أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الأول – السنة 20 صـ 56

جلسة 13 من يناير سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: عبد المنعم حمزاوي، ونور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.

(12)
الطعن رقم 1384 لسنة 38 القضائية

(أ) صابون. بيانات وعلامات تجارية. غش. قانون. "إلغاؤه".
الجرائم المنصوص عليها في القانون 87 لسنة 1938 في شأن تنظيم صناعة وتجارة الصابون مخالفات لا جنح.
اعتبار قرار مجلس الوزراء الصادر في 4/ 4/ 1956 بتنظيم صناعة وتجارة الصابون – استنادا إلى الإعلان الدستوري الصادر في 10/ 2/ 1953 – ناسخاً لما يتعارض معه من أحكام في التشريعات السابقة على صدوره ومنها القانون 87 لسنة 1938 سالف الذكر. إحالة القرار المذكور بالنسبة للعقاب على جريمتي الغش والخديعة إلى المادتين 5، 6 من القانون 48 لسنة 1941 في شأن قمع التدليس والغش، وبالنسبة للعقاب على مخالفة البيان التجاري للحقيقة إلى القانون 57 لسنة 1939 الخاص بالبيانات والعلامات التجارية والذي يعاقب على الجريمة المذكورة بعقوبة الجنحة.
(ب) صابون. "إجراءات أخذ العينة". إثبات. "إثبات بوجه عام". غش. قانون. "إصداره".
لا بطلان على مخالفة الإجراءات الخاصة بأخذ العينة وتحليلها وإخطار صاحب الشأن بنتيجتها في ظل التشريعات الصادرة في شأن صناعة وتجارة الصابون بعد إلغاء القانون 87 لسنة 1938.
خضوع إثبات الغش في صناعة وتجارة الصابون لقواعد الإثبات العامة.
ما نص عليه القرار الوزاري رقم 323 لسنة 1959 الصادر تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء المؤرخ 4/ 4/ 1956 في مادته الخامسة من بطلان إجراءات أخذ العينة إذا لم يعلن صاحب الشأن بنتيجة التحليل في الأجل المحدد له، لا يقيد المحاكم. علة ذلك؟
(ج) دفوع. "الصفة في الدفع". "الدفع ببطلان إجراءات أخذ العينة". صابون. "إجراءات أخذ العينة".
لا صفة للطاعن في الدفع ببطلان إجراءات أخذ عينة صابون أخذت من محل متهم آخر.
(د، هـ) صابون. غش. بيانات وعلامات تجارية. نقض. "حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". جريمة. "أركانها". قصد جنائي.
(د) وجوب مراعاة نسبة الأحماض الدهنية والراتنجية في صناعة الصابون بحسب البيان المرقوم على السلعة وإلا كون الفعل غشاً. إنتاج صابون دون مراعاة تلك النسب يعتبر ذكراً لبيان تجاري غير مطابق للحقيقة معاقباً عليه بالمواد 26 و27 و34 من القانون 17 لسنة 1959.
(هـ) علم المتهم بغش ما يصنعه يستفاد ضرورة من كونه منتجاً له اعتباراً بأن الصانع يعلم كنه ما يصنعه ونسبة المواد الداخلة في تكوينه. عدم قبول التذرع بجهله.
صنع صابون تنقص فيه نسبة الأحماض عن حد معين جنحة دائماً في حق الصانع طبقاً للقانونين 48 لسنة 1941 و57 لسنة 1939.
زيادة نسبة القلوي المطلق الكاوي في الصابون عن حد معين. مخالفة. شرط ذلك: أن يكون المتهم حسن النية.
