أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة السادسة - صـ 142

جلسة أول نوفمبر سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ إبراهيم خليل المستشار, وبحضور السادة الأساتذة: إسماعيل مجدي, ومصطفى حسن, وأنيس غالي, ومصطفى كامل المستشارين.

(48)
القضية رقم 1061 سنة 24 القضائية

(أ) إثبات. دليل.لا يلزم أن يكون مباشراً.
(ب) إثبات. تساند الأدلة.
(ج) دفاع موضوعي.الرد على كل جزئية يثيرها الدفاع.غير لازم.
1 - لا يلزم في القانون أن يكون الدليل مباشراً وقائماً بذاته.
2 - يكفى أن تتساند الأدلة وأن يكمل بعضها بعضاً وللمحكمة أن تستخلص من مجموعها ما ترى أنه مؤد إليه.
3 - إن المحكمة غير مكلفة بالرد على دفاع المتهم الموضوعي فى كل جزئية يثيرها, بل يكفى أن يكون ردها عليه مستفاداً من قضائها بإدانته للأدلة التى بينتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين: أنهما - قتلا علي سيد علي عمداً وكان ذلك مع سبق الإصرار والترصيد بأن بيتا النية على قتله وأعدا لذلك آلة حادة وخذية (حشتين) وكمناً له في طريقه إلى بلده حتى إذا ما مر عليهما انهالاً عليه طعناً فأحدثا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته. وطلبت من قاضى الإحالة إحالة المتهمين المذكورين إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات أسيوط قضت عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة17من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين علي عامر حميد وحامد محمد عبد المنعم بالأشغال الشاقة المؤبدة مع أعفائهما من المصروفات الجنائية.
فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه جاء مضطرباً وقاصراً إذ قال إن كلا من الطاعنين استعمل فى قتل المجني عليه خشتا مع أنه تبين من تقرير الصفة التشريحية أن بالمجني عليه أربعة عشرا جرحاً منها أربعة من استعمال خشت أما باقي الجروح فهي من آلة أخرى وهى التى نشأت عنها الوفاة. وأن الحكم - عندما تحدث عن نية القتل اسند إلى الطاعنين أنهما ضربا المجني عليه بالخشت وبآلات حادة في جسمه مع أن شاهد الدعوى لم يذكر أنهما استعملا في الحادث سلاحاً غير الخشت وأن ما قالته المحكمة عن سبق الإصرار والترصد لا يوجد له سند من أقوال ذلك الشاهد إذ ذكر أنه لم ير الطاعنين قبل الحادث عندما ذهب مع المجني عليه لبيع القطن فى البلدة التى وقع فيها القتل. وأن الحكم استند إلى غير الثابت فى الأوراق إذ ذكر أن عمدة البلدة شهد بالجلسة بأن المسموع فى القضية أن المتهمين هما اللذان ارتكبا الحادث مع أنه بالرجوع إلى محضر الجلسة يبين أن الشاهد لم يقل ذلك وإنما ذكر أن الشائع أن عائلة الطاعنين هى التى قارفت الحادث كما أنه شائع أن عائلات أخرى بينها وبين عائلة القتيل خصومة قد تكون هى التى قارفت القتل0 وأن الحكم لم يعن بالرد على ما أثاره الدفاع من الشك في أن تكون الجثة التى عثر عليها هى جثة المجني عليه, وأغفل ما أورده الدفاع على ذلك من أدلة.
وحيث إنه لا يبين من الحكم المطعون فيه أنه عزا سبب وفاة المجني عليه إلى إصابات معينة دون الأخرى أو إلى نوع منها بذاته دون الآخر بل أورد ما يفيد أن تقرير الصفة التشريحية عزاها إلى النزيف الذى نشأ عن الإصابات كلها مجتمعة والصدمة العصبية مما يعتبر معه الطاعنان مسئولين عن الجريمة بوصف كونهما فاعلين لها حتى مع استبعاد ظرف سبق الإصرار وحتى مع القول بأنهما أحدثا الإصابات الوخزية الناشئة عن الطعن بالخشت دون غيرها ما دامت هذه الإصابات قد ساهمت فى إحداث الوفاة, هذا إلى أن ما أسنده الحكم إلى الطاعنين من إحداث الإصابات التى وردت بتقرير الصفة التشريحية جميعها سواء منها ما كان بالخشت أو بآلة أخرى حادة لا يجافى ما ذكره من مؤدى شهادة الشاهد الذى يشير إليه الطاعنان فى طعنهما ما دامت شهادته جاءت مقصورة على بدء الاعتداء على المجني عليه بالخشت فهو لم يشهد كيف تم القتل بعد أن وقع المجني عليه فى حوزة الطاعنين إذ فر بنفسه خشية الفتك به أيضاً. ولما كان للمحكمة أن تستكمل قول الشاهد الذى عولت عليه بما تبين لها من تقرير الصفة التشريحية بشأن الإصابات الأخرى التى وجدت بالمجني عليه إذ لا يلزم فى القانون أن يكون الدليل مباشراً وقائماً بذاته كما يكفى أن تتساند الأدلة وأن يكمل بعضها بعضاً. وللمحكمة أن تستخلص من مجموعها ما ترى أنه مؤد إليه - وكان ما ذكره الحكم عن ظرفي سبق الإصرار والترصد مردوداً إلى أصله من الأوراق ومحضر المعاينة وأقوال شاهد الرؤية بشأن تربص الطاعنين للمجنى عليه فى طريق عودته وكل منهما يحمل خشتاً حتى إذا اقترب منهما انقضا عليه وطعناه هذا إلى أن العقوبة التى أوقعها الحكم عليهما تدخل فى العقوبة المقررة للقتل العمد دون توافر هذين الظرفين ولما كان يبين من محضر الجلسة أن الحكم لم يخطئ فيما أورده من مؤدى شهادة العمدة فيما وهو إذ قال إن الجثة التى عثر عليها هى جثة المجني عليه قد استدل على ذلك بأدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه ومن ذلك تعرف والده والشاهد على الجثة من الملابس والحذاء والجورب وساعة اليد وجلدتها والخاتم الذى كان المجني عليه يضعه في أصبعه البنصر وما ورد بقرير الصفة التشريحية وكانت المحكمة غير مكلفة بعد ذلك بالرد على دفاع المتهم الموضوعي فى كل جزئية يثيرها, بل يكفى أن يكون ردها عليه مستفاداً من قضائها بإدانته للأدلة التى بينتها. لما كان ذلك فإن ما ينعاه الطاعنان لا يكون إلا جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يقبل أمام محكمة النقض0
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.