مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) – صـ 842

(88)
جلسة 22 من فبراير سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدي عبد الله مليحي - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حنا ناشد مينا ومحمد معروف محمد وعبد اللطيف محمد الخطيب والطنطاوي محمد الطنطاوي - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 2991 لسنة 36 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة - لجان شئون العاملين والتقارير عنهم - التظلم - ميعاد التظلم. (قرار إداري)
المادة 30 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة المعدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983. منح المشرع العامل الذي يوضع عنه بيان أداء أو تقرير كفاية الحق في الطعن عليه خلال عشرين يوماً من تاريخ علمه به - يجب إخطار العامل بصورة من البيان أو التقرير بمجرد اعتماده من السلطة المختصة أو من لجنة شئون العاملين - هذه ضمانة أرادها المشرع للعامل نظراً للخطورة التي يرتبها التقرير أو البيان مآلا في حياته الوظيفية - التقرير الذي قدم عنه التظلم في الميعاد بمثابة قرار إداري غير نهائي حتى يتم الفصل في التظلم - إذا فصل فيه بالرفض فإنه بذلك يعتبر قراراً نهائياً يتعين بالتالي مهاجمته عن طريق دعوى الإلغاء ويبدأ ميعاد الطعن فيه من تاريخ إخطار العامل برفض تظلمه - نتيجة ذلك: لا يجوز في ظل هذا التنظيم القانوني الطعن على تقارير الكفاية أو بيانات الأداء الأخذ بقرينة الرفض الضمني المستفاد من فوات ستين يوماً على التظلم دون البت فيه - أساس ذلك: مناط أعمال هذه القرينة أن يكون التظلم مبنياً على قرار إداري نهائي - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - لجان شئون العاملين والتقارير عنهم - قياس كفاية الأداء لشاغلي الوظائف العليا.
المادة 28 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة المعدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983، المادتان 27، 30 من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه.
المشرع بمقتضى القانون رقم 115 لسنة 1983 أخضع شاغلي الوظائف العليا لقياس كفاية الأداء - قرر بعض الضمانات الجوهرية التي يتم على أساسها قياس كفايتهم في أن يكون هذا القياس بناء على ما يبديه الرؤساء بشأنهم من بيانات تعتمد من السلطة المختصة وتودع ملفات خدمتهم - نتيجة ذلك قياس كفاية الأداء بالنسبة لهذه الطائفة من العاملين لابد أن يكون مستمد من أصول ثابتة في الأوراق - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 22/ 7/ 1990 أودع الأستاذ/ محمد عبد المجيد الشاذلي المحامي نيابة عن عادل محمد عبد المنعم عبد الله "الطاعن" قلم كتبا المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2991 لسنة 36 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات) في الدعوى رقم 648 لسنة 42 ق بجلسة 11/ 1/ 1990، وطلب في ختام تقرير طعنه الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإهدار التقرير المطعون فيه عن عام 1986 بتقدير (جيد) وبأحقيته في أن يكون هذا التقرير بمرتبة ممتاز وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت في الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء بيان كفاية الأداء المطعون فيه عن عام 1986 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو الثابت بالمحاضر، حيث قررت بجلسة 9/ 12/ 1991 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" وحددت لنظره أمامها جلسة 4/ 1/ 1992، حيث نظر بهذه الجلسة وبعد أن استمعت المحكمة إلى لزوم ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم ومذكرات لمن شاء خلال عشرة أيام، وفي هذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أن الطاعن أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإداري بإيداع عريضتها في 5/ 11/ 1987 وقيدت بجداولها العام برقم 648 لسنة 42 قضائية طالباً الحكم بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإهدار تقرير مستوى أدائه عن عام 1986 بدرجة (جيد) وبأحقيته في أن يكون بمرتبة ممتاز وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وقال شرحاً لدعواه أنه يعمل مديراً عاماً للمعلومات برئاسة مجلس الوزراء منذ تعيينه بها عام 1981 وطوال حياته يؤدي عمله على خير وجه ويحصل على مرتبة ممتاز، ويحصل على الحوافز التي لا تمنح إلا لمن كان متميزاً في الأداء وفوجئ بتقرير عام 1985 بمرتبة جيد وترقية من هو أحدث منه فأقام دعوى رقم 2412 لسنة 41 قضائية ولما قدرت كفايته عن عام 1986 بمرتبة جيد أقام الدعوى محل الطعن. ويذكر أن التقرير المطعون عليه غير قائم على أصول ثابتة في الأوراق ومناقض مع تقارير الرؤساء المباشرة من إشارة الأمين العام المساعد به، وقيامه بالمساهمة في الإشراف الفني والإداري على تطوير خطة العمل بالأمانة وبذل الجهد وصدور قرار بتوليه الإشراف على أمانة المعلومات والميكروفليم. وأضاف الطاعن أنه تظلم من تقرير كفايته بتاريخ 21/ 6/ 1987 وأخطر برفض تظلمه بتاريخ 19/ 9/ 1987 وأقام الدعوى الماثلة.