1 – القانون رقم 87 لسنة 1938 في شأن تنظيم صناعة وتجارة الصابون صدر بعده قرار من مجلس الوزراء في 4 من أبريل سنة 1956 بتنظيم صناعة وتجارة الصابون بالاستناد إلى الإعلان الدستوري الصادر في 10 من فبراير سنة 1953 وهو الإعلان الذي جعل في المادة التاسعة منه السلطة التشريعية لمجلس الوزراء، وإلى القانون رقم 658 لسنة 1954، بإلغاء استصدار مراسيم، وأشار في ديباجته إلى الاطلاع على المادتين 5، 6 من القانون رقم 48 لسنة 1941 في شأن قمع التدليس والغش والمواد 32، 34، 36 من القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالبيانات والعلامات التجارية والقوانين المعدلة له وأسقط الإشارة إلى القانون 87 لسنة 1938 سالف الذكر والذي كان يعتبر في مادته السابعة الجرائم المنصوص عليها فيه مخالفات لا جنحاً، وهذا الإسقاط للقانون جاء على خلاف ما استنه الشارع وانتهجه في القرارات السابقة والتي كانت تصدر بالاستناد إليه. فقرار مجلس الوزراء سالف الذكر والذي يجمع بين القانون والمرسوم في قوته الملزمة يعتبر ناسخاً لما يتعارض معه من أحكام في التشريعات السابقة على صدوره ومنها القانون رقم 87 لسنة 1938 سالف البيان. يدل على ذلك أنه لم يشر في ديباجته إليه كما سبق، وأنه أعاد تنظيم ما كان ينظمه القانون والمراسيم السابقة على صدوره في شأن صناعة وتجارة الصابون وآخرها المرسوم الصادر في 10 ديسمبر سنة 1951 تنظيماً كاملاً متناولاً ما كانت تتناوله من أحكام ومنها أنواع الصابون ورتبه والعناصر الداخلة في تكوينه كما تناول جريمتي الغش والخديعة محيلاً في العقاب عليهما إلى المادتين 5، 6 من القانون رقم 48 لسنة 1941 في شأن قمع التدليس والغش، كما أحال إلى القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالبيانات والعلامات التجارية والذي يوجب في المادة 27 منه أن يكون البيان التجاري مطابقاً للحقيقة واعتبر فيما يختص بتطبيقه بيان العناصر الداخلة في تكوين البضاعة بياناً تجارياً بحسب ما نص عليه في المادة 26 منه وعاقب على مخالفة ذلك بعقوبة الجنحة في المادة 34 منه وهي المواد التي أحال إليها قرار مجلس الوزراء الصادر في 4 من أبريل سنة 1956 على ما سلف.
2 – لم تنص التشريعات الصادرة في شأن صناعة وتجارة الصابون بعد إلغاء القانون رقم 87 لسنة 1938 على البطلان جزاء على مخالفة الإجراءات الخاصة بأخذ العينة وتحليلها وإخطار صاحب الشأن بنتيجتها كما فعل القانون الملغي، إذ لم يكن غرض الشارع أن يخضع الغش في صناعة وتجارة الصابون إلى قواعد إثبات خاصة، بل هي تخضع للقواعد العامة فإذا اطمأن القاضي إلى صحة الدليل المستمد من تحليل العينات ولم يساوره ريب في أية ناحية من نواحيه سواء من جهة أخذ العينة أو من جهة التحليل ذاتها أوقع حكمه على هذا الأساس.
3 – إذ كان القرار رقم 323 لسنة 1959 قد صدر في 2 من مايو سنة 1959 بتنفيذ قرار مجلس الوزراء بتاريخ 4 من أبريل سنة 1956 ونص في مادته الرابعة على أن تؤخذ العينات لتحليلها وفحصها طبقا لأحكام القرار رقم 63 لسنة 1943 الصادر من وزير التجارة والصناعة تنفيذاً للقانون رقم 48 لسنة 1941، وكان هذا القرار قد نص في المادة الخامسة منه على بطلان إجراءات أخذ العينة إذا لم يعلن صاحب الشأن بنتيجة التحليل في الأجل المحدد له، فإن ذلك – على ما أولته محكمة النقض – لا يقيد المحاكم، لأن القرار المذكور تجاوز بهذا النص السلطة التي أمده بها القانون رقم 48 لسنة 1941 وقرار مجلس الوزراء في 4 من أبريل سنة 1956 ويبقى لهذه المحاكم أن تقدر أدلة الدعوى حسبما تطمئن هي إليه دون التفات لهذا الجزاء الذي جاء مشوباً بتجاوز السلطة اللازمة لتقريره.
