أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة السادسة - صـ 173

جلسة2من نوفمبر سنة1954

برياسة السيد الأستاذ إبراهيم خليل المستشار, وحضور السادة الأساتذة: إسماعيل مجدي, ومصطفى حسن , وأنيس غالي, ومصطفى كامل المستشارين.

(57)
القضية رقم 1080 سنة 24 القضائية

إن انتحال وظيفة دون القيام بعمل من أعمالها.متى يعتبر تداخلاً فيها؟
إن انتحال الوظيفة دون القيام بعمل من أعمالها لا يعتبر تداخلاً فيها إلا إذا اقترن بعمل يعد افتئاتاً عليها وهو يتحقق بالاحتيال والمظاهر الخارجية التى يكون من شأنها تدعيم الاعتقاد فى صفة الجاني وكونه صاحب الوظيفة التى انتحلها ولو لم يقم بعمل من أعمالها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم عابدين وبناحية أنشاص مديرية الشرقية تداخل فى وظيفة من الوظائف العمومية من غير أن تكون له صفة رسمية بذلك بأن ادعى لنفسه وظيفة سكرتير خاص السيد رئيس مجلس الوزراء وقدم نفسه بهذه الصفة المنتحلة لكل من الدكتور حنفي أبو العلا المحامى والأستاذ محمد محمود خليل والأستاذ عبد الحميد حامد عبد الحميد اخصائى النباتات بوزارة الزراعة وغيرهم وجعل اتصال ثانيهما به بواسطة أحد تليفونات رياسة مجلس الوزراء وترك أولئك وغيرهم يقدمونه على أنه صاحب الوظيفة العمومية التى أنتحلها لنفسه لكل من الدكتور عباس أحمد الأتربى ومفتش مزرعة فى أنشاص ومعاون هذه المزرعة وغيرهم.وطلبت عقابه بالمادة 155 من قانون العقوبات. ونظرت محكمة جنح عابدين الجزئية هذه الدعوى ثم قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهراً واحداً مع اشغل والنفاذ بلا مصاريف. فاستأنف المتهم هذا الحكم ونظرت محكمة مصر الابتدائية هذا الاستئناف ثم قضت حضورياً بقبوله شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم خمسمائة قرش بلا مصاريف.
فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر ما وقع من الطاعن تدخلاً في أعمال وظيفة السكرتير الخاص لرئيس مجلس الوزراء, قد أخطأ فى تطبيق القانون. إذ أن مجرد انتحال صفة الموظف لا يعتبر تدخلاً في الوظيفة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين أن الطاعن وهو موظف كتابي بمصلحة السكة الحديدية, انتحل لنفسه صفة سكرتير رئيس مجلس الوزراء, وتقدم بهذه الصفة المنتحلة لبعض الأشخاص وأعطى عنوانه لهم بسكرتارية مجلس الوزراء مع رقم التليفون الخاص بها, وأنه اتصل بمعاون زراعة أنشاص متخذاً صفة هذه الوظيفة وأنه سبق أن حضر إلى المزرعة واشترى بصفته المذكورة دجاجاً منها وأنه سيحضر فى اليوم التالي لهذا الغرض أيضاً, وقد حضر واستعمل فى انتقاله إليها سيارة من نوع" استيشن واجن" حصل عليها من بعض من تقدم إليهم بصفته المذكورة, واستغل هذه الصفة فى شراء دواجن له ولغيره, وأنه ما كان يمكن للمتهم أن يتقدم لمزرعة أنشاص لشراء دواجن له ولسواه وهو غير معروف لموظفي المزرعة إلا عن طريق اتخاذه صفة سكرتير رئيس مجلس الوزراء ثم قال الحكم" إن المتهم لم يكتف بمجرد انتحال الوظيفة بل أن الأعمال الإيجابية السابقة بالإضافة إلى انتحال الصفة يتوفر بها الافتئات على الوظيفة المكون لجريمة التدخل ولا يشترط لتحقيق الجريمة أن يقوم المتهم بعمل من أعمال الوظيفة"0ولما كان ما قاله الحكم من ذلك سديداً في القانون إذ أن المادة 155 من قانون العقوبات لا تعاقب فقط على إجراء عمل من مقتضيات وظيفة عمومية بل تعاقب أيضاً من تداخل فى الوظيفة من غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة, ولما كان انتحال الوظيفة دون القيام بعمل من أعمالها لا يعتبر تداخلاً فيها إلا إذا اقترن بعمل, يعد افتئاتاً عليها وهو يتحقق بالاحتيال والمظاهر الخارجية التى يكون من شأنها تدعيم الاعتقاد فى صفة الجاني وكونه صاحب الوظيفة التى انتحلها ولو لم يقم بعمل من أعمالها.لما كان ذلك فإن الحكم إذ دان الطاعن بجريمة التداخل فى الوظيفة المنصوص عليها فى المادة 155من قانون العقوبات لا يكون مخطئاً في شيء.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.