أحكام النقض- المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 23- صـ 1211

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن الشربيني، ومحمود عطيفة، ومحمد عبد المجيد سلامة, وطه دنانة.

(273)
الطعن رقم 879 لسنة 42 القضائية

إثبات. "بوجه عام". "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". دفوع. "الدفع بالتعارض بين الأدلة". محكمة النقض. "سلطتها".
وجوب بيان أدلة الثبوت فى الدعوى بوضوح وإيراد مؤداها في تفصيل للرد على الدفوع الجوهرية وحتى يتحقق قصد الشارع من تسبيب الأحكام ويمكن إعمال رقابة محكمة النقض على تطبيق القانون.
بتر الحكم جزء من مضمون تقرير الصفة التشريحية بما قد يحيل ذلك الدليل الفني عن المعني المفهوم لصريح عبارته. قصور في البيان. يعجز محكمة النقض عن الفصل فيما يثيره الطاعنون من تعارض أقوال المجني عليهما وتقرير الصفة التشريحية ويحول بينها وبين إعمال رقابتها على صحة تطبيق القانون.
من المقرر أنه يجب ألا يجهل الحكم أدلة الثبوت في الدعوى بل عليه أن يبينها بوضوح وأن يورد مؤداها في بيان مفصل للوقوف على ما يمكن أن يستفاد منها في مقام الرد على الدفوع الجوهرية التي يدلي بها المتهم وحتى يمكن أن يتحقق الغرض الذي قصده الشارع من تسبيب الأحكام ويمكن محكمة النقض من إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن الحكم المطعون فيه - في تحصيله لمؤدي تقرير الصفة التشريحية- قد بتر جزءاً من مضمون ذلك التقرير فلم يورد ما اشتمل عليه من مسار المقذوف الناري في جسم المجني عليه ومن موقف الجاني لحظة إطلاقه النار على المجني عليه، الأمر الذي قد يحيل ذلك الدليل الفني عن المعني المفهوم لصريح عبارته، فإن ذلك مما يعيب الحكم بالقصور في البيان ويعجز محكمة النقض عن أن تقول كلمتها في شأن ما يثيره الطاعنون من اعتماد الحكم على دليلين متساقطين لتعارضهما (أقوال المجني عليه وتقرير الصفة التشريحية) ويحول بذلك بينهما وبين إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ....... 2 - ...... 3 - ...... 4 - .... (الطاعن الأول) 5 - ....... (الطاعن الثاني) 6 - ...... (الطاعن الثالث) 7 - ...... (الطاعن الرابع) 8 - ....... (الطاعن الخامس) 9 - ...... (الطاعن السادس) 10 - ...... (الطاعن السابع) بأنهم في يوم 12/ 8/ 1969 بدائرة مركز طهطا محافظة سوهاج المتهمون الثلاثة الأول: قتلوا......... عمداً ومع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية مششخنة وآلة حادة (بنادق ميزر ومطواة) وتربصوا له في الطريق الذي أيقنوا مروره منه وما أن ظفروا به حتى أطلق عليه الأول والثاني سبعة أعيرة نارية من أسلحتهما النارية بينما طعنه الثالث بالمطواة قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخري هي أنهما في الزمان والمكان سالفى الذكر قتلوا...... عمداً ومع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة سالفة البيان وكمنوا له في ذات الطريق حتى إذا ما ظفروا به مع المجني عليه الأول أطلقوا عليه ثلاثة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، الأمر المنطبق على المواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات. المتهمون الرابع والخامس والسادس قتلوا....... عمداً ومع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية مششخنة (بنادق ميزر) وتربصوا له في زراعة مجاورة لزراعته حتى إذا ما ظفروا به أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخري هي أنهم في الزمان والمكان سالفى الذكر: شرعوا في قتل......... عمداً ومع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة سالفة البيان وتربصوا به في ذات المكان وما أن ظفروا به مع المجني عليه الأول حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو عدم إحكام الرماية ومداركة المجني عليه بالعلاج الأمر المنطبق على المواد 45 و46 و230 و231 و232 من قانون العقوبات. المتهمون الثاني والسابع والثامن: شرعوا في قتل......... مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية مششخنة وغير مششخنة (بندقية ميزر وبندقيتين خرطوش) وكمنوا له في المكان الذي أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلق عليه أولهم عياراً من البندقية الميزر بينما أطلق عليه ثانيهما وثالثهما عيارين ناريين من البندقية الخرطوش قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. المتهمان التاسع والعاشر: شرعا في قتل......... عمداً ومع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية على قتله وأعدا لهذا الغرض سلاحين ناريين (بندقية خرطوش وأخرى ميزر) وكمنا له في المكان الذي أيقنا مروره فيه حتى إذا ما ظفرا به أطلقا عليه أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. المتهمون الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والعاشر أيضاً (1) أحرز كل منهم بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً (بندقية ميزر) 2 - أحرز كل منهم ذخائر (طلقات) مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً لأي منهم في إحرازه أو حيازته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 45 و46 و230 و231 و232 و234/ 2 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1 و 6 و26/ 1 - 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و 75 لسنة 1958 - والجدول رقم ب من القسم الأول من الجدول رقم 3 المرافق. فقرر ذلك بتاريخ 12/ 12/ 1970 وادعي كل من....،....،... مدنياً، الأول بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهمين الرابع والخامس والسادس. والثاني بمبلغ 100 جنيه قبل المتهمين الثاني والسابع والثامن و الثالثة بمبلغ 250 جنيه قبل المتهمين الأول والثاني والثالث وذلك على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات سوهاج قضت بتاريخ 19/ 3/ 1972 غيابياً بالنسبة إلى المتهم الأول وحضورياً لباقي المتهمين عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 32 و17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين (الطاعنين) (أولاً) بمعاقبة كل من الطاعنين الثلاثة الأول بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعي بالحق المدني...... مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة (ثانياً) بمعاقبة كل من باقي الطاعنين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وإلزام..... و..... متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحق المدني........ مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض والمصاريف ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. (ثالثاً) بمصادرة الأسلحة المضبوطة المستعملة في الحادث. (رابعاً): ببراءة كل من....... و..... و...... مما أسند إليهم وبرفض الدعوى المدنية قبلهم وإلزام رافعتها المصروفات ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وبرفض الدعوى المدنية المرفوعة من....... قبل...... فطعن الطاعنون من الأول إلى السادس في هذا الحكم بطريق النقض... أما الطاعن السابع فلو أن أسباب طعنهم شملته إلا أنه لم يقرر بالنقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنون الثلاثة الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد. قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه عول في قضائه على دليلين متعارضين وأخذ بهما معاً وهما الدليل القولى المستمد من أقوال المجني عليه - ...........- قبل وفاته من أن هؤلاء الطاعنين أطلقوا النار عليه وأن أحدهم - وهو الطاعن الأول - قد أصابه في جانبه الأيسر بما مؤداه أنه رأي ذلك الطاعن وقت إطلاقه النار عليه، والدليل الفني المستمد من تقرير الصفة التشريحية والذي أثبت أن هذا المجني عليه قد أصيب بعيار ناري في وحشية الإلية اليسرى وأن الضارب كان أساساً لحظة إطلاق النار خلف المجني عليه. هذا إلى أن الحكم - في هذا الخصوص لم ينقل التقرير الطبي الشرعي كاملاً، إذ أغفل إيراد مسار العيار في جسم المجني عليه ومكان الضارب من المضروب ولم يعن بالرد على ما أثاره الدفاع في هذا الصدد.
وحيث إنه من المقرر أنه يجب ألا يجهل الحكم أدلة الثبوت في الدعوى. بل عليه أن يبينها بوضوح وأن يورد مؤداها في بيان مفصل للوقوف على ما يمكن أن يستفاد منها في مقام الرد على الدفوع الجوهرية التي يدلي بها المتهم, وحتى يمكن أن يتحقق الغرض الذي قصده الشارع من تسبيب الأحكام ويمكن محكمة النقض من إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن الحكم المطعون فيه - في تحصيله لمؤدى تقرير الصفة التشريحية - قد بتر جزءاً من مضمون ذلك التقرير فلم يود ما اشتمل عليه من مسار المقذوف الناري في جسم المجني عليه ومن موقف الجاني لحظة إطلاقه النار على المجني عليه، الأمر الذي قد يحيل ذلك الدليل الفني عن المعني المفهوم لصريح عبارته، فإن ذلك مما يعيب الحكم بالقصور في البيان ويعجز محكمة النقض عن أن تقول كلمتها في شأن ما يثيره الطاعنون من اعتماد الحكم على دليلين متساقطين لتعارضهما, ويحول بذلك بينهما وبين إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً. لما كان ذلك، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بالنسبة إلى الطاعنين الثلاثة الأول وإلى باقي الطاعنين والمحكوم عليه الأخير- وإن لم يقرر بالطعن - لوحدة الواقعة ولحسن سير العدالة، وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن