أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 23 - صـ 1179

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين: حسن الشربيني، ومحمود عطيفة، ومحمد عبد المجيد سلامة , وطه دنانة.

(267)
الطعن رقم 942 لسنة 42 القضائية

( أ ) تزوير. "محرر عرفي". إثبات. "خبرة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
لا يعيب الحكم إغفاله طلب الطاعن إرسال الورقة محل الطعن بالتزوير إلى قسم أبحاث التزييف لتحقيق ما يدعه من أنه لم يكتب صلب الإقرار بخطه أو رده على الطلب رداً صريحاً. ما دامت المحكمة قد اقتنعت واستخلصت فى منطق سليم أن الطاعن حصل على توقيع المجني عليها غفلة على ورقة منفصلة ثم قام بلصقها بالسند المتضمن الإقرار المزور بما تتوافر به جريمة التزوير المادي بطريق تغيير المحرر وأنه المقدم للسند والمتمسك به وصاحب المصلحة فيه بما يصح معه أن يكون قد قارف التزوير بنفسه أو بواسطة غيره.
(ب) إثبات. "بوجه عام". تزوير. "محرر عرفي". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم مؤدى الأدلة التي استندت إليها المحكمة المدنية في القضاء برد السند وبطلانه والتي من شأنها أن تؤدى إلى الإدانة. لا يضيره. من حق القاضي الجنائي الاعتماد فى تكوين عقيدته على أي مصدر في الدعوى.
(ج) إثبات. "شهود". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات المحاكمة. تزوير. "محرر عرفي".
جواز استغناء المحكمة عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً. المادة 289 إجراءات. تعويل المحكمة على أقوال الشهود فى تحقيقات الدعوى المدنية. صحيح ما دام الطاعن لم يطلب سماعهم وكانت أقوالهم مطروحة على بساط البحث فى الجلسة.
(د) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع " الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام محكمة الموضوع بتعقيب المتهم فى كل جزئية من مناحي دفاعه الموضوعي. في اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها ما يفيد اطراحها بجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون التزام ببيان علة اطراحها.
1 - إذا كان الحكم لم يقم قضاءه بإدانة الطاعن بالتزوير على أساس أنه هو الذي حرر بخطه صلب الإقرار موضوع الدعوى بل على أساس ما اقتنعت به المحكمة واستخلصته في منطق سليم من أن الطاعن حصل على توقيع المجني عليها غفلة على ورقة منفصلة ثم قام بلصقها بالسند المتضمن للإقرار المزور بما تتوافر به جريمة التزوير المادي بطريقة تغيير المحرر ومن أنه المقدم للسند المتمسك به وصاحب المصلحة فيه بما يصح معه أن يكون قد قارف التزوير بنفسه أو بواسطة غيره فإنه لا يقدح فى سلامة الحكم إغفال المحكمة لطلب الطاعن إليها إرسال الورقة محل الطعن إلى قسم أبحاث التزييف التزوير لتحقيق ما يدعيه من أنه لم يكتب صلب الإقرار بخطه أو رده على الطلب رداً صريحاً.
2 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى الأدلة التي استندت إليها المحكمة المدنية في قضائها برد السند وبطلانه وكانت هذه الأدلة من شأنها أن تؤدي إلى الإدانة فإن ذلك لا يضره إذ من حق القاضي الجنائي أن يعتمد فى تكوين عقيدته على أي مصدر فى الدعوى.
3 - يجيز نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله بالقانون رقم 113 لسنة 1957 للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، يستوي في ذلك أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصريف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. ولما كان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب سماع الشهود فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا عولت على أقوالهم فى تحقيقات الدعوى المدنية ما دامت تلك الأقوال كانت مطروحة على بساط البحث فى الجلسة.
4 - محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم فى كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها ما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها إياها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم أول مارس سنة 1965 وفى يوم 30 نوفمبر سنة 1966 بدائرة قسم الدرب الأحمر محافظة القاهرة. (أولاً) ارتكب تزويراً في محرر عرفي هو الإقرار المؤرخ أول مارس سنة 1965 والمرفق بالأوراق والمنسوب صدوره زوراً للسيدة...... بأن قام بتحرير صلب الإقرار ثم لصق ورقة مذيلة عليها توقيع مأخوذ بالمباغتة من المجني عليها للدلالة على الخلاف الحقيقة أنها موقعة على صلب الإقرار. (ثانياً) استعمل المحرر