مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) – صـ 850

(89)
جلسة 23 من فبراير سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل زكى فرغلي وفريد نزيه تناغو وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1554 لسنة 34 القضائية

( أ ) دعوى - دفوع في الدعوى - الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة (هيئة قضايا الدولة) المادة 115 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - المادة 6 من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقانون رقم 75 لسنة 1963 معدلاً بالقانون رقم 10 لسنة 1986.
تنوب هيئة قضايا الدولة عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها - متى ثبت إيداع هيئة قضايا الدولة المستندات المتعلقة بالدعوى بعد الحصول عليها من مجلس المدينة المختص صاحب الصفة في الدعوى فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة يكون على غير سند من القانون - أساس ذلك: أن الهيئة مثلت صاحب الصفة الصحيحة وحصلت منه على أوراق الدعوى فأحيط علماً بها مما لا وجه معه للقول بإغفال علمه بالمنازعة - تطبيق.
(ب) دعوى - تكييفها - رقابة المحكمة الإدارية العليا على التكييف القانوني للدعوى.
التكييف القانوني للدعوى أمر يستلزمه إنزال صحيح حكم القانون على واقع المنازعة ويخضع بهذه المثابة لرقابة القضاء - يجب على المحكمة أن تمحص طلبات الخصوم وتستجلي مراميها بما يتفق والنية الحقيقة من وراء إبدائها دون الوقوف عند ظاهر المعنى الحرفي لها أو تكييف الخصوم لطلباتهم - العبرة بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني - يتعين الالتزام بحقيقة الحال ونية وإرادة الخصوم وليس بما يصوغون به طلباتهم - لا يجوز افتراض إرادة الخصوم بغير دليل من الأوراق - تطبيق.
(جـ) قرار إداري - قرار اعتماد خطوط التنظيم للشوارع - أثره على التراخيص السابق منحها.
المادتان 13، 15 من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء - تعديل خطوط التنظيم يجيز للوحدة المحلية المختصة إلغاء التراخيص السابق منحها أو تعديلها بما يتفق مع خط التنظيم الجديد سواء كان المرخص له قد شرع في القيام بالأعمال المرخص بها من عدمه بشرط تعويضه تعويضاً عادلاً - توقف الأعمال المخالفة بالطريق الإداري ويعلن القرار لذوي الشأن - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 10 من إبريل سنة 1988 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائباً عن كل من محافظ الجيزة بصفته ومدير الإدارة الهندسية بمركز إمبابة قطاع الوراق بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 1554 لسنة 34 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 11 من فبراير سنة 1988 في الدعوى رقم 1286 لسنة 41 ق القاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان بصفتهما للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وتم إعلان الطعن للمطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق، وقدم السيد الأستاذ المستشار/ عادل الشربيني مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات.
عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 19 من نوفمبر سنة 1990، وتداولته بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر، وبجلسة 4 من نوفمبر سنة 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) والتي نظرته بجلسة 8 من ديسمبر سنة 1991 والجلسات التالية وفيها استمعت لما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات على النحو المبين بالمحاضر، وبجلسة 5 من يناير سنة 1992 قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضده....... قد أقام الدعوى رقم 1286 لسنة 41 ق بصحيفة أوعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بتاريخ 16 من ديسمبر سنة 1986 طالباً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار إلغاء الترخيص رقم 31 لسنة 1985 الصادر من الإدارة الهندسية قطاع الوراق محافظة الجيزة، وفي الموضوع بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال شرحاً لدعواه أن الإدارة الهندسية لقطاع الوراق بمحافظة الجيزة منحته الترخيص رقم 31 لسنة 1985 ببناء الأرض الكائنة بناحية وراق الحضر مركز إمبابة محافظة الجيزة المبينة حدودها تفصيلاً بصحيفة الدعوى وحسب الرسومات الهندسية المقدمة منه وتكاليفها في حدود مبلغ 23000 جنيه. وقد صدر هذا الترخيص بعد إجراء المعاينات الفنية من قبل جهة الإدارة وبعد استيفائه كافة الإجراءات اللازمة للترخيص وشرع فعلاً في البناء نفاذاً لهذا الترخيص حتى فوجئ بإخطارات متتالية من مراقب إسكان الوراق بوقف أعمال البناء ثم بتاريخ 9/ 12/ 1986 أخطر بأن جهة الإدارة ستقوم بعد أسبوع من تاريخ هذا الإخطار بإلغاء الترخيص، وينعى المدعي على قرار إلغاء الترخيص مخالفته الدستور والقانون إذ أنه التزم في البناء بقرار الترخيص وحافظ على خط التنظيم الصادر به قرار من اللجنة المختصة بعرض الشارع 15 متراً وقد كانت جهة الإدارة على بينه تامة قبل صدور قرارها بالترخيص بمساحة الأرض الجاري البناء عليها وقد روعيت كافة الإجراءات المقررة قانوناً قبل صدور الترخيص، وبصدوره تلتزم به جهة الإدارة وليس لها التعلل بعد ذلك بتعديل الترخيص وطلب رسومات هندسية تعديليه على المساحة فليس لها من عذر بعد قيامها بالبحث والفحص لطلب الترخيص قبل صدور قرارها بالترخيص سالف البيان، وإذ يتوافر في طلبه شروط الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه يطلب الحكم له بطلباته المشار إليها.
وبجلسة 11 من فبراير سنة 1988 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أن جهة الإدارة لم تصدر قرار بإلغاء الترخيص وكانت إخطاراتها للمدعي بتعديل الترخيص المتضمن إلغائه فعلاً وأن حقيقة طلبات المدعي تسفر عن طلب الحكم له بوقف التنفيذ ثم إلغاء قرار الإدارة بتعديل الترخيص بما يتفق مع خطوط التنظيم الجديدة التي تضمنها قرار محافظ الجيزة رقم 251 لسنة 1987 ولئن كانت المادة 13 من قانون تنظيم المباني رقم 106 لسنة 1976 تخول المحافظ اعتماد خطوط التنظيم بعد موافقة المجلس المحلي المختص وكانت تحظر على أصحاب الشأن إجراء أعمال جديدة بعد إصدار قرار اعتماد خط التنظيم فإنها لم تجز المساس بالترخيص الصادر قبل هذا القرار سواء بالإلغاء أو بالتعديل إلا بقرار مسبب من المجلس المحلي المختص سواء شرع المرخص له أو لم يشرع في القيام بالأعمال المرخص بها، وإذ لم يصدر قرار تعديل الترخيص الممنوح للمدعي برقم 31 لسنة 1985 من المجلس المحلي فإنه يكون قراراً مخالفاً للقانون بحسب الظاهر ومن ثم يتوافر في طلب وقف تنفيذه ركن الجدية وإذ يؤدي التنفيذ إلى آثار يتعذر تداركها تتمثل في حرمان المدعي من الإفادة من الترخيص الممنوح له بأداة غير مشروعة فإن ركن الاستعجال يتوافر في هذا الطلب ويتعين لذلك الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون تطبيقاً وتأويلاً ذلك أنه طبقاً للمادة 13 من القانون رقم 106 لسنة 1976 أنه قد صدر قرار بتعديل خطوط التنظيم جاز للمجلس المحلي المختص بقرار مسبب إلغاء التراخيص السابق منحها أو تعديلها بما يتفق مع خطوط التنظيم الجديدة، وخولت المادة 15 من ذات القانون الجهة الإدارية الحق في وقف الأعمال المخالفة وبإنزال ذلك على واقعات النزاع يبين أن محافظ الجيزة قد اعتمد تعديل خط التنظيم بشارع ترعة السواحل بإمبابة ليكون بعرض 26 متراً في بدايته ثم 38 متراً في نهايته نتيجة لمرور مشروع الصرف الصحي لغرب النيل ومواسير الغاز الطبيعي وكذلك مرور خط مياه محطة الوراق، ولما كان الترخيص الممنوح للمطعون ضده يتعارض مع خط التنظيم المعدل ومن ثم فقد طلبت الجهة الإدارية سرعة حضوره لإجراء التعديلات على الترخيص المنوح له بما يتلائم مع التعديل لخط تنظيم شارع ترعة السواحل إلا أن المطعون ضده لم يعر الجهة الإدارية التفاتاً وشرع في القيام بأعمال البناء بالتعدي على خط التنظيم كما دفع جهة الإدارة لإصدار قرارها بوقف تلك الأعمال وهو ما يتفق وصحيح حكم القانون، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى تكييف طلب المطعون ضده بأنه طعن في قرار إلغاء الترخيص وهو لم يصدر عن جهة الإدارة وكل ما صدر عنها هو قرار بوقف الأعمال فقط لمخالفتها خط التنظيم وإذ خالف الحكم المطعون فيه ما تقدم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ومن ثم فهو رجح الإلغاء كما أن في تنفيذه نتائج يتعذر تداركها مستقبلاً إذا قام المطعون ضده بالبناء متعدياً على خط التنظيم ومن ثم طلب الطاعنان الحكم لهما بطلباتهما السابقة.
ومن حيث إن الطاعنين في مذكرتهما التي وردت للمحكمة بتاريخ 25/ 2/ 1991 دفعا بعدم قبول الدعوى المطعون على الحكم الصادر فيها لرفعها على غير ذي صفة على أساس أن القرار المطعون فيه صدر عن الوحدة المحلية لمدينة أوسيم مركز إمبابة ومن ثم يكون رئيس مدينة أوسيم ومركز إمبابة هو الذي يمثل الوحدة المذكورة أمام القضاء وعلى ذلك فاختصام محافظ الجيزة ومدير الإدارة الهندسية بمركز إمبابة وقطاع الوراق بصفتهما اختصام لغير ذي صفة ولا يغني عن اختصام ذي الصفة في الدعوى حضور هيئة قضايا الدولة وإبداء دفاعها لأنه يجب اختصام الجهة الإدارية الصحيحة أولاً حتى يمكنها موافاة الهيئة بأوجه الدفاع والمستندات ومن ثم يجد هذا الدفع سنده من الواقع والقانون.
ومن حيث إنه بالنسبة للدفع بعدم قبول الدعوى المطعون على الحكم الصادر فيها لرفعها على غير ذي صفة والذي سبق لهيئة قضايا الدولة التمسك به أمام محكمة القضاء الإداري المطعون على حكمها ومع ذلك لم يتناوله بالرد الحكم المطعون فيه، ومع التسليم بأن رئيس مدينة أوسيم ومركز إمبابة هو الذي يمثل الوحدة المحلية لمركز إمبابة ومدينة أوسيم التي هي الجهة صاحبة الاختصاص في الدعوى، وإذ تنص المادة 115 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 على أن: "الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها. وإذ رأت المحكمة أن الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء صفة المدعى عليه قائم على أساس أجلت الدعوى لإعلان ذي الصفة...." وجاء في المذكرة الإيضاحية تعليقاً على هذه المادة ما يأتي: "استحدث المشرع نص المادة 115 منه الذي يقضي بأنه إذا رأت المحكمة أن الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء صفة المدعى عليه إنما يقوم على أساس أجلت الدعوى