وبجلسة 11/ 1/ 1990 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وألزمت المدعي المصروفات. وأقامت قضاءها على أن الثابت أن المدعي أخطر ببيان أداته المطعون فيه بتاريخ 3/ 6/ 1987 فتظلم منه بتاريخ 21/ 6/ 1987 خلال الميعاد المقرر للتظلم إلا أنه انقضت ستون يوماً على تقديم ذلك دون أن تجيبه الإدارة لطلبه - وقد خلت الأوراق مما يفيد سلوك الإدارة مسلكاً إيجابياً نحو إجابته لطلبه، ومن ثم تتحقق قرينة الرفض الضمني لتظلمه وكان يتعين عليه إقامة دعواه خلال الستين يوماً التالية لرفضه الضمني إلا أن المدعي تراخى وأقام دعواه في 5/ 11/ 1987.
ويقوم الطعن على الحكم على أساس مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن المستفاد من نص المادة 30 من القانون رقم 47 لسنة 1978 أن السلطة المختصة أو لجنة التظلمات بعد قرارها في التظلم نهائياً، ولا يعتبر التقرير نهائياً إلا بعد انقضاء ميعاد التظلم منه أو البت فيه. وبالتالي فقد استبعد المشرع القرينة الضمنية في هذا المجال.
حيث يكون ميعاد رفع الدعوى بالنسبة للتقرير المطعون عليه يبدأ من تاريخ إبلاغ المدعي برفض تظلمه حيث لا يكون التقرير نهائياً إلا من تاريخ هذا الإبلاغ.
من حيث إن المادة 30 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة المعدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 ينص على أن (تعلن وحدة شئون العاملين العامل بصورة من البيان المقدم عن أدائه أو تقرير الكفاية بمجرد اعتماده من السلطة المختصة أو لجنة شئون العاملين بحسب الأحوال).
وله أن يتظلم منه خلال عشرين يوماً من تاريخ عمله.
ويبت في التظلم خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمه ويكون قرار السلطة المختصة أو اللجنة نهائياً.
ولا يعتبر بيان تقيم الأداء أو التقرير نهائياً إلا بعد انقضاء ميعاد التظلم منه أو البت فيه وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن مفاد هذا النص أن المشرع أعطى الحق للعامل الذي يضع بيان أداء أو تقرير كفاية في الطعن عليه خلال عشرين يوماً من تاريخ علمه وأوجب إخطار العامل بصورة من البيان أو التقرير بمجرد اعتماده من السلطة المختصة أو من لجنة شئون العاملين، وهذه ضمانة أرادها المشرع للعامل نظراً للخطورة التي يرتبها التقرير أو البيان مآلاً في حياته الوظيفية، لتمكن العامل من أن يبدي ما يعن له من طعون على هذا التقرير أو البيان خلال هذا الميعاد تبدأ من تاريخ الإخطار. واعتبر المشرع التقرير الذي قدم عن العامل المتظلم في الميعاد بمثابة قرار إداري غير نهائي حتى يتم الفصل في تظلمه، فإذا فصل فيه بالرفض فإنه بذلك يعتبر قراراً إدارياً نهائياً يتعين بالتالي مهاجمته عن طريق دعوى الإلغاء، ويبدأ ميعاد الطعن فيه من تاريخ إخطاره برفض تظلمه، وعليه فإنه لا يجوز في ظل هذا التنظيم القانوني للطعن على تقارير الكفاية أو بيانات الأداء الأخذ بقرينة الرفض الضمني المستفاد من فوات ستين يوماً على التظلم دون البت فيه، لأن مناط أعمال هذه القرينة أن يكون التظلم منصباً على قرار إداري نهائي وهو غير متوافر في هذه الحالة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي أخطر ببيان أدائه عن عام 1986 بتاريخ 3/ 6/ 1987 فبادر بالتظلم منه بتاريخ 21/ 6/ 1987 خلال العشرين يوماً التالية لتاريخ إخطاره. ولم يحظر برفض تظلمه إلا بتاريخ 19/ 9/ 1987 فإن ميعاد إقامته لدعوى الإلغاء عن هذا التقرير يكون خلال ستين يوماً التالية لرفض تظلمه، ولما كان الطاعن أقام دعواه في 5/ 11/ 1987 فإنه يكون قد أقامها في الميعاد المقرر قانوناً، ويكون الحكم المطعون فيه وقد قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً قد خالف القانون ويتعين إلغائه والقضاء بقبول الدعوى شكلاً.
وفي هذه الحالة يكون للمحكمة الإدارية العليا وقد طعن أمامها في الحكم المذكور وانتهت إلى إلغائه التصدي لموضوع الدعوى دون ما حاجة إلى إعادة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرت الحكم الملغي إذا كانت الدعوى مهيأة للفصل فيه.
