أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة السادسة - صـ 260

جلسة 6 من ديسمبر سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ إبراهيم خليل وكيل المحكمة, وحضور السادة الأساتذة: مصطفى فاضل, وحسن داود, ومحمود إسماعيل, ومصطفى كامل المستشارين.

(89)
القضية رقم 1178 لسنة 24 القضائية

( أ ) إتلاف زراعة. ثبوت ملكية الغير للزراعة. يكفى لعقاب المتهم. قيام نزاع بين المتهم والمجني عليه بشأن ملكية الأرض القائمة عليها الزراعة. لا ينفى قيام الجريمة.
(ب) إتلاف زراعة. لا يشترط لتحققها توافر قصد جنائي خاص.
1 - إذا ثبت أن الزراعة التى أتلفها المتهم هى ملك للمجنى عليه فقد حق عليه العقاب طبقاً للمادة 367 من قانون العقوبات التى تعاقب كل من أتلف زرعاً مملوكاً لغيره, ولا ينفى قيام هذه الجريمة وجود نزاع بين المتهم وبين المجني عليه بشأن ملكية الأرض القائمة عليها هذه الزراعة.
2 - إن القانون لا يتطلب فى جريمة إتلاف الزراعة قصداً جنائيا خاصاً على مقارنة فعل الإتلاف, فهي تتحقق بتوافر القصد الجنائي العام أي مجرد الإتلاف العمد ولو لم يكن مقترناً بنية الانتقام أو الإساءة شأنها فى ذلك شأن باقي الجرائم العمدية التى لم يرد عنها فى القانون نص صريح مقتضاه أن تكون نية الجاني من نوع معين خاص.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: اتلف زراعة القطن غير المحصودة المبينة المساحة والقيمة بالمحضر للسيد عطوة علي بأن حرثها. وطلبت عقابه بالمادة 317/ 1 من قانون العقوبات. وادعى السيد عطوة علي بحق مدني قدره 10 جنيهات على سبيل التعويض قبل المتهم. ومحكمة قويسنا الجزئية قضت بحبس المتهم شهراً مع الشغل وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى مبلغ ثلاثة جنيهات على سبيل التعويض والمصاريف المدنية المناسبة و50 قرشاً أتعاب محاماة وكفالة مائة قرش لوقف التنفيذ بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم, ومحكمة شبين الكوم الابتدائية قضت بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم بالمصاريف المدنية الاستئنافية بلا مصاريف جنائية.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن حاصل أوجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إتلاف زراعة قطن غير محصودة قد أخطأ فى تطبيق القانون: ذلك أنه يوجد نزاع جدي حول ملكية القيراطين المقول بإتلاف زراعتهما وأن الظاهر يؤيد الطاعن فى ملكيته بشهادة شيخ البلدة وبالمعاينة التى أثبت فيها نائب العمدة أن الأرض القائمة عليها الزراعية التالفة مملوكة للمتهم وأن المجني عليه هو الذي قام بخلع" التراويس" ليضيع معالم الحدود - فالقصد الجنائي إذن غير متوفر. هذا إلى أن المحكمة قد طبقت الفقرة الأولى من المادة 367 من قانون العقوبات على الواقعة وهذه الفقرة لا تنطبق إلا إذا كانت الزراعة قد نبتت وما دام الثابت غير كذلك فإن هذه الفقرة لا تنطبق على الواقعة وإنما تنطبق عليها الفقرة الثانية من نفس المادة ويضيف الطاعن إلى ما تقدم أنه طلب إلى المحكمة الاستئنافية ضم قضية جنحة لها أهمية جوهرية فى دفاعه ولكن المحكمة رفضت هذا الطلب دون إبداء الأسباب مما يعتبر إخلالاً بحقه في الدفاع - كما أن الحكم جاء باطلاً إذ أنه لم يشر إلى النص القانونى الذى استندت إليه المحكمة فى حكمها بإدانة الطاعن ولا يغنى عن ذلك ما جاء بالحكم المطعون فيه فى مقام بيان مادة القانون التى طلبت النيابة العامة تطبيقها.
وحيث إنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن زراعة القطن التى أتلفها الطاعن هى ملك للمجنى عليه فقد حق عليه العقاب طبقاً للمادة 367 من قانون العقوبات التى تعاقب كل من أتلف زرعاً مملوكاً لغيره ولا محل بعد ذلك لما يثيره الطاعن من وجود نزاع بينه وبين المجني عليه بشأن ملكية الأرض القائمة عليها هذه الزراعة إذ أن مثل هذا النزاع لا ينفى قيام الجريمة. كما أنه لا محل لما يقوله الطاعن من أن الحكم قد خلا من بيان ركن القصد الجنائي إذ القانون لا يتطلب فى جريمة إتلاف الزراعة قصداً جنائياً خاصاً على مقارفة فعل الإتلاف فهي تتحقق بتوافر القصد الجنائي العام, أي مجرد الإتلاف العمد ولو لم يكن مقترناً بنية الانتقام أو الإساءة شأنها فى ذلك شأن باقي الجرائم العمدية التى لم يرد عنها فى القانون نص صريح مقتضاه أن تكون نية الجاني من نوع معين خاص بها. هذا ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الإتلاف قد وقع على زراعة قائمة بالأرض لم يتم حصدها, فلا محل لما يثيره الطاعن من أن هذه الزراعة لم تكن نبتت بعد وأنه كان يتعين تطبيق الفقرة الثانية من المادة 367 من قانون العقوبات بدلاً من الفقرة الأولى منها. على أنه لا جدوى للطاعن مما يثيره فى هذا المقام ما دامت العقوبة المقررة لأي من الفقرتين واحدة. ولما كانت العقوبة التى وقعتها المحكمة على الطاعن تدخل فى نطاق العقوبة المقررة للمادة 367 التي دين بها فان مصلحته فى ذلك تكون منتفية. أما ما ينعاه الطاعن على المحكمة بأنها أخلت بحقه فى الدفاع لرفضها ضم القضية التى طلبها فمردود بأن المحكمة الاستئنافية أنما تقضى فى الدعوى على مقتضى الأوراق دون إلزام عليها بأجراء تحقيق إلا ما ترى هى ضرورة لإجرائه. هذا فضلاً عن أن الطاعن - على مابين من محضر الجلسة - لم يرشد عن رقم الجنحة التى طلب ضمها ولم يبين للمحكمة سبب طلبها. ولما ترافع فى الدعوى بعد ذلك لم يصر على هذا الطلب. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أشار إلى نص القانون الذى حكم على الطاعن بموجبه إذ ذكر أنه يعاقبه" بمادة الاتهام" وهى المادة التى أثبتها الحكم المطعون فيه فى صدوره بقوله إن النيابة طلبت عقابه بالمادة 367 فقرة أولى من قانون العقوبات وكان الحكم المطعون فيه قد قال فى أسبابه إن الحكم المستأنف فى محله للأسباب التى بنى عليها مما يفيد أخذه بالمادة المشار إليها فإن النعي على الحكم الاستئنافى بأنه لم يشر إلى نص القانون الذى حكم بموجبه لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.