أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 712

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمود كامل عطيفة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن علي المغربي، ومحمد صلاح الدين الرشيدي، وفاروق محمود سيف النصر، وإسماعيل محمود حفيظ.

(157)
الطعن رقم 1206 لسنة 45 القضائية

إثبات. "خبرة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". قتل عمد.
إثارة الدفاع تعارض وقت الوفاة كما صوره الشاهدان. وما جاء بتقرير الصفة التشريحية عن حالة التيبس الرمي. دفاع جوهري يوجب تحقيقه. عن طريق المختص فنيا. أساس ذلك.
لما كان الدفاع الذي أثاره الطاعنان في الدعوى المطروحة من تعارض الوقت الذي حدده الشاهدان للحادث مع ما جاء بتقرير الصفة التشريحية عن حالة التيبس الرمي يعد دفاعاً جوهرياً لتعلقه بالدليل المقدم فيها والمستمد من أقوال شاهدي الإثبات وهو دفاع ينبني عليه لو صح تغير وجه الرأي في الدعوى مما كان يقتضي من المحكمة وهي تواجه مسألة تحديد وقت الوفاة وهي مسألة فينة بحتة أن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها بتحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فينا، أما وهي لم تفعل وأعرضت عن طلب المدافع عن الطاعنين الاستعانة برأي كبير الأطباء الشرعيين مستدلة على ما انتهت إليه برأي فني من عندها فإن حكمها يكون معيباً بالقصور فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 15 من يوليه سنة 1971 بدائرة مركز أسيوط محافظة أسيوط "قتلا......... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية على قتله وعقدا العزم على ذلك وأعدا لتنفيذ هذا الغرض أسلحة نارية مششخنة وما أن ظفرا به في المكان الذي أيقنا سلفاً وجوده فيه حتى أطلقا عليه عدة أعيرة نارية من الأسلحة التي يحملانها بقصد قتله فأحدثا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتها بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و26/ 2 و4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 المرفق. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات أسيوط قضت في الدعوى حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة كل من المتهمين مدة خمسة عشر سنة. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد شابه إخلال بحق الدفاع ذلك بأنهما أثارا لدى محكمة الموضوع أن المجني عليه قتل في وقت مغاير للوقت الذي حدده شاهدا الإثبات واستندا في دفاعهما إلى ما دل عليه تقرير الطبيب الشرعي - الذي عاين الجثة بعد ظهر يوم الحادث - من مشاهدة الجثة في دور التيبس الرمي الكامل وهي ظاهرة لا تحل بالجثة عادة إلا بعد عشر ساعات أو اثني عشرة ساعة من وقت الوفاة وهو ما يقطع بأن الحادث وقع قبل ساعات عديدة من الوقت الذي صوره الشاهدان ويكشف عن كذبهما وقد تمسك الدفاع بطلب الاستعانة برأي كبير الأطباء الشرعيين لتحديد ساعة الوفاة بيد أن المحكمة لم تجب الطاعنين إلى طلبهما وردت عليه رداً قاصراً لا يتفق مع واقع الدعوى المطروحة.
وحيث إنه البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن عرض إلى ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه رد عليه في قوله: أما ما أثاره الدفاع بخصوص التيبس الرمي الكامل وتكذيبه لأقوال الشهود مستنداً إلى ما يقول به شراح الطب في هذا الخصوص مردود بأن المحكمة مسايرة منها للدفاع تأخذ من أقواله دليلاً عليه فهو يتخذ من الساعة التاسعة صباحاً موعداً لوقوع الحادث حسبما ذكر الشهود ويقول أنه قد فات منذ وقوع الجريمة إلى موعد الكشف الطبي حيث فات الطبيب الكشاف إثبات هذا الميعاد - من ست ساعات إلى ثمانية - ويخلص إلى أن التيبس الرمي بحسب كتاب الطب الذي أشار إليه لا يكتمل إلا بعد عشر واثنتي عشرة ساعة مما مفاده أن الجريمة في الحقيقة لم تقع في التاسعة صباحاً بل قبل ذلك بعدة ساعات ولكن بالرجوع إلى التقرير الطبي يتضح أن جثة المجني عليه حين الكشف عليها لم تكن قد تيبست تيبساً رمياً كاملاً ولكنها كانت على حد قوله في دور التيبس الرمي التام أي أنها كانت في طريقها إليه وهو ما يحدث بطبيعة الحال خلال ست أو ثماني ساعات ومن ثم يكون تحديد الشاهد لموعد ارتكاب المتهمين لجريمتهما يتفق مع التقرير الطبي الشرعي ولا يتنافر مع ما قرره الدفاع نفسه الأمر الذي لا ترى معه المحكمة إجابة الدفاع إلى طلبه إحالة الأوراق إلى كبير الأطباء الشرعيين ليدلي برأيه في هذا السبيل لعدم لزوم ذلك فنياً". لما كان ذلك وكان الدفاع الذي أثاره الطاعنان في الدعوى المطروحة من تعارض الوقت الذي حدده الشاهدان للحادث مع ما جاء بتقرير الصفة التشريحية عن حالة التيبس الرمي يعد دفاعاً جوهرياً لتعلقه بالدليل المقدم فيها والمستمد من أقوال شاهدي الإثبات وهو دفاع ينبني عليه لو صح تغير وجه الرأي في الدعوى مما كان يقتضي من المحكمة وهي تواجه مسألة تحديد وقت الوفاة وهي مسألة فينة بحتة أن تتخذ ما تراه من الوسائل لتحقيقها بلوغاً إلى غاية الأمر فيها بتحقيق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فينا، أما وهي لم تفعل وأعرضت عن طلب المدافع عن الطاعنين الاستعانة برأي كبير الأطباء الشرعيين مستدلة على ما انتهت إليه برأي فني من عندها فإن حكمها يكون معيباً بالقصور فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه والإحالة دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن.