أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 715

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمود كامل عطيفة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن علي المغربي، ومحمد صلاح الدين الرشيدي، وفاروق محمود سيف النصر، وإسماعيل محمود حفيظ.

(158)
الطعن رقم 1210 لسنة 45 القضائية

مواد مخدرة. إثبات. "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة. كاف للقضاء بالبراءة. متى كان الظاهر أنها أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة.
يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضي له بالبراءة، إذ ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدانه، ما دام الظاهر أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة وأقام قضاءه على أسباب تحمله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده، بأنه في يوم 22 مايو سنة 1973 بقسم الميناء محافظة الإسكندرية: جلب إلى أراضي جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً "حشيشاً" دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1، 2، 3، 33/ 1، 36، 42 من القانون رقم 182 سنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 سنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرافق، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت في الدعوى حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه مع مصادرة المخدر المضبوط. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم وقدمت تقريراً بالأسباب موقعاً عليه من رئيسها.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة جلب جوهر مخدر (حشيش) قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وانطوى على خطأ في الإسناد، ذلك بأنه أطرح أقوال المطعون ضده بتحقيقات النيابة لما نعاه على المترجم الذي استعانت به من أنه لا يجيد اللغة الإنجليزية فلم يترجم الأسئلة الموجهة إليه ورده عليها على وجه سليم دون أن يعني الحكم ببيان المعنى الذي استقى منه هذا الذي ذهب إليه، كما خلص إلى نفي علم المطعون ضده بوجود المخدر بالحقيبة المضبوطة معه أخذا بأقواله رغم مجافاتها لمنطق العقل إذ لا يستساغ منه القول بتبادل الحقائب مع شخص لقيه عرضاً مع أنه من معتادى السفر - حسبما يبين من جواز سفره - ويتعين أن يكون في صلاته على حذر وشك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد واقعة الدعوى وحصل عناصرها وما سيق عليها من أدلة، عرض لأقوال المطعون ضده التي نسبت إليه بتحقيقات النيابة العامة وما أخذه على المترجم الأول الذي ندبته من أنه لا يجيد الإنجليزية، وخلص إلى أن أقواله التي ترجمت عنه قد حرفت وأن صادق دفاعه هو ما ترجم على لسانه بجلسة المحاكمة. وإذ كانت المحكمة قد استخلصت ذلك مما استبان لها من أن النيابة العامة لم تبين هوية هذا المترجم، ومن وجود ورقة بملف الدعوى مترجمة باللغة العربية لأقوال المطعون ضده موقع عليها منه بالإنجليزية تتضمن سرداً لواقعة الدعوى بما لا يخرج مضمونه عما ذكره بجلسة المحاكمة - وهو ما لم تجحده النيابة الطاعنة، وكان هذا الذي استخلصه الحكم فيما تقدم هو استخلاص سائغ التزام فيه الوقائع الثابتة في الدعوى وما له أصل في الأوراق فإن النعي على الحكم في هذا الصدد بقالة الخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى دفاع المطعون ضده من عدم علمه بالمخدر الذي أخفى بالقاع السري للحقيبة التي ضبطت معه وأفسح عن أن ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له، وكان ما أورده الحكم واستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها سائغاً كافياً في الدلالة على ما انتهى إليه من نفي ركن العلم لدى الطاعن ولا يخرج من موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي، وإذ كان يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضي له بالبراءة إذ ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدانه ما دام الظاهر أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة وأقام قضاءه على أسباب تحمله - كما هو الشأن في الدعوى الماثلة - فإن الحكم المطعون فيه يكون بريئاً من قالة الفساد في الاستدلال أو القصور في التسبيب - لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.