4 – متى كان الثابت أن العينة التي دفع ببطلان الإجراءات الخاصة بها لم تؤخذ من محل الطاعن بل من محل متهم آخر في الدعوى قضي ببراءته وهو وحده صاحب الصفة في التمسك بالبطلان المقرر في القانون لمصلحته هو دون غيره، فلا صفة للطاعن فيما دفع به من بطلان إجراءات أخذ العينة ولا وجه لما نعاه.
5 – نص قرار مجلس الوزراء الصادر في 4 من أبريل سنة 1956 بتنظيم صناعة وتجارة الصابون في المادة الثانية منه على أن الصابون رقم 2 هو الصابون المحتوي عقب ختمه على 50% على الأقل من الوزن المرقوم على القطع أو من الوزن الفعلي لهذه القطع عند التحليل أيهما أكبر أحماضاً دهنية وراتنجية، مما يدل على تشدد القانون في مراعاة نسبة تلك الأحماض حماية للمستهلكين وقضاء على الغش في الصابون حتى لا يتأدى الأمر إلى الغش في وزن الصابون وفي نسبة المواد النافعة الداخلة في تكوينه معاً، فلا يجدي الطاعن ما يتذرع به من نقص الوزن في الصابون الذي أنتجه عن الوزن المرقوم على القطع ودخول بخار الماء في تكوينه لأن ما يتعلل به من ذلك لا تندفع به التهمة المسندة إليه، بل تتضمن غشاً في وزن الصابون، فضلاً عن الغش في نسبة الأحماض الداخلة في تكوينه. هذا وبفرض صحة ما يدعيه الطاعن في طعنه كله فإن ما وقع منه من إنتاجه الصابون دون مراعاة نسبة الأحماض الدهنية والراتنجية بحسب البيان المرقوم على السلعة يعتبر ذكراً لبيان تجاري غير مطابق للحقيقة معاقبا عليه بالعقوبة التي أوقعها عليه الحكم طبقا للمواد 26 و27 و34 من القانون رقم 17 لسنة 1959 في شأن البيانات والعلامات التجارية وهو القانون الذي أعمله الحكم أيضاً لانطباقه على واقعة الدعوى فلا مصلحة له فيما أثاره في طعنه كله من دعوى الخطأ في تطبيق القانون أو الإخلال بحقه في الدفاع.
6 – إن علم المتهم بالغش فيما يصنعه يستفاد ضرورة من كونه منتجاً له، اعتبارا بأن الصانع يعلم كنه ما يصنعه ونسبة المواد الداخلة في تكوينه، ولا يقبل التذرع بجهله وإلا تأدى الأمر إلى تعطيل أحكام القانون. يدل على ذلك – في خصوص صناعة الصابون – أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 4 من أبريل سنة 1956 في شأن صناعة وتجارة الصابون بعد أن نص في المادة الثانية منه على أنه لا يجوز صنع الصابون أو استيراده أو بيعه أو عرضه أو طرحه للبيع أو حيازته بقصد البيع إلا إذا كان من أحد الأنواع والرتب المنصوص عليها فيها ومنها الصابون رقم 2 وهو الصابون المحتوي عقب ختمه على 50% على الأقل من الوزن المرقوم على القطع أو من الوزن الفعلي لهذه القطع عند التحليل أيهما أكبر، أحماضاً دهنية وراتنجية بشرط ألا تزيد نسبة الأحماض الراتنجية فيه على 20% من مجموع الأحماض، أوجب في المادة الثالثة ألا تزيد نسبة القلوي المطلق الكاوي في جميع الأنواع والرتب على حد معين واعتبر – في هذه الحالة وحدها – زيادة نسبته مخالفة لا جنحة إذا كان المتهم حسن النية، مما مفاده أن صنع الصابون الذي تقل فيه نسبة الأحماض أو تنقص عن حد معين جنحة دائماً في حق الصانع طبقا للقانونين رقمي 48 لسنة 1941 و57 لسنة 1939 اللذين أشار القرار في ديباجته محيلاً في بيان العقوبة إليهما، ولا يكون مخالفة إلا حين تزيد نسبة القلوي المطلق