مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1991 إلى آخر فبراير سنة 1992) - صـ 908

(95)
جلسة 29 من فبراير سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدي عبد الله مليحي -نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ عبد اللطيف محمد الخطيب وحسني سيد محمد وعلي رضا عبد الرحمن رضا والطنطاوي محمد الطنطاوي - نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 875 لسنة 36 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - لجان شئون العاملين والتقارير عنهم - قياس كفاية الأداء بالنسبة لشاغلي الوظائف العليا - اعتماد تقارير الكفاية السنوية. (إدارة محلية).
المادة 28 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 معدلاً بالقانون رقم 115 لسنة 1983 - المادة 30 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 - المادة 96 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية الصادر بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 والمعدلة بالقرار رقم 314 لسنة 1983 - قياس كفاية الأداء بالنسبة لشاغلي الوظائف العليا يكون على أساس ما يبديه رؤساؤهم من ملاحظات وبيانات سنوية تتعلق بالنواحي الفنية والإدارية والقيادية في مباشرتهم لأعمالهم تعتمد من السلطة المختصة - وظائف مديري ووكلاء المديريات والدرجات المقابلة لهذه الوظائف ليست من وظائف المديريات بوحدات الإدارة المحلية وإنما تندرج بموازنات الوزارات المختصة ويكون شغلها بقرار من الوزير المختص بعد الاتفاق مع المحافظ - نتيجة ذلك: كلاً من مديري ووكلاء المديرية بوحدات الإدارة المحلية يكون تابعاً بحسب الأصل لوزارته المختصة في كل ما يتعلق بشئونه الوظيفية من ندب أو نقل أو إعارة أو ترقيات أدبية أو مادية أو فيما يخص اعتماد تقارير كفايته السنوية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 10/ 2/ 1990 أودع الأستاذ/ علي شريف المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 875/ 36 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 14/ 12/ 1989 في الدعويين رقمي 1545 لسنة 40 ق، 2636 لسنة 40 ق والذي قضى بقبول الدعويين شكلاً ورفضهما موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع:
أولاً: في الدعوى رقم 1545 لسنة 40 ق بإلغاء الحكم المطعون عليه والقضاء مجدداً بإلغاء تقريري قياس كفاية الأداء عن عامي 83، 1984، تقرر كفايته أسوة بالأعوام السابقة وما يترتب على ذلك من آثار.
ثانياً: في الدعوى رقم 2636 لسنة 40 ق بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1654 لسنة 1985 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى وظيفة في الدرجة العالية مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء تقريري كفاية أداء المدعي عن عامي 83، 1984 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلغاء القرار رقم 1654 لسنة 1985 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية لإحدى وظائف الدرجة العالية مع ما يترتب على ذلك من آثار، ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، وبجلسة 23/ 12/ 1991 قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" وتحدد لنظره أمامها جلسة 18/ 1/ 1992 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما هو بين من الأوراق - في أنه بتاريخ 11/ 1/ 1986 أقام السيد/..... الدعوى رقم 1545/ 40 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالباً الحكم بإلغاء تقريري تقييم أدائه عن عامي 83، 1984 مع ما يترتب على ذلك من آثار. ثانياً: إلزام الجهة الإدارية بأن تدفع له مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقته من التقريرين المطعون فيهما مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 30/ 10/ 1985 تسلم صوره من كل من تقريري كفاية الأداء عن عامي 83، 1984، وتبين له أنه منسوباً إليه في تقرير 1983 "عدم الإلمام الكافي بالنظم الفنية والتنظيمية والتشدد في التعامل مع المرؤوسين" ونسب إليه في تقرير سنة 1984 ما يلي "يلاحظ على سيادته عدم القيام بأهم واجباته الأساسية للوظيفة وعدم الإيجابية اللازمة في العمل وعدم الإلمام الكافي بالنظم الفنية التنظيمية وعدم الدقة في مراجعة الأعمال والتشدد في التعامل مع المرؤوسين". ولما كانت درجة كفايته في كلا التقريرين "جيد"، وبتاريخ 10/ 11/ 1985 تظلم المدعي من التقريرين إلى وزيرة الشئون الاجتماعية والعمل حيث نعى على القرارين سالفي الذكر مخالفتهما للقانون لما يلي - أولاً: مخالفة أحكام المادتين 28، 30 من القانون رقم 115 لسنة 1983 إذ خلا التقريران من تاريخ وضعهما مع وجوب أن يتم وضع التقرير في شهر مارس التالي للسنة محل التقييم هذا فضلاً عن أن التقريرين قد وصفا عنه باعتباره مدير إدارة الشئون الاجتماعية بالوايلي محافظة القاهرة، في حين أنه نقل وكيلاً لمديرية الشئون الاجتماعية بالقاهرة اعتباراً من 15/ 4/ 1984 تنفيذاً لقرار وزير الشئون الاجتماعية رقم 11/ 1984 وأنه في كلا الحالتين تختص محافظة القاهرة - دون الوزارة - بوضع تقارير كفايته باعتباره رئيساً لجميع العاملين في نطاق المحافظة في الجهات التي نقلت اختصاصاتها إلى الوحدات المحلية ويكون وضع هذين التقريرين واعتمادهما من الوزارة قد تم بالمخالفة للقانون. ثانياً: مخالفة تقريري قياس الأداء للحقيقة والواقع ذلك إنه كان محل ثقة وتقدير مصدر التقريرين حتى نهاية 1984 إلا أنه قد حدث بينهما خلاف بشأن توزيع العمل تبودلت - بشأن هذا الخلاف - مكاتبات تضمنت تأكيد كل منهما لوجهة نظره في الخلاف وبعدها ناصبه رئيسه في التقريرين العداء واختتم دعواه بالحكم له بطلباته سالفة البيان.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى فأفادت أن مدير مديرية الشئون الاجتماعية بالقاهرة الذي كان مشرفاً على أعمال المدعي إبان عمله مديراً عاماً للشئون الاجتماعية بالوايلي ثم وكيلاً لمدير الشئون الاجتماعية خلال عامي 83، 1984 والذي تولى إعداد تقرير كفاية أداء المدعي خلال العاميين المشار إليهما قد أرفق مع كل تقرير ملف يحتوي على المستندات المؤيدة للتقرير الذي أعده وصوره خطاب مؤرخ 18/ 12/ 1984 موجه للمدعي وقد تسلمه تحت رقم 79 يعلنه فيه بملاحظاته على أدائه لعمله كوكيل لمديرية الشئون الاجتماعية بالقاهرة منذ قيامه بهذا العمل في 1984 ومن أهم الملاحظات ما يلي:1 - عدم القيام بتنفيذ أول اختصاص لهذه الوظيفة منذ مايو 1984 حتى ديسمبر 1984 رغم استمرار التأكيد عليه بضرورة قيامه بهذا الاختصاص وأعلن بذلك في القرارات الإدارية والاجتماعات الرسمية واللقاءات الثنائية. 2 - عدم إنجاز بعض الأعمال التي يكلف بها وأنه لا ينجزها بالدقة الواجبة. 3 - عدم الإيجابية في مباشرة عمله واكتفائه بإحالة الموضوعات إلى مدير المديرية دون إبداء الرأي.
4 - عدم الدقة في مراجعة الأعمال. 5 - تكرار توقيعه نهائياً على موضوعات لا تدخل ضمن اختصاصاته رغم التنبيه عليه كتابة بضرورة مراعاة ذلك. 6 - الامتناع عن توقيع بعض الموضوعات توقيعاً جانبياً قبل العرض على مدير المديرية دون إبداء الأسباب أما عن ادعاء المدعي بأن اعتماد وزيرة الشئون الاجتماعية لهذين التقريرين كان بالمخالفة لقانون الحكم المحلي فهذا القول مردود عليه بأن المدعي كان شاغلاً لوظيفة مدير إدارة عامة وميزانية الديوان العام للوزارة بالقرار رقم 375 لسنة 82 مع استمرار قيامه بالعمل مدير إدارة بمديرية الشئون الاجتماعية بالقاهرة بطريق الندب، وأن الوزيرة هي التي تتولى مع أجهزة الوزارة الإشراف الفني على أعمال شاغلي الوظائف العليا التابعين لها بالأجهزة المحلية، وهي أقدر على تقييم أعمالهم ومن ثم فإن اعتمادها لتقارير كفايته لا غبار عليه ويتفق وحكم القانون.
وبتاريخ 13/ 6/ 1986 أقام المدعي الدعوى رقم 2636/ 40 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالباً الحكم بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1654/ 1985 الصادر بتاريخ 5/ 12/ 1985 واعتباره كأن لم يكن وإلزام الجهة الإدارية بأن تدفع له مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من القرار المطعون فيه.
وقال المدعي بياناً لهذه الدعوى أنه بتاريخ 5/ 12/ 1985 أصدر رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 1654 لسنة 1985 متضمناً ترقية بعض العاملين بوزارة الشئون الاجتماعية إلى الدرجة العالية متخطياً إياه في الترقية لعدم حصوله على تقرير كفاية بمرتبة ممتاز عن عامي 83، 1984 حسبما جاء بتقرير الرقابة الإدارية ورد الجهة الإدارية ونعى المدعي على قراري تقدير كفايته عن العاملين المذكورين بالبطلان للأسباب السابق ذكرها في الدعوى رقم 1545 لسنة 40 ق سالفة البيان.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي قد حصل على تقريري كفاية عن عامي 83، 1984 بدرجة جيد وبالتالي يكون قد تخلف في شأنه أحد الشروط المطلوبة للترقية بالاختيار للدرجة العالية عملاً بحكم المادة 37 من القانون رقم 47 لسنة 1978 التي تستوجب أن يكون العامل حاصلاً على مرتبة ممتاز في تقرير الكفاية عن السنتين الأخيرتين مع توافر عناصر الامتياز الأخرى المطلوبة للترقية بالاختيار.
وبجلسة 24/ 11/ 1988 قررت محكمة القضاء الإداري ضم الدعوى رقم 2636/ 40 ق إلى الدعوى رقم 1545 لسنة 40 ق ليصدر فيهما حكم واحد للارتباط.
وبجلسة 14/ 12/ 1989 قضت المحكمة بقبول الدعويين شكلاً ورفضهما موضوعاً وأقامت قضاءها على أن المشرع بعد تعديل المادة 27 من قانون نظام الحكم المحلي بالقانون رقم 50 لسنة 1981 قد ألغى الإطلاق بالنسبة لرئاسة المحافظ لجميع العاملين في نطاق المحافظة كما ألغى منح المحافظ بالنسبة لهؤلاء العاملين جميع اختصاصات الوزراء على اختلافها ومتى كان الثابت أن المدعي يشغل درجة مدير عام بموازنة الديوان العام لوزارة الشئون الاجتماعية فمن ثم تكون تبعيته أصلاً للوزارة في كل ما يختص بترقياته المالية والأدبية مما يتفرغ عنها وأخصها قياس كفاية الأداء وبالتالي فلا سند لما نعاه المدعي على تقريري كفاية أدائه عن عامي 83، 1984 من وجوب اعتمادها من المحافظ دون وزيرة الشئون الاجتماعية وأن المادة 28 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/ 1978 لم تكن توجب قبل تعديلها بالقانون رقم 115 لسنة 1983 قياس كفاية الأداء بالنسبة لشاغلي وظائف الإدارة العليا فمن ثم فلا تثريب على الجهة الإدارية فيما نعاه المدعي من أنها لم تضع تقرير قياس أدائه في شهر مارس من العام التالي هذا فضلاً عن أن المواعيد التي حددها نص المادة 28 السالفة الإشارة إليها ليست إجراءاً جوهرياً يترتب على مخالفته البطلان ومتى كان ما تقدم فإنه على الرغم مما تنبئ به الأوراق من أن تقريري كفاية الأداء المطعون عليهما لم يعدا في موعدهما، فإن ذلك لا يؤثر في سلامتهما باعتبار أن تراخي الجهة الإدارية في إعداد تقرير الكفاية لا يحول دون تداركها الأمر، هذا وإن كانت العلاقة بين المدعي وبين رئيسه المباشر من التقريرين المطعون عليهما قد ساءت في أواخر سنة 1984 إلا أن ذلك لا يؤثر على سلامة التقريرين طالما أن الأمر في النهاية هو ما تكشف عنه أوراق ملف الخدمة.
