أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 679

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن علي المغربي، وفاروق محمود سيف النصر، ومحمد صفوت القاضي، ويعيش محمد رشدي.

(148)
الطعن رقم 1142 لسنة 45 القضائية

غش. جريمة. "أركانها". مسئولية جنائية. إثبات. "قرائن". قانون. "تفسيره". قصد جنائي. "القصد مفترض".
القانون رقم 10 لسنة 1966 لا أثر لصدوره على قرينة. افتراض علم المشتغلين بالتجارة بالغش عن الوقائع التي تجري بالمخالفة لأحكامه. أساس ذلك؟
أوجب القانون 10 لسنة 1966 في المادة 19 منه تطبيق العقوبة الأشد دون غيرها وذلك في الأحوال التي ينص فيها أي قانون آخر على عقوبة أشد مما قررته نصوصه، وفي نص المادة 20 منه يلغي كل حكم يخالف أحكامه، مما مقتضاه استمرار سريان الأحكام الواردة بالقانون 48 لسنة 1941 والتي لا نظير لها في القانون 10 لسنة 1966 ولا تخالف أي حكم من أحكامه، على غش الأغذية، وكانت القرينة المنشأة بالتعديل المدخل بالقانونين الرقيمين 522 لسنة 1955، 80 سنة 1961 على المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 التي افترض بها الشارع العلم بالغش إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة والقابلة لإثبات العكس لا تخالف أي حكم من أحكام القانون رقم 10 لسنة 1966، وبالتالي لا يكون لصدوره أي أثر على نطاق سريان هذه القرينة على الوقائع التي تجري بالمخالفة لأحكامه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 27 من مارس سنة 1972 بدائرة قسم أول المنصورة محافظة الدقهلية عرض للبيع شطة مغشوشة مع علمه بغشها وفسادها. وطلبت عقابه بالمواد 2 و7 و8 و9 من القانون رقم 48 لسنة 1941 والمواد 1 و2 و5 و6 و15 من القانون رقم 10 لسنة 1966. ومحكمة قسم أول المنصورة الجزئية قضت في الدعوى حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم عشرة جنيهات والمصادرة. فاستأنف، ومحكمة المنصورة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت في الدعوى حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة عرض شطة مغشوشة للبيع قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المدافع عن الطاعن قال إن النشا والرماد من مكونات الشطة البلدي المطحونة التي ضبطت وأن تقرير التحليل خلا من تحديد نسبة كل منهما، كما تمسك بعدم علم الطاعن بالغش لعدم إمكان التعرف على مخالفة المواصفات إلا بالتحليل وطلب احتياطياً اعتبار الواقعة مخالفة لحسن نية الطاعن وذلك إذا ما ثبت أن ثمة مواصفات قياسية تخالف مواصفات الشطة المضبوطة. ومع أن المحكمة الاستئنافية رأت تحقيق هذا الدفاع فاستمعت إلى محللة كيماوية شهدت بأن التحليل يجري وفقاً لمواصفات التوابل فقد صدر حكمها المطعون فيه مؤيداً الحكم الابتدائي لأسبابه دون أن يتناول شيئاً من هذا الدفاع بالرد رغم خلو الحكم الابتدائي من النسب المقررة والنسب التي وجدت بالفعل واكتفائه بافتراض العلم بالغش في حق الطاعن استناداً إلى قرينة اشتغاله بالتجارة مع أن القانون رقم 10 لسنة 1966 لم يأخذ بهذه القرينة.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن مفتش الأغذية وجد الطاعن يقوم بعرض وبيع شطة مطحونة بمحل بقالته فأخذ منها عينة أرسلها إلى معامل وزارة الصحة لتحليلها فوردت النتيجة بأنها مغشوشة بإضافة مواد نشوية ومواد ملونة إليها. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 10 لسنة 1966 بشأن مراقبة الأغذية وتنظيم تداولها قد نص في المادة 6 منه على أن تعتبر الأغذية مغشوشة إذا كانت غير مطابقة للمواصفات المقررة، وحظر في المادة 10 منه إضافة مواد ملونة إلى الأغذية إلا في الحدود التي يصدر بها قرار من وزير الصحة كما نص في المادة 20 منه على استمرار العمل بالمواصفات الصحية المقررة في التشريعات الغذائية القائمة وذلك إلى أن يتم إصدار القرارات التنفيذية له، وكان المرسوم الصادر في 19 من فبراير سنة 1953 في شأن مواصفات التوابل تنفيذاً للمادتين 5 و6 من القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش والذي يحكم واقعة الدعوى - لعدم صدور قرار من وزير الصحة في هذا الشأن بعد - قد أوجب في مادته الأولى أن تتوافر في التوابل الواردة في الجدول الملحق به - ومن بينها الشطة - والتي تكون بحالتها الطبيعية - المواصفات المحددة لكل منها فيه كما أوجب في مادته الثانية أن تتوافر في التوابل المسحوقة المواصفات المقررة لها وأن تكون خالية من الشوائب والمواد الغريبة ثم نص في مادته الخامسة على أن تعتبر التوابل مغشوشة إذا لونت بمادة ما، ومؤدى ذلك أن الشطة - سواء كانت بحالتها الطبيعية أو مسحوقة - تعتبر مغشوشة إذا ما أضيفت إليها مادة ملونة بأية نسبة كانت. لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه من إضافة مواد ملونة إلى الشطة المضبوطة لم يوجه إليه أي عيب، فإن هذا وحده يكفي لحمل قضائه في خصوص تحقق الغش في الشطة المضبوطة بما يضحى معه البحث في إضافة النشا ونسبته عديم الجدوى ويكون كافة ما يثيره الطاعن في شأن وقوع الغش على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لركن العلم بالغش ودفاع الطاعن بصدده ورد عليه في قوله "وحيث إنه بسؤال المتهم - الطاعن - قرر بأنه اشترى الشطة موضوع الدعوى من محل......... من مصر ولم يقدم دليلاً يؤيد صحة ما يدعيه. وحيث إن التهمة ثابتة قبل المتهم... ومن كون المتهم يتجر في المادة المضبوطة وهو الذي يبيعها ومفروض فيه العلم بالغش وليس في الأوراق ما يثبت حسن نيته". لما كان ذلك، وكان القانون 10 لسنة 1966 قد أوجب في المادة 19 منه تطبيق العقوبة الأشد دون غيرها وذلك في الأحوال التي ينص فيها أي قانون آخر على عقوبة أشد مما قررته نصوصه، وفي نص المادة 20 منه على أن يلغي كل حكم يخالف أحكامه، مما مقتضاه استمرار سريان الأحكام الواردة بالقانون رقم 48 لسنة 1941 والتي لا نظير لها في القانون 10 لسنة 1966 ولا تخالف أي حكم من أحكامه على غش الأغذية، وكانت القرينة المنشأة بالتعديل المدخل بالقانونين الرقيمين 522 لسنة 1955، 80 لسنة 1961 على المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 التي افترض بها الشارع العلم بالغش إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة والقابلة لإثبات العكس لا تخالف أي حكم من أحكام القانون رقم 10 لسنة 1966، وبالتالي لا يكون لصدوره أي أثر على نطاق سريان هذه القرينة على الوقائع التي تجري بالمخالفة لأحكامه. لما كان ذلك، وكان ما سجله الحكم المطعون فيه من عدم تقديم الطاعن الدليل على مصدر الشطة المضبوطة ومن خلو الأوراق مما يثبت حسن نيته ليس محل نعي من الطاعن، فإن كافة ما يثيره في شأن حسن النية يضحى بدوره على غير أساس. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون في غير محله متعيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة.