أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 701

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمود كامل عطيفه نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن علي المغربي، ومحمد صلاح الدين الرشيدي، وفاروق محمود سيف النصر، ومحمد صفوت القاضي.

(154)
الطعن رقم 1197 لسنة 45 القضائية

إثبات. "بوجه عام". "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
تمييز الشاهد. مناط الأخذ بشهادته. ولو كانت على سبيل الاستدلال. أساس ذلك.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. سقوط إحداها أو استبعاده. تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.
إن المادة 82 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية التي أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية، قد جرى نصها على أنه لا يجوز رد الشاهد ولو كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم إلا أن يكون غير قادر على التمييز بسبب هرم أو حداثة أو مرض أو لأي سبب آخر، مما مفاده أنه يجب للأخذ بشهادة الشاهد أن يكون مميزاً فإن كان غير مميز فلا تقبل شهادته ولو على سبيل الاستدلال إذ لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة، وإذ ما كان الطاعن قد طعن على شهادة المجني عليه بأنه غير مميز لحداثة سنه، وأورد الحكم تاريخ ميلاد المجني عليه بما يظاهر هذا الدفع وقعدت المحكمة عن تحقيق قدرته على التمييز أو بحث إدراكه العام استيثاقاً من قدرته على تحمل الشهادة وعولت على شهادته في قضائها بالإدانة، فإن حكمها يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال ومخالفة القانون ولا يغني عن ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى. إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم، بما يتعين معه إعادة النظر في كفاية باقي الأدلة لدعم الاتهام.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 21 مارس سنة 1973 بدائرة مركز رشيد محافظة البحيرة: هتك عرض...... الذي لم يبلغ من العمر سبع سنين كاملة بأن أحضره إلى المبنى المبين بالمحضر وخلع عنه سرواله ووضع قضيبه في دبره فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي، وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للمادة 269/ 2 من قانون العقوبات فقرر ذلك، ومحكمة جنايات دمنهور قضت في الدعوى حضورياً عملاً بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة مدة عشر سنوات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، وقدم الأستاذ...... المحامي تقريراً بالأسباب موقعاً عليه منه... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة هتك عرض قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأنه عول في الإدانة فيما عول عليه على الدليل المستمد من أقوال المجني عليه، ومن تمسك الدفاع ببطلان هذا الدليل على أساس أن المجني عليه غير مميز فإن الحكم المطعون فيه لم يعن بالرد على هذا الدفاع الجوهري، مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن المدافع عن الطاعن أثار أن المجني عليه غير مميز ولا يعي ما يقول. وأثبت الحكم المطعون فيه في مدوناته أن المجني عليه من مواليد 21 من مارس سنة 1968 - أي أنه كان يبلغ من العمر ثلاث سنوات يوم الحادث وعول في قضائه بالإدانة من بين ما عول عليه - على أقوال المجني عليه في التحقيقات. لما كان ذلك، وكانت المادة 82 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية التي أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية، قد جرى نصها على أنه لا يجوز رد الشاهد ولو كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم إلا أن يكون غير قادر على التمييز بسبب هرم أو حداثة أو مرض أو لأي سبب آخر، مما مفاده أنه يجب للأخذ بشهادة الشاهد أن يكون مميزاً فإن كان غير مميز فلا تقبل شهادته ولو على سبيل الاستدلال إذ لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة، وإذ ما كان الطاعن قد طعن على شهادة المجني عليه بأنه غير مميز لحداثة سنه، وأورد الحكم تاريخ ميلاد المجني عليه بما يظاهر هذا الدفع وقعدت المحكمة عن تحقيق قدرته على التمييز أو بحث إدراكه العام استيثاقاً من قدرته على تحمل الشهادة وعولت على شهادته في قضائها بالإدانة، فإن حكمها يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال ومخالفة القانون ولا يغني عن ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم، بما يتعين معه إعادة النظر في كفاية باقي الأدلة لدعم الاتهام. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن في تقرير أسباب طعنه.