أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة السادسة - صـ 315

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ إبراهيم خليل وكيل المحكمة, وبحضور السادة الأساتذة: مصطفى فاضل, ومصطفى حسن, وحسن داود, ومحمود إسماعيل المستشارين.

(104)
القضية رقم 1196 سنة 24 القضائية

( أ ) حكم. تسبيبه. دفاع. قول المتهم"وإذا لم تطمئن المحكمة فيمكنها إجراء معاينة". هو ليس بطلب وإنما وجه من أوجه الدفاع التى لا تتطلب رداً خاصاً.
(ب) نقض. طعن غير منتج. مثال.
(ج) إجراءات. ضبط وتحريز متعلقات الجريمة. عدم مراعاة ما نصت عليه المواد 55 أ.ج وما بعدها. لا بطلان.
(د) تحقيق. التأخر في تبليغ حوادث الجنايات. عدم تأثيره على صحة ما تجريه السلطة المختصة من تحقيق.
1 - إن قول المتهم" وإذا لم تطمئن المحكمة فيمكنها إجراء معاينة" لا يعدو طلباً بل يندرج تحت أوجه الدفاع التى لا تتطلب رداً خاصاً ويكفى أن يكون الرد عليها مستفاداً من اطراحها ومن استناد المحكمة إلى أدلة الثبوت التى أقامت عليها الإدانة.
2 - إذا تبين أن الضابط الذى قام بتفتيش المتهم وضبط المخدر معه كانت لديه من الدلائل الكافية ما يجيز له قانوناً إجراء القبض والتفتيش وفقاً لما تخوله المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية فلا جدوى للمتهم من المنازعة فى توافر حالة التلبس.
3 - إن قانون الإجراءات الجنائية لم يرتب بطلاناً على عدم مراعاة ما نصت عليه المادة 55 وما بعدها (في خصوص ضبط وتحريز الأشياء المتعلقة بالجريمة) مما يجعل الأمر مرجعه إلى تقدير محكمة الموضوع فما دامت قد اطمأنت إلى سلامة الإجراءات التى اتخذها مأمور الضبطية القضائية, فلا يجوز التعقيب عليها.
4 - إن مجرد التأخير فى تبليغ حوادث الجنايات إلى سلطة التحقيق المختصة ليس من شأنه أن يؤثر فى صحة ما تجريه من تحقيق تلك الحوادث.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد التعاطي جواهر مخدرة "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً, وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و34 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول المرفق به, فقررت بذلك, وأمام محكمة جنايات القاهرة دفع المتهم أولاً - ببطلان القبض والتفتيش لأنه لم يكن فى حالة تلبس وثانياً - ببطلان إجراءات تحريز المواد المضبوطة, وبعد أن أنهت سماعها قضت حضورياً - عملاً بمواد الاتهام المذكورة - بمعاقبة المتهم بالسجن ثلاث سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المواد المخدرة, وقالت فى حيثيات حكمها إن الدفعتين على غير أساس ولا يعتد بهما. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم الأخير بطريق النقض ...إلخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعن يقول فى الوجه الأول من طعنه إن المحكمة أخلت بحقه فى الدفاع, إذ طلب إجراء معاينة لتبين أن من يكون خارج هذا المحل لا يستطيع مشاهدة حالة التلبس, مع وجود البنك الذى يعمل المتهم عليه ووجود أدوات أخرى، إلا أنها لم تجب الطلب أو ترد عليه.
وحيث إنه يبين من الإطلاع على محضر الجلسة, أن ما ذكره الطاعن خاصاً بالمعاينة هو قوله:"وإذا لم تطمئن المحكمة, فيمكنها إجراء معاينة" - ولما كان ما قاله الطاعن من ذلك لا يعد طلباً, بل يندرج فى واقع الأمر تحت أوجه الدفاع التى لا تتطلب رداً خاصاً, بل الرد عليها مستفاد من اطراحها ومن استناد المحكمة إلى أدلة الثبوت التى أقامت عليها الإدانة.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون ذلك أن الجريمة لم يكن متلبساً بها, هذا على فرض أن الطاعن ألقى خلف ظهره الملتصق بالحائط بالورقة التى تحوى المادة المخدرة إذ لا يستطيع الشهود فى هذا الوضع تعرف ما تحويه تلك الورقة.
