مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) – صـ 862

(90)
جلسة 25 من فبراير سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ مصطفى الفاروق محمد الشامي والدكتور/ أحمد مدحت حسن علي وعويس عبد الوهاب عويس وأحمد أمين حسان محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1882 لسنة 35 القضائية

( أ ) دعوى - عوارض سير الدعوى - مخاصمة القضاة. (مرافعات). (خطأ).
المادة 494 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 - أجاز المشرع مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة - شرط ذلك: أن يقع من العضو خطأ مهني جسيم - مثال: الخطأ الذي ينطوي على أقصى ما يمكن تصوره من الإهمال في أداء الواجب والذي يمثل أعلى درجات الخطأ - أثر ذلك: يخرج عن دائرة هذا الخطأ كل رأي أو تطبيق قانوني يخلص إليه القاضي بعد إمعان النظر والاجتهاد في استنباط الحلول للمسائل القانونية المطروحة ولو خالف في ذلك أحكام القضاء وأراء الفقهاء - تطبيق.
(ب) دعوى - إجراءات الدعوى - سلطة المحكمة.
ضم أكثر من دعوى هو من الأمور التي تستقل بتقديرها المحكمة - مناط الضم هو وحدة المحل أو السبب - أثر ذلك: لا يعدو قرار المحكمة بالضم من الخطأ المهني الجسيم - تطبيق.
(جـ) دعوى - دفوع في الدعوى - سلطة المحكمة الإدارية العليا في التعرض للدفوع.
المحكمة ليست ملزمة بتعقب كل أوجه دفوع أو دفاع الخصوم طالما أن ما استندت إليه من أسباب يجد له صدى من الوقائع الثابتة بالمستندات المودعة ملف الدعوى - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 24/ 3/ 1989 أودع الأستاذ/ سعد العمروسي المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/....... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير دعوى مخاصمة قيد بجدول المحكمة رقم 1882 لسنة 35 قضائية عليا ضد السيد المستشار الدكتور/ أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) وأعضاء المحكمة الذين أصدروا الحكم في الطعون أرقام 990 لسنة 30 ق عليا، 2236 لسنة 32 ق عليا 2569 لسنة 32 ق عليا بجلسة 2/ 5/ 1987 والقاضي أولاً بعدم قبول الطعن رقم 2236 لسنة 32 ق عليا وبإلزام الهيئة الطاعنة بمصروفات الطعن. ثانياً: بقبول الطعن رقم 990 لسنة 30 ق عليا شكلاً وبرفضه موضوعاً وبإلزام الهيئة الطاعن بالمصروفات. ثالثاً: بقبول الطعن رقم 2569 لسنة 32 ق عليا شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى رقم 3861 لسنة 36 ق وبإلزام المطعون ضده بالمصروفات وطلب المدعي في ختام تقريره الحكم بجواز قبول المخاصمة وفي موضوعها بصحتها.
وأعلن تقرير المخاصمة قانوناً وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بعدم جواز المخاصمة وتغريم الطاعن بخمسين جنيهاً مع إلزامه المصروفات. وعرضت الدعوى على دائرة فحص الطعون التي قررت إحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) التي نظرتها بجلسة 21/ 5/ 1989 وتداول نظر الدعوى في الجلسات التالية على الوجه المبين بالمحاضر وفي 3/ 3/ 1990 قدم المدعي حافظة مستندات ومذكرة دفاع طلب في ختامها الحكم بجواز قبول المخاصمة وفي الموضوع بالطلبات الموضحة بتقرير المخاصمة كما قدم مذكرة تكميلية في 20/ 3/ 1991 وبجلسة 13/ 10/ 1991 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى الدائرة الثالثة لنظرها بجلسة 29/ 10/ 1991 حيث نظرت بها، وبجلسة 24/ 12/ 1991 قدم الحاضر عن الحكومة مذكرة دفاع طلب فيها الحكم بعدم جواز المخاصمة وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن طالب المخاصمة سبق له أن أقام الدعوى رقم 3861 لسنة 36 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 2/ 6/ 1982 طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير الزراعة والأمن الغذائي رقم 15 لسنة 1984 فيما تضمنه من إزالة يده عن قطعة أرض ملكه مساحتها أربعة أفدنة ضمن المساحة الواردة بالقرار وما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 12/ 1/ 1984 حكمت محكمة القضاء الإداري في الشق المستعجل من الدعوى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي المصروفات، فطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 850 لسنة 30 ق عليا حيث قضت المحكمة بجلسة 7/ 12/ 1985 بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً، وبجلسة 17/ 4/ 1986 حكمت محكمة القضاء الإداري في موضوع الدعوى بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الإدارة المصروفات وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن القرار الجمهوري رقم 673 لسنة 1971 الذي صدر باعتبار إنشاء محطة تجارب وبحوث زراعية لوزارة الزراعة من أعمال المنفعة العامة والذي تدخل الأرض المملوكة للمدعي ضمن مساحة الأرض اللازمة لهذا المشروع قد سقط مفعولة طبقاً لحكم المادة العاشرة من القانون رقم 577 لسنة 1954 إذ أن الجهة الإدارية الصادر لصالحها قرار النفع العام لم تقم بإيداع النماذج أو القرار الصادر بنزع الملكية بمكتب الشهر العقاري المختص خلال السنتين التاليتين لنشر القرار المذكور كما لم تقم بتنفيذ المشروع ولم تبدأ في تنفيذه خلال هاتين السنتين بما يترتب على ذلك من أن هذه الأرض تعود لأصحاب الحقوق فيها، واستطردت المحكمة بأنه لا يغير من ذلك ما تدعيه جهة الإدارة من أنها بدأت تنفيذ المشروع الذي هو إجراء بحوث زراعية واستنباط سلالات جديدة وإجراء تجارب على المحاصيل الزراعية وتطوير الزراعة ذلك أن هذه الجهة اعترفت في بعض المكاتبات أن الأرض غير غير صالحة للزراعة وأن جميع محاولات تحسين التربة التي قامت بها قد فشلت، كما لا يغير من ذلك أيضاً الحكم الصادر في الدعوى رقم 1570 لسنة 25 ق المقامة من المدعي طعناً في القرار الجمهوري المشار إليه والقاضي برفض طلب إلغائه ذلك أن المدعي في الدعوى الماثلة لا ينازع في مشروعية هذا القرار كما هو الحال في الدعوى السابقة وإنما يطلب في هذه الدعوى الحكم بسقوط مفعول القرار طبقاً لحكم المادتين 10، 29 مكرراً من القانون رقم 577 لسنة 1954 وبعد ثبوت سقوط القرار الجمهوري رقم 673 لسنة 1971 المشار إليه يعدد القرار رقم 15 لسنة 1982 المطعون فيه بإزالة تعديه على هذه الأرض غير قائم على سبب صحيح من القانون متعين الإلغاء.
أقام السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمركز البحوث الزراعية والسيد وزير الزراعة والأمن الغذائي الطعنين رقمي 2236 لسنة 32 ق عليا، 2569 لسنة 32 ق عليا ضد السيد....... (طالب المخاصمة) في الحكم المشار إليه بطلب الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وشيد الطاعنان طعنهما على أساس أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من عدم انتقال ملكية الأرض إلى الدولة لسقوط قرار المنفعة العامة لعدم إيداع النماذج أو قرار نزع الملكية أو تنفيذ المشروع خلال المدة المقررة في المادة (10) من القانون رقم 577 لسنة 1954 قد خالف الواقع والقانون ذلك أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد أقام الدعوى رقم 1570 لسنة 25 ق أمام محكمة القضاء الإداري طاعناً في مشروعية القرار الجمهوري رقم 673 لسنة 1971 مطالباً بإلغائه وقضى برفض الدعوى بجلسة 3/ 6/ 1975 ثم أقام المطعون ضده الدعوى رقم 381 لسنة 33 ق بطلب سقوط القرار الجمهوري المشار إليه طبقاً لحكم المادة (10) من قانون نزع الملكية ولكنه ترك الخصومة فيها ومن ثم فإن القرار الجمهوري رقم 673 لسنة 1971 لم يقضي بإلغائه ولم يسقط مفعولة على خلاف ما انتهت إليه المحكمة في حكمها المطعون فيه.
وبجلسة 2/ 5/ 1987 حكمت المحكمة الإدارية العليا - بعد أن ضمت الطعون أرقام 990 لسنة 30 ق عليا، 3236 لسنة 32 ق عليا، 2569 لسنة 32 ق عليا للارتباط: أولاً:..... ثانياً:...... ثالثاً: بقبول الطعن رقم 2569 لسنة 32 ق عليا شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى رقم 3861 لسنة 36 ق وبإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد شيدت المحكمة قضاءها على أن الحكم المطعون فيه قد خالف الواقع الثابت بالأوراق والمستندات فضلاً عن مجافاته لطبيعة مشروع النفع العام الذي صدر القرار الجمهوري المشار إليه بتقرير صفة النفع العام له حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 1/ 5/ 1971 قامت لجنة مشكلة من هيئة الإصلاح الزراعي بتسليم مساحة الأرض الصادر عنها القرار الجمهوري المشار إليه إلى لجنة مشكلة من وزارة الزراعة وجاء بمحضر التسليم أن الأرض طينية تروى من ترعة ترسا العمومية وبها مساحات مزروعة ببرسيم وخضروات وقمح، وتتضمن المستندات ما يفيد أنه بتاريخي 13/ 6/ 1971، 22/ 1/ 1973 قامت جهة الإدارة ببيع شتلات طماطم وتحرير محاضر زراعية فضلاً عن عديد من المستندات التي تفيد إجراء إصلاحات وتجهيزات وتجارب لتهيئتها للغرض المطلوب منه وكذلك إجراء دراسات في الأعوام 71، 72، 1973 خاصة بأرض المزرعة يضاف إلى ذلك أن طبيعة المشروع إجراء بحوث زراعية وتجارب بالأرض ولا يستلزم ذلك زراعة مساحتها كلها وإنما قد تجرى التجارب في أجزاء من الأرض وفشل التجربة لا يعني فشل المشروع وعدم تنفيذه لأن التجربة بطبيعتها قابلة للنجاح والفشل، كما أن الادعاء بأن أرض النزاع لا تصلح للزراعة وليس لها مصدر ري لا ينهض حجة على عدم صحة قرار إزالة التعدي المطعون فيه لأن هذا الادعاء ليس من شأنه التأثير على حق ملكية الدولة الثابتة على الوجه السابق بيانه ومتى استبان ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه وقد قضى بإلغاء قرار وزير الزراعة والأمن الغذائي رقم 15 لسنة 1982 مخالف للقانون مخالفاً للصواب حقيقاً بالإلغاء ويتعين القضاء برفض الدعوى رقم 3861 لسنة 36 ق.
ومن حيث إن المخاصمة تقوم على أسباب حاصلها أن رئيس وأعضاء المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) فيما ذهبوا إليه في الحكم المشار إليه وقعوا في خطأ مهني جسيم يجيز في صحتهم طبقاً لنص المادة (494) من قانون المرافعات ذلك أن الدائرة المختصة بعد أن قررت ضم الطعنين رقمي 2236، 2566 لسنة 32 ق عليا ليصدر فيهما حكم واحد بجلسة 21/ 3/ 1987 مع التصريح لمن يشاء بتقديم مذكرات في أسبوع لم يصدر الحكم في هذه الجلسة وإنما مد أجل النطق به إلى جلسة 2/ 5/ 1987 وفوجئ المطعون ضده بأن الدائرة المختصة أصدرت حكمها في الطعنين المقامين ضده مع الطعن رقم 990 لسنة 30 ق عليا في حكم واحد دون بيان سبب الربط بين الطعون الثلاثة وبالمخالفة للمبادئ الأساسية في التقاضي وأهمها مبدأ المواجهة الأمر الذي يجعل ما سلكته الدائرة المختصة في هذا الشأن يشكل خطأ مهنياً جسيماً لأنها أخلت بحق الدفاع المكفول للمدعي الذي لم يعلم بالقرار ولم يعلم بالإجراء الذي اتخذته المحكمة بإقحام الطعن رقم 990 لسنة 30 ق عليا على أوراق الطعن الخاص به.