ومن حيث إن المادة 28 من القانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أن (تضع السلطة المختصة نظاماً يكفل قياس كفاية الأداء الواجب تحقيقه بما يتفق مع طبيعة نشاط الوحدة وأهدافها ونوعية الوظائف بها...... ويكون قياس كفاية الأداء بالنسبة لشاغلي الوظائف العليا على أساس ما يبديه الرؤساء بشأنهم سنوياً من بيانات تعتمد من السلطة المختصة وتودع ملفات خدمتهم تحدد اللائحة التنفيذية الضوابط التي يتم على أساسها تقدير كفاية العامل.
وقضت نصت المادة 27 من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه على أن (تعد كل وحدة السجلات التي تتضمن البيانات اللازمة لوضع تقارير كفاية الأداء، ويجب أن تكون هذه البيانات مستمدة من أصول ثابتة في الأوراق وللعاملين الحق في الاطلاع على البيانات المدونة في السجلات....
كما نصت المادة 30 من اللائحة التنفيذية المشار إليها على أن "يقدم الرؤساء عن شاغلي الوظائف العليا بيانات سنوية تتعلق بالنواحي الفنية والإدارية والقيادية في مباشرتهم لأعمالهم، وتعرض هذه البيانات على السلطة المختصة لاعتمادها وإيداعها ملف الخدمة.
ومن حيث إن المشرع بمقتضى القانون رقم 115 لسنة 1983 قد أخضع شاغلي الوظائف العليا لقياس كفاية الأداء، وقرر بعض الضمانات الجوهرية التي يتم على أساسها قياس كفايتهم تتمثل في أن يكون هذا القياس بناء على ما يبديه الرؤساء بشأنهم من بيانات تعتمد من السلطة المختصة وتودع ملفات خدمتهم، وعليه فإن قياس كفاية الأداء بالنسبة لهذه الطائفة من العاملين لابد أن يكون مستمداً من أصول ثابتة في الأوراق.
ومن حيث إنه بالاطلاع على بيان كفاية الأداء عن عام 1986 المطعون عليه يتبين أن تقدر كفايته بدرجة (جيد) وأن الأسباب المؤدية إلى هذه المرتبة مدونة على أصل التقرير وحده تخلص في أنه يؤدي عمله بوجه عارض ولكن ليس لديه القدرة على اتخاذ القرار، وعلاقته حسنه بمن حوله وأن كان على خلاف مع بعض مرؤسيه، قدرته على الإشراف والقيادة والتوجيه تحتاج إلى مرات وتدريب).
ولما كان ما ورد ببيان أداء العامل المذكور من أسباب أدت إلى النزول بمرتبة كفايته بمرتبة (جيد) ليس طليقاً من كل قيد، بل هو مقيد بالضرورة وبحكم اللزوم بالبيانات المتعلقة بعمل العامل عن السنة موضوع التقرير، ولابد أن تجد هذه البيانات أصلها بملف خدمته وغيرها من الأوراق. فإذا ما ثبت خلو ملف الخدمة مما يصلح أن يكون سنداً لما ذكر وكان سبباً في الهبوط بمرتبة كفاية العامل فقد القرار السبب المبرر له قانوناً.
ومن حيث إن الثابت من حافظة المستندات المقدمة من الطاعن أنه استحق حافزاً قدره ثلاثون في المائة عن كل شهور عام التقرير 1986 وأن هذه النسبة من الحوافز لا يستحقها إلا من كانت نسبته في زيادة الإنجاز عن المعدل العادي تقدر بخمسين في المائة فأكثر وفقاً للقرارات التنظيمية المنظم لذلك. كما أنه يبين من بيان المرتبات والمكافآت التي حصل عليها الطاعن في الفترة من 1/ 1/ 1986 حتى 31/ 12/ 1986 والمعتمد من رئيس الإدارة المركزية لشئون العاملين أن الطاعن حصل على مكافآت تشجيعية قدرها أربعمائة وخمسون جنيهاً وهذه المكافآت لا تمنح إلا لمن بذل جهداً غير عادي أو كان متميزاً في الأداء. فضلاً عن ذلك فإنه قد صدر القرار الوزاري رقم 83 لسنة 1987 بتاريخ 4/ 9/ 1987 بندبه للإشراف على أمانة المعلومات والدراسات والميكروفليم وهي وظائف الدرجة الممتازة. كل ذلك يؤكد أن الطاعن خلال سنة التقرير تميز بدرجة عالية من الإنجاز ولديه القدرة على القيادة والإشراف والتوجيه بدليل ندبه لوظيفة أعلى، وعلى الوجه الآخر فإن الجهة الإدارية لم تقدم ضمن أوراق الدعوى ما يفيد صحة الأسباب التي وردت على بيان أدائه المطعون عليه والذي أدت من وجهة نظر الإدارة إلى الهبوط بمستوى أدائه لمرتبة جيد، ومن كان ذلك يكون تقدير كفاية الطاعن عن عام 1986 بدرجة جيد جاء غير متفق مع ما تنبئ عنه الأوراق مخالفاً للقانون يتعين إلغائه.
ومن حيث إنه من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء بيان كفاية الأداء المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.