أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 707

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمود كامل عطيفة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن علي المغربي، ومحمد صلاح الدين الرشيدي، وإسماعيل محمود حفيظ، ومحمد صفوت القاضي.

(156)
الطعن رقم 1919 لسنة 45 القضائية

(1) إثبات، "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. طالما كان سائغاً.
أخذ المحكمة بأقوال شاهد معين. مفاده إطراح جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. النعي على ذلك جدل موضوعي. لا يقبل أمام النقض.
(2) باعث. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". جريمة. "أركانها".
الباعث على الجريمة ليس ركناً فيها. عدم بيانه تفصيلاً أو الخطأ فيه أو إغفاله كلية. لا يقدح في سلامة الحكم.
(3) دفوع. "الدفع بشيوع التهمة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي.
(4) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "تحقيق". دفاع. "إخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير مقبول.
المحكمة غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
(5) دعوى مدنية. مسئولية مدنية. ضرر. بطلان. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
عدم التزام المحكمة بيان عناصر الضرر الذي قدر على أساسه مبلغ التعويض.
عدم بطلان الحكم عند إغفاله ذكر مواد القانون. في خصوص الدعوى المدنية. متى كان النص الواجب الإنزال مفهوماً من الوقائع التي أوردها.
1 – لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق وأنه متى أخذت المحكمة بأقوال شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولا يجوز الجدل فيه أمام محكمة النقض.
2 – أن الباعث في الجرائم ليس ركناً فيها، ومن ثم فإنه لا يقدح في سلامة الحكم الخطأ فيه أو إغفاله جملة.
3 – الدفع بشيوع التهمة أو بأنها ملفقة على المتهم هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها.
4 – لما كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر في دفاعه أنه قد أصيب من قبل إصابة في إبهام يده اليمنى تحول دون إمكان إمساكه بكوريك والاعتداء به على المجني عليه، فإنه لا يقبل منه النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثره أمامها كما لا يقدح في سلامة الحكم التفاته عن الرد على ما أثاره الطاعن من أن حالة شيخوخته تتنافى مع ما نسبه إليه مصابون آخرون في الحادث لما هو مقرر من أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها، واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها لها.
5 – لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة مستديمة بالمجني عليه التي دان الطاعن بها، وكان هذا البين يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية مما يستوجب الحكم على الطاعن بالتعويض. فإنه لا تثريب على المحكمة إذا هي لم تبين عناصر الضرر الذي قدر على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به إذ الأمر في ذلك متروك لتقديرها بغير معقب. لما كان ذلك. وكان من المقرر أن العبرة في صحة الحكم هي بصدوره موافقاً للقانون وكان الحكم المطعون فيه قد بين أساس التعويض المقضي به على الطاعن، ووجه المسئولية، فإنه لا يبطله - في خصوص الدعوى المدنية - عدم ذكر مواد القانون التي طبقها على واقعة الدعوى متى كان النص الواجب الإنزال مفهوماً من الوقائع التي أوردها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 9 يناير سنة 1970 بدائرة مركز المحمودية محافظة البحيرة: أحدث عمداً...... وشهرته.... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلفت لديه من جراء إحداها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد عظمي بالجدارية اليمنى لا ينتظر أن يملأ بالعظم بل بنسيج ليفي مما يعرض حياة المجني عليه للخطر ويقلل من كفاءته على العمل بنحو 10%. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 240 من قانون العقوبات. فقرر ذلك. وادعى......... (المجني عليه) قبل المتهم بمبلغ 250 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات دمنهور قضت في الدعوى حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 منه. (أولاً) بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل مدة سنة وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات اعتباراً من اليوم. (ثانياً) بإلزامه أن يدفع إلى المدعي بالحقوق المدنية مائتين وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض النهائي والمصاريف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد شابه قصور في التسبيب. وفساد في الاستدلال. ذلك بأنه انساق وراء تصوير المجني عليه للحادث، وعول عليه رغم اضطرابه في بيان سببه، ودون أن يعني بتمحيصه - وأغفل ما دفع به الطاعن من شيوع الاتهام وتلفيقه قبله باعتباره كبير أفراد عائلته وما أثاره من تعذر إمكان إمساكه (بالكوريك) والاعتداء به على المجني عليه بسبب إصابة إبهام يده اليمنى. فضلاً عن أن ما نسبه إليه مصابون آخرون في الحادث يتنافى مع حالة شيخوخته - هذا إلى أن الحكم أغفل بيان عناصر التعويض ومادة القانون التي تساند قضاؤه به.
وحيث إنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة عنيت ببيان واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وعرضت للأدلة القائمة على مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه مما حصلته من أقوال المجني عليه ومن التقريرين الطبيين الابتدائي والشرعي وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، وأنه متى أخذت المحكمة بأقوال شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولا يجوز الجدل فيه أمام محكمة النقض. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بأقوال المجني عليه واطمأن إلى صحة تصويره لواقعة الدعوى فانه لا يقبل من الطاعن مصادرة المحكمة في عقيدتها، وما يثيره في هذا الصد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الباعث في الجرائم ليس ركناً فيها، فإنه لا يقدح في سلامة الحكم الخطأ فيه أو إغفاله جملة. لما كان ذلك، وكان الدفع بشيوع التهمة أو بأنها ملفقة على المتهم هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة لها أصلها الثابت في الأوراق، وكان استخلاصها سائغاً وفيه الرد الضمني برفض ما يخالفها ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد بقالة القصور في التسبيب يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر في دفاعه أما المحكمة أنه قد أصيب من قبل إصابة في إبهام يده اليمنى تحول دون إمكان إمساكه بكوريك والاعتداء به على المجني عليه، فإنه لا يقبل منه النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثره أمامها كما لا يقدح في سلامة الحكم التفاته عن الرد على ما أثاره الطاعن من أن حالة شيخوخته تتنافى مع ما نسبه إليه مصابون آخرون في الحادث لما هو مقرر من أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي في كل جزئية يثيرها، واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها لها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة مستديمة بالمجني عليه التي دان الطاعن بها، وكان هذا البيان يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية مما يستوجب الحكم على الطاعن بالتعويض. فإنه لا تثريب على المحكمة إذا هي لم تبين عناصر الضرر الذي قدر على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به، إذا الأمر في ذلك متروك لتقديرها بغير معقب. لما كان ذلك. وكان من المقرر أن العبرة في صحة الحكم هي بصدوره موافقاً للقانون، وكان الحكم المطعون فيه قد بين أساس التعويض المقضي به على الطاعن، ووجه المسئولية، فإنه لا يبطله - في خصوص الدعوى المدنية - عدم ذكر مواد القانون التي طبقها على واقعة الدعوى متى كان النص الواجب الإنزال مفهوماً من الوقائع التي أوردها. لما كان ما تقدم. فإن الطعن برمته يكون على غير أساس، متعيناً رفضه موضوعاً.