أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة السادسة - صـ 271

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ إبراهيم خليل وكيل المحكمة, وحضور السادة الأساتذة: مصطفى فاضل, ومصطفى حسن, ومحمود إبراهيم إسماعيل, ومصطفى كامل المستشارين.

(93)
القضية رقم 1055 سنة 24 القضائية

( أ ) نقض. رأفة. عقوبة مبررة. لا جدوى من الطعن. مثال.
(ب) إثبات. شاهد. تجزئة. أقواله. الأخذ بشطر منها والإعراض عما عداه. يجوز.
(ج) حكم. تسبيبه. سبق إصرار. استظهاره. مثال.
(د) باعث. هو ليس من أركان الجريمة. الخطأ فيه. لا يقدح في سلامة الحكم.
1 - إذا كانت المحكمة قد طبقت فى حق المتهم المواد 40 و41 و45 و46 و230 و17 و32 من قانون العقوبات لاشتراكه فى قتل عمد مع سبق الإصرار وشروع فيه, وساءلته عن الجريمة الأشد وهى الاشتراك فى القتل العمد ثم أخذته بالرأفة تطبيقا للمادة 17 المشار إليها وعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة, فقد دلت بذلك على أن العقوبة التى أنزلتها بالمتهم هى العقوبة التى ارتأتها مناسبة للواقعة الجنائية التى قارفها بما أحاط بها من ملابسات.
2 - يجوز للمحكمة أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ بشطر منها, وتعرض عما عداه, إذ الأمر مرجعه إلى ما تقتنع هى به وتطمئن إليه.
3 - إذا كان الحكم إذ استظهر سبق الإصرار قد قال إنه " توافر لدى المتهمين من وجود الضغينة السابق بيانها , ومن انتقالهما بالسيارة إلى محل الحادث ومعهما الأسلحة النارية المحشوة بالمقذوفات النارية, ومن سير السيارة ببطء أمام دكان ...... التي كان المجني عليه ...... وابن عمه ...... أمامها ونزول المتهمين الأول والثاني منها مما يدل على التدبير السابق إذ لا يمكن أن تنفذ الخطة بهذا الإحكام إلا بعد التروي والتدبير " – فإن ما قاله الحكم من ذلك يتحقق به سبق الإصرار كما هو معرف به فى القانون.
4 - إن الباعث على الجريمة ليس ركناً من أركانها والخطأ فيه لا يقدح فى سلامة الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - محمود احمد علي و2 - دياب عبد المحسن محمدين (الطاعنين الأول والثاني) و3 - سيد عبد الحافظ محمد و4 - محمود عبد الله محمدين و5 - عبد اللاه عبد العاطى عبد اللاه (الطاعن الثالث) بأنهم فى يوم 5 من مايو سنة 1951 الموافق 29 من رجب سنة 1370 بدائرة بندر أسيوط مديريتها: الأربعة الأول (أولاً) قتلوا على عبد الرحمن أحمد وعبد الله أحمد عبد الله عمداً مع سبق الإصرار وذلك بأن انتووا قتلهما وصمموا عليه وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية (بنادق) وتوجهوا إلى مكان تواجد المجني عليهما حتى إذا ما ظفروا بهما أطلقوا عليهما عدة أعيرة نارية قاصدين قتلهما فأحدثت بهما الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتهما. و(ثانياً) شرعوا في قتل مصري السيد عبد العال والسيد عبد العال رضوان ومحمد شعراوى عبد الرجال عمداً ومع سبق الإصرار وذلك بأن بيتوا النية على قتلهم وصمموا عليه وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية (بنادق) وتوجهوا إلى مكان تواجد المجني عليهم حتى إذا ما ظفروا بهم أطلقوا عليهم عدة مقذوفات نارية قاصدين قتلهم وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهمين فيه وهو عدم إصابة الأعيرة النارية المجني عليهم لعدم إحكام الرماية. والمتهم الخامس: اشترك مع المتهمين الأربعة فى ارتكاب جريمتي القتل والشروع فيه السالفتى الذكر بطريقي الاتفاق والمساعدة بأن اتفق معهم على ارتكابها وساعدهم فى ذلك بأن حملهم فى سيارته إلى مكان الحادث فوقعت الجريمتان بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة – وطلبت من قاض الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 40 و41 و45 و46 و230 و231 من قانون العقوبات , فقررت بذلك , ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً (أولاً) بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني والخامس بالأشغال الشاقة المؤبدة عملاً بمادة الاتهام مع تطبيق المادتين 32/ 2 و 17 من قانون العقوبات. (وثانياً) ببراءة المتهمين الثالث والرابع مما أسند إليهما عملاً بالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية.
فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو خطأ الحكم المطعون فيه فى تطبيق القانون, ذلك أن المحكمة إذ طبقت المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى الطاعنين جميعاً ومن بينهم الطاعن الثالث الذى اعتبرته شريكاً في القتل العمد والشروع فيه, فقد عاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة ولم تنزل بالعقوبة المقررة للشريك إلى الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن كما يوجب القانون.
وحيث إن هذا الوجه مردود بأن المحكمة وإن لم تطبق فى حق الطاعن الثالث المادة 235 من قانون العقوبات التى تقرر عقوبة من يشارك فى قتل عمد مستوجب لعقوبة الإعدام, فإنها إذ طبقت فى حقه المواد 40 و41 و45 و46 و230 و17 و32 من قانون العقوبات لاشتراكه فى القتل العمد مع سبق الإصرار والشروع فيه, وساءلته عن الجريمة الأشد وهى الاشتراك فى القتل العمد, ثم أخذته بالرأفة تطبيقاً للمادة 17 المشار إليها, فقد دلت بذلك على أن العقوبة التى أنزلتها بهذا الطاعن هى العقوبة التى ارتأتها مناسبة للواقعة الجنائية التى قارفها بما أحاط بها من ملابسات.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى هو أن الحكم المطعون فيه حين استند فى إدانة الطاعنين إلى أقوال الغلام مصري السيد عبد العال, أخذ بدليلين متناقضين, إذ أثبت أن الشاهد المذكور ذكر لمأمور المركز عقب وقوع الحادث أن سيارة الطاعن الثالث وقفت بجوار المجني عليهم ونزل منها شخصان لا يعرفهما يحمل أحدهما بندقية خرطوش ويحمل الآخر بندقية هندي, وأخذ يطلقان الأعيرة على ابن عمه علي عبد الرحمن, ثم عاد الحكم فقال إن الغلام نفسه قرر فى التحقيقات أنه رأى أربعة أشخاص ينزلون من سيارة الطاعن الثالث وأطلقوا الأعيرة وذكر أوصافهم وتعرف عليهم عندما عرضوا عليه عرضاً قانونياً, ويضيف الطاعنون, أنه ثبت من التحقيقات أن هذا الشاهد يعرف الطاعنين الأول والثاني من قبل, وأن الحكم أثبت أن الطاعن الأول هو الذى كان يحمل بندقية هندي, وأطلق منها على الغلام مصري عياراً أخطأه وأصاب الحائط, مع مخالفة ذلك لما قرره الغلام المذكور فى التحقيق من أن العيار الذى أطلقه عليه الطاعن الأول هو من بندقية خرطوش.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى وأورد على ثبوتها فى حق الطاعنين أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها, ولما كان يجوز للمحكمة أن تجزئ أقوال الشاهد, فتأخذ بشطر منها وتعرض عما عداه إذ الأمر مرجعه إلى ما تقتنع هى به وتطمئن إليه, فإن ما أثير فى هذا الوجه يكون فى غير محله.
وحيث إن مبنى الأوجه الثالث والخامس والسادس هو قصور الحكم فى التدليل على توفر ظرف سبق الإصرار وعلى اشتراك الطاعن الثالث فى جريمة القتل, إذ أن ما ساقه الحكم من أدلة فى هذا الشأن لا يؤدى إلى ذلك, هذا إلى أنه مع ما يبدو من أسباب الحكم فى خصوص واقعة الشروع فى قتل مصري السيد عبد العال من أن مطلق العيار هو الطاعن الأول, فقد ذكر الحكم أن أحد الطاعنين الأول والثاني هو الذى أطلق عليه النار, مما يعد تناقضاً.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه إذ استظهر سبق الإصرار قد قال إنه: "توافر لدى المتهمين من وجود الضغينة السابق بيانها ومن انتقالهما بالسيارة إلى محل الحادث ومعهما الأسلحة النارية المحشوة بالمقذوفات النارية, ومن سير السيارة ببطء أمام دكان كمال أحمد جلال التى كان المجني عليه علي عبد الرحمن وابن عمه مصري أمامها ونزول المتهمين الأول والثاني منها, مما يدل على التدبير السابق إذ لا يمكن أن تنفذ الخطة بهذا الأحكام إلا بعد التروي والتدبير" وكان ما قاله الحكم من ذلك يتحقق به سبق الإصرار كما هو معرف به فى القانون - لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه إذ دلل على اشتراك الطاعن الثالث فى الجريمة التي دان بها الطاعنين الأول والثاني قال" إنه بالنسبة للمتهم الأخير عبد اللاه عبد العاطى عبد اللاه الشهير بالبل, فإنه على علم بهذا التدبير(المشار إليه في صدد التدليل على توفر ظرف سبق الإصرار) ومشترك فيه, بدليل ما قرره ضابط نقطة درنكة من علمه بأن المتهم المذكور يحمل للمجنى عليه علي عبد الرحمن الكراهة ويشايع عائلة سيد عبد اللاه ضده بحماس شديد لمسه الضابط من بعض الظروف كما سبق البيان ومن سيره ببطء أمام دكان كمال أحمد جلال ثم توقفه ونزول المتهمين الأول والثاني وإبقائه السيارة مدارة, حتى إذا ما تمت حلقات الجريمة أخذ المتهمين الأول والثاني فيها وولى هارباً نحو درنكة, وبعد أن أعانهما على الفرار اندفع بها إلى ناحية دير درنكة للبحث عمن يشهدون معه بما ينفى التهمة عنه" وكان هذا الذى أورده الحكم يتحقق به الاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة كما هو معرف به فى القانون - لما كان ما تقدم وكان لا تناقض فيما أورده الحكم من أسباب على ما سلف القول, فإن ما يثيره الطاعن فى ذلك لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع هو الخطأ فى الاستدلال إذ استند الحكم فى إثبات الخصومة بين عائلة الطاعنين وعائلة المجني عليه إلى ما قرره العمدة فى التحقيقات من أن سيد عبد اللاه - وهو من أقارب الطاعنين - كان قد قتل واتهم فى قتله شخص آخر غير القاتل, وأن القاتل الحقيقي هو المجني عليه علي عبد الرحمن وأن الطاعن الأول هو خال القتيل سيد عبد اللاه, وكذلك ذكر الحكم أن الطاعن الثانى اعترف فى التحقيقات بأن القتيل سيد عبد اللاه هو زوج بنت عمه, مع أن الثابت أنه زوج بنت عم والده لا زوج بنت عمه, وهذا الاعتقاد الخاطى بقيام الصلة القريبة الذى أسس عليه الحكم لمما يعيبه.
وحيث إن هذا الوجه مردود بأن الخطأ المشار إليه فيه - على فرض حصوله - لا يقدح في سلامة الحكم لأن الباعث على الجريمة ليس ركناً من أركانها.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.