وحيث إنه وإن كان الحكم قد اعتبر الطاعن فى حالة تلبس , إلا أنه لا جدوى له من المنازعة فى توافر هذه الحالة ما دام أنه يبين مما أثبته الحكم أن الضابط الذى قام بتفتيش المتهم وضبط المخدر الذى كان يحاول إخفاءه فى حذائه كانت لديه من الدلائل الكافية ما يجيز له قانوناً إجراء القبض على المتهم وتفتيشه وفقاً لما تخوله المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن محصل الوجهين الثالث والرابع هو أن الحكم المطعون فيه معيب بالقصور, كما أن إجراءات تحريز المضبوطات وقعت باطلة, ذلك بأن المحكمة لم تراع أحكام المادتين 55 و56 من قانون الإجراءات الجنائية, إذ لم تعرض المضبوطات على المتهم, ولم يوقع على المحضر, ولم توضع المضبوطات فى أحراز, وقد بقيت المضبوطات بالقسم أكثر من شهر, وأعيدت من مصلحة الطب الشرعي مرتين, مما لم يعد معه المتهم مطمئناً على سلامتها, وقد أبدى الدفاع للمحكمة أن الإحراز التي أرسلت للتحليل ليست هى التى تحتوى على المواد المضبوطة وطلب استحضارها واستدعاء الكيمائي الذى باشر التحليل, كما ذكر أنه لو حصل تدخين الحشيش بالشيشة المضبوطة لوجد أثره بالماء - هذا إلى أن المحكمة لم تناقش التناقض بين أقوال الشهود, بل اكتفت بسرد أقوالهم فى تحقيق البوليس, ولم تأخذ بما شهدوا به أمام النيابة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى, وأورد على ثبوتها فى حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها, فأورد ما أثبته التحليل من وجود آثار حشيش بغسالة الشيشة وغسالة حجرها وما عليه من فحم وبالرجوع إلى محضر الجلسة يبين أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة استحضار المضبوطات أو استدعاء الكيمائي الذي أجرى تحليلها كما يدعى - ولما كان الحكم قد رد على دفاع الطاعن بشأن تحريز المضبوطات, وقال إنه تبين من الإطلاع على الأوراق أن معاون المباحث قام بوزن كمية المخدرات المضبوطة, وحرزها جميعاً في حرز ذكر رقمه وأودعه الخزانة, كما أودعت الاحراز الأخرى خزانة القسم على ذمة المحضر - لما كان ذلك, وكان قانون الإجراءات لم يرتب بطلاناً على عدم مراعاة ما نصت عليه المادة 55 وما بعدها بما يجعل الأمر مرجعه إلى تقدير محكمة الموضوع, وما دامت قد اطمأنت إلى سلامة الإجراءات التى اتخذها مأمور الضبطية القضائية, فلا يجوز التعقيب عليها. أما ما يزعمه الطاعن من وجود تناقض بين أقوال الشهود, فإنه لم يبين مواطن هذا التناقض فى طعنه, ومن ثم يكون ما يثيره فى هذين الوجهين على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الخامس بطلان الإجراءات إذ أن النيابة لم تخطر فور وقوع الحادث, ولم يحصل التبليغ إلا فى ظهر اليوم التالي, وقام معاون البوليس بالتحقيق واستجواب المتهمين, مع أن الواقعة جناية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد تكفل بالرد على ما جاء بهذا الوجه فقال إن الطاعن لم ينله ضرر من تأخير التبليغ ولما كان ما أثبته الضابط من الإجراءات التى قام بها فى محضر حرره, هو قيام منه بواجب فرضه عليه القانون فى المادتين 24و29 من قانون الإجراءات الجنائية, وكان مجرد التأخير فى تبليغ حوادث الجنايات إلى سلطة التحقيق المختصة ليس من شأنه أن يؤثر فى صحة ما تجريه من تحقيق تلك الحوادث - لما كان ذلك, وكانت المحكمة قد قامت بتحقيق الواقعة المنسوبة إلى الطاعن بالجلسة وفى حضوره ومحاميه, فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه لا يكون سديداً.
وحيث إن لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.