أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة السادسة - صـ 183

جلسة 16من نوفمبر سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ أحمد محمد رئيس المحكمة, وبحضور السادة الأساتذة: إسماعيل مجدي, وحسن داود, وأنيس غالي, ومصطفى كامل المستشارين.

(61)
القضية رقم 1022 سنة 24 القضائية

استعمال القسوة. متى تتوافر أركان الجريمة؟
إن جريمة استعمال القسوة المنصوص عنها فى المادة 129 من قانون العقوبات تتوافر أركانها باستظهار وقوع التعدي من المتهم على المجني عليه اعتماداً على سلطة وظيفته دون ما حاجة إلى ذكر الاصابات التى حدثت بالمجني عليه نتيجة لهذا التعدي.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة (1) عرفة سالم الطنطاوي(الطاعن) (2) الموافي الإمام شعبان بأنهما وصفتهما الأول شيخ الخفراء والثاني شيخ بلد استعملا القسوة مع علي محمد أبو العينين كامل اعتماداً على سلطة وظيفتهما بأن ضرباه فأحدث به الإصابات الموضحة بالكشف الطبي.
وطلبت عقابهما بالمادة 129 من قانون العقوبات وادعى علي محمد أبو العينين كامل بحق مدنى قدره قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهمين. ومحكمة مركز المحلة الكبرى قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام للأول وبالمادة 304 من قانون الإجراءات للثاني بحبس المتهم الأول شهراً مع الشغل وكفالة 500 قرش لوقف التنفيذ وبإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى مبلغ قرش صاغ والمصاريف المدنية و200 قرش أتعاب محاماة وبراءة الثانى ورفض الدعوى المدنية قبله بلا مصاريف. استأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة طنطا الابتدائية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم بالمصاريف المدنية الاستئنافية بلا مصاريف جنائية.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعن يرمى الحكم المطعون فيه بأنه أخل بحق الدفاع ذلك لأنه أيد الحكم المستأنف لأسبابه دون أن يرد على دفاعه الذى ضمنه مذكرته المقدمة للمحكمة الاستئنافية والتى قال (1) أن الحكم الابتدأئى عول على أقوال شاهد يدعى عبد القادر مطاوع أسند إليه أنه قال" إنه كان واقفاً مع معاون الزراعة ورأى المتهم يدخل المجني عليه إلى حجرة التليفون ويضربه بعصا مع أن الشاهد المذكور لم يسمع إطلاقاً لا في التحقيقات ولا فى الجلسة والذي سئل شاهد غيره يدعى سلامه مطاوع فقرر أنه لم ير ضرباً إطلاقاً (2) إن الحكم الابتدأئى مشوب بالقصور إذ لم يتعرض لشهادة الموافي الأمام شعبان شيخ الناحية الذى قرر أن شيخ الخفراء لم يضرب المجني عليه ولا لشهادة المهدي بسيونى ناصف الخفير ومحمد حسن سرور اللذين قررا أنهما لم يريا شيخ الخفراء يضرب المجني عليه (3) - أن شيخ الخفراء بحكم مركزه الدقيق لا يخلو من أن يكون له أعداء مستترون من بين أهالي بلدته بسب أداء مهام وظيفته وكثيراً ما يكون هو خالي الذهن من هذا العداء المستتر وان المجني عليه رجل مشاغب سعى ليكون من رجال الحفظ ففشل ولذلك حقد عليهم وانه لا توجد خصومة مباشرة بين المجني عليه والمتهم وقالت محكمة أول درجة بوجود هذه الخصومة ولكنها لم تبينها فى حكمها ولم تذكر ما يدفع شيخ الخفراء للاعتداء على المجني عليه وأن جميع الشهود الذين استشهد بهم المجني عليه من أقاربه وقد تضاربت أقوالهم فبعضهم قال إن المتهم ضرب المجني عليه باليد والبعض الآخر قال إنه ضربه بالعصا وقال فريق إن شيخ البلد محمد موافي ساهم فى الضرب بعصا ولم يبين الحكم الابتدأئى الضربات التى أحدثها محمد موافي والضربات التى أحدثها شيخ الخفراء ولماذا سئل هذا الأخير عن كل الضربات ومع أن هذا الدفاع أبدى لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية فإنها لم ترد عليه (4) إن محكمة أول درجة أسندت لمعاون الزراعة عبد الحميد محمد أبو سمره أنه قال برؤية المتهم يدفع المجني عليه إلى حجرة التليفون ويدخل معه ويغلق بابها وبأنه سمع بعد ذلك صوت الضرب بعصا وما نسبه له الحكم لم يرد فى أقواله لا بالتحقيقات ولا بالجلسة.
ومن حيث إنه يبين من الإطلاع على المفردات التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لما ورد فى أسباب الطعن أن عبد القادر محمد مطاوع سئل بمعرفة النيابة بتاريخ 30 من يوليه سنة 1951 فقرر ضمن إجابته" فقال شيخ البلد الشيخ الخفراء أمسكه (المجني عليه) إلى أن يدفع أجرة الأربعة أنفار وشيخ الخفراء شده ودخله حجرة التليفون وقفل عليه الباب وشيخ البلد دخل أيضاً حجرة التليفون وسمعت أنا والمعاون الضرب فدخلت جوه حجرة التليفون وشفت شيخ الخفراء ماسك عصا بيده ويضرب بها الشيخ على كامل" وورد فى أقوال عبد الحميد محمد أبو سمره فى تحقيقات النيابة" فشيخ الخفراء قال له أنت لازم تطلع أنفار ولازم تدفع أجرة أربعة أنفار نزلناهم فى أرضك النهارده فرد عليه أبو العينين وقال مانش دافع وحصلت ما بينهم مشاحنة لهذا السبب فشيخ الخفراء جره ودخله جوه الدوار وقفلو الباب وحصل ضرب ولكن معرفتش مين اللي بيضرب" وسألته النيابة هل شاهدت الاعتداء على المجني عليه بنفسك؟ فأجاب" أنا فضلت واقف بره وما دخلتش لكن سمعت صوت استغاثة المجني عليه وأصوات الضرب بعصا وبعد ما انفضت الحكاية شفت ضرباً على جسمه ودماً نازلاً منه" وورد فى شهادته بمحضر الجلسة" وبعدين شيخ الخفراء جرى على جوه حجرة التليفون وقفل الباب وسمعت زعاق فأنا خرجت... " ويبين من الإطلاع على الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المستأنف بأسبابه أنه قال عن الخصومة بين الطاعن وبين المجني عليه" وعلل المجني عليه سبب الحادث بوجود عداء دفين بين أسرته وأسرة المتهم لعدم موافقة الأولى على تعيين الأخير في وظيفته فاستغل ظروف نقاؤة الدودة ووفاة العمدة وانفراده بالسلطة هو والمتهم الثانى ووجدها فرصة لإشباع شهوة الانتقام فاعتدى هذا الاعتداء المنكر - ولما كان يبين من ذلك ان ما ورد فى تقرير الطعن نقلاً عن المذكرة المقدمة من الطاعن للمحكمة الاستئنافية من خطأ فى الإسناد ومن قصور فى التدليل على سبب الجريمة رمى بها الطاعن الحكم الابتدائي كله غير صحيح وأن الحكم المذكور عول فى إدانته على أقوال شهود سئلوا في التحقيقات واستند إلى ما له أصل ثابت من أقوالهم فيها, ولما كان للمحكمة أن تعول على أقوال الشهود الذين تطمئن إليهم وتطرح أقوال من لا تطمئن إلى أقوالهم وكان الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي لأسبابه قد أخذ بما استظهره الحكم الابتدائي من سبب للجريمة وأبان أنه وصل فى تقديره لأقوال الشهود إلى ما انتهى إليه الحكم المستأنف وأنه لم يجد فى المذكرة المقدمة له من الطاعن ما يستحق منه رداً خاصاً ولما كانت الجريمة التى دان الطاعن بها تتوافر أركانها باستظهار وقوع التعدي من الطاعن على المجني عليه اعتماداً على سلطة وظيفته دون ما حاجة إلى تعدد الإصابات التى حدثت بالمجني عليه نتيجة لهذا التعدي وكان من المتصور عقلاً أن تكون كل الإصابات التى أثبتها التقرير الطبي بالمجني عليه نشأت عن تعدى الطاعن عليه مع وجود متهم آخر معه فى التعدي, لما كان ذلك الطعن يكون برمته على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.