واستطردت المحكمة بأنه لما كان التقريران الطعينان قد نسبا للمدعي عدم الإلمام الكافي بالنظم الفنية والتنظيمية والتشدد في التعامل مع المرؤوسين وعدم الإيجابية والدقة في العمل وأن الثابت من الاطلاع على الكتابين المتبادلين بين المدعي ورئيسه المباشر معد التقريرين أنه بغض النظر عن مدى سلامة ما رد به المدعي دفاعاً عما وجهه إليه رئيسه المباشر من سلبيات في العمل من عدمه من الناحية الفنية البحتة إلا أن بعض هذا الرد الدفاعي من المدعي يكشف عن بعض السلبيات في فهمه للنظم الإدارية ومنها توقيع المدعي على مكاتبات وردت من الجهات الأعلى على أساس أن المختص بها الرئيس المباشر كما يكشف عن تشدده في التعامل مع المرؤوسين، وكذا ما أشير إليه برد المدعي من أن الرئيس المباشر يفتح بابه للعاملين بما يجعلهم يلجأون إليه فيما كان يتعين عرضه فعلاً عليه إذ ينم ما جاء على لسان المدعي على أنه إما إنه يغلق الباب دونهم أو يعاملهم بغلظة تدفع بهم اللجوء للرئيس، وعلى ذلك فإن ما ذكر من ملحوظات كأسباب لتقدير كفاية أدائه عن عامي 83، 1984 بمرتبه جيد له أساس من الأوراق يكفي لحملها محمل الصحة ولا يغير مما تقدم ما ذكره المدعي من بعض ثناءات عليه من رئيسه المباشر أو من بعض الجهات لما كشفت عنه مذكرة المدعي ذاتها من أنه كان ثناءاً بغير حق ومن ثم فليس هناك ثمة ما يشوب تقريري كفاية أداء المدعي عن عامي 83، 1984 من مخالفات شكلية أو موضوعية وتكون دعواه بهذا الطلب قد استندت إلى غير سبب خليقة بالرفض.
وأما عن طلب التعويض فإنه لما كانت المحكمة قد انتهت إلى أنه ليس ثمة خطأ فيما قدر به أداء المدعي في التقريرين المطعون عليهما فمن ثم فلا سند للمدعي في مطالبة الجهة الإدارية عن أية أضرار حاقت به بسبب هذين التقريرين بما يتعين معه رفض هذا الطلب.
أما بالنسبة للدعوى رقم 2636 لسنة 40 ق فقد أقامت المحكمة قضاءها على أنه لما كانت طلبات المدعي فيها تنحصر في إلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1654 لسنة 1985 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة العالية مع تعويضه مؤقتاً بمبلغ 51 جنيهاً عما حاق به من أضرار بسبب هذا القرار وكان الثابت من الأوراق أن الترقية المطعون فيها هي ترقية بالاختيار إلى الدرجة العالية وأن المرقين بالاختيار يفوقون المدعي كفاءة إذ أن تقرير كفاية أدائه عن عامي 83، 1984 كانا بمرتبة جيد في حين أن شرط الترقية إلى هذه الدرجة هو الحصول على تقريري كفاية بمرتبة ممتاز في السنتين السابقتين على إجراء الترقية فمن ثم يكون القرار الطعين سليماً فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى هذه الدرجة بما يتعين معه رفض دعواه بهذا الطلب ومتى كانت المحكمة قد انتهت بالمخالفة ليس ثمة خطأ في تخطي المدعي في الترقية بالقرار الطعين فمن ثم فلا سند لمطالبة المدعي التعويض عنه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك لأن التعديل الذي أجراه القانون رقم 50 لسنة 1981 على القانون رقم 43 لسنة 1979 بنظام الحكم المحلي لم يمس الاختصاصات المخولة للمحافظ بالنسبة لجميع العاملين المدنيين في نطاق المحافظة في الجهات التي نقلت اختصاصاتها إلى الوحدات المحلية ومن ثم فإن الاختصاص في اعتماد تقريري كفاية الأداء المطعون عليهما يظل معقوداً للمحافظ وليس للوزير عملاً بصريح نص المادة 27 مكرراً المضافة بالقانون رقم 50/ 1981 المشار إليه وأن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه أن المواعيد التي حددها لنص المادة 28 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/ 1978 ليست إجراءاً جوهرياً يترتب على مخالفته البطلان يخالف صريح النص ويتعارض مع هدف المشرع إذ أن هذه المواعيد جاءت بصيغة الوجوب والإلزام ويترتب على مخالفتها البطلان، ولما كان تقرير كفاية الأداء المطعون عليها عن عامي 83، 1984 قد وصفا واعتمدا وأخطر بها الطاعن في شهر أكتوبر 1985 الأمر الذي يترتب عليه بطلانهما كما أن ما انتهى إليه الحكم من تبعيته أصلاً للوزارة في كل ما يختص بترقياته المالية والأدبية وما يتفرع عنها وأخصها قياس كفاية الأداء أمر يتعارض مع صريح نص المادة 32 من القانون رقم 47/ 1978 المشار إليه والتي تقضي إنه في حالة إعارة العامل أو ندبه أو تكليفه تختص بوضع التقرير النهائي عنه الجهة التي قضى بها المدة الأكبر من السنة التي يوضع عنها التقرير وإذ قضى السنتين التي وضع عنهما التقريرين المطعون عليهما في وحدات الحكم المحلي التابعة لمحافظة القاهرة فتكون محافظة القاهرة هي المختصة باعتماد تقريري الكفاية المطعون عليها.
وأضاف الطاعن أن الحكم المطعون فيه قد شابه فساد في الاستدلال إذ استدل على صحة الأسباب التي أوردها معه التقريرين وما وجه إليه من سلبيات في العمل وتشدده في التعامل مع المرؤوسين بما ورد في تظلمه بأن رئيسه المباشر يفتح الباب للعاملين مما يجعلهم يلجأون إليه فيما كان يتعين عرضه مستقبلاً عليه واستدلت على سلبيته في فهمه للنظم الإدارية بتوقيعه على مكاتبات وردت من الجهات الأعلى يختص بها الرئيس المباشر وهو استدلال فاسد لأن توقيعه على المكاتبات كان بصفته منتدباً للقيام بعمل رئيسه المباشر حال غيابه بقرار من ذلك الرئيس كما أن اعتراضه في تظلمه على أن رئيسه المباشر يفتح الباب للعاملين يدل على فساد النظام الإداري الذي يتبعه ذلك الرئيس لأنه يتيح الفرصة للعاملين من ضعاف النفوس إلى إتباع وسائل النفاق والدس للتهرب من الانضباط والجدية في العمل يضاف إلى ذلك أن مثل هذه الأمور العادية يتفهمها موظف صغير ولا يتصور أن تغيب عن الطاعن أو أن تكون سبباً لاتهامه بالسلبية إلى فهمه للنظم الإدارية أو اللوائح الفنية البحتة، واستطرد الطاعن أن الحكم المطعون فيه لم يكفل له حقه في الدفاع حيث طلب في مذكرته المودعة بجلسة 28/ 10/ 1987 في الدعوى رقم 1547 لسنة 40 ق ضم بعض القضايا والقرارات التي تكشف عن انحراف التقريرين المطعون عليهما إلا أن المحكمة لم تلتفت إلى هذا الطلب.
ومن حيث إنه فيما يختص بتقريري قياس كفاية المدعي عن عامي 83، 1984 المطعون عليهما فإنه لما كانت المادة 28 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/ 1978 معدلاً بالقانون رقم 115 لسنة 1983 تنص على أن "تضع السلطة المختصة نظاماً يكفل قياس كفاية الأداء الواجب تحقيقه بما يتفق مع طبيعة نشاط الوحدة وأهدافها ونوعية الوظائف بها ويكون قياس الأداء مرة واحدة خلال السنة قبل وضع التقرير النهائي... ويعتبر الأداء العادي هو المعيار الذي يؤخذ أساساً لقياس كفاية الأداء ويكون تقدير الكفاية بمرتبة ممتاز أو جيد أو متوسط أو ضعيف.... ويكون وضع التقارير النهائية عن سنة تبدأ من أول يناير وتنتهي في أخر ديسمبر وتقدم خلال شهري يناير وفبراير وتعتمد خلال شهر مارس.... ويكون قياس كفاية الأداء بالنسبة لشاغلي الوظائف العليا على أساس ما يبديه الرؤساء وبشأنهم سنوياً من بيانات تعتمد من السلطة المختصة وتودع بملفات خدمتهم".
وتنص المادة 30 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/ 1978 على أن "يقدم الرؤساء عن شاغلي الوظائف العليا بيانات سنوية تتعلق بالنواحي الفنية والإدارية والقيادية في مباشرتهم لأعمالهم وتعرض هذه البيانات على السلطة المختصة لاعتمادها وإيداعها بملف العامل".
ومن حيث إن المادة 96 من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية الصادر بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 والمعدلة بالقرار رقم 314 لسنة 1983 تنص على أن "يكون شغل وظائف مديري ووكلاء المديريات بقرار من الوزير المختص بالاتفاق مع المحافظة تدرج بموازنة الوزارة المختصة على سبيل التذكار على أن تدرج الاعتمادات المالية اللازمة لمرتباتهم ومخصصاتهم بموازنات وحدات الحكم المحلي المختصة ولا يجوز نقل أي من هؤلاء أو ترقيته إلا بعد أخذ رأي المحافظ المختص".
ومن حيث إن مؤدى النصوص المشار إليها إن قياس كفاية الأداء بالنسبة لشاغلي الوظائف العليا يكون على أساس ما يبديه رؤساؤهم من ملاحظات وبيانات سنوية تتعلق بالنواحي الفنية والإدارية والقيادية في مباشرتهم لأعمالهم تعتمد من السلطة المختصة.
ومن حيث إنه لما كانت وظائف مديري ووكلاء المديريات والدرجات المقابلة لهذه الوظائف ليست من وظائف المديريات بوحدات الإدارة المحلية وإنما تندرج بموازنات الوزارات المختصة ويكون شغلها بقرار من الوزير المختص بعد الاتفاق مع المحافظ، ومن ثم فإن كلاً من مديري ووكلاء المديرية بوحدات الإدارة المحلية يكون تابعاً - بحسب الأصل - لوزارته المختصة في كل ما يتعلق بشئونه الوظيفية من ندب أو نقل أو إعارة أو ترقيات أدبية أو مادية أو فيما يخص اعتماد تقارير كفايته السنوية.
ومن حيث إن الثابت أن المدعي كان يشغل وظيفة مدير عام الإدارة العامة بالوايلي اعتبارا من 1/ 3/ 1982 وأن درجة مدير عام التي يشغلها مدرجة بموازنة الديوان العام بوزارة الشئون الاجتماعية وظل يمارس أعمال هذه الوظيفة إلى أن نقل وكيلاً لمديرية الشئون الاجتماعية بمحافظة القاهرة اعتباراً من 15/ 4/ 1984 بقرار من وزيرة الشئون الاجتماعية رقم 11/ 1984 ومن ثم يكون المدعي تابعاً بحسب الأصل لوزارة الشئون الاجتماعية وتكون وزيرة الشئون الاجتماعية هي المختصة باعتماد البيانات المتعلقة بقياس كفاية أدائه.
وبالبناء على ما تقدم ولما كان الثابت من تقريري الكفاية عن عامي 83، 1984 المطعون فيهما قد أعدا بمعرفة مدير مديرية الشئون الاجتماعية بالقاهرة واعتمد من وزيرة الشئون الاجتماعية، ومن ثم يكون هذا الاعتماد قد صدر من السلطة المختصة التي عناها القانون بذلك وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة - وبصرف النظر عن الأسباب التي قام عليها - يكون قد أصاب وجه الحق والقانون، ومن ثم فإن الطعن عليه من هذا الوجه يكون على غير أساس سليم من القانون.