كما أن الدائرة المختصة وهي تضم ثلاثة من أعضاء الدائرة التي أصدرت الحكم في الطعن رقم 850 لسنة 30 ق عليا، أصرت على ذات الأسباب التي استندت إليها في ذلك الطعن المستعجل وتطبيقها على الطعون الثلاثة تكون قد أصدرت حكمها المختصم على أساس من ظاهر الأوراق دون التغلغل في الموضوع وهو ما يمثل خطأ جسيماً في حقها لاختلاف طبيعة رقابتها القانونية عند نظر الطلبات المستعجلة عنها عند نظر الطلبات الموضوعية، كما أغفلت الدائرة المختصة اللالتفات إلى دفاع جوهري أبداه طالب المخاصمة بصحيفة مذكرة دفاع قدمها مع حافظة مستندات بجلسة 21/ 6/ 1986 إلا أن الدائرة المختصمة لم تلتفت إلى هذا الدفاع الجوهري ولم تشر إليه في الوقائع والأسباب الأمر الذي يشكل خطأ مهنياً جسيماً تتوافر به إحدى حالات المخاصمة الأمر الذي يمثل إهمالاً مفرطاً وخطأ فاحشاً وجسيماً ارتكبته الدائرة المختصة مما أدى بطالب المخاصمة إلى إقامة هذه الدعوى طالباً الحكم بطلباته المشار إليها.
ومن حيث إن المادة (494) من قانون المرافعات تنص على أنه "يجوز مخاصمة القضاء وأعضاء النيابة في الأحوال الآتية:
(1) إذا وقع من القاضي أو عضوا النيابة في عملهما غش أو تدليس أو عذر أو خطأ مهني جسيم....... .
ومفاد ذلك أنه تجوز مخاصمة القاضي إذا وقع منه في عمله خطأ مهني جسيم وهو الخطأ الذي ينطوي على أقصى ما يمكن تصوره من الإهمال في أداء الواجب فهو في سلم الخطأ أعلى درجاته وغني عن البيان أن هذا الخطأ الذي يبيح مساءلة القاضي بدعوى المخاصمة لابد أن يكون ارتكابه نتيجة غلط فادح ما كان ليساق إليه لو أهتم بواجباته الاهتمام العادي أو الإهمال إهمالاً مفرطاً بما يوصف بأنه الخطأ الفاحش مثل الجهل الفاضح بالمبادئ الأساسية للقانون أو الجهل الذي لا يقتصر بالوقائع الثابتة بملف الدعوى ولذلك لا يعتبر خطأ مهنياً جسيماً فهم رجال القضاء للقانون على نحو معين ولو خالف فيه إجماع الشراح ولا لتقديره لواقعة معينة أو إساءة الاستنتاج كما لا يدخل في نطاق الخطأ المهني الجسيم الخطأ في استخلاص الوقائع أو تفسير القانون أو قصور الأسباب وعليه يخرج من دائرة هذا الخطأ كل رأي أو تطبيق قانوني يخلص إليه القاضي بعد إمعان النظر والاجتهاد في استنباط الحلول للمسألة القانونية المطروحة ولو خالف في ذلك أحكام القضاء وآراء الفقهاء، ويضاف إلى ذلك أنه فيما يتعلق بالمحاكم العليا في دائرة اختصاصها فإنها القوامة على إنزال حكم القانون وإرساء المبادئ والقواعد بما لا معقب عليها في ذلك الأمر الذي لا يسوغ معه نسبة الخطأ المهني الجسيم إليها إلا أن يكون هذا الخطأ بيناً غير مستور ينبئ في وضوح عن ذاته، إذ الأصل فيما تستظهره المحكمة العليا من حكم القانون أن يكون هو صحيح الرأي في هذا الحكم بما لا معقب عليها فيه بحسبانها تستوي على القمة في مدارج التنظيم القضائي، والخطأ في هذه الحالة إن لم يكن بيناً في ذلك كاشفاً عن أمره لا يكون سبباً إجمالي لتحريك دعوى المخاصمة.
