أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 740

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ محمود كامل عطيفه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد عادل مرزوق، ومحمد وهبه، وأحمد موسى.

(163)
الطعن رقم 1226 لسنة 45 القضائية

كحول. تفتيش. "التفتيش بغير إذن". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها". رسم إنتاج.
متى يجوز لمأمور الضبط القضائي تفتيش مساكن ومصانع المتهمين على موجب حكم القانون 363 لسنة 1956 بشأن تنظيم تحصيل رسم الإنتاج أو الاستهلاك على الكحول؟
دخول المنازل برضاء أصحابها بقصد تفتيشها يوجب أن يكون هذا الرضاء حراً وصريحاً وقبل حصول التفتيش. وبعد الإلمام بظروفه. وعن علم بعدم وجود مسوغ يخول هذا التفتيش. تقدير ذلك. موضوعي.
الجدل الموضوعي أمام محكمة النقض. غير جائز. مثال في تفتيش.
الأصل أن تفتيش المنازل إجراء من إجراءات التحقيق يقصد به البحث عن الحقيقة في مستودع السر ولا يجوز إجراؤه إلا بمعرفة سلطة التحقيق أو بأمر منها إلا في الأحوال التي أباح فيها القانون لمأمور الضبط القضائي تفتيش منازل المتهمين والتي وردت على سبيل الحصر. لما كان ذلك، وكانت المادة 23 من القانون رقم 363 لسنة 1956 – بشأن تنظيم تحصيل رسم الإنتاج أو الاستهلاك على الكحول – تنص على أن "يكون لموظفي الجمارك وغيرهم من الموظفين الذين يعينهم وزير المالية والاقتصاد بقرار منه صفة مأموري الضبط القضائي فيما يتعلق بتطبيق أحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له. وفي سبيل ذلك يجوز لهم ولسائر مأموري الضبط القضائي في أي وقت وبدون إجراءات سابقة معاينة المعامل والمصانع والمحال المرخص بها وتفتيشها. كما يجوز لهم ولسائر مأموري الضبط القضائي في حالة الاشتباه تفتيش أي معمل أو مصنع أو محل أو مسكن أو غير ذلك لضبط أية عملية تجري خفية من العمليات المنصوص عليها في المادتين 5 و6، ولا يجوز القيام بالتفتيش المشار إليه في الفقرة السابقة إلا بأمر مكتوب من رئيس مكتب الإنتاج المختص ومعاونة مندوب على الأقل من موظفي المحافظة أو المديرية أو المركز أو نقطة البوليس حسب الأحوال وللموظفين المذكورين في جميع الحالات أخذ العينات اللازمة لإجراء التحاليل والمقارنات والمراجعات" وتقدير حالة الاشتباه في هذا الخصوص شأنه شأن تقدير الدلائل الكافية التي تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم الحاضر وتفتيشه طبقاً للمادتين 34 و46 من قانون الإجراءات الجنائية – ويكون بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع التي لها القول الفصل في توافر حالة الاشتباه وقيام المبرر للتفتيش أو عدم توافرها ما دام لاستنتاجها وجه يسوغه وكان من المقرر أن حرمة المنازل وما أحاطها به الشارع من رعاية تقتضي حين يكون دخولها بعد رضاء أصحابها وبغير إذن النيابة العامة أن يكون هذا الرضاء حراً صريحاً حاصلاً منهم قبل التفتيش وبعد إلمامهم بظروفه وبعدم وجود مسوغ يخول من يطلبه سلطة إجرائه، وتقدير صحة هذا الرضاء هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد استخلص من وقائع الدعوى في منطق سليم عدم توافر حالة الاشتباه التي تجيز لمأمور الضبط القضائي تفتيش مسكن المتهم بغير إذن من سلطة التحقيق، ولم تطمئن إلى صحة الرضاء الصادر منه بإجراء ذلك التفتيش لما رأته من اتصال هذا الرضاء اتصالاً وثيقاً بالضبط الباطل، فإن ما تثيره الطاعنة في وجه الطعن ينحل في الواقع إلى جدل في سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 21 نوفمبر سنة 1971 بدائرة مركز قنا حاز كحولاً لم يؤد عنه رسم الإنتاج. وطلبت معاقبته بالمواد 1 و2 و3 و20 و21 و22 من القانون رقم 363 لسنة 1956، وادعت مصلحة الجمارك مدنياً قبل المتهم بمبلغ 433 ج و200 م على سبيل التعويض، ومحكمة قنا الجزئية قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بقبول الدفع ببطلان الضبط والتفتيش وبراءة المتهم ومصادرة المضبوطات. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم كما استأنفته المدعية بالحقوق المدنية، ومحكمة قنا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف، فطعنت إدارة قضايا الحكومة عن المدعية بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مصلحة الجمارك تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من تهمة حيازته كحولاً دون سداد رسم الإنتاج ورفض الدعوى المدنية قبله استناداً إلى بطلان إجراءات ضبطه وتفتيش مسكنه، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه تجاهل مشروعية هذا التفتيش المستند إلى الحق المقرر لمأموري الضبط القضائي طبقاً للمادة 23 من القانون رقم 363 لسنة 1956 فضلاً عن رضاء المطعون ضده كتابة بتفتيش مسكنه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه استند في قضائه ببطلان إجراءات الضبط وتفتيش مسكن المطعون ضده إلى عدم اطمئنان المحكمة إلى ما أثبت بمحضر الضبط عن ارتباك المطعون ضده لدى مشاهدته مدير الإنتاج ومرافقيه لخلو الأوراق من بيان مظاهر هذا الارتباك وإلى عدم توافر الدلائل الكافية التي تخول مأمور الضبط القضائي اتخاذ هذه الإجراءات. واعتنق الحكم المطعون فيه هذه الأسباب وأضاف إليها قوله: "والمحكمة تساير محكمة أول درجة في هذا النظر وتضيف أن مسكن المتهم لم يكن في حالة اشتباه تدعو إلى تفتيشه طالما أن المحكمة قد انتهت إلى عدم الاطمئنان إلى حالة الاشتباه التي صورها محرر المحضر للمتهم... وأن المستقر فقهاً وقضاء أن رضاء المتهم بالتفتيش لا يصحح الإجراء الباطل السابق عنه إلا إذا كان هذا الرضاء مستقلاً عن ذلك الإجراء الباطل ولا مراء أن الثابت في المحضر يجعل رضاء المتهم بالتفتيش متصلاً اتصالاً وثيقاً بواقعة الضبط التي انتهت المحكمة إلى بطلانها ومن ثم كان هذا الرضاء بدوره باطلاً ولا يصلح مبرراً قانونياً لإجراء تفتيش المنزل". لما كان ذلك، وكان الأصل أن تفتيش المنازل إجراء من إجراءات التحقيق يقصد به البحث عن الحقيقة في مستودع السر ولا يجوز إجراؤه إلا بمعرفة سلطة التحقيق أو بأمر منها إلا في الأحوال التي أباح فيها القانون لمأمور الضبط القضائي تفتيش منازل المتهمين والتي وردت على سبيل الحصر. وكانت المادة 23 من القانون رقم 363 لسنة 1956 – بشأن تنظيم تحصيل رسم الإنتاج أو الاستهلاك على الكحول – تنص على أن "يكون لموظفي الجمارك وغيرهم من الموظفين الذين يعينهم ويزر المالية والاقتصاد بقرار منه صفة مأموري الضبط القضائي فيما يتعلق بتطبيق أحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له. وفي سبيل ذلك يجوز لهم ولسائر مأموري الضبط القضائي في أي وقت وبدون إجراءات سابقة معاينة المعامل والمصانع والمحال المرخص بها وتفتيشها. كما يجوز لهم ولسائر مأموري الضبط القضائي في حالة الاشتباه تفتيش أي معمل أو مصنع أو محل أو مسكن أو غير ذلك لضبط أية عملية تجري خفية من العمليات المنصوص عليها في المادتين 5 و6، ولا يجوز القيام بالتفتيش المشار إليه في الفقرة السابقة إلا بأمر مكتوب من رئيس مكتب الإنتاج المختص ومعاونة مندوب على الأقل من موظفي المحافظة أو المديرية أو المركز أو نقطة البوليس حسب الأحوال وللموظفين المذكورين في جميع الحالات أخذ العينات اللازمة لإجراء التحاليل والمقارنات والمراجعات"، وتقدير حالة الاشتباه في هذا الخصوص - شأنه شأن تقدير الدلائل الكافية التي تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم الحاضر وتفتيشه طبقاً للمادتين 34 و46 من قانون الإجراءات الجنائية – ويكون بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع التي لها القول الفصل في توافر حالة الاشتباه وقيام المبرر للتفتيش أو عدم توافرها ما دام لاستنتاجها وجه يسوغه وكان من المقرر أن حرمة المنازل وما أحاطها به الشارع من رعاية تقتضي حين يكون دخولها بعد رضاء أصحابها وبغير إذن النيابة العامة أن يكون هذا الرضاء حراً صريحاً حاصلاً منهم قبل التفتيش وبعد إلمامهم بظروفه وبعدم وجود مسوغ يخول من يطلبه سلطة إجرائه، وتقدير صحة هذا الرضاء هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى. لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع قد استخلص من وقائع الدعوى في منطق سليم عدم توافر حالة الاشتباه التي تجيز لمأمور الضبط القضائي تفتيش مسكن المتهم بغير إذن من سلطة التحقيق، ولم تطمئن إلى صحة الرضاء الصادر منه بإجراء ذلك التفتيش لما رأته من اتصال هذا الرضاء اتصالاً وثيقاً بالضبط الباطل، فإن ما تثيره الطاعنة في وجه الطعن ينحل في الواقع إلى جدل في سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.