرأي في مدة مشروعية القواعد التي سنتها جامعة الأزهر والتي قامت بتطبيقها على الوجه المتقدم فإن هذه المرحلة الانتقالية وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة إنما تظل فئتين من الطلاب المقيدين من خلال العام الدراسي 87/ 1988 من الخارج الفئة الأولى وتشمل من كل عام 87/ 1988 بالنسبة لهم العام الذي يؤدون فيه امتحان الفرقة الرابعة الاستثنائية والفئة الثانية وتشمل الطلاب المقيدين في العام الدراسي 87/ 1988 لأداء الفرصة الأولى للامتحان من الخارج فهذه الفئة الأخيرة هي الفئة المعينة بمرحلة الانتقال حيث تتيح لطلابها فيما لو رسبوا فرصة ثانية للامتحان من الخارج في العام الجامعي التالي 88/ 1989 وبذلك يتحقق إعمال مفهوم القاعدة التي عبرت عنها جامعة الأزهر بأنها مرحلة انتقالية بما يعني أن يكون العام الجامعي 87/ 1988 هو بداية هذه المرحلة التي لا يتحقق استكمال أوضاعها إلا بمنح من رسب في هذا العام للمرة الثالثة فرصة رابعة أخيرة العام الجامعي 88/ 1989 وهو ما لا يتحقق بالنسبة للطاعن والذي كان مقيداً في العام 88/ 1989 لأداء الفرصة الأولى للامتحان في الفرقة الرابعة من الخارج وتأسيساً على ذلك يكون قرار الجامعة المطعون فيه بالامتناع عن منح الطاعن فرصة ثانية للامتحان من الخارج متفقاً بحسب الظاهر من الأوراق وصحيح حكم القانون غير مرجح الإلغاء عند الفصل في الموضوع.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم ينتفي ركن الجدية في طلبي الطاعن الأصلي والاحتياطي بوقف التنفيذ ويفتقد بناء على ذلك مقومات وأساس الحكم للطالب لأي منهما الأمر الذي يتعين معه القضاء دون ما حاجة لبحث مدى توافر ركن الاستعجال لعدم جدواه وإذا أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون في قضائه الأمر الذي يكون الطعن عليه في هذا الشأن غير مستند لأساس صحيح خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.