أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 704

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمود كامل عطيفة، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن علي المغربي، ومحمد صلاح الدين الرشيدي، وقصدي إسكندر عزت، وإسماعيل محمود حفيظ.

(155)
الطعن رقم 1198 لسنة 45 القضائية

دخان. إثبات. "بوجه عام. محكمة الموضوع". "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية الشك في صحة التهمة. سنداً للقضاء بالبراءة. طالما أحاطت المحكمة بالدعوى عن بصر وبصيرة.
مطالبة المحكمة بالأخذ بدليل. دون غيره. لا تصح.
من المقرر أنه يكفي في المحاكمة أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي بالبراءة إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل، ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بدائرة بندر دمنهور محافظة البحيرة هرب التبغ على النحو المبين بالمحضر. وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و3 و4 من القانون رقم 92 لسنة 1964. ومحكمة بندر دمنهور الجزئية قضت في الدعوى غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه مع إلزامه أن يدفع لمصلحة الجمارك تعويضاً قدره 351 ج و440 م وكذا بما يعادل مثل قيمة المضبوطات وقدره 134 ج. فعارض. وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف المتهم الحكم وقيد استئنافه برقم 4942 سنة 1972. ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت في الدعوى حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه ورفض التضمينات المدنية وإلزام المدعية بالحقوق المدنية بالمصروفات. فطعن الأستاذ......... المحامي بإدارة قضايا الحكومة عن مصلحة الجمارك في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة تهريبه تبغاً ورتب على ذلك رفض الدعوى المدنية المرفوعة من الطاعنة - قد شابه خطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون وانطوى على فساد في الاستدلال ذلك بأنه أسس قضاءه على أن عينة واحدة هي التي جرى عليها التحليل وأنها أخذت من موضع واحد من إناء التعسيل وأن عملية تعسيل الدخان تتم بطريقة يدوية لا يوزع فيها العسل في الخليط توزيعاً متماثلاً وأن الزيادة في نسبة العسل حسبما تبين من تحليل العينة المأخوذة لا تقطع في أن تلك الزيادة كانت شاملة في الكمية المعسلة جميعها في حين أن الثابت بالأوراق أنه قد أخذت ثلاث عينات من الدخان المعسل - لا عينة واحدة - وأن تلك العينات قد أخذت بعد تقليب الكمية ومزجها.
وحيث إنه من المقرر أنه يكفي في المحاكمة أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي بالبراءة إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون آخر، لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد داخلتها الريبة والشك في صحة عناصر الاتهام لما ارتأته من أن عملية خلط الدخان المعسل تتم بطريقة بشرية يدوية لا يمكن منها أن يتصور أن يكون من الدقة بحيث يسري العسل في كمية الدخان بنسبة متطابقة وأن أخذ عينة واحدة من مكان من حضور الخلط مع ضآلة نسبة العسل في العينة التي جرى تحليلها لا يقنع المحكمة بأن تلك الزيادة مؤثمة، وكان الظاهر من مطالعة المفردات أن عينة واحدة هي التي أخذت من التبغ المخلوط وإن قسمت إلى ثلاثة أجزاء بما ينأى بالحكم عن عيب مخالفة الثابت بالأوراق فإن ما تثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون في غير محله مستوجباً للرفض.