أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 23 - صـ 1258

جلسة 20 من نوفمبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح، وعضوية السادة المستشارين: محمود العمراوي, وسعد الدين عطية، وعبد الحميد الشربيني، وحسن المغربي.

(282)
الطعن رقم 1086 لسنة 42 القضائية

شهادة مرضية. معارضة. "نظرها والحكم فيها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إثبات. "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
الشهادة المرضية وإن كانت لا تخرج عن كونها دليلاً من أدلة الدعوى تخضع لتقدير محكمة الموضوع , إلا أن إبداءها أسباب رفضها يخضعها لرقابة محكمة النقض.
اقتصار المحكمة. تبريراً لإطراحها الشهادة الطبية المقدمة من المحامي إثباتاً لعذر المرض الذي منع المتهم عن حضور الجلسة. على القول بأن المرض الوارد بها لا يمنعه من حضورها. دون أن تستظهر هذا المرض ودرجة جسامته. قصور. فضلاً عن أنها لم تستند فيما انتهت إليه إلى رأي فني يقوم على أساس من العلم أو من الفحص الطبي.
من المقرر أن الشهادة المرضية وإن كانت لا تخرج عن كونها دليلاً من أدلة الدعوى تخضع لتقدير محكمة الموضوع كسائر الأدلة، إلا أن المحكمة متي أبدت الأسباب التي من أجلها رفضت التعويل على تلك الشهادة فإن لمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدي إلى النتيجة التي رتبها الحكم عليها. ولما كانت المحكمة وهى في سبيل تبيان علة إطراحها للشهادة المقدمة قد اقتصرت على القول بأن المرض الوارد بها لا يمنعه من حضور جلسة المعارضة دون أن تستظهر ماهية هذا المرض ودرجة جسامته , فقول المحكمة على النحو المشار إليه يجعل حكمها قاصر البيان. هذا إلى أنها إذ فعلت ذلك لم تأت بسند مقبول لما انتهت إليه فهي لم ترجع فيه إلى رأي فني يقوم على أساس من العلم أو من الفحص الطبي ومن ثم يكون الحكم معيباً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 29 سبتمبر سنة 1968 بدائرة مركز بلقاس محافظة الدقهلية - بدد الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوكة له والمحجوز عليها إدارياً لصالح الحكومة، والتي سلمت إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها يوم البيع فاختلسها لنفسه إضراراً بالجهة الحاجزة. وطلبت معاقبته بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات. ومحكمة بلقاس الجزئية قضت في الدعوى غيابياً بتاريخ 13 يناير سنة 1969 عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل وكفالة جنيهاً واحداً لوقف التنفيذ. فعارض وقضي في معارضته بتاريخ 3 نوفمبر سنة 1969 باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت في الدعوى غيابياً بتاريخ 14 يناير سنة 1971 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارض وقضي في معارضته بتاريخ 19 يناير سنة 1972 بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه، إنه إذ قضي في معارضته بتأييد الحكم الغيابي الاستئنافي قد شابه القصور والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن محامي الطاعن حضر بجلسة 19 من يناير سنة 1972 عند نظر المعارضة الاستئنافية وطلب تأجيل نظرها لمرض الطاعن الثابت بالشهادة المرضية التي قدمها غير أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب لأسباب غير سائغة مما يعيب حكمها ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المعارضة الاستئنافية أن محامياً حضر عن الطاعن بجلسة 19 من يناير سنة 1972 وقدم للمحكمة شهادة مرضية تحدثت عنها في حكمها الذي أصدرته في الجلسة ذاتها برفض المعارضة وتأييد الحكم الغيابي الاستئنافي المعارض فيه والذي استندت فيه إلى قولها "وحيث إن الحكم المعارض فيه في محله للأسباب الواردة به والتي تأخذ بها هذه المحكمة فيتعين تأييده ولا تأخذ المحكمة بالشهادة المقدمة فالمرض الذي شخص بها لا يقعده عن المثول بالجلسة، ومن ثم فإن المحكمة لا تلتفت إليها", ولما كان من المقرر أن الشهادة المرضية وإن كانت لا تخرج عن كونها دليلاً من أدلة الدعوى تخضع لتقدير محكمة الموضوع كسائر الأدلة إلا أن المحكمة متي أبدت الأسباب التي من أجلها رفضت التعويل على تلك الشهادة فإن لمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدي إلى النتيجة التي رتبها الحكم عليها. ولما كانت المحكمة وهى في سبيل تبيان علة إطراحها للشهادة المقدمة قد اقتصرت على القول بأن المرض الوارد بها لا يمنعه من حضور جلسة المعارضة دون أن تستظهر ماهية هذا المرض ودرجة جسامته , فقول المحكمة على النحو المشار إليه يجعل حكمها قاصر البيان. هذا إلى أنها إذ فعلت ذلك لم تأت بسند مقبول لما انتهت إليه فهي لم ترجع فيه إلى رأي فني يقوم على أساس من العلم أو من الفحص الطبي, ومن ثم يكون الحكم معيباً بما يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي ما يثيره الطاعن في طعنه.