ومن حيث إنه عما أثاره طالب المخاصمة من أن المحكمة المشكلة من المخاصمين أخطأت عندما ضمت الطعنين رقمي 2236، 2569 لسنة 32 ق عليا - اللذين سبق ضمهما بقرار من دائرة فحص الطعون - إلى الطعن رقم 990 لسنة 30 ق عليا ليصدر فيهم حكم واحد فإن ما اتخذته المحكمة من إجراءات في هذا الشأن لا يعد من قبيل الخطأ المهني الجسيم بالمفهوم المشار إليه باعتبار أن ضم أكثر من دعوى هو من الأمور التي تستقل بتقديرها المحكمة خاصة إذا كان السبب في ضم هذه الطعون يتعلق بالارتباط بينها لوحدة في المحل أو السبب، ومن ثم يكون هذا الوجه من المخاصمة لا يجد له أساساً من القانون ويتعين الالتفات عنه وعن قول طالب المخاصمة أن الحكم صدر وفقاً لظاهر الأوراق دون التغلغل في الموضوع فهو قول مردود باستعراض أسباب الحكم التي قامت بحل أساس من أحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 والمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 وحسبما هو ثابت من دلائل موضوعية تنطق بها مستندات جهة الإدارة المقدمة أثناء نظر الطعن موضوع الحكم المخاصم على التفصيل الوارد فيه ولا يغير من ذلك استناده ضمن ما استند إليه على بعض الأسباب الواردة في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن الخاص بالشق المستعجل المتعلق بطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه حيث إن ذلك لا يعد من قبيل الخطأ المهني الجسيم حتى ولو اشترك في إصدار الحكم الموضوعي بعض أعضاء المحكمة الذين أصدروا الحكم في الشق المستعجل.
أما عن التفات المحكمة عن الإشارة إلى المستندات ومذكرة الدفاع المقدمة من طالب المخاصمة بجلسة 10/ 12/ 1986 وما تضمنته المذكرة من دفاع جوهري فإن ذلك مردود بأن ما حوته المستندات والمذكرة سبق الإشارة إليها ضمن المستندات والمذكرات المقدمة في الدعوى والطعون المضمونة ولا تخرج عما سبق تقديمه أثناء نظر هذه الدعاوى والطعون كما أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب كل أوجه دفوع أو دفاع الخصوم طالما أن ما استندت إليه من أسباب يجد له صدى من الوقائع الثابتة بالمستندات المودعة ملف الدعوى التي تؤدي واقعاً وقانوناً إلى ما انتهت إليه في قضائها.
ومن حيث إن البين من استقراء الحكم المخاصم أن المحكمة بعد أن استعرضت أحكام القانون رقم 557 لسنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة والتحسين والمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي خلصت إلى أن القرار الجمهوري رقم 673 لسنة 1971 الذي نزعت بمقتضاه ملكية الأرض موضوع النزاع للمنفعة العامة وأيلولتها للدولة لم يقضي بإلغائه ولم يسقط مفعولة حيث إن الجهة الإدارية تسلمت الأرض في غصون عام 1971 وقامت بإجراء البحوث والتجارب الزراعية عليها منذ ذلك التاريخ أخذاً في الاعتبار صعوبات التنفيذ وطبيعة المشروع كما استبان لها أن قرار وزير الدولة للزراعة والأمن الغذائي رقم 15 لسنة 1982 بإزالة تعدي السيد....... (طالب المخاصمة) وآخرين على مساحة {13س 11ط 23ف} التي آلت إلى الدولة بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 673 لسنة 1971 بإضفاء صفة النفع العام على مشروع إنشاء محطة تجارب زراعية لوزارة الزراعة على هذه الأرض قد صدر سليماً ومتفقاً وأحكام القانون.
ومن حيث إنه - إذ كان ما تقدم - وكان تحصيل الحكم المخاصم لوقائع النزاع واستخلاصه لها وإنزال حكم القانون عليها على الوجه المبين آنفاً هو جهد سديد لا تأباه أحكام القانون ولا ينزل بحكم المحكمة الإدارية العليا - المخاصم في هذا الشأن - منزل الخطأ المهني الجسيم الذي تستنهض له دعوى المخاصمة وتستقيم في ظله بدراتها، ومن ثم فإن ما أورده طالب المخاصمة في تقريره من أوجه المخاصمة ليس من شأنها وصف عمل المخاصمين بالخطأ المهني الجسيم أو شجب القضاء الذي ارتأته المحكمة الإدارية العليا، وبالتالي تكون المخاصمة قائمة على غير سند صحيح من القانون مما يقتضي الحكم بعدم جوازها وإلزام طالب المخاصمة بالمصروفات وتغريمه مبلغ مائتي جنيه طبقاً للمادتين 184، 499 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم جواز المخاصمة وتغريم طالبها مبلغ مائتي جنيه وألزمته المصروفات.