الكاوي عن النسبة التي حددها القرار بشرط أن يكون الصانع حسن النية، وبذلك فإن الشارع يكون قد اعتبر علم الصانع بمخالفة ما يصنعه من الصابون للنسب القانونية للأحماض الدهنية والراتنجية قائماً في حقه بقيام موجبه من صنعه وهو ثابت على الدوام، لا يستطيع المتهم أن يتذرع بجهله إلا في حدود ما رخص فيه الشارع استثناء لاعتبارات تيسيرية لا تنفي الأصل المقرر في هذا الصدد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في يوم 20 نوفمبر سنة 1965 بدائرة قسم أول المنصورة: (المتهم الأول) عرض للبيع صابوناً مغشوشاً مع علمه بذلك. (المتهم الثاني) باع صابوناً مغشوشاً مع علمه بذلك. (المتهم الثالث) أنتج صابوناً مغشوشاً مع علمه بذلك. وطلبت عقابهم بالمواد 2، 5، 7، 8، 9 من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل والمواد 26، 27، 34/ 1، 36، 40 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل. ومحكمة المنصورة الجزئية قضت عملاً بمواد الاتهام بالنسبة إلى المتهم الثالث والمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهمين الأول والثاني حضورياً ببراءة المتهمين الأول والثاني مما أسند إليهما من اتهام وغيابياً للمتهم الثالث بحبسه ستة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف تنفيذ العقوبة والمصادرة. فعارض المحكوم عليه في هذا الحكم وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف، ومحكمة المنصورة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم عشرين جنيهاً وتأييده فيما عدا ذلك. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إنتاجه صابوناً مغشوشاً قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب, ذلك بأن المادة الرابعة من القانون رقم 87 سنة 1938 الخاص بتنظيم صناعة الصابون الذي ينطبق وحده على واقعة الدعوى قد أوجب إخطار صاحب الشأن بنتيجة تحليل العينة في ميعاد غايته خمسة عشر يوماً من تاريخ تحرير المحضر وإلا سقط الإجراء المترتب على أخذ العينة وأعتبر كأن لم يكن. وقد دفع الطاعن بذلك إلا أن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه اجتزأ في الرد على هذا الدفع بانطباق القانون رقم 57 لسنة 1939 في شأن البيانات والعلامات التجارية والقانون رقم 48 لسنة 1941 في شأن قمع التدليس والغش الذين لم يرتبا بطلاناً على مخالفة إجراءات أخذ العينة وقد طلب الطاعن في مذكرته المؤرخة 5/ 11/ 1967 ضم دفتر أحوال مباحث التموين الثابت به إبلاغه في 27/ 12/ 1966 بأن بعض الشحوم الواردة من الخارج والمسلمة إليه من وزارة التموين تبين أن بها ماء قاصداً بذلك التدليل على أن الماء الذي وجد بالشحوم التي تدخل في صناعة الصابون لا يد له فيه ولا يسأل عنه، كما أشار في دفاعه أمام محكمة الدرجة الثانية إلى أن الشحوم المستوردة تختلط بالماء عند تفريغ البواخر وهو ما لا يستطيع الطاعن كشفه بوسائله، وأن وزارة التموين هي الجهة الرسمية المنوط بها التحقق من سلامتها وملاءمتها لصناعة الصابون دون الطاعن مما ينفي عنه العلم بالغش، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع بما ينفيه مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه أثبت أن الطاعن أنتج في مصنعه بتاريخ 20/ 11/ 1965 صابوناً يحمل علامة تجارية هي "نجوم الجمهورية" 250 جرام أ. م نمرة 2 – وأنه باعه للمتهم الثاني في الدعوى وهذا باعه بدوره إلى المتهم الأول الذي أخذت عينات من محله تبين من تحليلها أنها غير مطابقة للصابون رقم 2 زنة 250 جرام لأن نسبة الأحماض الدهنية والرهنية والراتنجية بالعينة 44% من الوزن مقابل 50% على الأقل من الوزن المرقوم على الصابون طبقاً للقرار الصادر في 4 من أبريل سنة 1956 في شأن تنظيم صناعة الصابون ودلل على أن الطاعن هو المنتج لهذا الصابون بما يؤدي إليه من وجوه الأدلة ثم عرض لدفاعه المبين في الطعن ورد عليه بقوله: "وحيث إن ما ساقه المتهم من أن الشحوم تختلط ببخار الماء عند تفريغ البواخر فإنه فضلاً عن أن الأوراق خالية من الدليل على ما ساقه المتهم في هذا الصدد، فإنه يضاف إلى ذلك أن المتهم صاحب مصنع لإنتاج الصابون وبالتالي فإن في مقدوره فنياً أن يتأكد في مصنعه من مطابقة نسبة الدهون لما أوجبه القانون". وهذا الذي أورده الحكم صحيح في الواقع، سديد في القانون ذلك بأن القانون رقم 87 لسنة 1938 الصادر في 2 من نوفمبر سنة 1938 بشأن تنظيم صناعة وتجارة الصابون قد صدر بعده قرار من مجلس الوزراء في 4 من أبريل سنة 1956 بتنظيم صناعة وتجارة الصابون بالاستناد إلى الإعلان الدستوري الصادر في 10 من فبراير سنة 1953 وهو الإعلان الذي جعل في المادة التاسعة منه السلطة التشريعية لمجلس الوزراء وإلى القانون رقم 658 لسنة 1954 بإلغاء استصدار مراسيم، وأشار في ديباجته إلى الاطلاع على المادتين 5 و6 من القانون رقم 48 لسنة 1941 في شأن قمع التدليس والغش والمواد 32 و34 و36 من القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالبيانات والعلامات التجارية والقوانين المعدلة له، وأسقط الإشارة إلى القانون رقم 87 لسنة 1938 سالف الذكر، والذي كان يعتبر في مادته السابعة الجرائم المنصوص عليها فيه مخالفات لا جنحاً وهذا الإسقاط للقانون جاء على خلاف ما استنه الشارع وانتهجه في القرارات السابقة، والتي كانت تصدر بالاستناد إليه. فقرار مجلس الوزراء سالف الذكر - والذي يجمع بين القانون والمرسوم في قوته الملزمة يعتبر ناسخاً لما يتعارض معه من أحكام في التشريعات السابقة على صدوره ومنها القانون رقم 87 لسنة 1938 سالف البيان، يدل على ذلك أنه لم يشر في ديباجته إليه كما سبق، وأنه أعاد تنظيم ما كان ينظمه القانون والمراسيم السابقة على صدوره في شأن صناعة وتجارة الصابون، وآخرها المرسوم الصادر في 10 من ديسمبر سنة 1951، تنظيماً كاملاً متناولاً ما كانت تتناوله من أحكام ومنها أنواع الصابون ورتبه والعناصر الداخلة في تكوينه كما تناول جريمتي الغش والخديعة محيلاً في العقاب عليهما إلى المادتين 5 و6 من القانون رقم 48 لسنة 1941 في شأن قمع التدليس والغش كما أحال إلى القانون رقم 57 لسنة 1939 الخاص بالبيانات والعلامات التجارية والذي يوجب في المادة 27 منه أن يكون البيان التجاري مطابقاً للحقيقة واعتبر فيما يختص بتطبيقه بيان العناصر الداخلة في تكوين البضاعة بياناً تجارياً بحسب ما نص عليه في المادة 26 منه وعاقب على مخالفة ذلك بعقوبة