أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة السادسة - صـ 192

جلسة 16من نوفمبر سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ إبراهيم خليل المستشار, وبحضور السادة الأساتذة: مصطفى حسن, وحسن داود, ومحمود إسماعيل, ومصطفى كامل المستشارين.

(64)
القضية رقم 1082 سنة 24 القضائية

دعاوى الحقوق المدنية. الأصل أن ترفع إلى المحاكم المدنية.إباحة رفعها استثناء إلى المحاكم الجنائية متى كانت تابعة للدعوى العمومية. رفع الدعوى العمومية على متهم لارتكابه جريمة تبديد. مطالبته بتعويض الضرر الناتج عن إخلاله بواجبة فى تنفيذ شروط عقد نقل.قضاء المحكمة الجنائية باختصاصها بنظر الدعوى المدنية وتصديها لموضوعها. خطأ.
إن قضاء محكمة النقض جرى على أن الأصل فى دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية, وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى العمومية وكان الحق المدعى به ناشئاً عن ضرر للمدعى من الجريمة المرفوعة عنها الدعوى العمومية, فإذا لم يكن الضرر ناشئاً عن هذه الجريمة, بل كان ناشئاً عن فعل آخر سقطت تلك الإباحة وكانت المحاكم الجنائية غير مختصة بنظر الدعوى المدنية.وإذن فإذا كان المدعى بالحقوق المدنية قد بنى طلب التعويض لا على الضرر الناشئ عن جريمة التبديد المسندة إلى المتهم وإنما على الضرر الذى لحق به نتيجة إخلال المتهم بواجبه في تنفيذ شروط عقد النقل, مما لا تخص المحاكم الجنائية بالفصل فيه, فإن الحكم إذ قضى باختصاص تلك المحاكم بنظر الدعوى المدنية وتصدى لموضوعها وفصل فيه برفض هذه الدعوى يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه والقضاء بعدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية, لأن هذا الاختصاص من النظام العام المتعلقة بالولاية القضائية للمحاكم مما يجوز معه لمحكمة النقض أن تقضى به من تلقاء نفسها طبقاً للفقرة الثانية من المادة 425 من قانون الإجراءات الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة 1 - إسماعيل خليل طرابية (المطعون ضده) و2 - محمد أمين العطلى بأنهما: الأول بدد الجبس والخروب المبين بالمحضر لشركة جورج جلانا ديوس, وكانت لم تسلم إليه إلا على سبيل الأمانة وتسليمها لحامل بوليصة الشحن فبددها إضراراً بمالكها بأن سلمها للمتهم الثاني. والثاني: اشترك مع المتهم الأول بطريق الاتفاق فى ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفق معه على التبديد فوقعت الجريمة بناء على الاتفاق. وطلبت عقابهما بالمواد 341 و40/ 2 و41 من قانون العقوبات. وادعى بنك باركليز بحق مدنى قدره 1054جنيهاً و38مليماً على سبيل التعويض قبل المتهمين بالتضامن ومحكمة دمياط الجزئية قضت عملاً بالمادة (304)من قانون الإجراءات الجنائية أولاً برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية وبقبولها. وثانياً - ببراءة المتهمين مما نسب إليهما بلا مصروفات. وثالثاً - بإلزام المتهمين متضامنين بأن يدفعا للمدعى المدنى مبلغ 1054جنيهاً و38مليماً بصفة تعويض مع المصروفات المدنية وعشرة جنيهات أتعاب محاماة لمحامى المدعى المدنى, ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف المتهمان هذا الحكم, وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة المنصورة الابتدائية بهيئة استئنافية دفع المتهم الأول بعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى المدنية. والمحكمة المذكورة بعد أن أتمت سماعها قضت فيها حضورياً بتاريخ 28/ 6/ 1953 بقبول الاستئناف شكلاً وبرفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المقدم من المستأنف الأول, وباختصاصها بنظرها وفى الموضوع أولاً - بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض ضد