لإعلان ذي الصفة بدلاً من الحكم بعدم القبول وذلك تبسيطاً للإجراءات وتقديراً من المشرع لتنوع وتعدد فروع الوزارات والمصالح والمؤسسات والهيئات على نحو قد يصعب معه تحديد الجهة التي لها صفة في الدعوى". وإذا تنص المادة 6 من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقانون رقم 75 لسنة 1963 والمعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1986 على أن: "تنوب هذه الهيئة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائياً..." وإذا كان ذلك وكانت هيئة قضايا الدولة قد حضرت في الدعوى وأقامت الطعن الماثل وأبدت دفاعها وقدمت ما عن لها من مستندات ومذكرات، ولما كانت هذه المستندات المتعلقة بالترخيص الصادر للمطعون ضده والموضوع الخاص بالنزاع محل هذا الطعن، وهي في أصلها بحسب القانون الخاص بالمباني ولوائحه التنفيذية وقف النزاع الماثل من بين الأوراق الرسمية التي تصدر أو تحفظ بملف الترخيص بمجلس مدينة أوسيم، وبالتالي وحيث أودعت هيئة قضايا الدولة هذه المستندات والأوراق بعد الحصول عليها من مجلس المدينة المذكورة فمن ثم فإنها قد أحاطت علماً الوحدة المحلية بالنزاع الماثل من خلال هيئة قضايا الدولة كما إن الهيئة تكون في حقيقة الأمر قد مثلت الخصم الصحيح والصفة الذي انعقدت الخصومة ضده في مواجهة هيئة قضايا الدولة النائبة عنه قانوناً ومن ثم يكون هذا الدفع والحال كذلك مفتقداً لغايته القانونية وهو افتعال علم رئيس مجلس المدينة بهذه المنازعة، ومن ثم يكون الدفع غير قائم على أساس صحيح من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن التكييف القانوني للدعوى ولطلبات الخصوم فيها أمر يستلزمه إنزال حكم القانون الصحيح على واقع المنازعة ويخضع بهذه المثابة لرقابة القضاء الذي ينبغي عليه في هذا السبيل أن يتقصى طلبات الخصوم ويمحصها ويستجلي مراميها بما يتفق والنية الحقيقة من وراء إبدائها دون الوقوف عند ظاهر المعنى الحرفي لها أو بتكييف الخصوم لها فالعبرة بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني ولا التزام في هذا التكييف إلا بحقيقة الحال ونية وإرادة الخصوم وليس بما يصوغون به طلباتهم ويفيد هذا التكييف بحكم القانون فحسب وليس بما يسوقه الخصوم من أسانيد لطلباتهم ولا يسوغ أن تفترض إرادة للخصوم فلا سند أو دليل سائغ من عيون الأوراق ولا على نحو يتعارض مع الثابت منه ومؤدى الحكم المطعون فيه إلى افتراض إرادة بلا سند لأي من الخصوم ودون دليل سليم يمثل مخالفة للقانون يتعين على هذه المحكمة التصدي لها ولو من تلقاء نفسها لتعلق ذلك بالنظام العام القضائي حيث يترتب على هذا التكييف غير السديد للدعوى وطلبات الخصوم فيها الفصل على غير سند من الواقع إلا بالمخالفة حتماً نتيجة لذلك. للقانون في المسائل الأساسية المتعلقة بالولاية والاختصاص وبقبول الدعوى وما يماثل ذلك وهي أمور كلها تتميز بأنها تتعلق بالنظام العام القضائي لطبيعة المنازعة الإدارية التي تختص بها محاكم مجلس الدولة طبقاً للقانون والدستور وتميزها بتعلقها بالمرافق العامة وبالمصلحة العامة فضلاً عن الخاصة والعامة للمواطنين.
ومن حيث إنه من المستند عليه في قضاء هذه المحكمة أن مناط الحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري هو توافر ركنين أساسين أولهما ركن الجدية ومؤداه أن يبنى الطلب على أسباب يرجح معها قانوناً بحسب الظاهر من الأوراق الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه والثاني ركن الاستعجال ومقتضاه أن يترتب على تنفيذ القرار آثار يتعذر تداركها فيما لو تراخى القضاء بإلغائه فإن تخلف أي منهما وجب القضاء برفض الطلب.
ومن حيث إنه عن الركن الأول وإذ يبين من ظاهر الأوراق أنه بتاريخ 30/ 6/ 1985 حررت الإدارة الهندسية بالوراق محافظة الجيزة مذكرة ضمنتها أنها ترى تعديل خط المباني في نهاية شارع ترعة السواحل ومقابلة مع شارع الجيش أمام المعسكر في الحد الفاصل بين حوض الزرفة القبلية نمرة 17 وحوض الخمسة عشر نمرة 16 بشارع الجيش وأنه جاري إقامة مشروعات كان بها مثل مشروع الصرف الصحي ومشروع أنابيب شركة البتروجاس، ومشروع المياه للقاهرة الكبرى (محطة الوراق) ورفعت هذه المذكرة إلى رئيس مجلس مدينة أوسيم ومركز إمبابة بطلب الموافقة على إصدار القرارات اللازمة بحظر إقامة مباني خاصة في هذا الموقع إلا بالعرض السابق وإخطار الجهات المسئولة من المساحة والأملاك والري والإسكان، وبتاريخ 18/ 7/ 1985 تحصل المطعون ضده على الترخيص رقم 31 لسنة 1985 بالبناء بشارع السواحل أمام المعسكر، وبتاريخ 19/ 4/ 1986 تحرر كتاب الإدارة الهندسية بقطاع الوراق رقم 1383 إلى نقطة شرطة الوراق تضمن أنه رغم الكتب الصادرة أرقام 263 في 23/ 1/ 1986، 269 في 23/ 1/ 1986 ورقم 281 في 27/ 1/ 1986 بخصوص المطعون ضده....... فقد قام بصب الخرسانة المسلحة وذلك يوم الجمعة الموافق 18/ 4/ 1986 مستغلاً الأجازة الأسبوعية وطلبت الإدارة الهندسية إيقاف تلك المباني وأخذ التعهد عليه بعدم تكملة صب الخرسانة المسلحة مع تحميله المسئولية في حالة استمراره بالمباني إلا بعد عمل الردود اللازمة حسب حد الجار مع التحفظ على الأدوات والمهمات الخاصة بالمقاول ثم أعيد إخطار الشرطة بمضمون ما تقدم بالكتاب رقم 2591 في 6/ 9/ 1986 مع الإشارة أنه ما زال يقوم بالبناء مخالفاً خط التنظيم. وبتاريخ 9/ 12/ 1986 أخطر المطعون ضده بكتاب الإدارة الهندسية المذكورة رقم 3608 بضرورة الحضور ومعه الترخيص رقم 31 لسنة 1985 السابق صرفه له وذلك لتعديله باستبعاد أملاك الدولة من المساحة وعليه التقدم بطلب لتعديل الترخيص المذكور مرفقاً به رسومات هندسية تعديلية على المساحة إذ أن أملاك الدولة منفعة عامة للشارع والمرافق القومية وأنه أعطى مهلة أسبوع سيعتبر الترخيص لاغياً بعد هذه المدة، وأعيد إخطاره بما تقدم بالكتاب رقم 3846 في 31/ 12/ 1986، وبتاريخ 24/ 5/ 1987 صدر قرار محافظة الجيزة رقم 251 لسنة 1987 باعتماد خط التنظيم شارع ترعة السواحل وعلى النحو الوارد تفصيلاً بالقرار وحسبما يبين من الكروكي المرفق بالأوراق والذي توضح به أن المطعون ضده أقام أساسات قواعد وميدة مسلحة في منسوب الأرض وتم إبقاءه عند هذا الحد، ومن ثم لا يكون حسبما يستظهر من الأوراق قد صدر قرار من الوحدة المحلية المختصة بإلغاء الترخيص السابق منحه للمطعون ضده كما لم يصدر قرار من الوحدة المحلية المختصة بتعديل ذلك الترخيص ذلك أن تعديل الترخيص وإن كان يصدر بإرادة منفردة من الجهة الإدارية وإنما يحكم إجراءات تعديل الترخيص ما يحكم طلب الترخيص المبتدأ من القواعد والأصول المتطلبة في القانون لاتحاد العلة في الحالين فيلزم تقديم طلب مرفقاً به البيانات والمستندات المبينة في المادة (5) من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء من أصحاب الشأن بما يرونه من تعديل بالترخيص وفقاً لرغباتهم وفي حدود أحكام القوانين واللوائح المنظمة للمباني، وتقوم الجهة