الجنحة في المادة 34 منه وهي من المواد التي أحال إليها قرار مجلس الوزراء الصادر في 4 من أبريل سنة 1951 على ما سلف. ولما كان أي من هذه التشريعات المنطبقة على واقعة الدعوى بعد إلغاء القانون رقم 87 لسنة 1938 بما تضمنه في مادته الرابعة من بطلان أخذ العينات إذا لم يخطر صاحب الشأن بنتيجتها في الميعاد الذي حدده لم ينص على البطلان جزاء على مخالفة الإجراءات الخاصة بأخذ العينة وتحليلها وإخطار صاحب الشأن بنتيجتها – على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة – إذ لم يكن غرض الشارع أن يخضع الغش في صناعة وتجارة الصابون إلى قواعد إثبات خاصة، بل هي تخضع للقواعد العامة فإذا اطمأن القاضي إلى صحة الدليل المستمد من تحليل العينات ولم يساوره ريب في أية ناحية من نواحيه سواء من جهة أخذ العينة أو من جهة التحليل ذاتها أوقع حكمه على هذا الأساس وإذ كان القرار رقم 323 لسنة 1959 قد صدر في 2 من مايو سنة 1959 بتنفيذ قرار مجلس الوزراء بتاريخ 4 من أبريل سنة 1956 ونص في مادته الرابعة على أن تؤخذ العينات لتحليلها وفحصها طبقاً لأحكام القرار رقم 63 لسنة 1943 الصادر من وزير التجارة والصناعة تنفيذاً للقانون رقم 48 لسنة 1941 وكان هذا القرار قد نص في المادة الخامسة منه على بطلان إجراءات أخذ العينة إذا لم يعلن صاحب الشأن بنتيجة التحليل في الأجل المحدد له، فإن ذلك، على ما أولته هذه المحكمة كذلك، لا يقيد المحاكم لأن القرار المذكور تجاوز بهذا النص السلطة التي أمده بها القانون رقم 48 لسنة 1941 وقرار مجلس الوزراء في 4 من أبريل سنة 1956 ويبقى لهذه المحاكم أن تقدر أدلة الدعوى حسبما تطمئن هي إليه دون التفات لهذا الجزاء الذي جاء مشوباً بتجاوز السلطة اللازمة لتقريره. ولما كانت المحكمة المطعون في حكمها قد أبدت اطمئنانها إلى الإجراءات الخاصة بأخذ العينة ونتيجة تحليلها، ودانت الطاعن بناء على ما ثبت لها من تقرير التحليل، فإن المجادلة في ذلك لا تصح. ومن جهة أخرى فإن العينة التي دفع ببطلان الإجراءات الخاصة بها لم تؤخذ من محل الطاعن، بل من محل المتهم الأول في الدعوى والذي قضي ببراءته وهو وحده صاحب الصفة في التمسك بالبطلان المقرر في القانون لمصلحته هو دون غيره، ومن ثم فلا صفة للطاعن فيما دفع به من بطلان إجراءات أخذ العينة ولا وجه لما نعاه. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت هذه المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن أن مذكرة الطاعن المؤرخة في 5 نوفمبر سنة 1967 إنما أشارت إلى بلاغ قدمه إلى إدارة التموين عن شحوم تسلمها من شركة مصر للاستيراد وجدت مختلطة بالماء في بعض البراميل في الفترة من 24/ 12/ 1966 إلى 27/ 12/ 1966 وهي واقعة مستقلة عن الواقعة التي دين بها الطاعن متراخية عنها في الزمن بما يجاوز العام، وليس من شأنها – بفرض صحتها – أن تندفع بها التهمة المسندة إليه ومن ثم فقد كان من حق محكمة الموضوع أن تعرض عما جاء فى هذه المذكرة من دفاع لا يسانده الواقع، ولا تعلق له بالنزاع المطروح. لما كان ذلك، وكان القرار الصادر في 4 من أبريل سنة 1956 بتنظيم صناعة وتجارة الصابون قد نص في المادة الثانية منه على أن الصابون رقم 2 هو