أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثالث - السنة 40 - صـ 335

جلسة 14 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد نائبي رئيس المحكمة، محمد خيري الجندي ومحمد شهاوي.

(374)
الطعن رقم 1201 لسنة 53 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن". دعوى "التدخل في الدعوى".
عدم اختصام زوجة مورث الطاعنين وابنته أمام محكمة الاستئناف بعد تعجيل الخصومة من الانقطاع إلى أن صدر الحكم فيها. مؤداه. بقاؤهما خارجتين عن الخصومة التي صدر فيها الحكم. أثره. عدم قبول اختصامهما في الطعن بالنقض المرفوع عن هذا الحكم.
(2) إعلان "إعلان الطعن". نقض. استئناف. بطلان. دفوع.
الإعلان في الموطن المختار. حالتاه. م 214 مرافعات. الخصومة في الاستئناف. استقلالها في إجراءات رفعها والسير فيها عن الخصومة أمام محكمة أول درجة. أثره بطلان أحد إجراءاتها أو صحته. لا أثر له على الأخرى. مؤدى ذلك. عدم تمسك الخصم أمام محكمة أول درجة ببطلان إعلانه بصحيفة الدعوى في موطنه المختار. لا يحول دون تمسكه ببطلان إعلانه بصحيفة الاستئناف في موطنه المختار.
(3) قانون "تفسير القانون".
إعلان الخصم في الموطن المختار. استثناء. لا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه استناداً لمحكمة التشريع. القول بأن مسلك وكيل الطاعنين في الدفاع عنهم - تقديم مذكرة في الأجل المحدد لحجز الدعوى للحكم - يفيد اتخاذهم مكتبه موطناً لهم في درجتي التقاضي مما يجيز لهم إعلانهم فيه بصحيفة الاستئناف. غير سائغ. أثره. بطلان الإعلان.
(4) استئناف "إعلان الاستئناف" اعتبار الاستئناف كأن لم يكن. إعلان. بطلان.
ميعاد الثلاثة أشهر الواجب تكليف المستأنف عليه بالحضور قبل انقضائها. ميعاد حضور. حضور المستأنف عليه بعد فوات هذا الميعاد لا يسقط حقه في التمسك باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. م 70، 240 مرافعات. حضور الخصم من تلقاء نفسه أو بناء على ورقة أخرى. لا يسقط حقه في التمسك بالبطلان. زوال البطلان المترتب على حضور الخصم بالجلسة أو إيداع مذكرة بدفاعه وفقاً للمادة 114 مرافعات. عدم سريانه على البطلان الناشئ عن عدم مراعاة المواعيد المقرر لرفع وإعلان الطعن في الأحكام.
(5) استئناف "اعتبار الاستئناف كأن لم يكن". تجزئة.
عدم تكليف المستأنف عليه بالحضور في الاستئناف خلال ميعاد الثلاثة أشهر. أثره. اعتبار الاستئناف كأن لم يكن. م 70، 240 مرافعات لا محل لإعمال المادة 218 مرافعات. علة ذلك.
1 - المقرر أنه لا يجوز التدخل لأول مرة أمام محكمة النقض كما لا يجوز أمامها اختصام من لم يكن طرفاً في الخصومة أمام محكمة الاستئناف، ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه بعد وفاة مورث المطعون ضدهم الستة الأولين وتعجيل الخصومة أمام محكمة الاستئناف لم تختصم فيها زوجته..... وابنته....... باعتبارهما ومن ورثته إلى أن صدر الحكم المطعون فيه، ولذا فإنهما تظلان خارجتين عن الخصومة ولا تعتبران طرفاً في الخصومة التي صدر فيها هذا الحكم، ولا يقبل اختصامهما في الطعن المرفوع عنه، فلا يكون صحيحاً في القانون تعييب الطعن لعدم اختصامهما فيه.