الإدارية بفحصه طبقاً لنصوص المواد 6، 7، 8، 9، 10، 11، 12، 12 مكرراً (1) وعلى ذلك فإنه لم يصدر قرار من الوحدة المحلية لمركز إمبابة ومدينة أوسيم بتعديل الترخيص إذ لم يقدم لها طلب بذلك حسب الظاهر من الأوراق ولم تقم لجنة البت فيه في ضوء خط التنظيم الجديد وأحكام قانون المباني ولائحته التنفيذية وكل ما صدر عنها هو وقف الأعمال المخالفة لخط التنظيم المعدل وذلك تمهيداً لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتعديل هذا الترخيص بما يتفق وهذا الخط وبالتالي تكون حقيقة طلبات المطعون ضده هي وقف تنفيذ وإلغاء قرار الوحدة المحلية لمركز إمبابة ومدينة أوسيم بوقف أعمال البناء التي يقوم بها على قطعة الأرض المملوكة له نفاذاً للترخيص الصادر له والذي لم يتخذ بشأنه الإجراءات القانونية لتعديله.
ومن حيث إن المادة (13) من القانون المذكور تنص على أن: "يصدر باعتماد خطوط التنظيم للشوارع قرار من المحافظ بعد موافقة المجلس المحلي المختص.... وإذا صدر قرار بتعديل خطوط التنظيم جاز للوحدة المحلية المختصة بقرار مسبب إلغاء التراخيص السابق منحها، وتعديلها بما يتفق مع خط التنظيم الجديد سواء كان المرخص له قد شرع في القيام بالأعمال المرخص بها أو لم يشرع وذلك بشرط تعويضه تعويضاً عادلاً". وتنص المادة (15) على أن: "توقف الأعمال المخالفة بالطريق الإداري ويصدر قرار مسبب من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم يتضمن بياناً بهذه الأعمال، ويعلن إلى ذوي الشأن بالطريق الإداري، فإذا تعذر الإعلان لشخصه لأي سبب يتم الإعلان...... ويجوز للجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم خلال مدة وقف الأعمال المخالفة التحفظ على الأدوات والمهمات المستخدمة فيها". ولما كان الظاهر من الأوراق أن المطعون ضده رغم تكرار إخطاره بتعديل خط التنظيم وطلب تقدمه للجهة المختصة لتعديل الترخيص الصادر إليه قائم بالبناء بالمخالفة لخط التنظيم الجديد المعتمد بقرار محافظ الجيزة رقم 251 لسنة 1987 ولم يستجب لإخطارات الجهة الإدارية وطلبها التقدم إليها بتعديل الترخيص بما يتفق وخط التنظيم الجديد بل قام بالعمل بدون إخطارها وأهدر التعديل الذي تم لخط التنظيم وأقام أعمال البناء بالمخالفة له استناداً إلى الترخيص الذي سبق أن صدر له وفقاً لخط التنظيم القديم منذ عدة سنوات سابقة على قيامه بأعمال البناء وبعد إخطاره عدة مرات بتعديل خط التنظيم وتعارضه مع ما سبق صدوره من ترخيص مما دعى الجهة الإدارية المختصة لإيقاف تلك الأعمال المخالفة لخط التنظيم الجديد إدارياً، ومن حيث إن هذا القرار يتفق بحسب الظاهر من الأوراق وصحيح حكم القانون ولذلك فهو غير مرجح الإلغاء عند الفصل في الموضوع.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم ينتفي ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ ويفتقد الطلب مقومات الحكم به، الأمر الذي يتعين معه القضاء برفضه دون ما حاجة لبحث مدى توافر ركن الاستعجال لعدم جدواه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، ومن ثم يكون قد جاء مخالفاً لصحيح حكم القانون مستوجباً الإلغاء.
ومن حيث إن المطعون ضده قد خسر الطعن ومن ثم يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضده بالمصروفات.