أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة السادسة - صـ 268

جلسة 9 من ديسمبر سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ إبراهيم خليل وكيل المحكمة, وبحضور السادة الأساتذة: مصطفى فاضل ومصطفى حسن, ومحمود إسماعيل, ومصطفى كامل المستشارين.

(92)
القضية رقم 1179 سنة 24 القضائية

حكم. تسبيبه. دفاع شرعي. واقعة الدعوى ترشح لقيام حالته.عدم بحث المحكمة من تلقاء نفسها فى قيامها من عدمه. إخلال بحق الدفاع وقصور.
إذا كان ما أورده الحكم يفيد أن المتهمين لم يعتديا على المجني عليه إلا بسبب دخوله فى عقار فى حيازة أحدهما بالقوة, فقد كان لزاماً على المحكمة أن تبحث فى قيام حالة الدفاع الشرعي التى ترشح لها واقعة الدعوى على هذه الصورة فتثبت قيامها أو تنفيه ولو كان المتهمان لم يدفعا به, فإذا هى لم تفعل فإن حكمها يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور مما يعيبه ويستوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما المتهم الأول: أحدث عمداً بأحمد محمد على الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتى تخلف عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى التضخم الواضح بمنطقة المفصل السلامى العلوي للإصبع الوسطي, وأثناء السلامية الوسطي عل العليا والانثناء الضعيف بالسلامية الظفرية مع وجود القيد بنهاية حركة بسط هاتين السلاميتين وضعف واضح بحركة ثنى المفصل المشطى السلامى وتأثير قبضة اليد من حالة الإصبع, والمتهم الثانى: ضرب المجني عليه سالف الذكر فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتى تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما على محكمة الجنايات لمحاكمتها بالمادتين 240/ 1 و242/ 1 عقوبات فقررت بذلك. وادعى أحمد محمد على بحق مدنى قدره 100 جنيه على سبيل التعويض قبل المتهمين بالتضامن. ومحكمة جنايات قنا قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام مع تطبيق المادتين 55 و56 من قانون العقوبات بالنسبة للأول - أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنين ابتداء من اليوم. وثانياً: بمعاقبة المتهم الثانى بتغريمه 300 قرش وثالثاً - بإلزام المتهمين بأن يدفعا متضامنين للمدعى بالحق المدني مبلغ خمسين جنيهاً والمصاريف المدنية المناسبة و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون إذ بنى قضاءه بإدانتهما على أن المجني عليه تعرض للطاعن الأول فى أرض يملكها واستلمها بمحضر تسليم رسمي مع أن هذا التعارض هو السبب من أسباب الإباحة يجعل المتهمين فى حالة دفاع شرعي عن المال تعفيهما إعفاء تاماً من العقوبة التى فرضها القانون.
وحيث إنه يبين من الحكم أنه استظهر واقعة الدعوى فى أن " المتهم الأول خليفة مهران عثمان اشترى نصف فدان من حسين محمود عمر واستصدر ضده حكماً بصحة التعاقد وحرر محضراً بتسليم الأرض للمتهم فذهب يوم الحادث يزرع ستة قراريط من الأرض التى اشتراها ولكن السمان محمود عمر أخا البائع تعرض للمتهم فى زراعتها وسخر لهذا الغرض أحمد محمد علي شريكه في الزراعة فكانت مشاجرة اعتدى فيها المتهمان بالضرب على أحمد محمد علي المذكور فأصابه أولهما فى يده اليمنى وظهره كما أصابه الثانى فى رأسه وتركت إصابة اليد اليمنى بالمجني عليه عاهة مستديمة هى المبينة بوصف التهمة" وأثبت فى نهاية أسبابه" إن المجني عليه عندما ذهب إلى المتهم الأول قبل الحادث إنما كان رائده التعرض له فى أرض يملكها وتسلمها ولذا فإن المحكمة ترى أخذ المتهم المذكور بالرأفة ", ولما كان هذا الذى أورده الحكم يفيد أن الطاعنين لم يعتديا على المجني عليه إلا بسبب دخوله فى عقار فى حيازة أحدهما بالقوة وكانت المادة 246/ 2 من قانون العقوبات تبيح لهما استعمال القوة فى رد كل فعل يعتبر جريمة من هذا النوع, فقد كان لزاماً على المحكمة أن تبحث فى قيام حالة الدفاع الشرعي التى ترشح لها واقعة الدعوى على هذه الصورة فثبت قيامها أو تنفيه ولو كان الطاعنان لم يدفعا به أما وهى لم تفعل فإن الحكم يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور مما يعيبه ويستوجب نقضه من غير حاجة إلى بحث الوجه الآخر من وجهي الطعن.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن على أساس بالنسبة للطاعن الأول. ولما كان الارتباط الوثيق بين مركزي الطاعنين وحسن سير العدالة تقتضيان أن يكون نقض الحكم بالنسبة للطاعنين كليهما.