2 - مؤدي نص المادة 214 من قانون المرافعات أن إعلان الطعن في الموطن المختار لا يكون إلا في إحدى حالتين أولاهما إذا كان الموطن المختار للمطعون عليه مبيناً في ورقة إعلان الحكم. والثانية إذا كان المطعون عليه هو المدعي ولم يكن قد بين في صحيفة افتتاح الدعوى موطنه الأصلي. وفي غير هاتين الحالتين لا يصح إعلان الطعن في الموطن المختار لأن الأصل - وعلى ما جرى به نص الفقرة الأولى من المادة المذكورة - أن يكون إعلان الطعن لشخص الخصم أو في موطنه الأصلي، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنين أعلنوا المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين بصحيفة الاستئناف في العقار رقم....... الكائن به مكتب محاميهم...... فسلكوا بذلك الطريق الصحيح في إعلان هذه الصحيفة حين وجهوه إلى المطعون ضدهم المذكورين في موطنهم المختار في غير الحالتين الواردتين على سبيل الاستثناء في المادة 214 من قانون المرافعات. فإن الإعلان يكون قد وقع باطلاً، ولا يمنع التمسك بهذا البطلان وإعمال مقتضاه في الدفع المبدي من المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين عدم تمسكهم أمام محكمة أول درجة ببطلان إعلانهم بصحيفة افتتاح الدعوى الموجه إليهم في ذات موطنهم المختار سالف الذكر، ذلك بأن الخصومة في الاستئناف تعتبر بالنظر إلى إجراءات رفعها والسير فيها مستقلة عن الخصومة المطروحة أمام محكمة أول درجة ومتميزة عنها، فما يجرى على إحداها من بطلان أو صحة لا يكون له أثر على الأخرى، ولذلك فإن النزول عن التمسك بسبب بطلان الإعلان الحاصل أمام محكمة أول درجة لا يحول دون تمسك ذي الشأن ببطلان إعلانه بصحيفة الاستئناف.
3 - لما كان نص الفقرة الأولى من المادة 214 من قانون المرافعات واضح العبارة في أن إعلان الطعن للخصم في الموطن المختار إن هو إلا استثناء من الأصل في أن يكون هذا الإعلان لشخصه أو في موطنه الأصلي، ويشترط لتحققه أن يكون هذا الخصم قد بين ذلك الموطن المختار في ورقة إعلان الحكم المطعون فيه، فإن هذا الاستثناء لا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه استناداً لمحكمة التشريع، لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن النص متى كان واضحاً جلي المعني قاطعاً في الدلالة على المراد منه فلا يجوز الخروج عليه بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه، ومن ثم فلا يسوغ من الطاعنين القول بأن مسلك وكيل المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين في الدفاع عنهم يفيد اتخاذهم مكتبه موطناً مختاراً لهم في درجتي التقاضي مما يجيز لهم إعلانهم فيه بصحيفة الاستئناف اهتداء لمحكمة التشريع، لما في هذا القول من الخروج على الاستثناء المقرر بنص صريح واضح العبارة واستحداث عن طريق التأويل لحكم مغاير لما يأت به النص. وينبني على ذلك أن إعلان الطاعنين بصحيفة استئنافهم في مكتب المحامي الذي كان يمثل المطعون ضدهم المذكورين أمام محكمة أول درجة التي أصدرت الحكم المستأنف دون أن يعلنهم الأخيرين بهذا الحكم وبينوا في الإعلان مكتب هذا المحامي موطناً مختاراً لهم يؤدي إلى بطلان إعلان صحيفة الاستئناف، ولا يصحح هذا البطلان أن ينيب أولئك المطعون ضدهم ذات المحامي في الحضور أمام محكمة ثاني درجة في تاريخ لاحق لرفع هذا الاستئناف.
4 - ميعاد الثلاثة أشهر المنصوص عليه في المادة 70 من قانون المرافعات التي أحالت إليها المادة 240 الواردة في باب الاستئناف من هذا القانون هو ميعاد حضور بصريح النص، ويترتب على عدم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال هذا الميعاد اعتباراً الاستئناف كأن لم يكن. فإذا فات هذا الميعاد ثم حضر المستأنف عليه الذي لم يتم إعلانه طبقاً للقانون فإن حضوره لا يسقط حقه في طلب توقيع الجزاء المنصوص عليه في هذه المادة، ولا يصح التحدي في هذا الخصوص بما نصت عليه المادة 114 من قانون المرافعات من أن "بطلان صحف الدعاوى وإعلانها وبطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو في تاريخ الجلسة يزول بحضور المعلن إليه في الجلسة أو بإيداع مذكرة بدفاعه". لأن هذا النص وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يدل على أن حضور الخصم الذي يعنيه المشرع بسقوط الحق في التمسك بالبطلان هو ذلك الذي يتم بناء على إعلان الأوراق ذاتها في الزمان والمكان المعينين فيها لحضوره دون الحضور الذي يتم في جلسة تالية من تلقاء نفس الخصم أو بناء على ورقة أخرى فإنه لا يسقط الحق في التمسك بالبطلان، إذ العلة من تقرير هذا المبدأ هي اعتبار حضور الخصم في الجلسة التي دعي إليها بمقتضى الورقة الباطلة حقق المقصود منها ويعد تنازلاً من الخصم عن التمسك ببطلاتها. ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المادة أنفة الذكر لا تسري على البطلان الناشئ عن عدم مراعاة المواعيد المقررة لرفع وإعلان الطعن في الأحكام. وإذ تمسك المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين ببطلان إعلانهم بصحيفته في خلال الثلاثة أشهر التالية لتقديمها في دفاعهم المقدمة لمحكمة الاستئناف، وبعد فوات هذا الميعاد فاستجاب الحكم المطعون فيه لهم ملتزماً في قضائه صحيح حكم القانون فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
5 - مؤدي نص المادة 70 من قانون المرافعات المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1976 - التي يسري حكمها على الاستئناف إعمالاً للمادة 340 من قانون المرافعات - أنه يجوز للمحكمة توقيع الجزاء المقرر بهذه المادة والحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن إذا لم يتم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال ثلاثة أشهر من تقديم صحيفة الاستئناف إلى قلم الكاتب وكان ذلك راجعاً إلى فعل المستأنف، متى تمسك المستأنف عليه بهذا الجزاء. وإذا تعدد المستأنف عليهم وجب أن يتم إعلان بالطعن في خلال هذا الميعاد. ولا يعفي المستأنف من التزامه بذلك بالنسبة إليهم جميعاً ما تقضي به المادة 218 من قانون المرافعات في فقرتها الثانية من وجوب اختصام باقي الخصوم بعد فوات ميعاد الطعن بالنسبة إليهم في حالة رفع الطعن في الميعاد على أحد المحكوم لهم في موضوع غير قابل للتجزئة، ذلك أن نص هذه المادة إنما ينصب على ميعاد الطعن فيمده لمن فوته. ولا شأن له بإجراءات ومراحل الطعن الأخرى ومنها إجراءات التكليف بالحضور. على جميع المحكوم لهم في الميعاد ولا يتم إعلانهم بصحيفة الاستئناف خلال الأجل المنصوص عليه في المادة 70 من قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورث الطاعنين المرحوم...... أقام على مورث المطعون ضدهم الستة الأولين المرحوم....... وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم 8475 لسنة 1971 مدني جنوب القاهرة الابتدائية سابقة القيد برقم 477 لسنة 1969 مدني القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتثبيت ملكيته للعقار المبين بصحيفة الدعوى استناداً إلى اكتسابه ملكية هذا العقار بالتقادم الطويل المدة وأن خصومه ينازعونه ملكيته إذ باع المطعون ضدهم الثلاثة الأخرين ذلك العقار إلى مورث المطعون ضدهم الستة الأولين بعقد ابتدائي استصدر بمقتضاه حكماً قضي بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 5544 لسنة 1967 مدني القاهرة الابتدائية ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 31 من يناير سنة 1979 برفضها. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1809 لسنة 96 قضائية بصحيفة قدمت بتاريخ 12/ 3/ 1979 وأعلنت لشخص مورث المطعون ضدهم الستة الأولين وإلى المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين في مكتب وكيلهم (.....) المحامي وإذ حجزت المحكمة الدعوى للحكم لجلسة 23/ 6/ 1980 وصرحت للطرفين بتقديم مذكرات. قدم المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرون مذكرة خلال الأجل. المصرح به دفعوا فيها ببطلان إعلانهم بصحيفة الاستئناف وباعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم تكليفهم بالحضور خلال ميعاد الثلاثة أشهر المقررة بنص المادة 70 من قانون المرافعات فأعادت المحكمة الدعوى إلى المرافعة ثم حكمت بتاريخ 8 من مارس سنة 1983 باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، فدفع المطعون ضدهم الستة الأولون بعدم قبول الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره فيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي من المطعون ضدهم الستة الأول أن موضوع الطعن غير قابل للتجزئة مما كان يستوجب اختصام زوجة مورثهم..... وابنته القاصر..... المشمولة بوصاية المطعون ضده الأول، كما فات على الطاعنين أن المطعون ضده السادس...... لا يزال قاصراً وأنه كان يجب توجيه الطعن وإعلانه إلى شقيقه المطعون ضده الأول الموصي عليه وذلك يؤدي إلى عدم قبول الطعن وبطلانه.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد ذلك بأن من المقرر أنه لا يجوز التدخل لأول مرة أمام محكمة النقض كما لا يجوز أمامها اختصام من لم يكن طرفاً في الخصومة أمام محكمة الاستئناف، ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه بعد وفاة مورث المطعون ضدهم الستة الأولين وتعجيل الخصومة أمام محكمة الاستئناف لم تختصم فيها زوجته...... وابنته....... باعتبارهما من ورثته إلى أن صدر الحكم المطعون فيه، ولذا فإنهما تظلان خارجتين عن الخصومة ولا تعتبران طرفاً في الخصومة التي صدر فيها هذا الحكم، ولا يقبل اختصامها في الطعن المرفوع عنه، فلا يكون صحيحاً في القانون تعييب الطعن لعدم اختصامهما فيه. كما لا يقبل من المطعون ضدهم الستة الأولين تعييب الطعن لعدم توجيهه إلى الوصي على المطعون ضده السادس طالما لم يقدموا الدليل على أن هذا الأخير كان لا يزال وقت الطعن قاصراً ولم يبلغ آنذاك سن الرشد. ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الطعن يكون في غير محله.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعة الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعنون بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولون أنه رتب قضاءه بقبول دفع المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين باعتبار الاستئناف كأن لم يكن على أن إعلانهم بصحيفة الاستئناف تم في موطنهم المختار في غير الحالتين المنصوص عليهما في المادة 214 من قانون المرافعات فوقع غير صحيح مما ترتب عليه عدم إعلانهم في خلال الثلاثة أشهر من تقديم صحيفة الاستئناف، هذا في حين أن الثابت من هذه الصحيفة أن هؤلاء المطعون ضدهم أعلنوا في العقار المبين بها من المحامي...... باعتباره موطنهم الأصلي وليس بوصفه محلاً مختاراً لهم وقد سبق إعلانهم فيه بصحيفة افتتاح الدعوى الابتدائية وحضر هذا المحامي وباشر الخصومة أمام المحكمة الابتدائية نيابة عنهم ولم يدفع ببطلان الإعلان، لذلك فإنهم قد اعتقدوا عند إعلان صحيفة الاستئناف أن الموطن المذكور هو الموطن الأصلي للمطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين فتم إعلانهم فيه على هذا الأساس وبالتالي يكون الإعلان صحيحاً، خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن مؤدي نص المادة 214 من قانون المرافعات أن إعلان الطعن في الموطن المختار لا يكون إلا في إحدى حالتين أولاهما إذا كان الموطن المختار للمطعون عليه مبيناً في ورقة إعلان الحكم. والثانية إذا كان المطعون عليه والمدعي ولم يكن قد بين في صحيفة افتتاح الدعوى موطنه الأصلي. وفي غير هاتين الحالتين لا يصح إعلان الطعن في الموطن المختار لأن الأصل وعلى ما جرى به نص الفقرة الأولى من المادة المذكورة أن يكون إعلان الطعن لشخص الخصم أو في موطنه الأصلي، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنين أعلنوا المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين بصحيفة الاستئناف في العقار رقم....... قسم الأزبكية الكائن به مكتب محاميهم..... فسلكوا بذلك الطريق الصحيح في إعلان هذه الصحيفة حين وجهوه إلى المطعون ضدهم المذكورين في موطنهم المختار في غير الحالتين الواردتين على سبيل الاستثناء في المادة 214 من قانون المرافعات. فإن الإعلان يكون قد وقع باطلاً، ولا يمنع من التمسك بهذا البطلان وإعمال مقتضاه في الدفع المبدي من المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين عدم تمسكهم أمام محكمة أول درجة ببطلان إعلانهم بصحيفة افتتاح الدعوى الموجه إليهم في ذات موطنهم المختار سالف الذكر، ذلك بأن الخصومة في الاستئناف تعتبر بالنظر إلى إجراءات رفعها والسير فيها مستقلة عن الخصومة المطروحة أمام محكمة أول درجة ومتميزة عنها، فما يجرى على إحداها من بطلان أو صحة لا يكون له أثر على الأخرى، ولذلك فإن النزول عن التمسك بسبب من أسباب بطلان الإعلان الحاصل أمام محكمة أول درجة لا يحول دون تمسك ذي الشأن ببطلان إعلانه بصحيفة الاستئناف، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون أنه طبقاً للمادة 20 من قانون المرافعات فإنه لا يحكم بالبطلان إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء، ولما كانت المحكمة التي ينعاها المشرع من جواز إعلان المطعون عليه بالطعن في الموطن المختار الذي بينه في ورقة إعلان الحكم طبقاً للفقرة الأولى من المادة 214 من هذا القانون هو التثبت من اتخاذ معلن الحكم موطناً مختاراً له وأنه ظل قائماً ولم يتغير بعد الحكم، وكانت هذه المحكمة قد تحققت في إعلان المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين بصحيفة الاستئناف في موطنهم المختار بما أقر به محاميهم أمام محكمة أول درجة باتخاذ مكتبه موطناً مختاراً لهم وبما ثبت بالأوراق من استمرار تمثيله لهم أمام محكمة الاستئناف بدلالة المذكرة التي قدمها نيابة عنهم وتمسك فيها بالدفع ببطلان إعلان صحيفة الاستئناف والدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكون وهو ما يغني عما اشترطه المشرع في الفقرة الأولى من المادة 214 من قانون المرافعات لصحة إعلان الطعن إلى المطعون عليه في موطنه المختار من قيامه بإعلان الحكم مبيناً به هذا الموطن، فلا يصح من بعد تحقق الغاية من الإجراء القضاء بالبطلان، وإذ قضى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون معيباً.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأنه لما كان نص الفقرة الأولى من المادة 214 من قانون المرافعات واضح العبارة في أن إعلان الطعن للخصم في الموطن المختار إن هو إلا استثناء من الأصل في أن يكون هذا الإعلان لشخصه أو في موطنه الأصلي، ويشترط لتحققه أن يكون هذا الخصم قد بين ذلك الموطن المختار في ورقة إعلان الحكم المطعون فيه، فإن هذا الاستثناء لا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه استناداً لحكمة التشريع، لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه فلا يجوز الخروج عليه بدعوى الاستهداء بالمحكمة التي أملته لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه أنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه، ومن ثم فلا يسوغ من الطاعنين القول بأن مسلك وكيل المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين في الدفاع عنهم يفيد اتخاذهم مكتبه موطناً مختاراً لهم في درجتي التقاض مما يجيز لهم إعلانهم فيه بصحيفة الاستئناف اهتداء بحكمة التشريع. لما في هذا القول من الخروج على الاستثناء المقرر بنص صريح واضح العبارة واستحداث عن طريق التأويل لحكم مغاير لم يأت به النص. وينبني على ذلك أن إعلان الطاعنين صحيفة استئنافهم في مكتب المحامي الذي كان يمثل المطعون ضدهم المذكورين أمام محكمة أول درجة التي أصدرت الحكم المستأنف دون أن يلعنهم الأخيرون بهذا الحكم ويبينوا في الإعلان مكتب هذا المحامي موطناً مختاراً لهم يؤدي إلى بطلان إعلان صحيفة الاستئناف، ولا يصحح هذا البطلان أن ينيب أولئك المطعون ضدهم ذات المحامي في الحضور أمام محكمة ثاني درجة في تاريخ لاحق لرفع هذا الاستئناف، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى القضاء ببطلان ذلك الإعلان فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون ما يثيره الطاعنون من نعي في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون أنه قضي بقبول دفع المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين ببطلان إعلانهم بصحيفة الاستئناف في موطنهم المختار ودفعهم المؤسس عليه باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلان صحيفته خلال ثلاثة أشهر التالية لتقديمها. مستنداً في ذلك إلى أن حضور وكيل المطعون ضدهم المذكورين من تلقاء نفسه في جلسة تالية للجلسة المحددة لنظر الاستئناف لا يزول به البطلان ولا يسقط حقهم في التمسك به لأن حضور الخصوم الذي يزول به البطلان هو الذي يقع في الزمان والمكان المحددين لحضوره في ورقة الإعلان المشوب بالبطلان، هذا في حين أن نص المادة 114 من قانون المرافعات جاء مطلقاً ولم يشترط لزوال البطلان حضور المعلن إليه أو تقديم مذكرة بدفاعه في نفس الجلسة المحددة بالإعلان الذي شابه العيب، فيزول هذا البطلان إذا حضر الخصم أو قدم مذكرة بدفعه في أي جلسة ولو كانت تالية للجلسة التي كلف فيها بالحضور بالإعلان المعيب وأبدى فيها الدفع ببطلانه وبناء على ذلك فإن تقديم المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين لمحكمة الاستئناف مذكرة دفاعهم التي تضمنت دفعهم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن من شأنه زوال البطلان خلافاً لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن ميعاد الثلاثة أشهر المنصوص عليه في المادة 70 من قانون المرافعات التي أحالت إليها المادة 240 الواردة في باب الاستئناف من هذا القانون هو ميعاد حضور بصريح النص ويترتب على عدم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال هذا الميعاد باعتبار الاستئناف كأن لم يكن فإذا فات هذا الميعاد ثم حضر المستأنف عليه لم يتم إعلانه طبقاً للقانون فإن حضوره لا يسقط حقه في طلب توقيع الجزاء المنصوص عليه في هذا المادة. ولا يصح التحدي في هذا الخصوص بما نصت عليه المادة 114 من قانون المرافعات من أن "بطلان صحف الدعاوى وإعلانها وبطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو في تاريخ الجلسة يزول بحضور المعلن إليه في الجلسة أو بإيداع مذكرة بدفاعه". لأن هذا النص وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة يدل على أن حضور الخصم الذي يعنيه المشرع بسقوط الحق في التمسك بالبطلان هو ذلك الذي تتم بناء على إعلان الأوراق ذاتها في الزمان والمكان المعينين فيها لحضوره دون الحضور الذي يتم في جلسة تالية من تلقاء نفس الخصم أو بناء على ورقة أخرى فإنه لا يسقط الحق في التمسك بالبطلان، إذ العلة من تقرير هذا المبدأ هي اعتبار حضور الخصم في الجلسة التي دعي إليها بمقتضى الورقة الباطلة حقق المقصود منها ويعد تنازلاً من الخصم عن التمسك ببطلانها. ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة كذلك أن المادة أنفة الذكر لا تسري على البطلان الناشئ من عدم مراعاة المواعيد المقررة لرفع وإعلان الطعن في الأحكام. وإذ تمسك المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرون ببطلان إعلانهم بصحيفة الاستئناف وبجزاء اعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانهم بصحيفة في خلال الثلاثة أشهر التالية لتقديمها في مذكرة دفاعهم المقدمة لمحكمة الاستئناف، وبعد فوات هذا الميعاد فاستجاب الحكم المطعون فيه لهم ملتزماً في قضائه صحيح حكم القانون، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون أن المشرع إذ أوجب في الفقرة الثانية من المادة 218 من قانون المرافعات اختصام باقي المحكوم لهم ولو بعد فوات الميعاد في الطعن المرفوع على أحدهم في الميعاد إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة، فمقتضى ذلك أن المشرع لا يقيد في هذه الحالة الطاعن بميعاد إعلان صحيفة الطعن أسوة بعدم تقييده بميعاد رفع الطعن ابتداء وإنما يتعين عليه اختصام المطعون عليهم في الطعن اختصاماً صحيحاً، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قرر بأن موضوع الخصومة غير قابل للتجزئة فكان لزاماً على محكمة الاستئناف أن تأمر بإعلان المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين بصحيفة الاستئناف إعلاناً صحيحاً دون القضاء ببطلان إعلانهم في الموطن المختار واعتبار الاستئناف كأن لم يكن أما وقد فات عليها ذلك فإن حكمها يكون معيباً.
وحيث إن النعي مردود، ذلك بأنه لما كان مؤدي نص المادة 70 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 75 لسنة 1976 - التي يسري حكمها على الاستئناف إعمالاً للمادة 240 من قانون المرافعات أنه يجوز للمحكمة توقيع الجزاء المقرر بهذه المادة والحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن إذا لم يتم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال ثلاثة أشهر من تقديم صحيفة الاستئناف إلى قلم الكتاب وكان ذلك راجعاً إلى فعل المستأنف، ومتى تمسك المستأنف عليه بهذا الجزاء. وإذا تعدد المستأنف عليهم وجب أن يتم إعلانهم بالطعن في خلال هذا الميعاد. ولا يعفي المستأنف من التزامه بذلك بالنسبة إليهم جميعاً ما تقضي به المادة 218 من قانون المرافعات في فقرتها الثانية من وجوب اختصام باقي الخصوم ولو بعد فوات ميعاد الطعن بالنسبة إليهم في حالة رفع الطعن في الميعاد على أحد المحكوم لهم في موضوع غير قابل للتجزئة، ذلك أن نص المادة إنما ينصب على ميعاد الطعن فيمده لمن فوته. ولا شأن له بإجراءات ومراحل الطعن الأخرى ومنها إجراءات التكليف بالحضور. ومن ثم فلا ينطبق حكم المادة المذكورة على الحالة التي يرفع فيها الاستئناف على جميع المحكوم لهم في الميعاد ولا يتم إعلانهم بصحيفة الاستئناف خلال الأجل المنصوص عليه في المادة 70 من قانون المرافعات. وإذ التزم الحكم المطعون فيه في قضائه هذا النظر فإنه يكون صحيحاً ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.