أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 773

جلسة 30 من نوفمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ مصطفى محمود الأسيوطي، وعضوية السادة المستشارين: محمد عادل مرزوق، وأحمد فؤاد جنينه، وإسماعيل حفيظ، ومحمد وهبة.

(170)
الطعن رقم 1094 لسنة 45 القضائية

(1 – 3) قتل عمد. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(1) حق محكمة الموضوع في تكوين عقيدتها من أي دليل تطمئن إليه. طالما كان له مأخذه الصحيح من الأوراق.
- وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي. أخذ المحكمة بشهادتهم. مفاده أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
- تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
(2) تطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني. ليس بلازم. ما دام جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة. غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
(3) استناد الحكم إلى ما جاء بتقرير خبير الأدلة الجنائية من وجود آثار أقدام تتفق وطبيعة أقدام الطاعنين كقرينة معززة لأدلة الثبوت الأساسية التي انبنى عليها. لا عيب. النعي على الحكم ابتناءه على دليل احتمالي. غير مقبول.
1 – لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق - لما كان ذلك - وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهاداتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وما دام لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته كما هو الحال في الدعوى، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 – الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، لما كان ذلك، وكان مؤدى ما حصله الحكم من أقوال شاهدي الإثبات – من أنه إثر خروج الطاعنين من مكمنهم اتجه الطاعن الأول إلى المجني عليه وضربه بعصا على رأسه من الخلف فسقط من فوق دابته على الأرض وواصل الطاعن المذكور وشقيقه الطاعن الثاني الاعتداء عليه بالضرب بالعصى على رأسه ووجهه بينما وقف الطاعن الثالث على مقربة منهما يحمل بندقية للإرهاب وشد أزرهما – لا يتعارض بل يتلاءم مع ما نقله عن تقرير الصفة التشريحية الذي أثبت أن بالمجني عليه سبع إصابات رضية حيوية حديثة معظمها بجانبي الرأس والوجه حدثت من المصادمة بجسم أو أجسام راضة ثقيلة ويجوز حدوثها من الضرب بالعصى، وكان قول الحكم - في مجال الرد على دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني – أن الشاهدين لم يحددا منطقة الرأس التي ضرب عليها المجني عليه وإنما حددا موقف الطاعن الأول عن خلفه عندما ضربه بالعصا على رأسه، لا يخالف الثابت بأقوال الشاهدين، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص لا يكون له محل.
3 – لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على ما استبان لها من تقرير خبير الأدلة الجنائية من وجود آثار أقدام تتفق وطبيعة أقدام الطاعنين الثاني والثالث بالقرب من مكان الحادث وفي الاتجاه الذي قالت الشاهدة الثانية بأن الطاعنين قد سلكوه، وإنما استندت إلى وجود تلك الآثار كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام أنه لم يتخذ من تقرير خبير الأدلة الجنائية دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام قبل المتهمين. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 2 ديسمبر سنة 1971 بدائرة مركز أخميم محافظة سوهاج (المتهمون الأول والثاني والثالث) قتلوا......... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك عصى وسلاح ناري بندقية موزر وترصدوه في المكان الذي أيقنوا مرروه فيه، وما أن ظفروا به حتى انهال الأول والثاني على رأسه ووجه ضرباً بالعصي قاصدين من ذلك قتله بينما وقف المتهم الثالث إلى جوارهما حاملاً سلاحه السالف الذكر ليشد من أزرهما فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (المتهم الثالث) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً بندقية موزر. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات. فقرر ذلك. وادعى......... (ابن المجني عليه) مدنياً بصفته الشخصية قبل المتهمين الثلاثة متضامنين بمبلغ 1 قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام والمواد 1 و26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق مع تطبيق المادتين 32 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة كلا من المتهمين بالأشغال الشاقة خمس عشر عاماً، وإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا للمدعي بالحق المدني. مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المدني المؤقت والمصروفات ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض...... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين (المحكوم عليهم) بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه عول على أقوال شاهدي الإثبات مع تناقضهما بما ينبئ عن عدم وجودهما بمكان الحادث وقت وقوعه. وتساند إلى الدليلين القولي والفني رغم تعارضهما لأنه بينما مفاد أقوال الشاهدين أن تكون بالمجني عليه إصابة بمؤخرة الرأس خلا تقرير الصفة التشريحية من بيان هذه الإصابة بين الإصابات التي أوردها، وقول الحكم في مجال رفع هذا التعارض أن الشاهدين لم يحددا منطقة الرأس التي ضرب عليها المجني عليه يخالف الثابت بأقوالهما من أن الضربة الأولى كانت في رأسه من الخلف. هذا إلى أن الحكم استند إلى تقرير خبير الأدلة الجنائية الذي بني على مجرد الاحتمال وهو ما لا يصلح دليلاً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مردودة إلى أصلها الصحيح ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهاداتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته م دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وما دام لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته كما هو الحال في الدعوى، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان مؤدى ما حصله الحكم من أقوال شاهدي الإثبات – من أنه إثر خروج الطاعنين من مكمنهم اتجه الطاعن الأول إلى المجني عليه وضربه بعصا على رأسه من الخلف فسقط من فوق دابته على الأرض وواصل الطاعن المذكور وشقيقه الطاعن الثاني الاعتداء عليه بالضرب بالعصى على رأسه ووجهه بينما وقف الطاعن الثالث على مقربة منهما يحمل بندقية للإرهاب وشد أزرهما – لا يتعارض بل يتلاءم مع ما نقله عن تقرير الصفة التشريحية الذي أثبت أن بالمجني عليه سبع إصابات رضية حيوية حديثة معظمها بجانبي الرأس والوجه حدثت من المصادمة بجسم أو أجسام راضة ثقيلة ويجوز حدوثها من الضرب بالعصى، وكان قول الحكم - في مجال الرد على دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني - أن الشاهدين لم يحددا منطقة الرأس التي ضرب عليها المجني عليه، وإنما حددا موقف الطاعن الأول عن خلفه عندما ضربه بالعصا على رأسه - لا يخالف الثابت بأقوال الشاهدين، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على ما استبان لها من تقرير خبير الأدلة الجنائية من وجود آثار أقدام تتفق وطبيعة أقدام الطاعنين الثاني والثالث بالقرب من مكان الحادث وفي الاتجاه الذي قالت الشاهدة الثانية بأن الطاعنين قد سلكوه، وإنما استندت إلى وجود تلك الآثار كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها، فإنه لا جناح على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام أنه لم يتخذ من تقرير خبير الأدلة الجنائية دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام قبل المتهمين. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.