ومن حيث إنه عن وجوه الطعن الأخرى التي ساقها الطاعن على الحكم المطعون فيه فإن الثابت من مطالعة تقريري كفاية الأداء عن عامي 83، 1984 المطعون فيهما قد خليا من تاريخ تحريرهما، وأن كفاية المدعي فيهما قدرت بدرجة جيد لما نسبه إليه الرئيس المباشر في التقرير الأول من "عدم الإلمام الكافي بالنظم الفنية والتنظيمية والتشدد في التعامل مع المرؤوسين" وما نسبه إليه في التقرير الثاني من "عدم القيام بأهم واجباته الأساسية للوظيفة وعدم الإيجابية اللازمة في العمل وعدم الإلمام الكافي بالنظم الفنية والتنظيمية وعدم الدقة في مراجعة الأعمال والتشدد في التعامل مع المرؤوسين".
ومن حيث إن ما نسب إلى المدعي في التقريرين المشار إليهما جاء مستنداً إلى ما ورد في المكاتبات المرفقة بحافظة الجهة الإدارية بجلسة 24/ 12/ 1984 أمام محكمة القضاء الإداري والبين من مطالعة هذه المكاتبات أنها لا تبدأ إلا بعد النصف الثاني من عام 1984 وأن المدعي قد قام بالرد على ما وجهه إليه رئيسه المباشر من سلبيات وملاحظات على نحو ما ورد في الكتابين المتبادلين بينهما في نهاية عام 1984 وأن هذه الملاحظات لا تعدو أن تكون تعبيراً عن اختلاف وجهات النظر بين المدعي ورئيسه المباشر في أسلوب العمل وإدارته بالمديرية وليس من شأنها الانتقاص أو الهبوط بمستوى المدعي الوظيفي وكفايته الفنية أو الإدارية التنظيمية خاصة بعد مدة خدمته الطويلة التي قضاها بالوزارة منذ 1950 تمرس خلالها بأوجه العمل المختلفة وتدرج في مناصبها القيادية إلى أن وصل إلى مستوياتها العليا هذا فضلاً عن أن كفايته الوظيفية أمر غير منكراً إذ كان تقدير مستوى أدائه في السنوات 78/ 1979، 79/ 1980، 80/ 1981 بدرجة ممتاز (مائه درجة) ولم يقم دليل سواء من ملف خدمته أو غيره من المستندات يدل على تقصير نسب إليه في أدائه العمل أو نقصان في مدى إلمامه به أو ما يفيد تشدده نحو مرؤوسيه أو ما يهبط فجأة من مستوى أدائه الوظيفي، ومتى كان ما تقدم فإن تقريري كفاية أداء المدعي عن العامين 83/ 1984 بتقدير جيد يكونا قد جاء غير مستندين إلى سبب صحيح سواء من حيث الواقع أو القانون الأمر الذي يتعين معه إلغاؤهما وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله.
ومن حيث إنه عن طلب الطاعن إلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1654 لسنة 1985 الصادر بتاريخ 5/ 12/ 1985 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة العالية مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الجهة الإدارية المطعون ضدها أقرت بأن سبب تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة العالية مؤداه أن تقريري قياس كفايته عن عامي 83، 1984 بتقدير جيد الأمر الذي تخلف معه أحد شروط الترقية إليها وترتب عليه عدم أحقيته في الترقي ضمن من شملهم القرار رقم 1654/ 1985 المطعون فيه.
ومن حيث إنه وقد ثبت عدم سلامة تقريري كفاية الأداء المشار إليهما وأن المدعي حاصل على تقارير كفاية عن الأعوام 78/ 1979، 79/ 1980، 80/ 1981 بمرتبة ممتاز على وجه يؤهله للترقية بالقرار رقم 1654/ 1985 المطعون عليه ومن ثم يكون من المتعين القضاء بإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة العالية وما يترتب على ذلك من آثار، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله الأمر الذي يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وقبول الدعويين شكلاً وإلغاء تقريري قياس كفاية المدعي عن عامي 83، 1984 بدرجة جيد وإلغاء القرار رقم 1654/ 1985 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة العالية وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعويين شكلاً وإلغاء القرارين الصادرين بقياس كفاية أداء المدعي عن عامي 83، 1984 بدرجة جيد وإلغاء القرار رقم 1654 لسنة 1985 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة العالية مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.