أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 23 - صـ 1338

جلسة 4 من ديسمبر سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح، وعضوية السادة المستشارين: محمد العمراوي، إبراهيم الديواني، وعبد الحميد الشربيني، وحسن المغربي.

(300)
الطعن رقم 1171 لسنة 42 القضائية

( أ ) دعوى مدنية. تركها. "إجراءات المحاكمة". حكم. "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة استئنافية.
شرط اعتبار المدعي المدني تاركاً دعواه لتخلفه عن الحضور. أن يكون قد أعلن لشخصه. المادة 261 إجراءات.
لا محل للنعي على الحكم عدم إجابة الطاعن إلى طلبه اعتبار المدعى المدني تاركاً دعواه رغم تخلفه عن الحضور. ما دام الطاعن لا يدعي أن المدعي المدني قد أعلن لشخصه وإنما يستند إلى علمه بالجلسة المستفاد من توقيع وكيله على التقرير بالاستئناف.
لا جناح على المحكمة إذ التفتت عن الرد على هذا الطلب لظهور بطلانه.
(ب) رابطة السببية. قتل خطأ. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". جريمة. "أركانها " إثبات. "بوجه عام". "شهود". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
رابطة السببية. يكفي لتوافرها أن تستخلص المحكمة من وقائع الدعوى أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث. من سلطة محكمة الموضوع. تقدير الأدلة. الأمر فيه لمحكمة الموضوع. لها الأخذ بما ترتاح إليه منها والتعويل على قول الشاهد في أي مرحلة ولو عدل عنها.
(ج) نقض. "المصلحة في الطعن". "الصفة في الطعن". "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مسئولية مدنية.
أوجه الطعن. لا يقبل منها إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن.
لا يقبل من الطاعن (المحكوم عليه) ما ينعاه على المحكمة من عدم أشعار المسئول عن الحقوق المدنية. لعدم اتصاله بشخصه وانعدام مصلحته فيه.
1 - من المقرر وفقاً لنص المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية أن المدعي بالحقوق المدنية يعتبر تاركاً لدعواه المدنية إذا تخلف عن الحضور أمام المحكمة بغير عذر مقبول بشرط أن يكون قد أعلن لشخصه. ولما كان الثابت أن المدعي بالحقوق المدنية قد تخلف عن الحضور بجلسة 17 من أكتوبر سنة 1971 وقد طلب المدافع عن الطاعن الحكم باعتباره تاركاً لدعواه المدنية إلا أن المحكمة لم تقض بهذا الطلب، وكان الطاعن لا يدعي بأسباب طعنه أن المدعي بالحقوق المدنية قد أعلن شخصياً بالحضور لتلك الجلسة وإنما يقول أنه يعلم بها من توقع وكيله على التقرير بالاستئناف، فإن طلبه يكون في غير محله وظاهر البطلان ولا جناح على المحكمة إذا هي التفتت عن الرد عليه.
2 - من المقرر أن رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الذي أصاب المجني عليه يكفي لتوافرها أن تستخلص المحكمة من وقائع الدعوى أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر. ولما كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها,وكان من حق المحكمة - بما لها من سلطة تقدير الأدلة - أن تأخذ بما ترتاح إليه نفسها وأن تعول على أقول الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو عدل عنها في مرحلة أخري , وكانت المحكمة قد آنست الصدق في أقوال شاهد الإثبات الوحيد بمحضر الشرطة فارتاحت إليها وأخذت بها وقد عززتها المعاينة وكتاب الشركة القائمة على إصلاح الطريق، وهى قاطعة في أن الطريق في جانبه الأيمن في خط سير الطاعن كان قد تم إصلاحه وقت الحادث وكان القول بتعثر عجلة العربة التي كان يدفعها المجني عليه تضمنها أقوال الشاهد بمحضر الجلسة وهو ما اطرحه الحكم بأسباب سائغة، فإن ما يثيره الطاعن لا يكون له محل إذ هو لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً وعوداً لمناقشة أقوال الشاهد.
3 - الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن. ولما كان ما ينعاه الطاعن (المحكوم عليه) على المحكمة في شأن عدم إشعار المسئول بالحقوق المدنية , لا يتصل بشخصه ولا مصلحة له فيه بل هو يختص بالمسئول عن الحقوق المدنية وحده الذي لم يطعن على الحكم - ولم يفصل في شأنه بشيء - فلا يقبل من الطاعن ما يثيره في هذا الصدد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 15 فبراير سنة 1970 بدائرة قسم كرموز محافظة الإسكندرية (أولاً) تسبب بخطئه في قتل......... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأن قاد السيارة في الجانب الأيسر من الطريق مخالفاً تعليمات وإرشادات رجال المرور. (ثانياً) قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر (ثالثاً) لم يلتزم الجانب الأيمن للطريق. وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات وقانون المرور رقم 449 لسنة 1955. وادعي...... مدنياً قبل المتهم و........ باعتباره مسئولاً مدنياً وطلب القضاء له مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة كرموز الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 20 مايو سنة 1970 عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية وألزمت المدعي المدني بالمصاريف ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف كل من المدعي بالحقوق المدنية والنيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 12 مارس سنة 1972 بقبول الاستئنافين شكلاً وفى الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وإلزامه أن يدفع للمدعى المدني مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية عن الدرجتين وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمة القتل الخطأ وألزمه بالتعويض قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والبطلان في الإجراءات ذلك بأنه لم يرد على دفاعه الذي تمسك به بمذكرتيه أمام درجتي التقاضي من انعدام رابطة السببية بين الخطأ والوفاة التي حدثت لانقطاعها بعامل آخر هو تعثر عجلة العربة التي كان المجني عليه يدفعها وانحرافه بها مما أدي إلى اصطدامه بالجزء الخلفي من السيارة التي كان الطاعن يقودها، كما لم يرد الحكم على الدفع المبدي من الطاعن باعتبار المدعي بالحق المدني تاركاً لدعواه لعدم حضوره بنفسه أو بواسطة محاميه بجلسة 17 من أكتوبر سنة 1971 أمام محكمة الدرجة الثانية، هذا إلى أنه قضي في استئناف المدعي بالحقوق المدنية دون إشعار المسئول عن هذه الحقوق الذي كان مختصماً أمام محكمة أول درجة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى بقوله " إنها تخلص فيما أبلغت به شرطة النجدة من وقوع حادث بالطريق الزراعي السريع وإذ سئل الشاهد الوحيد...... الكاتب بشركة علام للسيارات قرر أنه شاهد المجني عليه بجر عربة نقل صندوق "كارو" متجهاً إلى القبارى وكان المتهم يقود سيارة نقل قادماً من القبارى وفى عكس اتجاه المجني عليه وكان المتهم يسير على يسار الطريق تاركاً الطريق الأيمن فاصطدم بالعربة التي كان يجرها المجني عليه وبالمجني عليه فقتله وفر هارباً إلا أنه أسرع خلفه وتمكن من ضبطه وأضاف أن المجني عليه كان يسير في الاتجاه الصحيح ملتزماً يمينه وأن المتهم كان يمكنه مفاداة الحادث لو التزم يمين الطريق وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات المذكور بمحضر الشرطة ومما تبين من المعاينة وكتاب الشركة التي كانت تقوم بإصلاح الطرق الذي وقع به الحادث من أن هذا الطريق - في الاتجاه الأيمن للطاعن - كان سليماً وانتهي إصلاحه، ومن التقرير الطبي وهى أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، واطرح الحكم أقوال شاهد الإثبات أمام محكمة أول درجة التي عدل فيها عن أقواله بمحضر الشرطة مقرراً أن الجزء الأيمن للطريق بالنسبة للطاعن كان تحت الإصلاح وأن عجلة عربة المجني عليه قد تعثرت فانحرف بها مما أدي إلى اصطدامه بالجزء الخلفي للسيارة وذلك لما استشفه الحكم من أن هذا العدول من جانب الشاهد قد قصد به خدمة الطاعن. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وكان من حق المحكمة - بما لها من سلطة تقدير الأدلة - أن تأخذ بما ترتاح إليه نفسها وأن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو عدل عنها في مرحلة أخري، وكانت المحكمة قد آنست الصدق في أقوال شاهد الإثبات الوحيد بمحضر الشرطة فارتاحت إليها وأخذت بها وقد عززتها المعاينة وكتاب الشركة القائمة على إصلاح الطريق وهى قاطعة في أن الطريق في جانبه الأيمن بالنسبة لخط سير الطاعن كان قد تم إصلاحه وقت الحادث وكان القول بتعثر عجلة العربة التي كان يدفعها المجني عليه تضمنتها أقوال الشاهد بمحضر الجلسة وهو ما أطرحه الحكم بأسباب سائغة، وكان من المقرر أن رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الذي أصاب المجني عليه يكفي لتوافرها أن تستخلص المحكمة من وقائع الدعوي أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر وهو ما بينه الحكم المطعون فيه, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل إذ هو لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً وعوداً لمناقشة أقوال الشاهد. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محاضر الجلسات أمام محكمة الدرجة الثانية أن المدعي بالحقوق المدنية قد تخلف عن الحضور بجلسة 17 من أكتوبر سنة 1971 وقد طلب المدافع عن الطاعن الحكم باعتباره تاركاً لدعواه المدنية إلا أن المحكمة لم تقض بهذا الطلب وكان الطاعن لا يدعي بأسباب طعنه أن المدعي بالحقوق المدنية قد أعلن شخصياً بالحضور لتلك الجلسة وإنما يقول إنه يعلم بها من توقيع وكيله على التقرير بالاستئناف، وكان من المقرر وفقاً لنص المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية أن المدعي بالحقوق المدنية يعتبر تاركاً لدعواه المدنية إذا تخلف عن الحضور أمام المحكمة بغير عذر مقبول بشرط أن يكون قد أعلن لشخصه فإن طلب الحكم باعتبار المدعي بالحقوق المدنية تاركاً لدعواه المدنية يكون في غير محله وظاهر البطلان ولا جناح على المحكمة إذ هي التفتت عن الرد عليه. لما كان ذلك, وكان ما ينعاه الطاعن على المحكمة في شأن عدم إشعار المسئول بالحقوق المدنية مردوداً بأن الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً منها بشخص الطاعن ولما كان منعي الطاعن لا يتصل بشخصه ولا مصلحة له فيه بل هو يختص بالمسئول عن الحقوق المدنية وحده الذي لم يطعن على الحكم - ولم يفصل في شأنه بشيء - فلا يقبل من الطاعن ما يثيره في هذا الصدد. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.