أحكام النقض – المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 23 - صـ 1074

جلسة 22 من أكتوبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن الشربيني، ومحمود عطيفة، ومحمد عبد المجيد سلامة، وطه دنانة.

(240)
الطعن رقم 871 لسنة 42 القضائية

أسباب الإباحة وموانع العقاب. "المادة 309 عقوبات". سب. قذف. دفاع. "ما يستلزمه حق الدفاع". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "حالات الطعن. بطلان في الحكم". مسئولية جنائية. جريمة. "أركانها".
مناط تطبيق المادة 309 عقوبات أن تكون عبارات السب التي أسندت من الخصم لخصمه في المرافعة مما يستلزمه الدفاع عن الحق مثار النزاع. خلو الحكم في بيان موضوع الدعوى المدنية التي قدم المتهم بشأنها المذكرة المشتملة على عبارات السب ومدى اتصالها بالنزاع والقدر الذي تقتضيه مدافعة الخصم عن حقه حتى يتضح وجه استخلاص الحكم أن عبارات السب ليست مما يستلزم حق الدفاع – قصور. يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون. يوجب النقض والإحالة.
لما كان مناط تطبيق المادة 309 من قانون العقوبات أن تكون عبارات السب التي أسندت من الخصم لخصمه في المرافعة مما يستلزمه الدفاع عن الحق مثار النزاع وكان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه قد خلا من بيان موضوع الدعوى المدنية التي قدم الطاعن بشأنها المذكرة التي اشتملت على عبارات السب ومدي اتصال هذه العبارات بالنزاع القائم والقدر الذي تقتضيه مدافعة الخصم عن حقه، حتى يتضح من ذلك وجه استخلاص الحكم أن عبارات السب ليست مما يستلزمه حق الدفاع في هذا النزاع, فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً قصوراً يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

أقام المدعى بالحق المدني دعوه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح الأزبكية الجزئية ضد الطاعن بوصف أنه في خلال شهر سبتمبر 1969 بدائرة قسم الأزبكية: (أولاً) قذف في حقه بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من قانون العقوبات بأمور ثابتة بمذكرته المودعة بملف القضية رقم 6974 سنة 1969 مستعجل القاهرة لو صدق لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبة المقررة في المادة 336 من قانون العقوبات, وما بعدها وأوجبت احتقاره عند أهله وذويه.(ثانياً) سبه بالألفاظ السابقة المدونة بالمذكرة سالفة الذكر وهى تتضمن خدشاً للشرف والاعتبار. وطلب عقابه بالمواد 302 و306 و307 و308 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع له مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف والأتعاب. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 21 من يناير سنة 1971 عملاً بمواد الاتهام ببراءة المتهم (الطاعن) من التهمة الأولى وبتغريمه عشرة جنيهات عن التهمة الثانية وإلزامه بأن يدفع للمدعي المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ومصاريف الدعوى المدنية ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف. ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بتاريخ 20 من يونيه سنة 1971 بقبول. الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السب قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه لم يعمل في حق الطاعن حكم المادة 309 من قانون العقوبات بمقولة إن عبارات السب ليست مما يستلزمه الدفاع في الدعوى التي قدمت فيها المذكرة التي تضمنت تلك العبارات في حين أن المذكرة قدمت في دعوى رفعت بشأن بيع المدعي المدني لموكلة الطاعن أرضاً لا وجود لها، وقد خلا الحكم المطعون فيه من بيان ماهية هذه الدعوى التي دافع فيها الطاعن عن موكلته بالعبارات موضوع المؤاخذة ومدى تأثير هذا العبارات في الكشف عن سلوك المدعي بالحق المدني في معاملاته, مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوي فيما قال به المدعي بالحق المدني من أنه سبق أن قام الدعوى رقم 6947 سنة 1969 مستعجل جزئي القاهرة ضد المتهمة الثانية وأن الطاعن بصفته محامياً لها قدم مذكرة بالاشتراك معها قالا فيها إنه كان يعمل بالسلك القضائي ثم أنحرف نحو الجريمة ففصل من عمله وأراد أن يشتغل بالمحاماة فأبت لجنة القيد أن ينضم إلى صفوف المحامين نصاباً محامياً وعرض إلى تطبيق المادة 309 من قانون العقوبات بقوله "ولما كانت هذه العبارات قد وردت في مناط الدفاع عن المتهمة الثانية فإنه قد يثار تطبيق المادة 309 من قانون العقوبات إلا أن المحكمة لا ترى مجالاً لإعمال هذه المادة إذ يشترط لإعمالها أن تكون عبارات السب مما يستلزمه الدفاع في الدعوى والمحكمة ترى أن هذه العبارات لست مما يستلزمه الدفاع في الدعوى المنظورة... " لما كان ذلك، وكان صحيحاً أن مناط تطبيق المادة 309 من قانون العقوبات أن تكون عبارات السب التي أسندت من الخصم لخصمه في المرافعة مما يستلزمه الدفاع عن الحق مثار النزاع، إلا أنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه انه قد خلا من بيان موضوع الدعوى المدنية التي قدم الطاعن بشأنها المذكرة التي اشتملت على عبارات السب, ومدي اتصال هذه العبارات بالنزاع القائم والقدر الذي تقتضيه مدافعة الخصم عن حقه، حتى يتضح من ذلك وجه استخلاص الحكم أن عبارات السب ليست مما يستلزمه حق الدفاع في هذا النزاع فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً قصوراً يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.