الصابون المحتوي عقب ختمه على 50% على الأقل من الوزن المرقوم على قطعه أو من الوزن الفعلي لهذه القطع عند التحليل أيهما أكبر أحماضاً دهنية وراتنجية، مما يدل على تشدد القانون في مراعاة نسبة تلك الأحماض حماية للمستهلكين وقضاء على الغش في الصابون حتى لا يتأدى الأمر إلى الغش في وزن الصابون وفي نسبة المواد النافعة الداخلة في تكوينه معاً فلا يجدي الطاعن ما يتذرع به من نقص الوزن في الصابون الذي أنتجه عن الوزن المرقوم على قطعه ودخول بخار الماء في تكوينه لأن ما يتعلل به من ذلك لا تندفع به التهمة المسندة إليه، بل تتضمن غشاً في وزن الصابون، فضلاً عن الغش في نسبة الأحماض الداخلة في تكوينه. هذا وبفرض صحة ما يدعيه الطاعن في طعنه كله فإن ما وقع منه من إنتاجه الصابون دون مراعاة نسبة الأحماض الدهنية والراتنجية بحسب البيان المرقوم على السلعة، يعتبر ذكراً لبيان تجاري غير مطابق للحقيقة معاقباً عليه بالعقوبة التي أوقعها عليه الحكم طبقاً للمواد 26 و27 و34 من القانون رقم 17 لسنة 1959 في شأن البيانات والعلامات التجارية وهو القانون الذي أعمله الحكم أيضاً لانطباقه على واقعة الدعوى، فلا مصلحة له فيما أثاره في طعنه كله من دعوى الخطأ في تطبيق القانون، أو الإخلال بحقه في الدفاع. ولما كان علم المتهم بالغش فيما يصنعه يستفاد ضرورة من كونه منتجاً له، اعتباراً بأن الصانع يعلم كنه ما يصنعه ونسبة المواد الداخلة في تكوينه، ولا يقبل منه التذرع بجهله وإلا تأدى الأمر إلى تعطيل أحكام القانون، يدل على ذلك – في خصوص صناعة الصابون – أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 4 من أبريل سنة 1956 سالف البيان بعد أن نص في المادة الثانية منه على أنه لا يجوز صنع الصابون أو استيراده أو بيعه أو عرضه أو طرحه للبيع أو حيازته بقصد البيع إلا إذا كان من أحد الأنواع والرتب المنصوص عليها فيها ومنها الصابون رقم 2 وهو الصابون المحتوي عقب ختمه على 50% على الأقل من الوزن المرقوم على قطعه أو من الوزن الفعلي لهذه القطع عند التحليل أيهما أكبر، أحماضاً دهنية وراتنجية بشرط ألا تزيد نسبة الأحماض الراتنجية فيه على 20% من مجموع الأحماض، أوجب في المادة الثالثة ألا تزيد نسبة القلوي المطلق الكاوي في جميع الأنواع والرتب على حد معين واعتبر – في هذه الحالة وحدها – زيادة نسبته مخالفة لا جنحة إذا كان المتهم حسن النية، مما مفاده أن صنع الصابون الذي تقل فيه نسبة الأحماض أو تنقص عن حد معين جنحة دائماً في حق الصانع طبقاً للقانونين رقمي 48 لسنة 1941 و57 لسنة 1939 اللذين أشار القرار في ديباجته محيلاً في بيان العقوبة إليهما حسبما تقدم ولا يكون مخالفة إلا حين تزيد نسبة القلوي المطلق الكاوي عن النسبة التي حددها القرار بشرط أن يكون الصانع حسن النية وبذلك فإن الشارع يكون قد اعتبر علم الصانع بمخالفة ما يصنعه من الصابون للنسب القانونية للأحماض الدهنية والراتنجية قائماً في حقه بقيام موجبه من صنعه وهو ثابت على الدوام، لا يستطيع المتهم أن يتذرع بجهله إلا في حدود ما رخص فيه الشارع استثناء لاعتبارات تيسيرية لا تنفي الأصل المقرر في هذا الصدد. لما كان ذلك، فإن الطعن يكون على غير أساس متعين الرفض.