أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثالث - السنة 40 - صـ 394

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين، ريمون فهيم نائبي رئيس المحكمة، وعزت عمران ومحمد إسماعيل غزالي.

(384)
الطعن رقم 2014 لسنة 53 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "الامتداد القانوني لعقد الإيجار".
(1) عقد الإيجار. عدم انتهائه بوفاة المستأجر أو من امتداد العقد لصالحه استمراره لصالح المستفيد. شرطه.
(2) المستفيد من امتداد عقد الإيجار. إقامته في العين المؤجرة كمصيف إقامة موسمية متقطعة. لا يحول دون امتداد العقد لصالحه. (مثال بشأن استخدام العين كمصيف).
(3) إيجار "إيجار الأماكن" "الإيواء والاستضافة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
إقامة المستفيد بالعين المؤجرة. الفصل في كونها إقامة مستقرة أم على سبيل الإيواء أو الاستضافة. من سلطة محكمة الموضوع.
(4، 5) نقض "أسباب الطعن" "السبب الجديد". إيجار "إيجار الأماكن" "احتجاز أكثر من مسكن".
(4) الإدعاء بأن المستفيد من امتداد عقد الإيجار يحتجز مسكناً أخر بذات المدينة. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(5) وجود مسكن لكل من المستفيدين من امتداد عقد الإيجار بمدينة القاهرة وأخر بالإسكندرية. لا يعد مخالفة لحظر احتجاز أكثر من مسكن في المدينة الواحدة.
(6) إثبات "إجراءات الإثبات" "البينة" "الإحالة إلى التحقيق". محكمة الموضوع "مسائل الإثبات".
إحالة الدعوى إلى التحقيق ليس حقاً للخصوم للمحكمة عدم الاستجابة إليه متى وجدت في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها.
1 - النص في المادة 21/ 1 من قانون إيجار الأماكن رقم 52 لسنة 1969 - الذي يحكم واقعة الدعوى - والمقابل لنص المادة 29/ 1 من القانون القائم رقم 49 لسنة 1977 على أنه "...... لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو والده الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك......" يدل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن عقد إيجار المسكن لا ينتهي بوفاة المستأجر الأصلي أو من أمتد العقد لصالحة وتستمر العلاقة الإيجارية قائمة مع أي من المستفيدين المشار إليهم بالنص متى كانت إقامتهم بالعين إقامة مستقرة حتى تاريخ الوفاة.
2 - لا يحول دون امتداد عقد الإيجار انقطاع المستفيد عن الإقامة بالعين لسبب عارض ما دام إنه لم يكشف عن إرادته في التخلي عنها صراحة أو ضمناً ويكفي أن تكون إقامة المستفيد بالعين المؤجرة بقصد استخدامها كمصيف إقامة موسمية ومتقطعة بحسب طبيعة الإقامة فيها في فصل الصيف.
3 - من المقرر - أن الفصل في كون الإقامة بعين النزاع إقامة مستقرة أم أنها على سبيل الإيواء أو الاستضافة هو من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
4 - الإدعاء بأن للمطعون ضدهن المستفيدات من امتداد عقد الإيجار لهن أماكن أخرى للإقامة فيها بمدينة الإسكندرية هو إدعاء قائم على اعتبارات يختلط فيها الواقع بالقانون لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع ومن ثم فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - وجود مسكن مستقل لكل من المطعون ضدهن بمدينة القاهرة لا يعد مخالفة للحظر الذي فرضه المشرع على احتجاز أكثر من مسكن لأن هذا الحظر قاصر على المساكن المحتجزة في نطاق المدينة الواحدة وإذ كان المسكن محل النزاع يقع بمدينة الإسكندرية ومن ثم فقد انتفى مقتضى هذا الحظر.
6 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إحالة الدعوى إلى التحقيق ليس حقاً للخصوم ويحق للمحكمة عدم الاستجابة إلى طلبهم في هذه الخصوص متى وجدت في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهم الدعوى رقم 3635 لسنة 1981 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية طالبين الحكم بإخلاء العين المبينة بالصحيفة وتسليمها إليهم خالية، وقالوا شرحاً لدعواهم أنه بموجب عقدي إيجار مؤرخين 4/ 3/ 1954 استأجر المرحوم....... شقة النزاع وذلك لاستعمالها سكناً خاصاً له وكذا غرفة من الكشك المجاور للعقار وبعد وفاته سنة 1966 امتدت الإجارة إلى أرملته والدة المطعون ضدهن حتى تاريخ وفاتها في سنة 1976، وإذ كانت تقيم بمفردها في العين المؤجرة ولم تكن لأي من المطعون ضدهن إقامة فيها مع والديهن فقد أقاموا الدعوى، وبتاريخ 2/ 5/ 1982 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 446 لسنة 38 ق الإسكندرية وبتاريخ 7/ 5/ 1983 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأته جديراً بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعنون بالسبب الأول والوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون أنه رغم عدم إقامة أي من المطعون ضدهن بعين النزاع إقامة دائمة مستقرة مع ولدهن المستأجر الأصلي ولا مع والدتهن التي أمتد إليها عقد الإيجار حتى تاريخ وفاتها في سنة 1976 إلا أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بامتداد عقد إيجار شقة النزاع إليهن على أساس ما قدمه المطعون ضدهن من مستندات لم يكن الطاعنون طرفاً فيها وبالتالي فهي ليست حجة عليهم، كما أن الثابت أن لكل منهن سكناً مستقلاً بالقاهرة حيث تم إعلانهن فيه مع أزواجهن ولم يكون وجودهن بعين النزاع إلا على سبيل الاستضافة إذ لكل منهن محل إقامة مستقرة للاصطياف بمدينة الإسكندرية ومن ثم فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقة الأول غير سديد ذلك أن النص في المادة 21/ 1 من قانون إيجار الأماكن رقم 52 لسنة 1969 - الذي يحكم واقعة الدعوى والمقابل لنص المادة 29/ 1 من القانون القائم رقم 49 لسنة 1977 على أنه "..... لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو والده الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك.... "يدل -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن عقد إيجار المسكن لا ينتهي بوفاة المستأجر الأصلي أو من امتداد العقد لصالحه -وتستمر العلاقة الإيجارية قائمة مع أي من المستفيدين المشار إليهم بالنص متى كانت إقامتهم بالعين إقامة مستقرة حتى تاريخ الوفاة، ولا يحول دون امتداد العقد انقطاع المستفيد عن الإقامة بالعين لسبب عارض ما دام أنه لم يكشف عن إرادته في التخلي عنها صراحة أو ضمناً، ويكفي أن تكون إقامة المستفيد بالعين المؤجرة بقصد استخدامها كمصيف - إقامة موسمية ومتقطعة بحسب طبيعة الإقامة فيها في فصل الصيف، ومن المقرر أيضاً أن الفصل في كون الإقامة بعين النزاع إقامة مستقرة أم أنها على سبيل الإيواء والاستضافة هو من سلطة محكمة الموضوع متى إقامة قضاءها على أسباب سائغة، لما كان ذلك وكان الحكم الطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى على سند من ثبوت مشاطرة المطعون ضدهن لوالديهن قبل وفاتهما في الإقامة بالعين المؤجرة المخصصة لاستخدامها كمصيف وذلك تأسيساً على ما أورده بمدوناته من أن "المؤجر الأصلي ومن بعده المستأنف الثاني (الطاعن الثاني) قد دأب كل منهما بعد وفاة المستأجر الأصلي على التعامل مع زوج المستأنف" عليها الأولى (المطعون ضدها الأولى) في كثير من الأمور التي تتعلق بشقة النزاع منها قبض الأجرة منه وتعهد الشقة بالإصلاح وإعدادها للانتفاع بها وهو ما تستشف منه المحكمة موافقة المستأنفين (الطاعنين) الضمنية على استمرار الإجارة لصالح المستأنف عليهن بعد أن امتدت هذه الإجارة قانوناً في حقهن......" وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً له أصل ثابت بالأوراق من واقع ما قدمه المطعون ضدهن من مستندات ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون مجادلة فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره من أدلة الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، والنعي مردود في شقة الثاني بأن الإدعاء بأن للمطعون ضدهن أماكن أخرى للإقامة فيها بمدينة الإسكندرية هو إدعاء قائم على اعتبارات يختلط فيها الواقع بالقانون لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع ومن ثم فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ كان وجود مسكن مستقل لكل من المطعون ضدهن بمدينة القاهرة لا يعد مخالفة للحظر الذي فرضه المشرع على احتجاز أكثر من مسكن لأن هذا الخطر قاصر على المساكن المحتجزة في نطاق المدينة الواحدة، وكان المسكن محل النزاع يقع بمدينة الإسكندرية ومن ثم فقد انتفى مقتضى هذا الحظر ويكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنون بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولون أنهم طلبوا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات عدم إقامة المطعون ضدهن مع والديهن بشقة النزاع وأن لكل منهن مكاناً مستقراً بالقاهرة وبالإسكندرية إلا أن الحكم المطعون فيه لم يستجب إلى طلبهم مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن إحالة الدعوى إلى التحقيق ليس حقاً للخصوم ويحق للمحكمة عدم الاستجابة إلى طلبهم في هذه الخصوص متى وجدت في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها فيها، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن وكيل الطاعنين قد طلب في مذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف في 10/ 4/ 1983 إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات عدم إقامة المطعون ضدهن بعين النزاع لمدة سنة سابقة على الوفاة، ولم يطلب إثبات أن أحداً منهن تحتجز مسكناً أخر بذات مدينة الإسكندرية ومن ثم فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو رفض طلب الإحالة للتحقيق لنفي الإقامة بالعين المؤجرة طالما وجد في الأوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدته فيها ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.