المزور سالف الذكر بأن تمسك به فى الدعوى 4635 سنة 1965 كلي مصر مع علمه بتزويره, وطلبت عقابه بالمادتين 211 و215/ 1 – 2 من قانون العقوبات. وادعت...... مدنياً, وطلبت القضاء لها قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة, ومحكمة الدرب الأحمر الجزئية قضت حضورياً اعتبارياً بتاريخ 15 يونيه سنة 1970 عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم سنتين مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدني قرش واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم , ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بتاريخ 5 مارس سنة 1972 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المسـتأنف فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبني الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي تزوير محرر عرفي واستعماله قد شابه بطلان فى الإجراءات وإخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب, ذلك بأن الطاعن طلب في مذكرته إلى المحكمة ضم الحرز المحتوى على الإقرار المدعي بتزويره للاطلاع عليه وإرساله إلى قسم أبحاث التزييف والتزوير لبيان محرره إلا أنها لم تجب هذا الطلب ولم ترد عليه. وأقام الحكم قضاؤه على ما قضى به في الدعوى المدنية من رد وبطلان الإقرار دون سماع شهادة المجني عليها وبغير تحقيق تجريه المحكمة أو دليل فني يثبت التزوير أو ينفيه، كما أغفل الحكم ما ساقه الطاعن من دفاع فى موضوع الدعوى فسكت عنه إيراداً له ورداً عليه.
وحيث إن الحكم الابتدائي – المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه – بين واقعه الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي التزوير فى محرر عرفي واستعماله اللتين دان الطاعن بهما وأقام عليهما فى حقه أدلة مستقاة من أقوال الشاهد......... ومما استبانته المحكمة من الاطلاع بنفسها على السند المطعون فيه بالتزوير وهى أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك, وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة في درجتي التقاضي أن المحكمة – فى حضور الدفاع – قد فضت المظروف المحتوي على السند موضوع الدعوى وأثبتت الاطلاع عليه، فإن منعي الطاعن فى هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك, و كان الحكم لم يقم قضاءه بإدانة الطاعن بالتزوير على أساس أنه هو الذي حرر بخطه صلب الإقرار بموضوع الدعوى بل على أساس ما اقتنعت به المحكمة واستخلصته في منطق سليم من أن الطاعن حصل على توقيع المجني عليه غفلة على ورقة منفصلة ثم قام بلصقها بالسند المتضمن للإقرار المزور بما تتوافر به جريمة التزوير المادي بطريقة تغيير المحرر, ومن أنه المقدم للسند والمتمسك به وصاحب المصلحة فيه بما يصح معه أن يكون قد قارف التزوير بنفسه أو بواسطة غيره فإنه لا يقدح فى سلامة الحكم إغفال المحكمة لطلب الطاعن إليها إرسال الورقة محل الطعن إلى قسم أبحاث التزييف التزوير لتحقيق ما يدعيه من أنه لم يكتب صلب الإقرار بخطة أو رده على الطلب رداً صريحاً. لما كان ذلك, و كان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى الأدلة التي استندت إليها المحكمة المدنية في قضائها برد السند وبطلانه, وكانت هذه الأدلة من شأنها أن تؤدي إلى الإدانة فإن ذلك لا يضيره إذ من حق القاضي الجنائي أن يعتمد فى تكوين عقيدته على أي مصدر فى الدعوى, ولا محل لما يثيره الطاعن في شأن عدم تحقيق الدعوى بإغفال سماع أقوال المجني عليها ذلك بأن نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله بالقانون رقم 113 لسنة 1957 يجيز للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، يستوي في ذلك أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. ولما كان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب سماع الشهود, فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا عولت على أقوالهم فى تحقيقات الدعوى المدنية ما دامت تلك الأقوال كانت مطروحة على بساط البحث فى الجلسة. لما كان ذلك, وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم فى كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي إذ في اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها ما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها إياها, فإن النعي على الحكم بقاله القصور في التسبيب لإغفاله الرد على ما ساقه الطاعن من أوجه دفاع يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.