أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 23 - صـ 1240

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن الشربيني، ومحمود عطيفة، ومحمد عبد المجيد سلامة, ومحمد عادل مرزوق.

(277)
الطعن رقم 929 لسنة 42 القضائية

( أ ) إجراءات المحاكمة. محكمة استئنافية. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات. "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المادة 289 إجراءات تخويلها المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك سواء كان القبول صريحاً أو ضمنياً.
محكمة ثاني درجة تحكم في الأصل على مقتضي الأوراق. لا تجري من التحقيقات إلا ما تري لزوماً لإجرائه. لا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة.
سكوت المدافع عن الطاعن عن التمسك بطلب سماع أقوال الشهود أمام محكمة أول درجة. اعتباره متنازلاً عنه. التفات المحكمة الاستئنافية التي لم تر من جانبها حاجة إلى سماع الشهود عن طلب سماعهم المبدي أمامها. النعي عليها بعدم تحقيق دفاع الطاعن أو الرد عليه. غير سديد.
(ب) إخفاء أشياء متحصله من جريمة. جريمة. "أركانها " إثبات. "بوجه عام".
ركن العلم في جريمة إخفاء لأشياء المتحصلة من سرقة مسألة نفسية لا تستفاد من أقوال الشهود فحسب. المحكمة أن تتبينها من ظروف الدعوى.
(ج) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات المحاكمة. محاماة.
حضور محام عن المتهم غير واجب قانوناً. على المحكمة سماع المحامي إن كان حاضراً متى عهد المتهم إليه بالدفاع عنه. لا تتقيد المحكمة بسماعه إن لم يحضر ما لم يثبت أن غيابه كان لعذر قهري. التفات المحكمة عن طلب التأجيل لحضور المحامي الأصلي في جنحة إخفاء أشياء مسروقة دلالة على أنها قدرت أن تخلف المحامي لم يكن لعذر قهري.
إحجام المحامي الحاضر والذي سبق أن منحته في جلسة سابقة أجلاً للإطلاع والاستعداد عن إبداء دفاعه دون أن تمنعه عنه. ترخيصها للطاعن بتقديم مذكرة بدافعه في فترة حجز الدعوى للحكم. منحها بذلك المحامي الأصيل فرصة أبداء هذا الدفاع مكتوباً. لا إخلال بحق الدفاع.
1 - لما كان من المقرر أن نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله بالقانون رقم 113 سنة 1957 يخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك, يستوي في ذلك أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه، وأن محكمة ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضي الأوراق وهى لا تجري من التحقيقات إلا ما تري لزوماً لإجرائه ولا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة فإذا لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم، وكان المدافع عن الطاعن وإن أبدي طلب سماع أقوال الشهود أمام المحكمة الاستئنافية فإنه يعتبر متنازلاً عنه بسكوته عن التمسك به أمام محكمة أول درجة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن - من أن المحكمة التفتت عن إجابته إلى هذا الطلب وقضت بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه دون أن تعني بتحقيق دفاعه أو الرد عليه - يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن ركن العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من سرقة مسألة نفسية لا تستفاد من أقوال الشهود فحسب، بل للمحكمة أن تتبينها من ظروف الدعوى.
3 - الأصل أن حضور محام عن المتهم بجنحة غير واجب قانوناً إلا أنه متي عهد المتهم إلى محام بالدفاع عنه فإنه يتعين على المحكمة أن تسمعه متي كان حاضراً، فإن لم يحضر فإن المحكمة لا تتقيد بسماعه ما لم يثبت لها أن غيابه كان لعذر قهري. ولما كانت التهمة التي دين الطاعن بها هي جنحة إخفاء أشياء مسروقة, وكانت المحكمة إذ التفتت عن طلب التأجيل لحضور المحامي الأصلي قد دلت على أنها قدرت في حدود حقها وعلى ضوء الظروف التي مرت بها الدعوى أن تخلف المحامي لم يكن لعذر قهري يلزمها معه أن تمنحه مهلة أخرى للحضور، فضلاً عن أنها لم تمنع المحامي الحاضر عن إبداء دفاعه بل أحجم هو عنه بعد أن طلب في الجلسة السابقة أجلاً للاطلاع والاستعداد أجيب إليه. هذا إلى أن المحكمة قد رخصت للطاعن بتقديم مذكرة بدفاعه في فترة حجز الدعوى للحكم، فمنحت بذلك المحامي الأصيل فرصة إبداء هذا الدفاع مكتوباً, ومن ثم فلا إخلال بحق الدفاع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه خلال أربعة شهور سابقة على يوم 26/ 5/ 1963 بدائرة قسم الخليفة: أخفي المذياع المبين وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوك لـ........ والمتحصل من جريمة سرقة مع علمه بذلك. وطلبت عقابه بالمادة 44 مكرر من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الخليفة الجزئية قضت غيابياً في 24/ 11/ 1963 عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل وكفالة جنيهاً واحداً لوقف التنفيذ. فعارض وقضي في معارضته بتاريخ 27/ 12/ 1964 بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنفت النيابة العامة والطاعن هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة إستنافية - قضت غيابياً في 2/ 12/ 1965 بقبول الاستئنافين شكلاً وفى الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. فعارض، وقضي في معارضته بتاريخ 29/ 1/ 1970 بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبني الطعن هو أن الحكم المطعون فيه - إذ دان الطاعن بجريمة إخفاء أشياء مسروقة - قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المحامي الحاضر مع الطاعن أمام محكمة الدرجة الثانية طالب بتأجيل الدعوى لسماع شاهد الإثبات وشهود نفي للتدليل على انتفاء ركن العلم في حقه ولحضور المدافع الأصيل عن الطاعن، غير أن المحكمة التفتت عن إجابته إلى هذا الطلب وقضت بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه دون أن تعني بتحقيق دفاع الطاعن أو الرد عليه، كما أوردت في منطوق حكمها أنه صادر في معارضة مع أنه قضاء في استئناف مبتدأ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. وحيث إنه يبين من مراجعة محاضر جلسات محكمة أول درجة أن المدافع عن الطاعن لم يطلب سماع أحد من شهود الإثبات أو النفي بل ترافع في موضوع الدعوى وانتهي إلى طلب البراءة ويبين من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة الدرجة الثانية أن الحاضر مع الطاعن طلب التأجيل لإعلان شاهد الإثبات وشهود نفي ولحضور المحامي الأصيل. إلا أن المحكمة حجزت الدعوى للحكم مع التصريح بتقديم مذكرات في أسبوع، وإذ لم تقدم، أصدرت حكمها في موضوع الدعوى. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله بالقانون رقم 113 لسنة 1957 يخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك, يستوي في ذلك أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه، وإن محكمة ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضي الأوراق وهى لا تجري من التحقيقات إلا ما تري لزوماً لإجرائه, ولا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة فإذا لم تر من جانبها حاجة إلي سماعهم وكان المدافع عن الطاعن إن أبدي طلب سماع أقوال الشهود أمام المحكمة الاستئنافية فإنه يعتبر متنازلاً عنه بسكوته عن التمسك به أمام محكمة أول درجة, ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان يبين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه استظهر ركن العلم من ظروف الشراء وبخس الثمن بما لا يتناسب مع القيمة الحقيقية وكان من المقرر أن ركن العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من سرقة مسألة نفسية لا تستفاد من أقوال الشهود فحسب، بل للمحكمة أن تتبينها من ظروف الدعوى. لما كان ذلك, وكان الأصل أن حضور محام عن المتهم بجنحة غير واجب قانوناً, إلا أنه متي عهد المتهم إلى محام بالدفاع عنه فإنه يتعين على المحكمة أن تسمعه متي كان حاضراً فإن لم يحضر فإن المحكمة لا تتقيد بسماعه ما لم يثبت لها أن غيابه كان لعذر قهري, ولما كانت التهمة التي دين الطاعن بها هي جنحة إخفاء أشياء مسروقة, وكانت المحكمة إذ التفتت عن طلب التأجيل لحضور المحامي الأصلي قد دلت على أنها قدرت في حدود حقها - وعلى ضوء الظروف التي مرت بها الدعوى - أن تخلف المحامي لم يكن لعذر قهري يلزمها معه أن تمنحه مهلة أخري للحضور، فضلاً عن أنها لم تمنع المحامي الحاضر عن إبداء دفاعه بل أحجم هو عنه بعد أن طلب في الجلسة السابقة أجلاً للاطلاع والاستعداد أجيب إليه. هذا إلى أن المحكمة قد رخصت للطاعن بتقديم مذكرة بدفاعه في فترة حجز الدعوى للحكم فمنحت بذلك المحامي الأصيل فرصة إبداء هذا الدفاع مكتوباً ومن ثم فلا إخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك بالأوراق أن الحكم المطعون فيه قد فصل في معارضة الطاعن الاستئنافية وليس في استئناف مبتدأ كما يدعي في أسباب طعنه, فإن ما ينعاه على الحكم من خطأ في تطبيق القانون لا يكون له محل. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.