أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 692

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى محمود الأسيوطي، وعادل مرزوق، ويعيش رشدي، ومحمد وهبه.

(152)
الطعن رقم 1195 لسنة 45 القضائية

تزوير. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مناط العقاب على موجب حكم المادة 226 عقوبات. أن تكون الأقوال غير الصحيحة قد أدلى بها أمام السلطة المختصة بضبط الإعلام. دون سواها. أياً كان مبدي هذه الأقوال. إدانة المتهم دون التحقيق من ذلك. قصور.
من المقرر أن المشرع إذ قضى في الفقرة الأولى من المادة 226 من قانون العقوبات بعقاب "كل من قرر في إجراءات تتعلق بتحقيق الوفاة أو الوراثة والوصية الواجبة أمام السلطة المختصة بأخذ الإعلام أقوالاً غير صحيحة عن الوقائع المرغوب إثباتها وهو يجهل حقيقتها أو يعلم أنها غير صحيحة وذلك متى ضبط الإعلام على أساس هذه الأقوال" وإذ قضى في الفقرة الثانية من تلك المادة "بعقاب كل من استعمل أعلاماً بتحقيق الوفاة والوراثة والوصية الواجبة ضبط على الوجه المبين في الفقرة الأولى من هذه المادة هو عالم بذلك" قد قصد بالعقاب - على ما يبين من عبارات النص وأعماله التحضيرية - كل شخص سواء أكان هو طالب تحقيق الوفاة والوراثة والوصية الواجبة أم كان شاهداً في ذلك التحقيق، على شريطة أن تكون الأقوال غير الصحيحة قد قرر بها أمام السلطة المختصة نفسها بأخذ الإعلام وليس أمام سواها، فلا يمتد التأثيم إلى ما يدلي به الطالب أو الشاهد في تحقيق إداري تمهيدي لإعطاء معلومات، أو إلى ما يورده طالب التحقيق في طلبه لأن هذا منه من قبيل الكذب في الدعوى، لما كان ذلك، وكان الحكم لم يستظهر ما إذا كان كل من الطاعنين قد مثل فعلاً أمام قاضي الأحوال الشخصية الذي ضبط الإعلام، وقرر أمامه أقوالاً غير صحيحة، وهو يجهل حقيقتها أو يعلم أنها غير صحيحة. أم أن ما كان منهما قد وقع في ورقة طلب التحقيق أو أمام جهة الإدارة، فإن الحكم بذلك يكون معيباً متعين النقض.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة الأزبكية ضد كلاً من: (1)....... (2)....... (طاعن) (3)....... (طاعنة). (4)...... (5)....... بوصف أنهم في يوم 4 يونيه سنة 1968 بدائرة قسم الأزبكية محافظة القاهرة زوروا إعلاماً شرعياً بوفاة المرحومة....... واستعملوا هذا الإعلام المزور مع علمهم بتزويره. وطلبت عقابهم بالمادة 236/ 1 - 2 من قانون العقوبات وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات والأتعاب. ومحكمة الأزبكية الجزئية قضت حضورياً للمتهم الأول وغيابياً للباقين عملاً بمادة الاتهام بحبس كل من المتهمين شهراً واحداً مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ وألزمتهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات ومبلغ مائة قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفض ما عدا ذلك من الطلبات. فعارض المحكوم عليهما الثاني والثالثة (الطاعنين) وقضى في معارضتهما بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المحكوم عليهما هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - استئنافية - قضت في الدعوى حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنين في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه المحكوم عليهما (الطاعنان) على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي تقرير أقوال غير صحيحة تتعلق بتحقيق الوفاة والوراثة أمام السلطة المختصة التي ضبطت الإعلام وباستعماله قد شابه قصور في بيان أركان الجريمة واستظهار الأدلة على توافرها في حق كليهما وجاءت أسبابه في صيغة عامة مبهمة لا يمكن أن تبني عليها الإدانة.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه قد حصل وقائع الدعوى - وفق ما بسطه المدعي بالحقوق المدنية في صحيفتها - من أن المرحومة...... قد توفيت وانحصر إرثها وزوجها - المتهم الأول - وأختها الشقيقة المتهمة الثالثة (الطاعنة) وفي أخوتها لأمها - المدعي وغيره - وأن هذين المتهمين والمتهم الثاني (الطاعن) ابن الطاعنة - استخرجوا إعلاماً شرعياً بالوفاة مستبعدين إياه وأخوته من الوراثة، واستعانوا في ذلك بشهادة المتهمين الرابع والخامس، فاستصدر هو حكماً باستحقاقه في التركة. وبعد أن أشار الحكم إلى مؤدى المستندات التي قدمها صاحب الدعوى، خلص إلى إقامة قضائه على قوله: "وحيث إن الثابت من الصورة الفوتوغرافية لمحضر وفاة المرحومة.......... أن المدعي بالحق المدني وأخوته كانون حاضرين وقت وفاتها مع باقي الورثة - المتهم الأول والثالثة - الطاعنة - وكان الأخيران يعلمان باستحقاق المدعي بالحق المدني لنصيب في تركة المتوفاة، فإذا ما أسرع المتهمان المذكوران باستخراج إعلام شرعي باستحقاقهما دون المدعي بالحق المدني لتركة المتوفاة ثم قاما باستعمال هذا المحرر في بيع عقار الورثة، فإن هذا الأمر ليكفي لتوافر سوء النية لدى المتهمين. ومن ثم تضحى التهمة المنسوبة إليهم ثابتة في حقهم مما يتعين عقابهم طبقاً لمادة الاتهام...".
وحيث إن المشرع إذ قضى في الفقرة الأولى من المادة 226 من قانون العقوبات بعقاب "كل من قرر في إجراءات تتعلق بتحقيق الوفاة أو الوراثة والوصية الواجبة أمام السلطة المختصة بأخذ الإعلام أقوالاً غير صحيحة عن الوقائع المرغوب إثباتها وهو يجهل حقيقتها أو يعلم أنها غير صحيحة وذلك متى ضبط الإعلام على أساس هذه الأقوال" وإذ قضى في الفقرة الثانية من تلك المادة بعقاب "كل من استعمل إعلاماً بتحقيق الوفاة والوراثة والوصية الواجبة ضبط على الوجه المبين في الفقرة الأولى من هذه المادة هو عالم بذلك" قد قصد بالعقاب - على ما يبين من عبارات النص وأعماله التحضيرية - كل شخص سواء أكان هو طالب تحقيق الوفاة والوراثة والوصية الواجبة أم كان شاهداً في ذلك التحقيق، على شريطة أن تكون الأقوال غير الصحيحة قد قرر بها أمام السلطة المختصة نفسها بأخذ الإعلام وليس أمام سواها، فلا يمتد التأثيم إلى ما يدلي به الطالب أو الشاهد في تحقيق إداري تمهيدي لإعطاء معلومات، أو إلى ما يورده طالب التحقيق في طلبه لأن هذا منه من قبيل الكذب في الدعوى، لما كان ذلك، وكان الحكم لم يستظهر ما إذا كان كل من الطاعنين قد مثل فعلاً أمام قاضي الأحوال الشخصية الذي ضبط الإعلام، وقرر أمامه أقوالاً غير صحيحة، وهو يجهل حقيقتها أو يعلم أنها غير صحيحة، أم أن ما كان منهما قد وقع في ورقة طلب التحقيق أو أمام جهة الإدارة، فإن الحكم بذلك يكون معيباً متعين النقض.