إسماعيل خليل طرابية ورفض الدعوى المدنية قبله. ثانياً - برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به تعويض ضد محمد أمين العطلى وألزمته بالمصاريف الاستئنافية ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة للمستأنف عليه. فطعن الأستاذ حلمي حبشي المحامى الوكيل عن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعن(بنك باركليز) يبنى طعنه على أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون حين قضى برفض دعواه المدنية وفى بيان ذلك يقول إن المطعون ضده بصفته أميناً للنقل(قبطاناً للمركب المسماة توكل) استلم بضاعة من قبرص لتوصيلها إلى دمياط برسم محمد أمين العطلى وبموجب سند شحن موقع عليه منه وفيه يشترط المصدر أن تكون بوليصة الشحن تحت الإذن بمعنى أن البوليصة والبضاعة لا تسلم إلا بعد دفع الثمن وقد حولت البوليصة والكمبيالة بقيمة الثمن إلى الطاعن غير أن المطعون ضده سلم البضاعة إلى محمد أمين العطلى مقابل أخذ إيصال وتعهد منه بدفع الثمن مخالفاً بذلك الاتفاق ومحكمة أول درجة وإن قضت بالبراءة إلا أنها حكمت للطاعن بالتعويض وجاء الحكم المطعون فيه فألغى الحكم بالتعويض ورفضه بمقولة إن تصرف المطعون ضده فى صدد تسليم البضاعة هو تصرف يقره العرف التجاري, وهذا خطأ فى القانون إذ ليس للمحكمة أن تأخذ بعرف مزعوم فى حين أن الدعوى يحكمها عقد واضح هو شريعة المتعاقدين.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الأصل فى دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية, وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى العمومية وكان الحق المدعى به ناشئاً عن ضرر للمدعى من الجريمة المرفوعة عنها الدعوى العمومية فإذا لم يكن الضرر ناشئاً عن هذه الجريمة بل كان ناشئاً عن فعل آخر سقطت تلك الإباحة وكانت المحاكم الجنائية غير مختصة بنظر الدعوى المدنية, لما كان ذلك وكانت الدعوى العمومية قد رفعت على المطعون ضده بتهمة تبديد جبس وخروب لشركة جورج جلاناريوس سلمت إليه على سبيل الأمانة لنقلها وتسلمها إلى حامل بوليصة الشحن فبددها إضراراً بمالكها بأن سلمها لآخر وادعى بنك باركليز(الطاعن) بحقوق مدنية وطلب الحكم بإلزام المطعون ضده وشريكة فى التبديد بأن يدفعا له مبلغ 1054جنيهاً و38 مليماً على سبيل التعويض مع الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد فقضت محكمة أول درجة ببراءة المطعون ضده لانعدام ركن الاختلاس وبإلزامه بالتعويض على أساس أنه أخطأ حين تعجل بتسليم البضاعة للمتهم الثانى مع علمه بأن البوليصة محولة على بنك باركليز ولم تدفع قيمتها له وأنه أخل بشروط الثمن والتسليم المبينة بالبوليصة, وقضت المحكمة الاستئنافية بحكمها المطعون فيه بإلغاء الحكم االابتدائى فيما قضى به على المطعون ضده من تعويض تأسيساً على انتفاء الخطأ عنه لأنه سلم البضاعة للمتهم الثانى بعد أن أخذ عليه إقراراً باستلامها وبتعهده بسداد ثمنها للبنك إتباعاً لما جرى به العرف التجاري, لما كان ذلك وكان الطاعن يبنى طلب التعويض لا على الضرر الناشئ عن جريمة, وإنما على الضرر الذى لحق به نتيجة إخلال المطعون ضده بواجبه في تنفيذ شروط عقد النقل مما لا تختص المحاكم الجنائية بالفصل فيه فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى باختصاص تلك المحاكم بنظر الدعوى المدنية وتصدى لموضوعها وفصل فيه برفض الدعوى قبل المطعون ضده يكون قد خالف القانون مما يستوجب نقضه والقضاء بعدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية لأن هذا الاختصاص من النظام العام لتعلقة بالولاية القضائية للمحاكم مما يجوز معه لمحكمة النقض أن تقضى به من تلقاء نفسها طبقاً للفقرة الثانية من المادة 425 من قانون الإجراءات الجنائية.