أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 26 - صـ 887

جلسة 28 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد عادل مرزوق، وأحمد فؤاد جنينه، ومحمد وهبة.

(195)
الطعن رقم 1942 لسنة 45 القضائية

دعوى مدنية. "الصفة فيها". دفوع. "الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية. لانتفاء صفة رافعها. جوهري. يوجب على المحكمة أن تقول كلمتها فيه. إلا إذا لم يشهد له الواقع ويسانده. مثال على ما يفيد إطراح هذا الدفع بما يسوغه.
لئن كان صحيحاً – على ما ثبت من مراجعة مذكرة الطاعنة المصرح لها بتقديمها أمام المحكمة الاستئنافية ومدونات الحكم المطعون فيه - ما قالت به الطاعنة من أن المحكمة أغفلت الرد على دفعها بعدم قبول الدعوى المدنية لانتفاء صفة رافعيها، وهو مسلك من المحكمة كان يؤذن بتعييب حكمها باعتبار أن هذا الدفع من الدفوع الجوهرية التي تلتزم المحكمة أن تقول كلمتها فيه إلا أن ما يرد هذا العيب عن الحكم في الطعن الماثل أن دعوى الطاعنة في هذا الصدد لا تعدو أن تكون قولاً مرسلاً عارياً عن دليله يكذبه الواقع الذي احتكمت إليه، ذلك بأن الثابت من مدونات الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه أن المدعيين بالحقوق المدنية قد أعلنا كلاً من المحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية – الطاعن – بالدعوى المدنية باعتبارهما والدي المجني عليه وقدما شهادة ميلاد المجني عليه وملفه المدرسي تدليلاً على ثبوت صفتهما في اقتضاء التعويض المطالب به في الدعوى المدنية على هذا الأساس المتقدم ذكره، ولم يجادل الطاعن في صحة هذين المستندين وما اشتملا عليه من بيانات دالة بذاتها على أبوة المدعيين بالحقوق المدنية للمجني عليه، بل أنه سلم ضمناً بتوافر هذه الصفة، فراح يناقش موضوع الدعوى وأدلتها وعدم تناسب التعويض المطالب به مع الضرر، كما سارت الدعوى شوطاً طويلاً في مرحلتي التقاضي دون ثمة منازعة من جانب الطاعن في صفة المدعيين بالحقوق المدنية، ومن ثم فإن عودته – من بعد – للمنازعة في صفة المدعيين بالحقوق المدنية في المرحلة الأخيرة من المحاكمة الاستئنافية، وعلى خلاف ما تنطبق به الأوراق من توافر هذه الصفة لهما، يكون دفاعاً لا يتسم بطابع الجدية وعارياً عن دليله إذ يدحضه الواقع ولا يسانده، وتكون المحكمة في حل من الالتفات عنه دون أن يعتبر سكوتها عن تناوله والرد عليه عيباً في حكمها، لما هو مقرر من أنه يشترط في الدفاع الجوهري كيما تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه أن يكون في جوهريته جدياً يشهد له الواقع ويسانده، فإذا كان عارياً عن دليله وكان الواقع يدحضه، فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات عنه دون أن تتناوله في حكمها، ولا يعتبر سكوتها عنه إخلالاً بحق الدفاع ولا قصوراً في حكمها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 5 من أبريل سنة 1970 بدائرة قسم الدرب الأحمر محافظة القاهرة: (أولاً) تسبب من غير قصد ولا تعمد في قتل......... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأن قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص للخطر ولم يتحرز لوجود المجني عليه والعمل على إيقاف السيارة في الوقت المناسب فصدمه وحدثت إصابته المبينة بالمحضر والتي أودت بحياته. (ثانياً) قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. وطلبت معاقبته بالمواد 238/ 1 من قانون العقوبات و1 و2 و78 و81 و88 و90 من القانون رقم 449 لسنة 1955. وادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهم وهيئة النقل العام (المسئولة عن الحقوق المدنية) بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة الدرب الأحمر الجزئية قضت حضورياً عملاً مواد الاتهام (أولاً) بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وإلزامه والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بأن يدفعا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة جنيه والمصاريف المدنية. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم، كما استأنفه المدعيان بالحقوق المدنية. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييده بالنسبة للدعوى الجنائية وفي الدعوى المدنية بتعديل الحكم المستأنف وجعل التعويض مبلغ ثلاثة آلاف جنيه وألزمت المتهم المصاريف المدنية الاستئنافية. فارض المحكوم عليه وقضى في معارضته بعدم قبولها لرفعها عن حكم غير قابل له. فطعنت المسئولة عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن المسئول عن الحقوق المدنية ينعي على الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزامه والمحكوم عليه متضامنين بتعويض للمطعون ضدهما – المدعيين بالحقوق المدنية – قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع لدى المحكمة الاستئنافية في مذكرته المصرح له بتقديمها بعدم قبول الدعوى المدنية لانتفاء صفة المدعيين لخلو الأوراق مما يثبت أوبتهما للمجني عليه، إلا أن الحكم سكت عن هذا الدفع الجوهري إيراداً له ورداً عليه.
وحيث إنه وإن كان صحيحاً – على ما ثبت من مراجعة مذكرة الطاعنة المصرح لها بتقديمها أمام المحكمة الاستئنافية ومدونات الحكم المطعون فيه – ما قالت به الطاعنة من أن المحكمة أغفلت الرد على دفعها بعدم قبول الدعوى المدنية لانتفاء صفة رافعيها، وهو مسلك من المحكمة كان يؤذن بتعييب حكمها باعتبار أن هذا الدفع من الدفوع الجوهرية التي تلتزم المحكمة أن بقول كلمتها فيه إلا أن ما يرد هذا العيب عن الحكم في الطعن الماثل أن دعوى الطاعنة في هذا الصدد لا تعدو أن تكون قولاً مرسلاً عارياً عن دليله يكذبه الواقع الذي احتكمت إليه، ذلك بأن الثابت من مدونات الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه، أن المدعيين بالحقوق المدنية قد أعلنا كلاً من المحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية – الطاعن – بالدعوى المدنية باعتبارهما والدي المجني عليه وقدما شهادة ميلاد المجني عليه وملفه المدرسي تدليلاً على ثبوت صفتهما في اقتضاء التعويض المطالب به في الدعوى المدنية على هذا الأساس المتقدم ذكره، ولم يجادل الطاعن في صحة هذين المستندين وما اشتملا عليه من بيانات دالة بذاتها على أبوة المدعيين بالحقوق المدنية للمجني عليه، بل أنه سلم ضمناً بتوافر هذه الصفة، فراح يناقش موضوع الدعوى وأدلتها وعدم تناسب التعويض المطالب به مع الضرر، كما سارت الدعوى شوطاً طويلاً في مرحلتي التقاضي دون ثمة منازعة من جانب الطاعن في صفة المدعيين بالحقوق المدنية، ومن ثم فإن عودته – من بعد – للمنازعة في صفة المدعيين بالحقوق المدنية في المرحلة الأخيرة من المحاكمة الاستئنافية، وعلى خلاف ما تنطبق به الأوراق من توافر هذه الصفة لهما، يكون دفاعاً لا يتسم بطابع الجدية. وعارياً عن دليله إذ يدحضه الواقع ولا يسانده، وتكون المحكمة في حل من الالتفات عنه دون أن يعتبر سكوتها عن تناوله والرد عليه عيباً في حكمها، لما هو مقرر من أنه يشترط في الدفاع الجوهري كما تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه أن يكون مع جوهريته جدياً يشهد له الواقع ويسانده، فإذا كان عارياً عن دليله وكان الواقع يدحضه، فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات عنه دون أن تتناوله في حكمها، ولا يعتبر سكوتها عنه إخلالاً بحق الدفاع ولا قصوراً في حكمها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.